الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان.. وإشكالية الخير والشر..

محمد اسماعيل السراي

2023 / 11 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما تنشأ في بيئة اجتماعية شريرة فغالبا ما ستكون شريرا، وعندما تنشأ في ببئة خيرة فغالبا ما ستكون خيرا. فالامر منوط بالتنشئة والبيئة الاجتماعية والطبقية بشكل كبير. اذن فكلا الخلقين، اي الشر والخير، موجود بحسب الظروف الموضوعية الخارجية، اضافة للعامل الوراثي البايلوجي للجنس برمته وليس بشكل فردي، على الرغم من انه من الصعب تحديد اي الخصلتين هو اصيل وصميمي في كيان الانسان. وقد اختلف المفكرون منذ البداية في تحديدهما للمتأصل عن المكتسب منهما، وكل مفكر او باحث في الاخلاق يسوق ادلته وارائه ونتائجه التي تؤيد افتراضاته او نظرياته. وان كان التاريخ البشري القديم يؤشر بشكل حاد وواضح لهمجية ووحشية الانسان الاقدم وانانيته وعنفه ازاء كل شي حتى ازاء الافراد والجماعات من جنسه ونوعه، لكن ايضا الحضارة البشرية بعد عصور الدفء وانشاء المدنيات والقرى الأولى او انشاء المجتمعات الاولى، ومرورا بكل حقب الحضارة البشرية، فان العنف والشر والانانية لا زالت- ان لم تكن اكثر تفشيا وعنفا- علامة تطبع على سلوك الانسان. يذهب جان جاك روسو الى ان الانسان طيب بطبيعته وفطرته لكن الحضارة هي من لوثته بالشر والعدوان والعنف والادواء السلوكية والنفسية. لكن التاريخ القديم ما قبل الحضارة، واثار الانسان والتاريخ الأحفوري والاثري يقول غير ذلك، فكثير من التاريخ القديم يشير الى كثير من عنف وانانية وشر الانسان. وايضا من ناحية اخرى فان الحضارة بما تبنته من منظومة قيمية وقوانين وآدآب سلوكية وقيم دينية عملت على تشذيب وتهذيب سلوك الانسان وسعت جاهدة على محاربة الشر الكامن في داخله ومحاولة الوصل به الى الانسان الاسمى او الانسان الفاضل، او على الاقل المواطن الصالح، او حتى المواطن الخائف والمواطن المدجن والذي يخشى سطوة السلطة ويخشى على مصالحه. ومع كل ذلك فشر الانسان وعدوانه وانانيته لا زال يطبع سلوك الانسان حتى في الحضارة الحديثة!!
ويذهب رينيه جيرار بما يخالف رأي واطروحة روسو عن الانسان وفطرته السليمة ماقبل الحضارة، حيث يعتبر جيرار ان الانسان لم يكن بريئا يوما، لا قديما ولا حديثا. وان المجتمع والمقدس والمدنية قائمة على تأسيس عنفي، وان العنف والابدال الذبائحي والرغبة المحاكية متأصلة في قلب المجتمع البشري، بل هي متأصلة حتى في اعيادنا التي يفترض انها طقوس للفرح!!!
اذن حسب جيرار فأن شرنا كان موجودا في كل حقبنا التاريخية سواء البدائية القديمة التي اسست للعنف الذبائحي المقدس والذي سينتج في الاخر جماعات اقل تناحرا- على الاقل داخليا- او حتى في حقبنا الحضارية والحديثة. وان كنت اعتقد ان جيرار ربما يوافق روسو في قوله ان الحضارة سبب شر الانسان، وفق اعتبار جيرار ان الحضارة قامت على عنف تأسيسي!! فعندما استبدل الانسان العنف الداخلي او حتى الخارجي بالذبيحة وكبش الفداء، فانه بذلك اوجد الجماعة الكبرى او المجتمع من خلال حفظ الكيان الجماعي، وبذلك فهو اوجد الحضارة، وان الرغبة المحاكية لا يمكن ان تنتعش وتتمظهر الا بوجود الجماعة الكبرى او المجتمع، وايضا بوجود الحضارة والسلعة والتصنيع والحاجات المتنوعة والمتشعبة للإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال