الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السفر عبر الزمن

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2023 / 12 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا زلنا ننظر إلى السفر عبر الزمن على أنه مجرد فكرة خيالية لا نراها إلا في الأفلام والروايات، لكن ماذا عن العلماء؟
نظرية أينشتاين ترى في الزمن شيئاً نسبياً ومرناً، وتتفق مع أفكار ستيفن هوكينغ الذي يعتقد أن هذا الكون مليء بـ "الثقوب الدودية" التي تشكل طرقاً مختصرة للزمن والفضاء، ربما لهذا بات العلماء والباحثين يعكفون على دراسة وبحث إمكانية تحويل هذا الحلم إلى حقيقة.
لكن، إلى أن يتحول هذا المستحيل إلى واقع فنحن البشر لدينا القدرة دونا عن أيٌ من الكائنات الحية الأخرى على "السفر عبر الزمن" بعقولنا!
إذ أن من شأن قدرة عقولنا على تصور ما سيحدث مستقبلاً واسترجاع ما جرى في الماضي، فبمقدورنا أن شئنا العودة بتفكيرنا إلى الماضي، لنسترجع ما جرى في أول يوم لنا في المدرسة مثلاً، أو ما حدث عندما كنا في اجتماع عمل الأسبوع الفائت. وبالسرعة نفسها، بوسع كلٍ منّا تحويل بوصلة تفكيره إلى تصور أحداث مستقبلية، مثل شكل عطلتنا المقبلة، أو أن يتخيل أحدنا نفسه وهو يستلم مهام عمله الجديد.
نحن نسافر عبر الزمن بعقولنا ونستطيع تصور الأحداث ومعايشتها في أذهاننا. بعبارة أخرى، هذا ما يسمى في علم النفس ب"السفر الذهني" عبر الزمن، وهو ما يُمكننا من استرجاع ما حدث في الماضي وتصور أحداثٍ مستقبلية بشكل مسبق، ما يمنحنا عدد لا نهائي من التصورات والسيناريوهات التي نستطيع أن ننتقى منها الاحتمالات الأكثر معقولية وقابلية بالنسبة لنا، للمضي على دربها.
ويبدو أن هذا هو المفتاح السحري لتحقيق المستحيلات بالنسبة لنا نحن البشر، فتاريخياً، كان الناس يعتبرون العديد من الأشياء المألوفة اليوم مستحيلة في الماضي، مثل الطيران والسفر إلى الفضاء والتواصل السريع عن البعد.

بينما المستحيلات الحقيقية هي الأشياء التي تتعارض مع قوانين الطبيعة والفيزياء والرياضيات، والتي لا يمكن تحقيقها حتى بالرغم من كل التطور التقني والعلمي ليس إلا.
وبالرغم من تحقيق الكثير من المستحيلات وانتظار تحقيق الكثير منها مستقبلاً فإن حياتنا الآن، ما زالت تعج بالأزمات والصعوبات، التي تبدو مستحيلات، نعم، قائمة مستحيلاتنا لا نهاية لها رغم بساطتها، فما زالت السعادة الحقيقية او الكاملة التي يبحث عنها الانسان غير موجودة. إذ من المحال أن تجد انساناً سعيداً سعادة حقيقية، خاصة في عصرنا الحالي الذي تجتاحه الفتن والمحن والكوارث، ثم هناك القناعة، وهي المفردة الأكثر اجتراراً في حياتنا، دون أن تجد أحداً يجسدها على أرض الواقع، أما العودة للشباب والاحتفاظ به فقد أصبح رغبة وهاجس كبير يُعاني منه الجميع، هوس العودة للشباب، جعل نسائنا تتهافت على الخضوع المتكرر لعمليات التجميل التي أصبحت الظاهرة الأكثر انتشاراً بين النساء، بل وحتى الرجال، فيما يبدو هذا من المستحيلات حتى الآن.
أما التعايش، فهو أعقد هذه المستحيلات، رغم أن هناك الكثير من التجارب، قديماً وحديثاً، شهدت حالات رائعة من التقارب والتعايش المشترك بين مختلف الأعراق والأديان، إلا أن عصرنا الحالي، يشهد انتكاسة شديدة في مجال الحريات والحقوق والمساواة وقبول الآخر والتسامح، لقد انخفض منسوب التعايش لدرجة مخيفة جداً. التعايش، هذه القيمة الإنسانية السامية، والحالة الأخلاقية الرائعة، وجودها الآن أصبح من سابع المستحيلات.
وقد تطول قائمة هذه المستحيلات، رغم ما نشهده من تقدم علمي وتكنولوجي! وربما نبقى على هذه المستحيلات رغم بساطتها حتى لو تمكنا من السفر عبر الزمن في المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا