الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قريبا .. نهاية العالم

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2023 / 11 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الخيال الديني يصور لنا العالم بكل ما فيه من كائنات حية من نباتات وحيوانات، أو غير حية كالبحار وألانهار والجبال والسهول كمكان معد خصيصا من أجل الإنسان يستطيع أن يعيش فيه ويستغل إمكانياته اللامحدودة من أجل حياة سعيدة ومريحة وان كل شيئ مسخر له ووجد من أجله. هذه هي الحجة "الغائية" أي تصميم العالم من أجل غاية محددة وهدف معين وهو خدمة الإنسان وتمكينه من الحياة على هذه الأرض، وذلك يعني بكل بساطة وجود إرادة عليا أولية، وخريطة أو خطة أو مشروع أولي. بطبيعة الحال هذا يبرر فيما بعد وجود المخطط والمهندس الذي قام بإنجاز هذا المشروع من أجل عيون البشر. يقول برتراند رسل بخصوص هذه الفكرة التي تأخذ في بعض الأحيان شكلا عجيبا " لنفترض على سبيل المثال أن الأرانب لها ذيولا بيضاء، كي نستطيع اصطيادها بسهولة. لا أعرف كيف سيكون موقف الأرانب من ذلك؟ أنها حجة تبعث على السخرية. أنتم تعرفون مقولة فولتير بأن الأنف مصنوع على هذه الشاكلة من أجل أن يحمل النظارة. هذا النوع من الآراء هي بعيدة عن الحقيقة و ليس ذلك فقط خلال القرن الثامن عشر لأننا منذ داروين بدأنا نفهم بشكل أفضل لماذا تتكيف الأحياء مع بيئتها. ليست البيئة هي التي صُنعت من أجل الكائنات الحية إنما الكائنات الحية هي التي تكيفت مع بيئاتها. هذه هي قاعدة التكيف ولا نستطيع أن نرى أنها في ذلك مصنوعة قصدا لتكون على هذه الشاكلة." ومن الغباء بطبيعة الحال الإيمان بأن الأذن تكونت أو خلقت من أجل أن تحمل الكمامة ضد فيروس الكورونا. وعندما ينظر المرء إلى الحجج الدينية بشكل دقيق، فانه لا مناص له من الدهشة والعجب. كيف يستطع الناس الإيمان بأن هذا الكون مع كل ما فيه من مصائب وكوارث ومع كل أخطائه هو أفضل ما استطاع هذا القادر على كل شي و العارف بكل شيء أن يصنعه خلال ملايين السنين، او لو أخذنا بالخرافة الدينية في ستة أيام، علما بأن اليوم عند الله يساوي مئات السنين عندنا نحن البشر ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ . يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ . ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) السجدة/4-6.. حقا، لا يوجد إنسان عاقل أو حتى متوسط العقل يستطيع أن يصدق ذلك. هل تعتقدون بأنه لو كنتم عارفون بكل شيء معرفة مطلقة وكاملة، ولو كنتم قادرون على كل شيء قدرة لا حدود لها وكذلك معكم من الوقت ملايين أو حتى آلاف السنين من أجل صنع الكون بأفضل شكل ممكن، هل من الممكن صناعة مثل هذا العالم المهلهل الذي يطفو فوق أنهار الدماء والجثت ؟ عندما ينظر المرء لقوانين العلم العادية سيكتشف أن الحياة البشرية على هذا الكوكب والحياة بشكل عام ستنتهي في يوم ما أو في لحظة زمنية معينة كما بدأت. لقد حدث أنه في الماضي وفي مرحلة انتقالية معينة، وبطريقة عرضية تماما تكونت الظروف البيئية والكيماوية والبيولوجية بطريقة مناسبة لظهور ما نسميه "الحياة" وذلك لمرحلة قصيرة من عمر المجموعة الشمسية، أي أن الحياة هي مرحلة انتقالية في إنتظار دمار و خراب وإنطفاء المجموعة الشمسية. كوكب القمر كوكب مثالي يعرض أمام العيون كيف ستكون نهاية الأرض، ميتة، باردة و بلا حياة، صخرة ضخمة تعوم في الفراغ. هذه الرؤية تسبب بلا شك نوع من التشاؤم والقلق الطفولي، كما يدعي البعض، وبعض الناس يدعون بأنهم لن يستطيعوا الاستمرار في الحياة عندما يكتشفون هذه الحقيقة. لا أحد يصدق ذلك، لأن هذا كلام خال تماما من الحقيقة، والإنتحار الميتافيزيقي أو الوجودي مجرد أسطورة أدبية شعرية. في الحقيقة لا أحد يمعن التفكير بما سيحدث بعد ملايين السنين، ولا يهمه أصلا ما سيحدث حتى بعد عدة أسابيع. والذين يعتقدون أنهم مهمومون بشأن ذلك فإنهم يخادعون أنفسهم. إنهم يقلقون بشأن أشياء دنيوية وعادية وعامة من إهتمامات الحياة اليومية، الأكل والشراب والسكن والمواصلات والعلاقات الأسرية والعاطفية وما شابه. و لكن التفكير، ماذا سيحدث للعالم بعد ملايين السنين، لا تسبب في بؤس و تعاسة أي إنسان. بالرغم من أنها في الحقيقة نظرة قاتمة عندما يرى المرء أن الحياة ستنتهي ورغم ذلك عندما نرى أحيانا ماذا يصنع البشر في حياتهم فإن النظرة التشاؤمية تقدم نوعا من التعزية. ولذلك فإن هذه النظرة التشاؤمية لا تتسبب بتعاسة حياتنا إنما تدعونا إلى لفت النظر إلى أشياء جانبية غير التي يجب الإهتمام بها حقا، أي نوع من التعمية والتضليل الذاتي. وخير دليل على ذلك هو التلوث البيئي، والذي أثبت العلماء كافة مساهمته في الإسراع في إنهاء الحياة على الأرض وحلول الكارثة، حيث يرى الجميع بأنه ما يزال لدينا الوقت الكافي للحياة والإستهلاك وشراء الآيباد الجديد والتمتع بـ G5.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية