الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كابوس الزوجة الثانية.. بين نزوة الزوج و إهمال الزوجة!

عدنان سلمان النصيري

2023 / 11 / 19
المجتمع المدني


دائما ما تمثل الزوجة الثانية، الكابوس الأكثر إخافة للنساء في العلاقات الزوجية.
بالرغم من رزوح الكثير من الزوجات تحت شرعية المعتقد الديني في بعض المجتمعاتْ النامية، التي دائما ما تُرَجِح كفّة ميزان الازواج في ممارسة حرية التعدد. إلاّ إن للفطرةِ الانوثوية طبيعتها المتفجرة، التي لا تعترف بكل النواميس المقدسة، وتأبى الاستسلام في عملية النزاع من أجل ديمومة التربع على عرش الشريك والحبيبْ.
وبالرغم من نسبة تعدد الزوجات في أكثر المجتمعات، لكن الظاهرة مازالت منحصرة.
إلّا أن موضوع الزوجة الثانية (أو حتى اختيار الحبيبةْ الثانية في العلاقة قبل الزواج) يَحضَر بقوة. ويُعْتبَر الكابوس الأكثر إخافة للنساء في الشَراكات الزوجية والحُبيّة. سواء تم التعبير عنه بشكل مباشر، أو بِمُجَرَد التلميح به من طرف الزوج أو الحبيب، ومن دون وعي أو تَقَصُد ، أو قد يكون مجرد شعور خوفٍ وهواجس قلقة، داخل الأنثى التي تشكو من ضعف الثقة بذاتها .
وبالرغم من ارتباط بدايات قصص الحب الجديد بمزيجٍ من مشاعر السعادة والحيرة، لدى الرجل الذي يشعر بحب امرأة ثانية غير زوجته، لكنه سيعيش حتما تحت لحظات مشاعر الإحساس بالذنب والخجل في أكثر الأحيان، بسبب مخالفةِ اهَمّ بنود العقدْ المقدس في العلاقة الشريفة، التي يتباهى فيها الرجل. وقد يتحول الأمر لنوبات خوفٍ شديدة ، من فقدان الزوجة وتفكك الأسرة، واحتمال تهديد وضعه الاجتماعي أيضا.
وقبل الخوض بغمار هكذا موضوع حساس، يهدد مستقبل حياة الزوجات والنسيج الأُسَري، فلابد من الوقوف بتأمل عند المرور بعدد من الأسئلةْ المهمة:
لماذا يفكر الرجل في المرأة الثانية دون سبب موضوعي؟
وهل للأمر له علاقة باختلال ألعلاقات الزوجية؟ وكيف ينبغي التعامل مع مثل هذه ألحالات؟ وماهي الدوافع والأسباب الحقيقية في حالة بحث الرجل عن امرأة ثانية؟ سواء بالبحث عن مغامرة يفقد ولعه بها بعد فترة قصيرة، أو الاستمرار في لعبته غير مبالٍ بإلحاق المصادرة لحق مشاعر الزوجة السابقة أو الحبيبة الحالمة بمستقبل وَرْدي.
بعد كل هذه التسائلاتْ، جاءت نتائج الدراسات التاليةْ لتجيب على طبيعة المشكلة التي يتم فيها (إقبال الرجل على الزوجة الثانية)، ولَعَلَّ مِن أبرزها ما يلي :
أولا) تصرف الزوجة الأولى، نتيجة سوء تعاملها لزوجها، وقيامها بإبداء التسلط من خلال ممارسة السيطرة والتوجيه بألازدراء. أو بالإنتقاد أللاذعْ والدائم حول علاقاته المشروعة والمحببة، و محاولة التدخل ألمستمر لإبعاده عن علاقاته الحميمية مع أهله، أو مع أصدقائه الذي يرى فيهم المحبة وألإخلاص، أو زملائه المفضلين بالعمل.
ثانيا) كما تَبَيَّن إنَّ من أسباب إقبال الرجل على الأرتباط بزوجة ثانية، هو نتيجة لإهمال زوجته في ألمقامِ ألأوَّل ، حينما تشعره بأنه لا قيمة له، فتجعله يبحث عن إمرأة أخرى تشعره برجولته.
ثالثا) وفي سببٍ مهمٍ آخَر . قد يكمنُ في عدم اهتمام الزوجة بنفسها ومظهرها، الذي يدفع بالرجل بعدم الاهتمام والبحث عن امرأة أخرى، توفر له ما لم توفره الزوجة الأولى من سبل القناعة والرضا ، وإشباع غريزة التمتعِ بالإغْراء الذي أصبحت تستجمعه صورة الموضة العصرية.
رابعا) الإستئثار بالنزعة الذكورية البوهِميّة من قبل الزوج، لإكمال كاريزما الشخصية لديه بين معشر الرجال، في أغلب المجتمعات مثل (الإسلامية والشرقية والكثير في الدول النامية) التي ترى في مواصفات عدم منقصة الرجولة، هو بالإنسلاخ والترفع عن التبعية الخانعة للمشاعر بالارتباط أوالإرتهان لسيطرة الزوجات.
خامسا) أو قد يكون مدفوعا بدوافع النزوة العاطفية والانبهار في تجربة ممارسة التغيير من الروتين والملل في كل شيئ.
سادسا) ووفقا للدراسات البحثية النفسية فأن الرجل عادة ما يكون أكثر عرضة للوقوع في الحب مرة ثانية في المرحلة العمرية الحرجة (بمنتصف العمر) أي ما بين الخامسة والثلاثين وسِنْ الأربعين، . وقد يكون دافع الرجل للتفكير بمثل هذه العلاقة ليس بالضرورة لأسباب جنسية، وإنما رغبة في التجديد، إذ يستهويه الشعور بأنه يعيش في علاقة متجددة بعيدة عن الملل والرتابة. ومن الممكن أن يتطور هذا الإحساس ليتحول إلى مشاعر حب قوية.
سابعا) طبيعة الأِختلاف في طريقة التدبير والاسراف بين الزوج والزوجةْ، غالبا ما تشكل عناوين للنزاع، خصوصا عندما يرى الزوجْ بأنه غير قادر على استيعاب الخطط بالتوفير، واعداد الميزانية الاقتصادية اللازمة، لتلبية ضمان متطلبات الأُسرة بالمستقبل، على عكس الزوجة، التي قد تتأثر بمظاهر الآخَرين، لتعزيز دورها وشخصيتها بين قريناتها في المجتمع.
ثامنا) لا يوجد هناك أزواج بدون إختلاف في الأراء، ولا توجد شَراكة واقعية في أية علاقة بدون احتدام في النِقاش، و بالعمل على تحقيق الانتصار في تَبَوِّء الأفكار. ومن الطبيعي أن يحدث ذلك، لأن الزوجين في الغالب هما من ثقافات وتوجهات متباينة، وقناعات مترسخة، ومهما كان التطابق متقاربا في المرحلة التي تسبق الزواج. لكنَّ من المهم أن لا تستمر تلك الاختلافات بالتصعيد المستمر، حتى تصل لمرحلة الأذى اللفظي أو البدني، وبهذه الحالةّ، سوف لن تعود العلاقة طبيعية كسابق عهدها.
تاسعا) هناك مَثَلٌ مأثور: (الرجلْ يكمن في سره): الأمر الذي يدعو بأغلب الازواج، أن لايكونوا مكشوفين بأسرارهِم خارج البيت، لأنهم الأكثر تفاعلا بالعلاقات مع الآخرين داخل المجتمع، على عكس الزوجات (وخصوصا في المجتمعات المتحفظة)، وهن اللائي يتفاخرنَّ في اكثرِ من مناسبة، بإفشاء الكبيرة والصغيرة لاعلاء شأن ازواجهنَّ، وبدواعي التصوُّر ببناء الكاريزما الشخصية. مما يُشَكِلْنَّ حالة إحراج دائمْ غير مبررة للأزوّاج، وحينها سيجد الزوج نفسه مضطرا لوضع حَد توبيخي متصاعدْ، ونبذْ مصحوب بالكراهية قبل الانتقام، في حالة التِكْرار المستمر، لهكذا تَصَرُف مُسْتَفِزٍ للزوّج.
عاشرا) تغيير طباع الزوج أوالزوجة بشكل مطلقْ، يكاد أن يكون أمرا أقرب إلى المستحيلْ. ولكن بمحاولة تغيير الزوجة لطريقتها في استيعاب الزوج، على أمل الاصلاح، وتأسيس التقارب في وجهات النظر بشكلٍ وسطي ، سيكون أمرا ممكنا وأكثر يسرا. ولكن السَعي وراء تغيير شخصية الزوج، بالإنتقاد الدائم على أشياء قد لا يراها ذات قيمة وتأثير، له مردوده السيِّئ، وسَيُشْعِرَه بثلْم الشخصية ، مما يدفعه إلى كراهية الزوجة والانتقام .
الحادي عشر) في حالة عدم منح الزوّجْ، الفرصة لممارسة مسؤوليته الابويةْ بشكل جيد، له مردوده السلبي في العلاقة حتما: حيثُ في الغالب ما تختلف أساليب الأمهات عن الآباء في التربيةْ التي تفتقد للحزم وألتجربة الخصبة، عندما تقتصر على العاطفة والدلال من الامومة فحسب ، ولكن ليس بالضرورة الوصول مع الابن لمستوى أفضل. ففي أحيان كثيرة قد تصل رسالة للأبناء، مفادها إن الأمهات فقط هُنَّ على حق في هذا السياق.
فيوصي الخبراء بمنح فرصة للأب، ليعكس واقع تجربته في الحياة، وتعزيز دوره التربوي مع الأبناء، وتثمين مجهوداته الإيجابية، والتغاضي عن السلبيات غير المؤثرة بشكل كبير، أن وجدتْ. وبخلاف هذا التصور ستؤدي النتائج إلى تعاكسات وتقاطعات سلبية دائمة، لا يُحْمَد عقباها، في طريق الشراكة الزوجية.
ومن هنا لابد من التنويه الى اهم الملاحظات حول إختلاف الجدل في تقديم الرؤية الصحيحة والصريحة بابداء النصيحة، أو القيام بالتزام الصمت المطبق، و بمحاولة تطبيق العلاقة المثالية المبنية على الصراحة والاعترافْ للزوجة.
بمثل هذه المشاعر بوقت مبكرْ، قد يؤدي إلى وقوع الزوج في سوء التوقيت والندم، والحصول علي نتائج عكسية تؤجج المخاوف لديها. ومن الممكن أن يساهم بتعجيل إجتثاث ما تبقّى من خيوط ألعلاقة المتهرئة، وبمزيد من المشاكل والإحْباط، وسحب الثقة منه إلى الابد. لاسِيّما وأن هذه المشاعر، قد تكون في معظم الأوقات غير واقعية تماما، أو قد لا يكتب لها الديمومة لوقت أطول مثل فقاعة الصابون.
ومن ناحية أخرى، فأن الصراحة ستكون مطلوبة جدا عند الوصول إلى طريق مسدود في استمرارية العلاقة مع الزوجة الاولى ، وخصوصا وسط مسؤولية تربية ألأطفال، وإدامة لعلاقة الاحترام بين الأب والأم، إذ أنّ الكذب يزيد من تعقيد الموقفْ المعقد من الأصلْ.
ويؤكد الخبراء في علم النفس الاجتماعي بوجوب أستقراء المؤشر قبل حصول الحدث الصعب. المهدد للعلاقة الزوجية، و إعتماد مثل هذه الأَحاسيس، المتبادلة، وجعلها بمثابة جرس إنذار طبيعي، لمحاولة الكشف عن ضرورة تجديد حيوية العلاقة. ومن المهم أن يلجأ الزوّجان في مثل هذه الحالات، ْللمراجعة السريعة والشاملة، بقصد إستعادة حالة الشغف في العلاقة بعد تقادم السنين.
وقبل الختام، من الجدير بالذكر، فقد أظهرت التجارب البحثية الخاصة، بضرورة عدم ترجيح للاعتقاد السائد حول وقوع الرجل في حب امرأة غير زوجته، يرجع لخلل في العلاقة الزوجية. وإنما قد يحصل لاسباب أخرى قد تكون خارج البحث، وغير حقيقية ارضاءً للأنا النرجسية، أو البواعث النفسية المتقاطعة، أو البحث عن الذات في المجال المادي والمصلحي وغيره.
لكن يبقى السؤال الأهم شاخصا بقوة، هل يستطيع الرجل أن يحب امرأتين في آن واحد الوقت وبنفس الدرجة؟! هذا ماسيكون ضربا من الوهم والخيال، لان الحب الذي تكتنفه الهواجس بعيدا من الاحساس بالاحترام والتقدير، فهو محض افتراء وضحك على الذات المبتلاة بنرجسيتها المريضة.
الكاتب والباحثْ / عدنان النصيري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام


.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف




.. اعتقال مرشحة رئاسية في أميركا لمشاركتها في تظاهرة مؤيدة لغزة


.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال




.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح