الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألم يحن بعد أوان توحيد نظام الأجور وساعات العمل لفائدة أستاذات وأساتذة المدرسة الوطنية العمومية؟

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2023 / 12 / 2
التربية والتعليم والبحث العلمي


من الأمور التي تطبخ حول الزيادات المفترضة، المقترحة والتي سيستفيد منها نساء ورجال التعليم وما تفكر فيه الحكومة، حسب ما يروج حاليا من أخبار وتسريبات موثوقة المصادر، يتضح أن الزيادات المزمع إضافتها إلى أجور الأساتذة والأستاذات سوف تتوزع على اسلاك التعليم الثلاثة كما يلي: 1200 درهم لأساتذة الثانوي التأهيلي، 1000 درهم لأساتذة الثانوي الإعدادي و800 درهم لأساتذة الابتدائي.
لا لوم على من نشر هذا الخبر، لكن الملامة تقع على من اكتفى بذلك دون تحليل الخلفية الثاوية وراء هذا التقسيم المبني على تراتبية قديمة تبنتها الحكومات المغربية المتعاقبة منذ استقلال البلاد.
منذ ذلك الزمن، توالى الوزراء المعينون أو المنتخبون على رأس وزارة التعليم وتوارثوا هذه البنية "الفارقية" دون أن يجرؤ ولو واحد منهم على تفسيرها بتوضيح مبرراتها، ودون أن يقدم، بحد الأدنى من الجرأة، على الكشف عن كونها نابعة من حكم قيمة مسبق لا يليق بوزارة من هذا النوع وبهذه الخصوصية، وعن رغبته في محوها وإحالتها على مقبرة المتلاشيات.
لاحاجة بنا إلى البحث في مصنفات سوسيولوجيا التربية أو سوسيولوجيا المدرسة لندرك أن التعامل مع المدرسين العاملين في المدرسة المغربية العمومية بهذه التراتبية راجع إلى النظرة التقييمية التي يلقيها المسؤولون المركزيون في الوزارة الوصية على الأساتذة.
مؤدى هذه النظرة هو أن اساتذة الابتدائي مسؤولون عن تدريس الصغار، لهذا يتعين وضعهم في أدنى السلم، بينما يجب الاحتفاظ بقمته حكرا على أساتذة الثانوي التأهيلي لكونهم يدرسون فتية وفتيات بالغين، فيما تبقى المنزلة بين المنزلتين لأساتذة الثانوي الإعدادي لأنهم يدرسون المراهقين.
هذا التمييز لم يقتصر ففط على الأجرة، بل نراه يمتد إلى عدد ساعات العمل خلال الأسبوع الواحد. لهذا، تم تكليف أساتذة الابتدائي بالعمل لمدة 30 ساعة، وأساتذة الإعدادي ب22 ساعة، وأساتذة التأهيلي ب16 ساعة.
بمقتضى النظام الأساسي لعام 2003, أتيحت لأساتذة الابتدائي والإعدادي، لأول مرة فرص الترقي إلى السلم الحادي عشر الذي كان قبل ذلك العهد خاصا ومخصوصا للمدرسين والمدرسات في التأهيلي، مع إمكانية الترقي إلى خارج السلم، بينما تم تجميد المسار المهني للأوائل وإيقافه عند السلم الحادي عشر الذي جاء طويلا برتبه التي فاقت في مجموعها العدد 14، وذلك لغرض إبطاء دينامية الترقي وخنق أنفاسها ظلما وعدوانا.
ربما كان هناك، منذ فجر الاستقلال، ما يبرر تعامل الوزارة بهذه التراتبية حين كانت مضطرة إلى توظيف معلمي الكتاتيب القرآنية وحاملي شهادة التعليم الثانوي (البروفي) كمدرسين في المدارس الابتدائية. أما اليوم، فقد تغير الوضع وأصبحنا أمام حملة الدكتوراه والماستر والإجازة ضمن أساتذة الابتدائي والإعدادي وهم في طريقهم إلى أن يشكلوا أغلبية ساحقة. فلماذا يستمر الإصرار على هذا التمييز السلبي؟
مسألة أخرى لا بد من إثارتها في هذا الشأن وهي تتعلق بالظروف التي يعمل في ظلها أساتذة الابتدائي الذين شاءت الأقدار تعيينهم في مدارس ابتدائية متناثرة هنا وهناك بين جبال وهضاب وسهول عالمنا القروي. وما يحز في نفوس هؤلاء هو أنهم الأقل أجرا من أساتذة السلكين مع أنهم مطالبون بتجشم أتعاب إضافية وأداء مصاريف مرتبطة بتنقلهم وتغذيتهم.
لعل ضمير المسؤولين الإداريين والنقابيين استفاق من غفوته فأدرك الحيف الذي لحق بمعلمي البوادي وتنادوا إلى مناقشة مطلب تعويضهم عن كل ذلك، لكن مقولة "كم حاجة قضيناها بتركها" كانت لها الكلمة الفصل في نهاية المطاف على غرار مطالب مشروعة تكفل الزمن وتوالي أحداثه بطمرها في كهف النسيان.
والآن، تعالوا معي لنميط سويا اللثام عن تأثير هذه القسمة الضيزى على صورة معلم السلك الابتدائي في ذهنية الناس البسطاء. من حسنات النظام الأساسي السابق أنه وحد المدرسين العاملين في المدرسة الوطنية العمومية على مستوى التسمية لاغير، فأصبح من الممكن الحديث عن أستاذ التعليم الابتدائي وأستاذ التعليم الثانوي الإعدادي وأستاذ التعليم الثانوي التأهيلي. ونظرا لرسوخ الرؤية التي كونها عامة الناس عن مدرس الابتدائي بحكم وضعه في الرتبة الدونية التي من خلالها تم احتقاره، يسأل في كل مرة قال إنه أستاذ عن أي سلك ينتمي إليه. فإن قال السلك الإعدادي أو السلك التأهيلي قوبل بالتأييد، وإذا قال إنه يعمل في الابتدائي يحسبون أنه يدعي كونه أستاذا ليس إلا ويقولون له: قل معلم وصافي!
متى تقتنع وزارة التعليم، حتى لا نقول الدولة، بفائدة تحديد أجور الأساتذة وفق معايير موحدة تسري عليهم جميعا؟ ومتى تجنح إلى توحيد ساعات العمل، وتعويضهم عن الساعات الإضافية؟ ومتى يدرك المسؤولون أن التربية والتعليم مهمتان جسيمتان تتطلبان بذل المزيد من الجهود في كل الأسلاك دون تمييز أو تفضيل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات