الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطَبيب العَظيم غافِر الخطايا

سنان سامي الجادر
(Sinan Al Jader)

2023 / 11 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لقد كان الطب في بلاد الرافدين يعتمد على معالجة الجسد فيزيائياً وروحيّاً. فيتم تحضير الأدويّة بطرق علميّة ومن مواد طبيعيّة مثل الخردل وقشر الرمان وبذر الكتان واللوتس والزيتون والخروع والنعناع والزعفران والخشخاش والكبريت والشب والمعادن والنباتات السامّة وغيرها من المواد. وبنفس الوقت فهم كانوا يستخدمون التراتيل ضمن طقوس مكمّلة للعلاج (1). وذلك لأنهم اعتقدوا بكون الأمراض هي حالة من عدم الاتزان التي تصيب الجسد نتيجة لغضب إلهي أو لهجوم شيطاني, ولذلك فكانوا يحتاجون لمداواة الجسد وبنفس الوقت ترتيل الأدعية لطلب الغفران من الإله لتخفيف غضبه وكذلك ترتيل التعاويذ لطرد الأرواح الشريرة التي تسببت بالمرض.

أنّ الطبيب أو الشافي يسمى بالأكديّة آسو وفي المندائيّة هو أسي, ومنه كانت كلمة الآسي العربيّة والتي تعني الطبيب أيضاً.

حيث أنّ الشافي أسي هو الذي يعطي الأسو وهو الشفاء ومنها كلمة أسوثا التي تستخدم بصورة رئيسيّة عند إلقاء التحيّة للمندائيين. وأنّ التحيّة بكلمة أسوثا هي لا تعني فقط الدعوة بالشفاء للمتلقي, وإنما هي تعبّر عن فلسفة عميقة تكون خلالها الدعوة بأن يأتي الشافي الذي هو الحيّ العظيم أو منداادهيي ويشفي الشخص من خطاياه وذنوبه وهذا كان أقصى ما يتمناه كل إنسان.

“الملك السامي الذي كُله رَحمة، برحمَتِك ترحّم علينا.

الشافي (أسي) الذي يُشفي مُحبيه، أشفنا من خطايانا ولا تَحكُم عَلينا.

الشافي الذي يُشفي النشماثا، أشفنا ولا تَحكُم عَلينا.” الكنزا ربا اليمين

أنّ المندائيين ومن قبلهم أجدادهم في حضارات بلاد الرافدين, كانوا أناس مؤمنين جداً يحتل تفكيرهم هاجس واحد وهو التشبّه بالنقاء والطيبة والخير الذي هو من صفات الخالق في سبيل أن يذهبوا لعالم النور بعد أن ينتهي أجلهم في هذا العالم والذي يُسمى بعالم الظلام. بسبب كونه مليء بالمغريات والشرور التي تدفع البشر لارتكاب الخطايا في سبيل الحصول عليها. بينما أن تلك الأشياء الماديّة والمُتع الجسديّة هي لن تكون ذات قيمة عندما ينتهي أجل الإنسان. ولكنها ستحكم على نفسه وروحه بالفناء عندما لا يكون نقيّاً أو طيباً بصورة كافية لكي يذهب لعالم النور, والذي هو العالم الحقيقي والوصول له هو الهدف الأسمى لكل إنسان مؤمن.

“مَن يقُولُ لهم ألّا يُبَدِّلوا الطبيبَ العظيم, ولا يُبدِّلوا المصباحَ العظيم, ولا يُبدِّلوا منداادهيّي الَّذي سَيَقفُ لهم المساعدَ المُعين..” الكنزا ربا اليمين

1. مقالة: تاريخ الصيدلة في بلاد الرافدين، د. سعد الفتال، موقع الجزيرة
https://www.aljazeera.net/health/2018/3/26/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D8%AF%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%AF%D9%8A%D9%86








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع