الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية: الدين، الحجاب، و تخطيب الجنس

إلياس شتواني

2023 / 11 / 18
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


"البخل العاطفي"، "الجوع الجنسي"، "الفصل الجنسي"، "الأزمة الجنسية"، "الخطاب الديني"، "الأزمة الإقتصادية"، و "قضية الإستبداد" كلها عناوين عريضة تكشف بشكل أولي عن صراع المرأة العربية من أجل الوعي المجتمعي و النضال الفكري و السياسي لنصرة قضية مركزها المرأة، الرجل، التاريخ، الحاضر، الأيديولوجيا، و الصراع من أجل الحرية و الإستقلال.

إن من أفكار التيار الإسلامي التليدة أن المجتمع يجب أن يعزل المرأة و يفرض عليها الحجاب كأساس و رمزية للتفرقة بين الجنسين. فالمرأة، في العرف الإسلامي التقليدي، هي قادرة أكثر من الرجل على التحكم في غرائزها و إندفاعاتها الجنسية، و عليه يستدل أن الحجاب و الفصل الممنهج بين الجنسين غايته حماية الرجل و ليس المرأة.

المرأة كائن إيجابي فعال في التصور الإسلامي، و لكنها قوة دامغة للنظام الإجتماعي بأسره. هنا أساس المشكلة. فالفتنة، و هو مصطلح كلاسيكي يشمل المرأة، تعتبر من أخطر ما يمكن أن يهدد أركان العقيدة الإسلامية و وجودها الفعلي. فالمرأة هي إذا، إذا لم يتم إحتوائها، تشكل تهديدا و رمزا للفوضى و الإختلال، لهذا يتخذ منها الفكر الإسلامي موقف الحذر و الإتقاء. الشيء المميز للفلسفة الإسلامية هي أنها لم تعادي النزعة الجنسية عند الرجل و المرأة، بل العكس من ذلك تماما، فهي تبنتها و إحتضنتها و قامت بترويضها و تسنينها. لكنها في المقابل من ذلك، فقد عادت المرأة ككيان و حطت من دورها و فاعليتها و إختزلتها في أساطير "حياء"، و "كنز"، و "عفة"، و "فتنة" ضارة وجب أخذ الحيطة و الحذر منها.

من واجب الرجل تجاه المرأة الإكتفاء الجنسي، النفقة، و إطعام و كسوة الأسرة. و من واجب المرأة تجاه الرجل أن تطيعه و تصون عرضه و تنجب له الأطفال. في هذا الصدد، يتضح لنا أن دور مؤسسة الزواج هو تسخير الطاقات الجنسية من أجل غايات سياسية و شخصية صرفة، من أهمها الجهاد الإسلامي، تمرير الممتلكات الفردية إلى الأبناء، الإبقاء على السلطة الذكورية في المجتمع، و الرقابة الصارمة لحرية المرأة خصوصا الجنسية منها و الفكرية.

مفهوم الأمة من زاويته العريضة ما هو إلى نتيجة و تحصيل حاصل. مفهوم الأمة الإسلامية هو نتاج الرقابة التي يمارسها المجتمع الإسلامي على المرأة العربية. لنعد بالتاريخ إلى الوراء قليلا. شكلت المرأة العربية خلال العصر الذي يسميه المسلمون "جاهليا" طبقة أرستقراطية هامة مكنت المرأة من التمتع بأبرز الإمتيازات و الحقوق في المجتمع القبلي المتعدد الآلهة. فكانت تستطيع إختيار الزوج و تداول عالم الأموال و التجارة و تمتاز بحرية الفكر و الكلام. فها هي هند بنت عتبة أشجع نساء زمانها تخرج في لقاء المسلمين في الحروب و تهجوهم في أشعارها و ترثي الضحايا و الفرسان العرب، و ها هي سلمة بنت عمرو وضيئة سيدات عصرها تنتقي من بين الرجال العرب زوجا لها و تشترط أعسر الشروط و الواجبات لنيل رضاها، و ها هي خديجة بنت خويلد ثرية عصرها تختار الرسول العربي للإشراف على أموالها و تجارتها و تختاره هي كزوج لها. و الضروب في ذلك كثيرة و متنوعة.

النفوذ و السلطة كانا بيد السيدة العربية فعلا. لكن مع ظهور الفكر الإسلامي، تم تقسيم المجتمع العربي، و ذلك لأهداف عقائدية و سياسية كما أسلفنا الذكر، إلى فئتين متصارعتين: الرجال، و هم عنصر القوة و السلطة و الدين. و النساء، و هم عنصر الجنس، و التوالد، و الأسرة. هذه الثنائية (Dualism) كونت بؤرة صراع أزلية بين الطرفين، حيث يشكل التوجس، و الإغراء (Temptation)، و التعمية (Mystification) أبرز تجلياته و تمظهراته. المرأة المسلمة لا تعطي و لا تقدم أي شيء فعلي بإستثناء إرضاء الشهوة الجنسية، و الرجل، من جانبه، لا يرى في المرأة إلا أداة تفريغ شبقي و معتركا وجوديا خطيرا و فتنة ربانية خالدة. لقد صنع هذا التصور السياسي و الأخلاقي من المرأة عدوا مشؤوما و لعبة في يد الرجل، فالمرأة شؤم، في ديمومة خوف و مكر مستمر، تخطط بالمكر بالرجل و تكبيله بحبائل و قيود الشيطان. المرأة المسلمة تعتمد على المكر و الإغراء و لعب دور "صعبة المنال" لهدف النيل من الرجل و السيطرة عليه. فهنالك، بعد كل شيء، رهان تعدد زوجاته و إيمائه.

المرأة العربية في العصر الحديث يجب أن تعي مقتضيات عصرها و تبدل الزمن و الأحوال. يجب عليها أن "تقتحم" الفكر الرجولي و أن تواجهه بكل ثقة و عزم، لا أن تبرر عجزها و ضعفها و تخفي "عارها" الدفين. يجب أن تفهم أن شرفها لا يكمن في غشاء داخل فرجها. سنكون أكثر تقدما حتما إذا وضعت المرأة شرفها في الثقافة و العلم و الإنتاج، إنتاج الحضارة و التقدم، لا إعادة إنتاج التخلف و الجهل.

بكل بساطة و جرأة نعلنها: الرجال يعانون لأن المرأة ليست حرة. الرجال في مأساة وجودية و جنسية حقيقية. هذه المعضلة ترجع أصلا للوضعية المتخلفة و الرجعية التي تعيشها المرأة العربية في العصر الحديث. نحن ضحايا نفس الخطاب الذي تعاني منه المرأة. خطاب العار و الجهل.

فلنكتب إذا و نجاهد بحق من أجل غد أفضل يكون فيه الرجل، قبل كل شيء، صديق و رفيق المرأة و ليس عدوها و لا مضطهدها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز


.. الصحفية غدير بدر




.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟


.. الصحفية غدير الشرعبي




.. لوحة كوزيت