الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع الحداثة العربية ...ثمة اسئلة دائما

علي حسن الفواز

2006 / 11 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يقول البعض ان مشروع الحداثة قد فشل في حياتنا العربية واصبح نوعا من الاستعراض,, وحمل المثقفون العرب احلامهم وترياقهم ويمموا وجوههم صوب الغرب بحثا عن فضاءات او مختبرات تعينهم على تنفيذ برنامجهم الحداثوي !!! حدّ ان الهجرات العربية الى الغرب اضحت تهدد الغرب ذاته في جسده الانثربولوجي
والعقائدي والجيني !!وباتت سلالات العائلة الغربية القديمة مهددة بالاتقراض لان الجنس العربي بفحولته التقليدية فرض قانونه في الخصب وفي اثارة النعرات الجنسية في المجتمع الغربي البارد والمطمئن الى نظام الصحة الانجابية وتنظيم الاسرة والسلالة!!
يبدو ان رحلة الحلم العربي الى الآخر في المكان والحداثة هي اشبه بالرحلة الهلالية القديمة التي تحولت الى سيرة فنطازية في ألمكان والبطولة وتصفية الحسابات ولم تكن رحلة حضارية وثقافية طبعا !!! اذ نجد المثقفون العرب من اصحاب ومصممي الرحلات والازياء الثقافية
قد تلبسوا العقلنة الغربية في سياقها وقلقها واصبحوا يفكرون بطريقته مختلفة تماما عن افكار وعصابات ابي زيد الهلالي والزناتي خليفة ،وبدأ بعضهم في تسويق خطاب مليئ بالوصايا والدعوة الى ضرورة الاستحمام الدائم وا لاكل المتوازن واحترام نظام السير و صيانة حرية الاخرين في الحلم والجنس والشتيمة والبكاء على احزاننا الطويلة والعريضة مع جرعات عالية من الحنين والامنيات بالسلامة على شوارعنا وجيراننا وحدودنا مع البغض الاستعراضي للحكومات لانها المسؤلة عن هروبهم الجماعي الى جنان الغرب !
ولم يفكروا طبعا بضرورة تسويق خطاب تعويضي حتى ولو كان على طريقة رفاعة الطهطهاوي بكل وصفيته ، لانهم ادركوا ان شرقهم العربي مصاب بمرض خبيث وينبغي علاجه بطريقتين اولهما الكيمياوي الغربي وثانيهما الاسئصال وكلا العلاجين يقومان على تقنية المحو ...وهذا يتفق احيانا مع سياسات الحكومات التي تمارس محوا اخر ، يعتمد على زيادة الجرعات الاستهلاكية في حياتنا مع اشهار الكراهية لاي فكرة للحداثة لان هذه الحداثة بدعة وانها ضلالة وبالتالي فا ن الحداثيين هم من اهل النار !!!
لقد تذكرت ادونيس وانا اكتب هذا الموضوع حين تحدث عن فشل المشروع الحداثوي العربي ، لان المثقفين العرب اخذوا منجزات العقل الغربي ورفضوا مبادئه وربما رفضوا العقل ذاته وتحولوا الى مثقفي استهلاك لنظريات التحديث والنقد والتفكيك ،،فضلا عن انهم رفضوا حتى المنجزات البسيطة التي تحققت مع الاشكال الاولى للدولة العربية في الثلاثينيات والاربعينيات ،أي قبل ان تطل علينا دول الانقلابات العسكرية، اذ شهد الزمن الماضي وجود برلمانات حقيقية وتعددية مكشوفة لاحزاب سياسية وليست احزاب من ورق وفضاءات انتخابية لاتخلو من التزييف طبعا لكنها اقل تزييفا من انتخاباتنا الاستعراضية في عموم الامة العربية !!!
البعض كان بقول ان تلك الحكومات القديمة هي حكومات ارستقراطية وانها مرتبطة بالامبريالية والاستعمار ،وهل ان حكوماتنا الجيدة هي اقل ارتباطا واشد من الولاء حدّ العظم للغرب ولرأسماله وسياساته وفروضه وقواعده العسكرية واخيرا احتلالاته !!!!
اذن نحن بحاجة الى شرعنة جديدة لمشروعنا الحداثي والى فاعلية قرائية له بعيدا عن معطيات الواقع وحقائق الازمة ، والى منفى ومهجر اكثر صلاحية من المهجر الاستعراضي والجنسي الذي يعشيه مثقفونا ،،،،ولعلنا
نتذكر في قراءاتنا الاولى عن اسباب تطور ماسمي النهضة العربية الاولى او حركة الاحياء ( مع الاعتراض على التسمية ) حيث لا نهضة ولاهم يحزنون !!!! المهم ان هناك حراكا ثقافيا وان هناك مسؤولية ينهض بها الابناء ،حيث نجد الجسور قد مدها المهجريون بين اوطانهم وعوالم دراساتهم ونقلوا الدرس الى حواضنهم دون حساسيات وتعاليات،او عقد قصيرة النظر كالتي نشاهدها الان بمرارة في حوارنا الثقافي والوجودي،،اذ انشطر الجمع القديم الذي كان يواجه تخلفا واحدا وجهلا وجوعا واحدا واستعمارا واحدا الى طوائف واقوام وملل ونحل وكل منهم يقرأ الواحد القديم بعيون مختلفة تنعكس فيها الصورة حسب ما يلبسه من عدسات ونظارات وتهويمات بفعل فقر الدم الثقافي والعقلي ...
ان فشل المشروع الحداثي المعاصر وتفكك اليات الرحيل الى الحضارة واستبدالها برحيل اكثر تعقيدا واكثر توهانا في البحث عن الذات او حتى استعادة مجدها التليد كما يريد البعض!!!! اصبح واقع حال وربما اصبح اكثر هولا وهوانا ،،لانه انتج لنا محنة شاملة تشبه محنة ابن رشد حين واجه احتراق كتبه وحارقيها في آن واحد ، اذ نجد اليوم من يحرق كل مظاهر الحياة الجميلة ومن يطلق النار على جمال السماء وجمال الارض ، ويعلن بطالة كل الافكار التي تركب القطارات وتلبس الازياء الانيقة وترقص الفالس والتانغو وتشرب القهوة علنا وتسمع فيروز ومارسيل خليفة ويستبدلها بالافكار التي تركب الحمير وتنصت الى اصوات العربات....ولا اظن ان هذا الفشل يحتاج الى مسكنات والى كمادات الثلج قدر حاجته الى معالجات حقيقية ،تبدأ من الاحساس بالمسؤولية وعد م اليأس ،،ومحاولة مد الجسور الصالحة للعبور بين ضفاف مكشوفة ومعلومة ،،،،واعطاء الجميع فرص متكافئة في البحث عن حلول شمولية لكنها تبدأ بالجزئي والمتيسر !! والعمل الجاد والحقيقي لتحسين مستوى الاداء التربوي والتعليمي واعادة قراءة نظام المناهج الدراسية واعادة الثقة بالمؤسسة الجامعية باعتبارها المؤسسة الام التي تطلق الطيور الى سمائنا وعند شرفات بيوتنا ..وتفعيل دور المجتمع المدني باعتباره مجتمعا رقابيا ومتحررا من عقد الحكومات ونظامها الصارم وكذلك تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى الدخل القومي للمواطن وتحسين قدرته الشرائية ،،اذ ما فائدة الحديث عن الحداثة مع وجود الجوع والجهل والظلم الاجتماعي وعدم وجود فرص العمل ونظام المعيش والامان الاجتماعي . ان مشروع الحداثة هو مشروع يتأسس على مشاريع اخرى ينبغي ان تكون قاعدته المادية ، ولايمكن تأسيسه في الفراغ الثقافي والاجتماعي والاقتصادي ، ولعل فشل المشاريع الحداثوية والنهضوية السابقة انها كانت تؤسس بالنوايا الطيبة ،لكن على الفراغ مع وجود جرعات عالية من الاوهام والغرائز القومية ....وبالتالي تنتج لنا ازمات مضاعفة يتزايد ضحاياها مع كل هزيمة حضارية وعسكرية وفكرية ...واحسب ان اتساع ظاهرة الفكر الضحية الان في مشهدنا العربي واتساع ظواهر النكوص باتجاه افكار تعويضية واشباعية يمثل في جوهره تراكم ضحايا اليأس من أي مشروع او مغامرة ارتكبتها الحكومات او القيمون على الشأن الوجودي !! دون حسابات حقيقية لمعطيات الوجود ...فضلا عن ان اعادة قراءة ظاهرة المنفى في اطار فهم جديد يمنحه توهجا اولا ويثق به ثانيا ، ويحرضه على اعادة شرعنة وجوده كجسر فاعل لحوار حضاري حقيقي نحتاجه في حياتنا وفي تخفيف حدة الصراع الذي يريده البعض صراعا بين سياقين حضاريين تحكمهما عقد الوجود والغياب وابدالها بضرورة الحوار والشراكة في انتاج عالم صالح للجميع ......
ان نقد مشروع الحداثة ليس هو نقد الحداثة كما ورد عند ( علي حرب ) حيث تمثل هذه الحداثة حالة التوهان الذي تعيشه النخب العربية الفاقدة لتوازنها وضرورتها في الانقاذ من تكرار انتاج السلطات والمهيمنات الجديدة
ان الحداثة كما يراها الدكتور علي حرب لم تخرج عن كونها لعبة لغوية اكثر مما هي اجراء ومشروعا ،وربما تعكس فشلا كاملا للمثقف النخبوي صاحب الخيالات ومصدر التسلط الجديد والذي بدأ يقترح لمشاريع ما بعد الحداثة باعتبارها نوعا من محاولة تفكيك سلطة العقل او الهذيان الذي يجيز انتاج اشكال اكثر قوة للسلطة ومجازاتها في اللغة والخطاب ...
ومن هنا نجد ان مشروع الحداثة الجديد بحاجة الى التاريخ لكي يقرأ دروسه ومحركاته وهزائم قواه المشوشة وايديولوجياته !!لكي يكون هذا المشروع خارج لعبة الازمة/ازمة العقل واساطيره ! وخارج ازمة الاخر
الامبريالي الذي اصبح مصدرا مركزيا لانتاج وتسويق الافكار...
ان فشل المشاريع النهضوية والتنويرية السابقة هو فشل للايديولوجيا التي تقف وراءها وفشل للنخب الثقافية المعزولة عن الناس والتي تملك الثروات والسلطة والتشريع مثلما تمتلك الفكر, اظن ان هذه الملكية هي اساس المشكلة ، اذ انحصر تداول هذه المكونات في اطر محدودة جدا !! واصبح موضوع العدل الاجتماعي وتوزيع الثروات وتعدد السلطات وانتاج مفاهيم الحرية والامن السياسي والاقتصادي والثقافي محض خطابات متضخمة في اسطورة السلطة ذاتها بكل اشكالها العسكرية او المدنية بمسحاتها الليبرالية ..او الديوغماجية!!
وبالتالي ان هذه السلطة تؤسس لها ايديولوجيا تحصّ بقاءها ....
نحن بحاجة حقا الى صدمة الحداثة التي تضعنا قبالة السؤال الوجودي القديم الذي طرحه شكسبير نكون او لانكون! تلك هي المشكلة ...اذ ان تداول وتكرار هذه الصراعات يضعنا دائما امام ايديولوجيا بقاء الانواع صاحبة الامتياز في انتاج محن العقل العربي ،،،،،اوربما تضع اصحاب الحجر والمنجنيقات امام الحائط المقدس بالاديولوجيا والاوهام والعقائد لكي يتبادلوا الرمي الحر !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء