الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال التعليم بالمغرب، بين رفض النظام الأساسي، والتمسك بالتعليم العمومي 1.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب

بنعيسى احسينات

2023 / 11 / 27
المجتمع المدني


(تجميع لنصوصي "الفيسبوكية" القصيرة حول الموضوع أعلاه، من دون ترتيب، التي تم نشرها سابقا، أود تقاسمها مع القراء الكرام في موقع الحوار المتمدن الكبير المتميز.)

إن النظام الأساسي الجديد للتعليم في المغرب، الذي يرفضه رجال التعليم جملة وتفصيلا، والذي يقود تنفيذه بالقوة وزير التعليم، الذي لا علاقة له بأمور التعليم، لا من قريب ولا من بعيد. هذا النظام، يعتبر رجل التعليم مجرد أجرير عادي. في حين، هو يحتاج إلى وقت كافي ومراجع لتهيئ دروسه. فكيف يمكن التضييق عليه وهو مكلف بأنبل المهن؟

كيف يمكن تطبيق نظام أساسي جديد للتعليم، وهو يحتاج إلى إعادة النظر، في بنيته ووظيفته برمتهما معا. فمنظومة التعليم عندنا، لا زالت لم تجد الطريق إلى الحل الشامل منذ الاستقلال. الشيء السائد هو استمرار الارتجال، في غياب التصور الشمولي والقرار السياسي الجاد. فطرح النظام الأساسي في هذا التوقيت، لا يخدم التعليم المتعثر بالمرة

رجال التعليم في المغرب، يخوضون إضرابا مشروعا، ضد إجحاف النظام الأساسي، المقترح من وزارة التعليم. إن عناد حكومة المال والأعمال، لا تفكر في ضياع تلاميذ التعليم العمومي، بقدر ما تهتم بمصالحها الخاصة. أما أبناؤهم، بعيدين عن المشكل المفتعل، يدرسون خارج التعليم العمومي، الذي يتآمرون على قتله وإخضاعه للخصوصي.

عندما نقول رجال التعليم، لا نعني بذلك موظفو وزارة التعليم، بل نعني بهم أساتذة الأقسام، يقومون بعملية تدريس الأطفال والتلاميذ والطلبة. فكل موظفي العالم، يعملون جالسين في مكاتبهم، مع زائريهم الواقفين. في حين، رجال التعليم يعملون واقفين، مع تلامذتهم الجالسين في أقسامهم، يشرحون ويحاورون ويكتبون على السبورات.

إن أي دولة، مهما بلغت من النمو الاقتصادي والعلمي والسياسي، إن لم تهتم بتعميم تعليم أبنائها بجودة عالية، وتعميم الصحة لمواطنيها، وذلك في المدن والقرى والجبال، وتشغيل شبابها، وتوفير الماء والكهرباء والبنية التحتية للجميع، وفك العزلة عن القرى وساكنة الجبال، لم تستحق أن تكون دولة، مهما تطورت وتقدمت.

إن الدول التي تحترم نفسها، تعمل على تقدير عمل رجال التعليم. لأنهم نخبة تهتم بتعليم وتربية الأجيال، ونشر المعرفة والعلم والقيم. والدول التي تحتقر رجال التعليم، وتحولهم إلى مجرد أجراء، في مؤخرة نظام العمل المأجور، ستتبوأ مكانة متأخرة في العالم الحديث، وتفقد أحد ركائزها الأساسية، في النمو والتطور والتقدم.

عرف التعليم العمومي تراجعا كبيرا هذه السنوات، من حياة حكومة المال والأعمال، المتمثل في فقدان كثير من امتيازاته، ومكانته في المجتمع. ومع فرض النظام الأساسي الجديد، تعلن الحكومة بطي صفحة التعليم العمومي وما تبقى منه، وفتح الباب على مسرعيه، ليتوسع التعليم الخصوصي، الذي يمتلكه أصحاب المال والنفوذ، كما هو الشأن للصحة كذلك.

التعليم في البلدان المتقدمة، يحضا بمكانة متميزة، من حيث الاهتمام والعناية والنتائج. فرجال التعليم في هذه البلدان، يتمتعون بامتيازات خارقة، وتقدير كبير من طرف الجميع. أما نظام التعليم بها، يعرف تطورا وتقدما واستقرارا. في حين، تعليمنا في الوطن العربي، يكاد يكون شبه منعدم، لأنه لا يهتم برجال التعليم بما فيه الكفاية.

لا يمكن أن تقوم القيامة للتعليم في المغرب، من دون النظرة الشمولية بنيويا ووظيفيا، تعتمد أساسا على مكوناته؛ من الأطر رجالا ونساء، مكونين ومؤطرين علميا وتربويا وإداريا، ومستفيدين من التكوين المستمر حسب الحاجة. على هذا الأساس، لا بد من تعميم إنشاء مجالس التعليم وتفعيلها، في كل مستوياته، تساهم في تقويمه وتطويره.

مستوى جل تلامذتنا في انخفاض مهول، ومستوى جل أساتذتنا في انحدار لا يطاق. فمن المسئول عن هذا الوضع الكارثي المؤلم؟ إنه نظام التعليم برمته؛ تصورا واستراتيجيا وتكوينا وتأطيرا ونتاجا. فمستوى تلاميذنا، هو نتاج مستوى أساتذتنا. ومستوى أساتذتنا، نتاج مستوى نظامنا التعليمي التربوي، وطرق اختيارهم وتكوينهم.

بعد تحويل الأحزاب إلى مقاولات، وجعل التعليم الخصوصي، يلتهم التعليم العمومي في البلاد، في يد أصحاب المال والأعمال، جاء اليوم دور المدرسة العمومية، لتحويلها إلى مقاولة، يتحولُ فيها رجال التعليم، إلى مجرد أُجَراء في مقاولة. فكيف نريد أن نصلح منظومة التعليم ونطورها، والدولة تجعل على رأسها رجل المال والأعمال؟

في كل العالم، نجد رجال التعليم عموما، في وضعية محترمة؛ يتمتعون بتقدير كبير ومكانة راقية في المجتمع، باعتبار أنهم مربون الأجيال وقدوة المجتمع. لكن في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تحولوا رجال التعليم إلى مجرد أُجَراء في مقاولات، رغم أن رسالة التعليم نبيلة ومقدسة، حيث أن محمد (ص) قال: "إنما بُعِثْتُ معلما".

لقد تم تعميم التعليم الخصوصي بالبلاد، بتهميش التعليم العمومي، ببنايته ونظامه وأطره. فهو اليوم، يعمل بجل أطر التعليم العمومي، بإدارته التربوية ومدرسيه، مما أفقر العمومي شكلا ومضمونا، وأغنى الخصوصي شكلا فقط، لكونه يوفر للتلاميذ وأوليائهم، المظاهر الخداعة المؤدى عنها؛ بالتحكم في الامتحان، وضمان النجاح والتفوق.

لا زالت ولا تزال الساعة الإضافية تربك المغاربة، باستثناء حكومتنا ودولتنا العميقة. كيف لا وقصر النهار على الأبواب؟ ومحنة التلاميذ والعمال سوف تتزايد وتتضخم مع الأيام كالسنوات السابقة؟ ولا من يستجيب لندائهم وتوسلاتهم المتكررة؟ فإلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه، يا أصحاب القرار والتنفيذ؟؟

ما هو سائد اليوم، في أغلب المجتمعات النامية أو السائرة في طريق النمو، هو سيادة التافهين، وناقصي التربية والأدب، وعديمي الأخلاق، وضِعاف المعرفة والتكوين. وذلك على حساب احتقار رجال التعليم، وإذلال الأطباء، وتهميش العلماء. فكيف يمكن تربية أبناء هذه المجتمعات والنهوض بها؟ تلك معضلة كبرى لا حل لها عاجلا أو آجلا.

بحكم انتشار ثقافة الذكاء الاصطناعي بين الجميع، أصبح اليوم التلاميذ يتصيدون أخطاء أساتذتهم بكل سهولة. مما أدى وسيؤدي إلى فقدان الاحترام والتقدير والثقة بينهما، سواء في القسم أو خارجه. فكيف تريد من التلميذ بهذا، أن يرغب في المدرسة ويقبل عليها؟ إن المعرفة اليوم في المتناول، لكن لا أحد ينتبه إليها لتحصيلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3