الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اَلْأَحْلَام وَقِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلثَّانِي-

اتريس سعيد

2023 / 12 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


11_ هَلْ يُمْكِنُ قِيَاسَ اَلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي اَلْحُلْمِ ؟
مِنْ اَلْمَعْلُومِ أَنَّ اَلزَّمَانَ وَالْمَكَانَ خَصَائِصَ فِيزْيَائِيَّةً تُشَكِّلُ طَبِيعَةَ اَلْوُجُودِ اَلْمَادِّيِّ، أَمَّا اَلْحُلْمُ فَيَحْدُثُ خَارِجَ نِطَاقِ اَلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَلَا يُمْكِنُ إِسْقَاطَ خَصَائِصَ وَقَوَانِينِ اَلْعَالَمِ اَلْفِيزْيَائِيِّ اَلثُّلَاثِيِّ اَلْأَبْعَادَ عَلَى اَلْعَوَالِمِ اَلرُّوحَانِيَّةِ اَلْمُفَارَقَةِ وَالْمُخْتَلِفَةِ كُلِّيًّا مِنْ حَيْثُ طَبِيعَتُهَا اَلْمُتَعَالِيَةُ اَللَّامَلْمُوسَة، مَبْدَئِيًّا يَجِبُ أَنْ أُشِيرَ إِلَى أَنَّ اَللازَّمَكَانُ اَلرُّوحِيُّ يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ اِعْتِمَادًا عَلَى اَلْقِيَاسِ اَلْمَنْطِقِيِّ اَلَّذِي يَفْرِضُ بِالضَّرُورَةِ نَوْعًا مِنْ اَلتَّبَنِّي اَلْوَظِيفِيِّ لِمَفْهُومِ اَلزَّمَكَانِ نَفْسِهِ مِنْ أَجْلِ مُجَانَبَةِ اَلصَّوَابِ وَتَبْسِيطِ اَلْحَقِيقَةِ.
* يَنْقَسِمَ اَللازَّمَكَانُ اَلرُّوحِيُّ إِلَى قِسْمَيْنِ :
_ اَلزَّمَنُ اَلرُّوحِيُّ اَلْقِيَاسِيُّ اَلْمَبْنِيُّ عَلَى اَلْإِطَارِ اَلشَّكْلِيِّ اَلزَّمَكَانِيِّ
يَحْدُثَ اَلْحُلْمُ فِي اَللَّامَكَانِ وَاللَّازِمَانِ وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسَ مُدَّةِ اَلْحُلْمِ بِمِقْيَاسِ اَلزَّمَنِ اَلْمُعْتَمَدِ فِي عَالَمِنَا، إِذَا كَانَ بِإِمْكَانِ قِيَاسِ تَوْقِيتِ بِدَايَةِ وَنِهَايَةِ اَلْحُلْمِ عِنْدَ اَلرَّائِي اِسْتِنَادًا إِلَى اَلْمُتَغَيِّرَاتِ اَلْفِيزْيُولُوجِيَّةِ اَلَّتِي تَحْدُثُ فِي اَلدِّمَاغِ مِنْ خِلَالِ رَصْدِ نِسْبَةِ إِفْرَازِ اَلْمِيلَاتُونِين أَوْ عَنْ طَرِيقِ قِيَاسِ ذَبْذَبَاتِ اَلدِّمَاغِ بِاسْتِخْدَامِ تِقْنِيَّةِ اَلرَّنِينِ اَلْمِغْنَاطِيسِيِّ أَوْ مِنْ خِلَالِ رَصْدِ آلِيَّةِ عَمَلِ اَلْبَصَرِ اَلرُّوحِيِّ حَاسُوبِيًّا أَوْ إِعَادَةِ فَرْزِ اَلْبَيَانَاتِ اَلْمُخَزَّنَةِ فِي اَلذَّاكِرَةِ اَلْقَصِيرَةِ عَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ، لَكِنْ فِي كُلِّ اَلْأَحْوَالِ سَنَحْصُلُ عَلَى قِيَاسٍ زَمَنِيٍّ فِيزْيَائِيٍّ لِلْحُلْمِ لَا أَكْثَر،أَمَّا اَلْقِيَاسُ اَلسَّايكُولْوجِي فِي هَذِهِ اَلْحَالَةِ سَيَجْعَلُ اَلرَّائِي يَشْعُرُ بِعَامِلِ اَلزَّمَنِ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ تَسْتَنِدُ إِلَى مَقَايِيسَ رُوحِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ تَمَامًا، مَثَلاً إِذَا كَانَتْ عَمَلِيَّةُ اَلرَّصْدِ اَلْقِيَاسِيِّ اَلْفِيزْيُولُوجِيَّةِ لِمُدَّةِ اَلْحُلْمِ هِيَ دَقِيقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ اَلْحَالِمَ يَكُونُ قَدْ رَأَى فِي حُلْمِهِ مَوَاقِفَ مُعَيَّنَةً تُخْتَزَلُ تَجَارِبَ طَوِيلَةٌ اَلْأَمَدِ وَ أَحْدَاثٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْدُثَ إِلَّا فِي سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ مِنْ حَيَاةِ اَلْإِنْسَانِ وَأَحْيَانًا قَدْ تُكَلِّفُهُ كَامِلِ حَيَاتُهُ، يُمْكِنَ أَنْ نَسْتَنْتِجَ أَنَّ اَلزَّمَنَ اَلرُّوحِيَّ اَلْقِيَاسِيَّ اَلْمَبْنِيَّ عَلَى اَلْإِطَارِ اَلشَّكْلِيِّ اَلزَّمَكَانِيِّ لِلْحُلْمِ هُوَ قِيَاسُ سَايْكُولُوجِي مُتَعَالِي مَحْض يَنْتِجُ عَنْ رُؤْيَةِ اَلْحُلْمِ وَيُصْبِحُ شُعُورًا حَقِيقِيًّا يُؤَثِّرُ فِي اَلْوَاقِعِ اَلنَّفْسِيِّ لِلرَّائِي فِي غُضُونِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ اَلْوَقْتِ وَقَدْ يُؤَثِّرُ هَذَا اَلشُّعُورِ عَلَى اَلرَّائِي مَدَى اَلْحَيَاةِ.
_ اَلزَّمَنُ اَلرُّوحِيُّ اَلْقِيَاسِيُّ اَلْمَبْنِيُّ عَلَى اَلْمُحْتَوَى اَلْجَوْهَرِيِّ اَلزَّمَكَانِيِّ
إِنَّهُ اَلزَّمَنُ اَلرُّوحِيُّ اَلَّذِي نُدْرِكُهُ شُعُورِيًّا مِنْ خِلَالِ مُحْتَوَى اَلْحُلْمِ، مَبْدَئِيًّا يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ هُنَاكَ حَالَةٌ مُعَيَّنَةٌ تَحَدَّثَ فِي اَلْأَحْلَامِ اَلرُّوحَانِيَّةِ يُمْكِنُ اَلِاصْطِلَاحُ عَلَى تَسْمِيَتِهَا اَلِاسْتِرْسَالَ فِي اَلتَّلَقِّي اَلرُّوحِيِّ أَوْ اَلِاسْتِرْسَالِ اَلتَّلْقِينِيِّ، هَذِهِ اَلظَّاهِرَةِ اَلرُّوحِيَّةِ كَانَتْ تَعْرِفُ عِنْدَ اَلْكِبَارِ مِنْ أَهْل اَلتَّصَوُّفِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ تُعْرَفُ بِإسْمِ " اَلْفِيوضَاتْ ". اَلْآنُ يُمْكِنُ أَنْ نَطْرَحَ اَلسُّؤَالُ اَلْآتِي كَيْفَ يُمْكِنُنِي أَنْ أَتَعْلَمُ اَلْكَثِيرَ مِنْ اَلْمَعَارِفِ اَلْفَائِقَةِ وَالْعُلُومِ اَلْخَارِقَةِ اَلَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى سَنَوَاتِ اَلْعُمْرِ اَلطِّوَالِ وَالْكَدِّ وَالْجُهْدِ فِي حُلْمٍ قَصِيرٍ جِدًّا ؟ كَيْفَ يُمْكِنُ تَفْسِير أَنَّ مَا أَتَعَلَّمُهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَانِيَةٍ يَتَعَلَّمُهُ اَلْآخَرُونَ فِي 100 سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ ؟ كَمَا أَنَّ مُحْتَوَى اَلتَّحْصِيلِ اَلْعِلْمِيِّ اَلرُّوحِيِّ هُنَا يَتَمَيَّزُ بِفَارِقِ اَلْجَوْدَةِ عَلَى اَلْمُسْتَوَى اَلْكَمَّ وَالْكَيْفِ مُقَارَنَةٍ بِالتَّحْصِيلِ اَلْعِلْمِيِّ اَلْمَادِّيِّ ؟ إِنَّ مَا أَدْرَكَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ لَحْظَةٍ لَازَمَانِيَّةٍ عَابِرَةٍ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِيَاسِ فَأَنَا أَدْرَكَهُ مُبَاشَرَةِ وَبِدُونِ أَيِّ قُيُودٍ ؟
إِنَّ اَلزَّمَكَانَ فِي عَالَمِ اَلْأَحْلَامِ اَلرُّوحَانِيَّةِ لَيْسَ إِلَّا تَجْسِيدٌ شَبَحِيٌّ يُحَاكِي اَلْوَاقِعُ اَلْمَادِّيُّ، يَنْكَمِشَ وَيَتَمَدَّدُ فِي اَلْحُلْمِ، يَتَّجِهَ إِلَى اَلْمَاضِي اَلسَّحِيقِ لِيَكْشِفَ اَلتَّجْسِيدَاتِ اَلسَّابِقَةَ لِلْحَيَاةِ اَلْمُوغِلَةِ فِي اَلْقَدَمِ وَإِلَى اَلْمُسْتَقْبَلِ اَلْبَعِيدِ حَيْثُ لَا شَيْءً نَعْرِفُهُ عَنْ أَنْفُسِنَا وَمَا قَدْ سَنُصْبِحُ عَلَيْهِ فِي اَلْأَزْمِنَةِ اَلْقَادِمَةِ، لِأَنَّ اَلزَّمَكَانَ غَيْرُ مَوْجُودٍ أَسَاسًا وَلَيْسَ إِلَّا اِسْتِعَارَةً رُوحِيَّةً يُحَاوِلُ مِنْ خِلَالِهَا اَلْحُلْمُ اَلرُّوحَانِيُّ أَنْ يُقَارِبَ مَفَاهِيمَنَا اَلْمَادِّيَّةَ اَلْمَلْمُوسَةَ بِهَدَفِ اَلتَّوَاصُلِ مَعَ اَلرَّائِي، هَذَا إِذَا تَجَسَّدَ اَلْحُلْمُ اَلرُّوحَانِيُّ فِي إِحْدَى اَلْأَمْكِنَةِ، لَكِنْ فِي غَالِبِ اَلْأَحْيَانِ تَتَجَلَّى اَلْأَحْلَامُ اَلرُّوحَانِيَّةُ خَالِيَةً مِنْ اَلْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ بِحَيْثُ تَظْهَرُ فِي فَضَاءٍ غَيْرِ مُحَدَّدٍ يَأْتِي عَلَى شَكْلِ خَلْفِيَّةٍ تَتَكَوَّنُ مِنْ مَشَاهِدِ مِنْ اَلْفَوْضَى اَلْعَارِمَةِ وَالظَّلَامِ اَلْعَدَمِيِّ .
يَتْبَعُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو