الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَنْ كان يعيش في فلسطين في القرن ال17 ؟!

فريدة رمزي شاكر

2023 / 11 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مَنْ كان يعيش في أرض اليهودية وفلسطين في القرن السابع عشر؟!
هذا ملخص كتاب المستشرق والمؤرخ الهولندي المسيحي «هدرياني ريلاندي» 1676–1718، أو مَنْ يُعرف بإسم « أدريان ريلاند - Adriaan Reland ».
يسجل كتابه ( آثار فلسطين القديمة المصوَّرة - Palaestina ex monumentis veteribus illustrata) الذي كُتِب باللاتينية ونشره في أوترخت سنة 1714م.
حيث أُرسل الرحالة المستشرق الهولندي « هدرياني ريلاندي » لأرض اليهودية وفلسطين في سنة 1695. ليُجري مسحًا لـ 2500 تجمع سكني، ورسم خرائط لتضاريسها وأجرى مسوحات وتعدادات سكانية، مسجلة في مجلده. حيث يُسجل فيه ريلاند ما رآه وعاينه بنفسه. ونشر نتائج زيارته في كتابه.

كتاب ريلاندي يمثل المسح الجغرافي لفلسطين. يحتوي على 16 خرائط منقوشة، وصورة للمؤلف وواجهة منقوشة وعدد من النقوش الصغيرة داخل النص.
كان أدريان ريلاند جغرافيًا ورساماً للخرائط وفقيه لغة هولنديًا، وأحد المستشرقين الأوائل. وأستاذ اللغات الشرقية في جامعة أوترخت منذ عام 1701 ومحاضر في تاريخ الشعب اليهودي. وعند سن الخامسة والعشرين كان يتقن اللغتين العبرية والعربية. يُعد وصفه لفلسطين عملاً رائعًا في عصره، لا سيما بالنظر إلى حقيقة أن وصفه لمدينة أورشليم لا يستند إلى أسفار الكتاب المقدس بل إلى ماكتبه مؤرخين قدامى، مضيفًا مراجعات نقدية للخرائط.
مايعني أن هذا المرجع الأثري كُتب في أوائل القرن الثامن عشر وإعتمد فيه المستشرق ريلاند على مراجع أقدم منه وعلى زيارته للأراضي اليهودية ومستعمرات البدو الرحل الذين سكنوا أرض فلسطين القديمة التوراتية. حيث زار ما يقرب من 2500 تجمع سكاني مذكور بالكتاب المقدس.
وهو يُعد أول مستشرق يرسم خريطة لفلسطين، بتتبعه للمدن القديمة، وحدد الجبال، وتتبع مسار الأنهار المفقودة. حتى أصبح كتاب ريلاند "فلسطين المصوَّرة" بمثابة الدليل الإرشادي للكُتَّاب.
ويعلن ريلاند في مقدمة كتابه أنه لم يثق في جميع المواد الخرائطية الموجودة، وأنه أعاد تشكيل تضاريس أرض فلسطين على أساس المصادر المطبوعة، والتي شملت المصادر الحاخامية والعربية.
ويعد أول عالِم إنفصل عن النظرة الخرائطية التقليدية للأرض المقدسة التي كانت مبنية على الكتاب المقدس، وبالتالي رسم في مجلدين أول خرائط دقيقة جغرافيًا لأرض فلسطين والمنطقة المحيطة بها .
كذلك حدد كل مدينة مذكورة في الكتاب المقدس أو التلمود بإسمها الأصلي. وفي النهاية قام بإجراء إحصاء سكاني حسب التجمعات السكنية.
- وفيما يلي الإستنتاجات الرئيسية :
البلاد في معظمها فارغة ومختلطة وقليلة السكان، والسكان الرئيسيون هم يتجمعون في أورشليم وعكا وصفد ويافا وطبريا وغزة. أما طبريا وصفد فكانت أغلبية سكانها من اليهود.
غالبية السكان يهود ومعظمهم مسيحيون ( هويتهم اليهودية ولكن ديانتهم المسيحية)، وعدد قليل جدًا من المسلمين، معظمهم من البدو الرُحَّل.
والإستثناء الوحيد كانت مدينة نابلس، حيث غادرها نحو 120 شخصا من قبيلة النتشة المسلمة، ونحو 70 « سامرياً » من السامريين.
وعاش في الناصرة، عاصمة الجليل، حوالي 700 شخص - جميعهم مسيحيون.
ويبلغ عدد سكان أورشليم حوالي 5000 نسمة من اليهود وعدد قليل من المسيحيين.
ولا توجد مستوطنة واحدة في فلسطين يحمل إسمها جذوراً عربية. فمعظم المستوطنات لها أصل عبري يهودي، وفي بعض الحالات أسماء يونانية أو رومانية لاتينية.

- وبخلاف (مدينة الرملة) لا توجد مستوطنة عربية تحمل إسماً عربياً أصيلاً. تم فيما بعد تغيير الأسماء اليهودية أو اليونانية و اللاتينية إلى العربية، حيث لا معنى لهذه الأسماء في اللغة العربية. فلا معنى مثلاً لأسماء مثل: عكا، وحيفا، ويافا، ونابلس، وغزة، وجنين، رام الله، القدس - فجميعها أسماء مدن ليس لها جذور فقهية أو تاريخية عربية.
فعلى سبيل المثال، في عام 1696، كانت « رام الله» تسمى « بيت إيل» أي بيت الله. والقدس كانت تسمى « أورشليم»، وكانت مدينة الخليل تسمى «حَبْرُون»، وكان يطلق على( المغارة المزدوجة) - ويقصد مغارة المكفيلة - التي إشتراها إبراهيم النبي من «عفرون الحثي» لتكون مقبرة لأسرته «تكوين 23» والتي أطلق عليها العرب إسم «الخليل» وهو (لقب إبراهيم) عند العرب.

- والأهم في هذا الكتاب، يذكر ريلاند، المسلمين بأنهم بدو رُحَّل جاءوا إلى المدن كعُمال موسميين في الزراعة أو مواقع البناء.
ويعيش في غزة حوالي 550 شخصًا، نصفهم من اليهود ونصفهم من المسيحيين. ونجح اليهود في الزراعة وخاصة في الكروم والزيتون والقمح. وإشتغل المسيحيون بالتجارة والنقل.
عاش اليهود في طبريا وصفد، ولكن لم يتم ذكر مهنتهم، بإستثناء الصيد التقليدي في بحيرة طبريا.
وفي قرية « أم الفحم»، على سبيل المثال، كانت تعيش 10 عائلات وجميعها مسيحييين (حوالي 50 شخصاً). وكانت هناك كنيسة مارونية صغيرة.
يدحض الكتاب تمامًا النظريات حول « التقاليد الفلسطينية» و «الشعب الفلسطيني»، ولا يترك أي صلة تاريخية تربط بين الأرض الفلسطينية وبين العرب البدو الذين سرقوا الإسم اللاتيني لأرض (فلسطين) وإتخذوه لأنفسهم وإنتحلوا هوية هذه الأرض.

- وهذا ما أكده الأديب والكاتب والمترجم خليل بيدس- Khalil Beidas ، أول من أطلق على العرب هذه الأرض مسمى «فلسطينيين». الذين لا علاقة لهم بالفلسطينيين الكفتوريين التوراتيين الذين جاءت قبائلهم من جزيرة كفتور « جزيرة كريت حالياً ».
وأول من إستخدم مسمى «فلسطينين» سنة 1898م. لعرب هذه الأرض هو « خليل بيدس ». حيث إستخدم التسمية في مقدمة ترجمته لكتاب الكاتب الروسي «أكيم أوليسنيتسكي» وهو كتاب «وصف الأرض المقدسة». وتلاه في تبني إسم الفلسطينيين هو الكاتب الصحفي سليم قبعين والأديب والصحفي نجيب نصار في عام 1902.

- كتب بيدس في مقدمة ترجمته:
( الحمد لله الذي أسبغ من نعمه وأفاض من كرمه، أما بعد .. فلما كان أبناء فلسطين في حاجة إلى جغرافية مطوَّلة لبلادهم، والجغرافيات العربية المؤلفة في هذا الموضوع لا تسد حاجة ولا تشفي غليلاً، إرتأت الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية أن تسد هذه الحاجة وتشفي هذا الغليل، فأوعزت أعزها الله إلى هذا الحقير في تعريب كتاب مطوَّل في وصف بلاد فلسطين مع ما فيها من الأمكنة والأنهار والبحيرات والجبال والسهول، وما أشبه مع كلام تاريخي مسهب على ما ذكر. أما مؤلف هذا الكتاب فهو العلَّامة الروسي الفاضل يليونسكي، وقد وضعه على أنموذج رائق جديد ومنهج شائق مفيد.... )
وتم بعد ذلك تأسيس العديد من الصحف والدوريات في فلسطين، وتوسع مصطلح « الفلسطينية» في الإستخدام. ومن بين تلك الصحف « القدس، والمنادي، وفلسطين، والكرمل، والنفير»، التي إستخدمت مصطلح "فلسطيني" أكثر من 170 مرة في 110 مقال من عام 1908 إلى عام 1914.

كان « بيدس» من أبرز المؤيدين ل « الحركة الوطنية الفلسطينية» الناشئة، من خلال مجلته النفائس. وحاول بيدس حث السلطات العثمانية على حُسنْ معاملة العرب بإنصاف في تلك الأرض التي حملت إسم فلسطين منذ فلسطيني التوراة الكفتوريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالات جميلة
Ahmed Mohamed ( 2023 / 12 / 8 - 12:00 )
اتفق معك في ان الامويين والعباسيين حرفوا الاسلام جدا اعتقد حصل دمج بين المسيحية واليهودية بزمن عبد الملك لن مرواني
هل لك حساب فيس بوك نتابعه
وهل انتي يسارية؟


2 - الشرق ذو ثقافة واحدة رغم تعدد الاديان والاعراق
د. لبيب سلطان ( 2023 / 12 / 8 - 15:24 )
استاذة فريدة المحترمة
لو نأخذ مجتمع بغداد او دمشق او الاسكندرية في القرون السابقة لوجدت نفس الصورة في تعايش اليهود والمسيح والمسلمين ..لهم ثقافة واحدة ..والمقام العراقي الذي اطرب الجميع صناعة يهودية ..والمسيح في الشرق سكانه الاصليون ومنتجي حضارته وثقافته
ماذكره العلامة الهولندي من تقسيم ديني للسكان لاينفي هوية فلسطين كشعب ..حاله حال بقية شعوب الشرق متنوع ولكن ذو ثقافة واحدة تتكلم العربية الاكثر شيوعا وتطورا من لغات محلية تزاوجت مع العربية ضمن التزاوج الثقافي السائدمشكلة الباحثين الغربيين انهم نظروا للاديان انها مقسمة ثقافيا للمجتمعات ..والشرق عكس هذه الاطروحة ..ومنه اعتبر العنصر العربي هم البدو في رحلته القرن 17 ولكن لو سألته مالغة وثقافة اليهود والمسيحيين في فلسطين او العراق او مصر فهي فلسطينية وعراقية ومصرية ..وليست باديان ابنائها ...فهي ثقافة واحدة
مع الشكر

اخر الافلام

.. الآثار المهربة.. تمثال جنائزي رخامي يعود من فرنسا إلى ليبيا


.. بودكاست درجتين وبس | كيف تنشر الصحافة الاستقصائية الوعي بقضا




.. وكالات أنباء فلسطينية: انتشال جثث 49 شخصا في مقبرة جماعية في


.. بعد اقتراحه إرسال جنود لأوكرانيا.. سالفيني يهاجم ماكرون




.. هجوم رفح.. خيارات إسرائيل | #الظهيرة