الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء على بعض عالم المهاجرين

اسماعيل شاكر الرفاعي

2023 / 12 / 5
المجتمع المدني


اكبر مجتمع عالمي يتطلع ابناؤه لهجرته هو العالم العربي : اذ تزيد أعداد المتطلعين للهجرة منه على إعداد المتطلعين للهجرة من اوطانهم الأصلية في أفريقيا وامريكا اللاتينية ...

لو كان شكسبير من بين كتابنا المسرحيين الحاليين لرسم لنا : اعجب شخصية في التاريخ العالمي : شخصية تشبه هاملت ظاهرياً في قلقه وتردده الذاتي ، ولكنها في الجوهر نسخ حقيقية من نظريات بن خلدون عن العصبية ، ونظرية الدكتور علي الوردي عن ازدواجية الشخصية وتناشزها . فبعد أن تهجر الشخصية العربية والعراقية أوطانها التي تسببت لا عدالة مؤسساتها الحاكمة بدفعهم إلى البحث عن اوطان اخرى : يعودون للبحث عن ذواتهم مرة أخرى خارج مؤسسات المكان الجديد الذي آواهم واستضافهم ، ولا يجدون أنفسهم الا في المؤسسات القديمة التي طردتهم من اوطانهم وتسببت بنفيهم وغربتهم ( وكنتيجة لهذه الهجرة سيضطرون إلى استبدال ثقافتهم الأصلية مع الجيل الثاني بثقافة المجتمعات المضيفة لهم ) ولهذا تجد المجاميع المهاجرة مصابة بدوار الإجابة عن سؤال الثقافة بحيث يكتشف المتابع لحالة هذه المجاميع المهاجرة : ما للثقافة الموروثة من أهمية عظيمة في وعي هذه المجاميع المهاجرة لا تقل عن أهمية الارض التي هجروها ...

ستكون ردة فعل هذه المجاميع في اوطان اللجوء : إعادة بعث طقوسهم الدينية بقوة أشد من القوة التي كانوا يمارسون بها هذه الطقوس في اوطانهم الأصلية : فيغرقون في هذه الممارسة إلى درجة نسيان : ان الحكومات تأوبهم بسبب من انها تحترم قوانينها وفي المقدمة منها : حقوق الإنسان وحرية التعبير ، وينسون أن هجرتهم من اوطانهم حدثت بسبب فقدان : حرية التعبير وعدم الايمان بحقوق الإنسان ...

ينسى خطباء هذه المجاميع المهاجرة : ان طقوسهم القديمة أعادت ازدهارها وتفتحها على اراضي بلدان اللجوء بفعل دساتير هذه البلدان ، وليس بفعل استعادة لغة الهجاء المذهبية القديمة ، ولا بفعل قصائد الهجاء العصماء الذي تمت الاستعاضة به عن الهجاء المباشر لخطب الجمعة الذي ساد في المرحلة السابقة . .

والخلاصة : ان المجاميع العربية والإسلامية المهاجرة في المسرحية الشكسبيرية التي لم تكتب ، ولم يستطع توفيق الحكيم مقاربتها في مسرحية : بنگ القلق ، ولا نجيب محفوظ تجسيدها في : ميرامار ، والنجاح في تصوير العراق في فترة الانقلابات والسلطات العسكرية ، كما في : الرجع البعيد لفؤاد التكرلي : ليس هو العراق لدى بعض الجماعات المهاجرة : فهم في لحظة حرجة مما يسمونه التفاعل الثقافي أو المثاقفة : ليس من السهولة الانعزال عن تأثيرها ...

يمكن الإشارة باقتضاب إلى الكيفية التي ردت بها هذه المجاميع المهاجرة على ما احتكت به في وسطها الثقافي الجديد . اذ يمكن ملاحظة درجة النسيان التي غمرت هذه المجاميع المهاجرة . فهي نست انها هربت من مؤسسات بلدانها اللاعادلة ، وسبب لها هذا النسيان اللاوعي الوقوع في وهم : انها تدافع عن قيمها ومعتقداتها وعن هويتها وهي تعيد في الأرض الجديدة سردية : مؤسساتها القديمة عن : الخلافة والإمامة ، والاعدل والاحق ...

لكن الأغرب من هذا : انها تتطلع الى ( اصلاح ) المؤسسات التي آوتهم : فكأنها لا تعترف بعدالة هذه المؤسسات ، وتتطلع إلى العودة إلى ظلم مؤسساتها في أوطانها القديمة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار