الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكيان الشيعي الموازي .. رسالة ورد

جعفر المظفر

2023 / 11 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قدمت نسخة من كتابي (الكيان الشيعي الموازي .. من دولة السلطان إلى دولة الولي الفقيه) هدية إلى أحد وجوه الجالية العراقية البارزين في فرجينيا الملاصقة للعاصمة الأمريكية واشنطن, وجائتني منه الرسالة الكريمة المرفقة التي أضعها في مقدمة هذه المقالة وبرفقتها إجابتي عليها.
المكرم الدكتور جعفر المحترم حفظكم الله
شكراً جزيلاً على إهدائكم لي مؤلفاتكم الاخيرة وليست الآخِره بإذن الله. بارك الله بكم وزادكم من فضله علماً و تنويرا.
اكملت اليوم قراءتي المتمعنة لكتابكم "الكيان الشيعي العراقي الموازي" ووجدته قراءة ضرورية جداً لفهم ديناميكية الواقع الذي يعيشه العراق اليوم والعوامل التاريخية الفكرية منها والاجتماعية والسياسية و ديناميكية العلاقات والمصالح مابين السلطة والمؤسسة الدينية والجماهير "المؤمنة" التي اوصلته لما فيه اليوم. لا أقول انك بسطت الأمور بل أقول أنك فككت الحالة إلى عناصرها الأولية فبسطت بذلك فهمنا لها واستيعابها بموضوعية وعقلانية بعيداً عن العواطف التي طالما تلقي بظلالها على التعامل مع موضوعات كهذه. وقد كنت قد قرأت للاستاذ أحمد الكاتب كتابه "تطور الفكر السياسي الشيعي" منذ عدة سنوات وأجد في كتابكم مكملاً لفهم تجليات الفكر في الواقع.
ولكني ما زلت اتساءل: الآن وقد تولى الحكم في العراق أصحاب مذهب الكيان الموازي بمباركة المرجعية التي طالما عملت على ديمومة كيانها، باستدامة حاجة الاتباع لهم، والحفاظ على موقعها في قلوب وعقول الجماهير الضرورية والمهمة لتبرير وجود الكيان الموازي وبقاءه، هل تجد المرجعية أنه في مصلحتها أن يمثل هذا الكيان، بنسخته الجديدة وقد آل الحكم إليه، مجموعة من الفاسدين واللصوص كما وصفتهم في كتابك؟ ما سر سكوت المرجعية على تجاوزات "الحاكم الجعفري" وهو عملياً يناقض جميع القيم التي نادت بها منذ بدايتها من عدل وسلام يسمو على حكم الطغاة؟ هل كان هو هذا النموذج المرتقب؟ هل سكوتهم يعزز بقاء الكيان الموازي إذ انهم بذلك يأملون فشل تجربة سلطة "نائب الإمام" ونهايتها إن عاجلاً أو آجلاً؟
صراحة، في ظل ما يحصل في العراق، سكوت المرجعية يحيرني، إلا إذا كانت قد فقدت كلياً مصداقيتها كمرجعية اخلاقية قيمية. في عدم تدخل المؤسسة الدينية بالسياسة، بمذاهبها وطوائفها، حكمة بالغة. أما أن يستخدم الدين والمذهب كغطاء للظلم والفساد وتسكت فهذا خيبة كبيرة.
أطيب تمنياتي لكم بموفور الصحة والعافية والعطاء. سلمتم بحفظ الله
وهذه هي رسالتي الرد التي حاولت أن تأتي على طريقة الملخص المفيد :
ليس جديداً أن يستغل الدين وكذلك المذاهب لخدمة السلطة والهدف السياسي, لكن من المهم هنا التأكيد على أن مرجعية النجف الممثلة بالسيستاني ظلت موالية لفكرة الكيان الموازي من خلال موالاتها لفكرة الإمام الغائب (لا دولة إلا بعد حضوره) التي تجاوزها الخميني من خلال دولة نائب الإمام ومحمد باقر الصدر من خلال دولة الفقيه (تحتاج هذه الفقرة إلى توسعة في مناسبة أخرى لكن يمكن الإشارة هنا إلى ان هناك إختلاف بين طبيعة الدولتين حيث يجد الصدر أن هناك ولاية للأمة على نفسها وليس من خلال نظام المرشد كما هو الأمر قائماً في إيران)
السيستاني استمرار لمرجعية الخوئي الذي يقول بفكرة أن لا دولة للشيعة إلا بعد ظهور إمام الأمة الغائب وبهذا فهو بالنتيجة مع فكرة الإمام الغائب التي لا تتقاطع معها الدولة المدنية, وتأييده للوضع القائم في العراق يُفسر من خلال هذا الموقف, وبالنتيجة فهو أيضاً ليس مع الدولة الإيرانية من الناحية الفقهية.
إذا سألته عن موقفه السياسي في مرحلة ما بعد صدام سيقول لك أنه حاول من خلاله أن لا يذهب العراق إلى الشتات والذي من مشاهده توسعة الحرب المذهبية التي كانت على أبواب اشتعالها, وسيذكرك أنه وضع نفسه على مبعدة من الحكم الجديد بعد أن أعلن تأييده للدولة المدنية (عليمانية بمعنى إبتعاد الدين عن السياسة فحسب). من جهتي أرى أن من الصعوبة عليه أن يقدم دفاعاً مقنعاً عن هذه الإشكالية التي جعلته جزءاً من الأزمة العراقية وسيكون أفضل ما يدعيه أن هذه الأزمة لم تكن بالأساس من صناعته وإنما هي نتيجة لآثام النظام الصدامي الكبيرة التي لم يكن ممكناً تلافي أضرارها الجانبية.
وما زالت هناك فرص عديدة للتمعن بالمشهد الديني والسياسي بشكل أدق. الفقه الإمامي الذي انتهى بضرورة تغييب الإمام الثاني عشر لم يكن غرضه الأساسي الحفاظ على هذا الإمام من أخطار السلطة العباسية وإنما للحفاظ على استمرار المذهب من خلال إبقاء إمامه الأخير خالداً وإلى حين عودته مع السيد المسيح وذلك لمحاربة قوى الشر في معركة نهاية العالم على أرض تسمى بالـ (هرمجدون) وهي تل يقع قريباً من مدينة القدس.
هذا الفقه كان قد وضع خاتمة حقيقية لأحلام الشيعة في بناء دولة أرضية على عكس المذاهب السنية الأربعة التي حافظت على شرعية حقها في بناء هذه الدولة, لأن هذه المذاهب غير الأمامية لم ترَ نفسها بحاجة إلى الدفاع عن نفسها كما هو المذهب الشيعي الإمامي الذي أضطر إلى تغييب إمامه بإدعاء الخوف من قتله.
لكن من المهم تأشير التالي .. يمكن ملاحظة شراكة محمد باقر الصدر مع الخميني في مسألة نائب الإمام لجواز قيام دولة اسلامية دينية, لكن الفرق هنا أن الخميني يؤمن بخضوع هذه الدولة إلى وجود المرشد كمرجعٍ أعلى والذي يمثل هنا نائب الإمام الغائب في حين ينحى الصدر بإتجاه خضوع دولة نائب الإمام إلى ولاية أمة منتخبة بدلاً من خضوعها لنظام المرشد الفرد.
لكن تبقى قضية (ذوبوا في الإمام الخميني) التي أطلقها محمد باقرالصدر بحاجة إلى تفسير لأنها تنحى إلى تذويب الفرق ما بين نظام المرشد (الخميني) ونظام ولاية الأمة (الصدر) لصالح النظام الأول (الخميني) لأن المذاب يغيب في المذيب, بما يترك شيعة السياسة العراقيين في حيرة من أمرهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ جعفر المظفر المحترم
nasha ( 2023 / 11 / 24 - 00:14 )
موضوعك هذا يضع النقاط على الحروف ، يستحق كل اهتمام من جميع الكتاب والقراء في هذا الموقع.

العراق يحتاج الى مثقفين من امثالك لاجل انتشاله من الهوة السحيقة التي سقط بها . ليس منذ ان استولى عملاء ايران على السلطة فقط ،
بل منذ ان تم اول انقلاب عسكري مسنود بالاتحاد السوفييتي الماركسي السابق.

اما ايران والشاه الذي اسقطه الخميني فهما وجهان لعملة واحدة وهي القومية الفارسية الفاشية العنصرية ، والتعالي الشوفيني الفارسي على القومية العربية وباقي القوميات في الشرق الاوسط
لقد استغلو العواطف الدينية (للعرب الشيعة)لاجل اعادة امجاد الامبراطورية الفارسية القديمة.
احتلال الجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الكبرى وابو موسى في بداية السبعينات كانت تنفيذا لاحلام الشاه قبل ظهور الخميني لغرض احياء الامبراطورية الفارسية تماما كما يحاول الخامنئي تحقيق احياء الامبراطورية الفارسية في هذا العصر.
تحياتي


اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah