الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شتان بين -الكونفوشِيُوسِيين- و -المُحمَّدِيين- مع الأسف !

أحمد إدريس

2023 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(الأمور تزداد تعقيداً و قتامةً مع الوقت، الله وحده يعلم حجم الألم الذي يعتصر القلب بسبب ما يجري بفلسطين - أدعو بالفرج العاجل و الكامل لكافة المظلومين و المُعذبين في الأرض -، لكن هذا لن يُثنينا أبداً عن إعمال الفكر. التفكير السليم و القويم هو الحل.)


الصين في القِمة و نحن لا نزال نتساءل و نتعارك : يجوز أو لا يجوز الإحتفال بمولد الرسول ؟ هل يتساءل هؤلاء القوم الذين يصنعون لنا كل شيء : يجوز أو لا يجوز الإحتفال بمولد كونفوشيوس ؟

لهم الدنيا و لنا الآخرة ! كم مرة سمعنا هذه العبارة : هذا نوع سخيف من تعزية الذات، أو الطَّمأنة الزائفة الخادعة للنفس. خاصة إذا صدرت من شخص ينتمي إلى أُمة حاضرُها و واقعها الفعلي مُزْرٍ و يُثير الشفقة… إنه وهم وخيم العواقب في الدنيا. و رُبما أيضاً في الآخرة… أُمتنا تتخبط فعلاً في قَدْر هائل من الأزمات و المشاكل، و للأسف غفلنا في غَمْرَتها عن حقيقة في غاية البداهة : المشاكل لا يمكن حلُّها باستخدام نفس طريقة التفكير التي أَوقعت في هذه المشاكل.

هذه الأُمة التي حالها يدعو للرثاء فهي تَجُر أذيال الخَيبة على كافة الأصعِدة، و في كل ما تَعُج به الدنيا من شؤون الإنسان و الحياة، يبدو أنها و كتعويض عن إحساسها المرير بالدُّونية و بالتهميش الحضاري، قرَّرتْ الإستحواذ الحَصري على نعيم الآخرة أي الجنة ! إنها الأمة المرحومة، كما تقول عن نفسها. و بِحَسَب تصريح غريب يُنسب لِنَبِي هذه الأمة، فإن الدنيا لو كانت تُساوي جناحَ بعوضة عند الله، ما سقى هذا الربُّ الرحيمُ الكافرَ منها شَربة ماء. عالَمُنا غارق في المآسي و الآلام، و ها هي رسالتنا لسُكان هذا العالَم : « جنة الآخرة لنا حصراً. » القرآن في وَصفه لهذه الجنة المَوعودة، يقول بأن عرضَها السماوات و الأرض، و أمتُنا تَجزِم أنها لها بِصُورة حَصرية ! هذا يعني أننا نعتقد أنَّ الأغلبية الساحقة من الذين خَلَقهم "الرحمانُ الرحيم" سَينتقِلون من ضيق و عناء الحياة الدنيا إلى تعاسة الأبد…

إن ما نحتاج إليه هو إصلاح فكري حقيقي، فالحلول الترقيعية الحالية ستبقى بلا جدوى. تنصلح الأمور و الأحوال عندما تنصلح العقول و الأفكار. هذا بطبيعة الحال لا يكفي - فلا بد أيضاً أن تنصلح الضمائر و النفوس… - و لكنه أكثر من ضروري. فَمِن غير إصلاح فكري جاد و جذري، محال أن تنصلح أحوال البلاد و العباد.

قناعتي أنه لا مناص من تمحيص دقيق لمفاهيمنا السائدة و قِيَمنا الرائجة التي تُمارس في الغالب دوراً مضلِّلاً للكثيرين و تُسهم إلى حد كبير في تزييف وعي عموم الأمة. نحن إذن بحاجة إلى إصلاح فكري، في المجال الديني بالدرجة الأولى. المطلوب بإلحاح ليس أقل من إعادة بناءٍ حقيقية لمنظومة فكرنا الديني بالكامل. فكرُنا الديني المُتداوَل إنْ لم يتجدَّد، فإنَّ أحلامنا بمستقبل أفضل ستتبدَّد…


« لا يُمكن أن يُقنعني أحد بأن الإسلام السائد في عصرنا هو الإسلام الأول الخالص و النقي ؛ فأنا أقيس صواب كل فكرة أو نَسَق فكري بالنتائج المُترتِّبة عليه ؛ فالفكرة الصواب هي التي تعمل بنجاح في الواقع و تنفع الناس. الإسلام الأول كانت نتائجه مُبهرة في تغيير الواقع و التاريخ، أما الإسلام الذي نعيشه اليوم فهو خارج التاريخ و منفصل عن واقع حركة التقدُّم. و لذلك باتت من الضرورات المُلحة اليوم العودة إلى الإسلام المنسي، لا الإسلام المُزيَّف الذي نعيشه اليوم. » (محمد عثمان الخشت، "نحو تأسيس عصر ديني جديد"، 2017)

« نَعيب فهمَنا للدين، لا نَعيب الدين. » (أحمد الشقيري)

« إن التصوُّر الصحيح للدين قبل مُمارسته و تطبيقه هو الخُطوة الأولى على طريق النُّهوض بالمجتمع الإنساني. » (عطية صقر، "نعم الإسلام هو الحل، و لكن أين الطريق ؟"، 1990 - صاحب هذا الكلام عالم أزهري عالي القدر)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدائرة المفرغة
تحتمس الثالث ( 2023 / 12 / 10 - 06:09 )
يقول الاستاذ الكاتب : نحن إذن بحاجة إلى إصلاح فكري، في المجال الديني بالدرجة الأولى. المطلوب بإلحاح ليس أقل من إعادة بناءٍ حقيقية لمنظومة فكرنا الديني بالكامل. فكرُنا الديني المُتداوَل إنْ لم يتجدَّد، فإنَّ أحلامنا بمستقبل أفضل ستتبدَّد…
تعقيبنا : هذا كلام جميل طالما سمعناه من كثيرين غير حضرتك
يا سيدي .. الأديان مقدسات ,, غير قابلة للاصلاح .. وهي أشياء قديمة بالية واصلاحها يكون بحظرها وتحريم وتجريم حمل أو تداول نصوصها المعادية للسلام وللعلم وللحياة العصرية

ما هذا الذي نقلته لآخرين !؟ مثل :الإسلام الأول كانت نتائجه مُبهرة في تغيير الواقع و التاريخ
!!!
ماذا ؟
من ؟؟
أين ؟؟
كيف ؟؟
صحيح ؟!!؟
ان ما قلته في مقالك يا حضرة الأستاذ لا يختلف عما ينهجه كثيرون .. ومن العنوان ظننته مختلفا
بداية مقالك تبدو باعثة لصحوة ما .. ثم تأتي نهايته , مثل من يصيح بلهجة عسكرية : جماعة صفا
جماعة : إنتباه
وبعد الانتباه يصيح : محلك سِرّ
!!!
أول ما يحتاج للاصلاح هو تلك الطريقة في الكتابة المضللة المخادعة التي تقود الي : لا شيء . سوي القعقعة بلا طحن
ننتظر منك كتابات أفضل - وعندنا أمل
سلام وتحية

اخر الافلام

.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا


.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي




.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية