الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الدم الفلسطيني والعربي يختلف عن الدم الإسرائيلي؟

عارف الجواهري
كاتب وباحث

(Arif Al-jawaheri)

2023 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سؤال أحاول الإجابة عليه نتيجة ملاحظاتي الشخصية وكذلك عبر وسائل الاعلام بان كل طرف يبكي على ضحاياه من المدنيين، ولكنه في نفس الوقت يتجاهل بالكامل المدنيين من الطرف الاخر، وكأن الاخرين ليسوا بشر وليسوا مدنيين، وما يهمني هنا هم العرب والمسلمين باعتباري منهم ولا يهمني في هذا المقال الاخرين كثيرا.

منذ بداية الاحداث الأخير للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 7 من تشرين الأول - أكتوبر والكلام اغلبه حول الضحايا المدنيين من الطرفين. فالداعمين لإسرائيل يركزون على القتلى المدنيين من الجانب الإسرائيلي والذي وصل الى حوالي 1100 شخص مع حوالي 300 عسكري ورجل امن فيصبح المجموع 1400 بينما نراهم يتغاضون عن الضحايا من أهالي غزة من المدنيين تحت شعار ان لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وبالخصوص في الأيام الاولى وأن خفت في الأيام الأخيرة بسبب الفضائح الإعلامية والكوارث والبشاعة التي سجلتها ونشرتها كافة وسائل الاعلام الصديقة والمعادية عن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، فاضطر الداعمين من الدول الغربية الى التنازل والمطالبة من الحكومة الإسرائيلية مراعاة القوانين الدولية في عملياتها العسكرية ولكن الإسرائيليين يتجاهلون طلباتهم وبإصرار.

في الطرف الاخر الداعمين للفلسطينيين في غزة لا يذكرون وبكل إصرار ووضوح الضحايا المدنيين من الإسرائيليين باي شكل من الاشكال لا بل الجميع يعتبرون ما قام به المقاتلين من حماس وحلفائها في الجهاد الإسلامي وبقية التنظيمات هو عمل عظيم وان كل القتلى بما فيهم الأطفال والعجائز والنساء يستحقون ذلك فكلهم يهود وكلهم إسرائيليين وكلهم صهاينة وكلهم مغتصبين وكلهم محتلين ولا فرق بين مدني وعسكري وبين طفل وامرأة وعجوز وبين الرجال المسلحين المقاتلين وغير المسلحين وغير المقاتلين. لكنهم هم انفسهم في المقابل يصرخون ويبكون ويتألمون ويغضبون للضحايا من أهالي غزة من المدنيين ويدعون لهم وينشرون اخبارهم وصورهم والمقاطع المصورة ويتابعون وسائل الاعلام العربية والعالمية التي تركز على المأسي والعذابات لأهالي غزة من المدنيين وتضج وسائل التواصل الاجتماعي بالشخصيات التي تدعم كلاميا العمليات العسكرية للمجاميع المسلحة ولا ننسى شيوخ الدين والجوامع والشخصيات والحركات الإسلامية والوطنية الداعمة لأهالي غزة وللحركات السياسية التي تسيطر عليها.

وهذا ولد تساؤل، هل الدم الفلسطيني والعربي يختلف عن دماء بقية الشعوب بما فيها دماء الإسرائيليين؟ ولماذا هذا الاختلاف هل هو لأسباب سياسية كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ام هو العرق والقومية والدين؟

معظم ما لا حظته عبر وسائل الاعلام ومن خلال البيئة المحيطة بي شخصيا ان اغلب الإجابات تتمحور حول الأسباب سياسية وان كان للدين والقومية دور ما، والأسباب تشمل الاحتلال وبالقوة الغاشمة للأراضي العربية الفلسطينية منذ عام 1948 وتهجير أهلها الأصليين منذ ذلك الحين ومعاملتهم بوحشية وقسوة والقتل والاجرام والتعذيب لهم وغيرها من أمور هي الاسباب وراء تجاهل الفلسطينيين والعرب والمسلمين لدماء المدنيين من الإسرائيليين، صغارا كانوا ام شيوخا، نساءا كانوا ام رجالا، فهذا التجاهل يعتبر امر طبيعي جدا بل يتم اعتبار هذا التجاهل وغض البصر هو واجب على كل شريف وكل من عنده غيرة على امته ودينه، لا بل يصل الامر الى انهم يستغربون وبشده ممن يفكر ويتساءل حول هذا الامر حتى يصل بالبعض الى التشكيك بعقلية السائل وتوجهاته وحتى نواياه. فتجد جميع المؤيدين للفصائل المسلحة في غزة يعتبرون كل القتلى ال 1400 هم أعداء وقتلهم عمل عظيم جدا ولا يتم ذكر ان معظمهم كانوا من المدنيين غير المقاتلين ونسبه كبيرة منهم أطفال، حتى ان ما اخذته الفصائل المسلحة واحتجزتهم من الإسرائيليين والذي يصل عددهم الى حوالي 250 شخص والذي غالبتهم العظمى من المدنيين تعتبرهم الفصائل المسلحة والمؤيدين لهم بانهم اسرى حرب وليسوا رهائن ومخطوفين، حيث اخذت الجيوش الالكترونية المؤيدة للفصائل بنشر كتابات على وسائل التواصل الاجتماعي بان جميع المحتجزين هم عسكريين اما من الجنود او من الاحتياط ولا يوجد أي مدني بينهم على الاطلاق، وبان العدو المحتل يكذب عندما يقول ان اغلبهم مدنيين وأطفال من اجل كسب التأييد الشعبي والعالمي، ولكن اتضح لاحقا انه كلام كذب عندما قامت المقاومة الإسلامية في غزة بأطلاق سراح عدد من المحتجزين لديها ليتبين انهم اما نساء او أطفال وان بعضهم يصل به العمر الى حد 84 سنه فكيف تعتبرهم حماس والمؤيدون لها انهم اسرى حرب وانهم مقاتلين وانهم اما جنود واما احتياط؟!!!

واضح من خلال مراقبة ردود أفعال وكلام المواطن العربي والمسلم بانه لا يختلف على الاطلاق عن ردود أفعال وكلام المواطن الإسرائيلي، بل هو متطابق الى حد بعيد، فكلاهما يعتبر ان الطرف الاخر يستحق القتل والتعذيب والاذلال بما فيهم المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى بينما هو يتباكى وبالم شديد على المدنيين من طرفه هو فقط، لا بل يتباكى على المقاتلين والجنود الذين قاموا بتلك الاعمال اللاإنسانية ويعتبرهم ابطال ومضحين ويستحقون كل احترام حتى وان قتلوا وعذبوا واختطفوا مدنيين أبرياء.

ولهذا أقول ان كلا الطرفين وليس طرف واحد بعينه يعاني من ازدواجية في المعايير وينظر بعنصرية واضحة الى الطرف الاخر ويعتبرهم ادنى من ان يستحقوا الحياة والاحترام او حتى الشفقه، وهذا يسقط كل الطلبات التي ترفع للعالم للتعامل بأنصاف وعدل لضحايا الطرف الذي الى جانبي، فقبل ان تدعوا الاخرين الى عدم الازدواجية وعدم العنصرية عليك ان تلزم بها انت أولا وعليك ان لا تصاب بمرض الانحياز الاعمى والتمييز والتعالي على الاخرين واعتبارهم ادنى من مجموعتك التي تنتمي لها ومن ثم ادعوا الاخرين للأنصاف وللوقوف الى جانب العدل والحق والانسانية.
اخرجوا المدنيين الأبرياء من دائرة الصراع السياسي الدموي فهم أبرياء من اي طرف كانوا ومهما كانت قوميتهم او مذهبهم او ديانتهم او دولهم، فدماء البشر جميعا لها لون واحد والله لم يخلقهم بالوان مختلفة، فكلنا من ادم وادم من تراب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحب والتقدير لقلمك الشريف
سهيل منصور السائح ( 2023 / 11 / 22 - 08:05 )
لقد اصبت الحقائق التي يجب على المنصف ان تكون هي دينه وهي اننا كلنا من آدم وآدم من تراب ولا فرق بن مسلم ويهودي وهندوسي وبوذي كلنا جئنا من مصدر واحد واليه نعود. اما الاديان فكل له دينه ولا يجوز ابدا لاي احد ان يدعي انه على حق وغيره على باطل لان ادياننا وراثة وليست دراسة والسلم والسلام هو دين الجميع والامر متروك الى الخآلق العظيم. طبعا في الحرب الدآئرة بين الفلسطينيين والاسرآئيليين هناك ابرياء من الطرفين ولا يجوز ان نحمل الكل بما جناه حكامه لان اليهودي الذي ولد في 48 لا يعرف وطن له غير فلسطين وان كانت هناك جناية فالجناية على والديه ولذى يجب ان يعيش الجميع بمحبة وسلام اما في دولة واحدة ديموقراطية او دولتان ونسيان الماضي. وبهذه المناسبة اذكر الدول العربية واسالهم هل حقا انكم عرب ام مستعربون من الغزو الاسلامي؟؟؟. هل الجزآئر وليبا وتونس هم عرب في الاصل ام انهم امازيغ؟؟؟. لا يهم العرق كلنا من آدم وآدم من تراب:
هذي الشرآئع القت بيننا احنا ** وعلمتنا افانين العداوات
المجد والخلود لكل شهيد لا ذنب له وبالاخص الذين لم يصلوا الى سن الرشد. نتمى السلام للجميع في اقرب وقت ممكن. اختلاف الراي لا يفسد

اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا