الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعوبنا تمجد الطغاة؛ صدام نموذجاً!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2023 / 11 / 14
المجتمع المدني


إن الغريب والمستغرب، بل كل الاستغراب والوقاحة والحقارة بعد كل جرائم النظام العراقي السابق؛ “نظام صدام والبعث”، أن يأتي من يمجد بأولئك المجرمين السفلة، وهذه ولعمري تكشف حجم الكارثة في ثقافة شعوب الشرق وذلك بعكس المجتمعات الغربية التي استطاعت أن تتجاوز الفكر العنصري وقيام دول مدنية ديمقراطية، بل وتحاكم كل من يحاول الترويج لتلك الأفكار وليس تمجيدها والمطالبة بها مجدداً؛ فمثلًا المانيا هي الأخرى عاشت تجربة مماثلة مع ذاك الفكر -ونقصد مع النازية- لكن لا تمجيد للمجرم “هتلر”، كما يفعلها الكثيرين من القومويين العرب مع “صدام”، بل يحاكم الشخص في المانيا بمجرد الاشهار ولو على مواقع التواصل ب”الفكر النازي”، أو وضع صورة ل”هتلر” على صفحته، بينما أغلب صفحات العروبيين تتقذر -من القذارة- بصور المجرم صدام، ناهيكم عن القذارة الفكرية التي يروّجون لها!

والأسوأ هو أن يأتي كردي يقيم في أوروبا ويقول؛ لن أحرق صورة صدام مراعاةً لمشاعر من يحبه، لك عمي أي مشاعر وأي ضمير، وهل ترك المجرم صدام مكان للمشاعر مع كل الابادات بحق الكرد وباقي مكونات العراق أيها الأهبل؟! لكن الحق ليس عليه، بل على القيادات العراقية وبالأخص الكردية والشيعية، كونهم الأكثر تضررًا من نظام المجرم صدام والبعث وكان يجب عليهم، ليس فقط حظر البعث وفكرها العنصري ومحاكمة بعض قادتها، بل محاكمة كل تلك القيادات البعثية التي ارتكبت جرائم حرب بحق العراقيين، وبالأخص شعبنا الكردي، وبالتالي كان على القيادات الكردية أن تلاحق كل أولئك المجرمين، كما فعل اليهود مع مجرمي النازية الذين فلتوا من محاكمات نورنبرغ.. نعم ليقول الشعب اليهودي ودولة إسرائيل؛ بأنها تستحق احترام شعبها، حينما لاحقت كل أولئك المجرمين حتى أولئك الذين حاولوا الاختفاء في مختلف بقاع الأرض وذلك بعكس قياداتنا والتي استقبلت وللأسف حتى بعض أولئك السفلة من المجرمين في ربوع كردستان.

بالمناسبة؛ نظام صدام المجرم بدأ عهده بجريمة ضد رفاقه البعثيين -ونقصد مجزرة قاعة الخلد في 22 تموز من عام 1979م- وذلك عندما دعى قادة الصف الأول في الحزب للاجتماع في تلك القاعة وبالتاريخ المذكور مع زبانيته وفرق الاعدام التي كانت جهزت خصيصاً للمجزرة ليدخل صدام بسيكارته ووجهه المكفهر كوجه أي مجرم طاغية ويبدأ مهزلة المحاكمة الصورية، أو بالأحرى المجزرة بحجة وجود مؤامرة ضد نظام حكمه ومتورط فيها عدد من القيادات البعثية بأوامر من حافظ الأسد والنظام السوري وبعد أن خرج أحد المتآمرين، أو المشتركين غصباً عنه في تلك المهزلة عن المؤامرة؛ “محي عبدالحسين المشهداني” وتكلم عن خطوات ومراحل التخطيط وكيفيتها وذكر عدد من الأسماء المشتركين وهو مرتبك تماماً ويكشف عن أن الأمر كله لا يعدو عن تلقينه وحفظه لدوره في المهزلة، فيقوم صدام باخراج قائمة باسماء المشتركين في المؤامرة المزعومة وهكذا يتلو اسم (55) خمسة وخمسون قيادياً بعثياً، يعدم منهم مباشرةً (22) اثنا وعشرون حتى دون محاكمة صورية والباقي (33) ثلاث وثلاثون يحاكم كل واحد منهم بسؤال واحد فقط لا غير؛ هل أنت بريء أم مدان؟!


وبعدها ليأتي ما هو أسوأ، بالنسبة لهؤلاء المعتقلين البعثيين حيث جحيم السجن والتعذيب اليومي، لدرجة إنهم باتوا يحسدون رفاقهم الذين اعدموا مباشرةً -سنضع لكم رابط في التعليقات حيث يتحدث أحد الناجين من المجزرة؛ ألا وهو السيد احسان وفيق السامرائي”- وكيف أن التعذيب كان يستمر لأكثر من عشرين ساعة ويومياً، بل كان يمكن أن تتعرض له في كل لحظة والذي استمر لأربعة سنوات ونصف، قبل أن يفرج عنهم ب”عفو رئاسي”، وكانت في النتيجة موت (14) أربعة عشر من أصل (33) ثلاث وثلاثون تحت التعذيب حيث “حفلات التعذيب” يمكن أن تكون بأي طريقة وأسلوب، قلت “حفلات التعذيب” قصداً ولكونهم يستخدمون في معتقلات الشرق وزنازينها مثل هكذا اصطلاحات، بل فعلاً يتم ذلك حرفياً حيث يحكي السامرائي في احدى قصصه عن قتل أحد رفاقهم تحت التعذيب وكيف أن جثمانه كان ما زال مسجى أمامهم على الأرض وكان للمقتول أخ آخر معتقل معهم وكيف أن أولئك الزبانية أتوا به مع كل المعتقلين وطلبوا منه أن يغني على جثمان الأخ المسجى والبقية يصفقون فرحاً وابتهاجاً!

طبعاً جريمة أو مجزرة “قاعة الخلد” لم تكن الجريمة الأولى ولا الأخيرة لنظام البعث وصدام المجرم، بل كانت واحدة من ضمن سلسلة طويلة من جرائمهم ومجازرهم المروعة وكلنا وكل العالم يعلم بما حدث مع الكرد في المجازر التي أرتكبوها تحت مسمى “الأنفال” وكانت هلبجة تلك المدينة الكردية قد شهدت إحد أبشع الجرائم المروعة على مر التاريخ، وكذلك لاقى الشيعة نصيبهم من جرائم صدام والنظام البعثي، بمعنى أن جريمة البعثيين في “قاعة الخلد” لم تكن الأولى ل”صدام” ولا الأخيرة، لكن أردنا الاستشهاد بتلك الجريمة لنقول؛ بأن من يرتكب بحق رفاقه البعثيين مثل هكذا جريمة مروعة، فكيف سيكون الأمر مع خصومه وأعدائه وتاريخ الدولة العراقية في ظل الطاغية معروف والتي اسماها الكثيرين ب”جمهورية الرعب”! وبالتالي نستغرب أن يأتي البعض وهو يمجد لهكذا طاغية والاستغراب الأكبر هو أن لا يكون هناك قانون يجرم ويدين كل من يمجد بهكذا نظام وذلك على غرار من يحاول في أوروبا، وألمانيا أولاً، بأن يمجد ب”النازية وهتلر” بحيث يصبح جزء من ماضٍ يجب محوها من الوجود وحتى من ذاكرة شعوبنا، وليس الافتخار بها! ولذلك نطالب بوضع قانون شبيه بذاك الذي في أوروبا يدين البعث وكل من يمجده ويمجد الطاغية صدام المقبور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا


.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة




.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم