الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة94

عبدالرحيم قروي

2023 / 12 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اَلنَّصُ اَلْمُؤَسِّسُ وَمُجْتَمَعُه
اَلسِفْرُ اَلأَوَّلُ وَاَلثَانِى
خليل عبد الكريم
الحلقة الثانية عشر

خامسا
ًا: رد بنت الشاطئ المفحم على جوق الطبالين ومايسترهم هيكل:
خرجت من قراءتى لعشرات كتب السلف التراثية فى السيرة أن القدامى اتصفوا بالأمانة العلمية وامتازوا بالضمير الفكرى ومن ثم اتسموا بالموضوعية والنزاهة, فى حين أن المحديثين نفضوا أيديهم من ذلك كله وآثروا النفاق واختاروا الانتهازية وانحازوا إلى الذبذبة, ومن ثم حفلت كتاباتهم بالتلفيق وطفحت بالإنتقائية واكتظت بالترقيع وامتلأت بالتبرير وتضلعت من التعمية وارتوت بالتضبيب ونهلت من الغطرشة ( التعالى عن الحق ), ولهذا فهى توسم بالنفاق الفكرى ومجافاة الأمانة العلمية ومخاصمة الضمير الثقافى, ولسنا فى حوجة إلى تبيين العلة الكامنة وراء سلوك المحدثين لهذا المنهج الفسيد والسير فى هذا الطريق المعوج والمشى فى هذه الجادة الملتوية.
ولو أنك رسمت خطًا بيانيًا للأمانة الفكرية لهذا الفرع من العلوم لجاء منحدرًا وهابطًا لأن القدامى أوردوا الوقائع كما سمعوها والأحداث كما تلقوها والآثار كما زويت لهم مهما حملت من صدمة للقارئ أو دهشة للمتلقى أو إستنكارًا لدى السمع, وكان منطقهم وهم يصنفون: { ليستحسن من يستحسن وليستهجن من يستهجن وليستغرب من يستغرب فهذا ليس من شأننا ولسنا مسئولين عنه. ثم خلف من بعدهم خلف أمعنوا فى الغواية وأسرفوا فى الضلالة وبلغوا فى النكراء فأخفوا وغطوا وسوغوا على حساب الضمير والمسئولية والأمانة التى حملها الإنسان الظلوم الجهول }.
والذى حيرنى فى موقفهم هذا أمران:
الأول: أنهم ليسوا بحال من الأحوال بأنقى من سلفهم الصالح ولا أشد خوفًا من الله تعالى هذا من جانب, ومن جانب آخر أن علمهم ـ الحق أننى أقولها تجاوزًا ـ بجانب علم السلف مثل قطرة فى محيط فمن منهم يصل إلى مستوى ركبة ابن إسحق أو الطبرى أو الرازى أو البيضاوى أو القرطبى .... إلخ؟.
الآخر: من المفروض أننا مرقنا من العصور الوسطى وخرجنا من عهود الظلام وغادرنا زمن القيود والسدود ونعيش الآن فى أيام حقوق الإنسانن وحرية الفكر والإبداع والكتابة وغدا العالم قرية كبيرة هذا من رجا, ومن ىخر لم تعد المؤلفات السوابق أسرارًا مكتومة ولا أحاجى ولا ألغازًا مستورة مخبوءة, وبأى صورة تغدو كذلك ونحن ننعم بثورة الإتصالات. لكن فيما يبدو وبأيأة هيئة جلية أنهم عندما يغمضون عيونهم يتوهمون أن غيرهم لايراهم.
بعد هذه الفرشة التى نأمل عدم تململ القارئ من طولها النسبى ندخل فى صميم الموضوع:
محمد حسنين هيكل بدأ كاتبًا ليبراليًا مستنيرًا وأصدر مؤلفات محترمة, أما عندما خاض فى خضم بحر الإسلاميات فقد فَكّ صمولة [ كلمة عربية أصيلة أقرها مجمع اللغة العربية فى مصر وأدرجها فى الوسيط والوجيز ] ضميره العلمى لأسباب لا تخفى على الفطن ولا تغيب عن اللبيب ولا تتوارى عن الذكى . [ عباس محمود العقاد قام بذات الصنيع ].
ومن أشهر ما طلع به على القراء فى ذات المضمار كتابه " حياة محمد" ويند عن جوهر دراستنا تقييمه أو غيره من الإسلاميات الهيكلية, إنما الذى يهمنا ما خطه بشأن خبر الكلبى وطلاقه لابنة جحش:
{ أفيبقى بعد ذلك أثر لهذه الأقاصيص التى يكررها المستشرقون والمبشرون ولكنها شهوة التبشير المكشوف تارة والتبشير باسم العلم أخرى والخصومة القديمة للإسلام هى التى تملى على هؤلاء جميعًا ما يكتبون وتجعلهم فى أمر زواج النبى وفى أمر زواجه من زيبن بنت جحش يتجنون على التارخ ويلتمسون أضعف الروايات فيه مما دُسّ عليه ونُسِب إليه }. [ حياة محمد: لمحمد حسنين هيكل ـ ص336 ـ الطبعة الحادية عشرة ـ دار المعارف بمصر ].
هذا كلام يصيح به بأعلى طبقات صوته المهيب فى خطبة منبرية فى يوم جمعة واعظ فى مسجد إحدى القرى أو الأحياء الشعبية ولا يستقيم بحال صدوره من باحث جاد.
ونحن هنا إزاء احتمالين لاثالث لهما:
أولهما: أن هيكلاً لم يطلع على أمهات كتب السيرة والتاريخ وأسباب النزول والتفسير والأحاديث والأخبار .... إلخ. وهذا عيب قادح وقصور فادح ونقص واضح.
آخرهما: أو أنه قرأها وسمح له ضميره العلمى أن يرقم هذه العبارات الفلوت وهنا يثبت أنه تخلى عن أمانة القلم.
هذا المسلك من جانب هيكل أثار ثائرة الدكتورة عائشة عبد الرحمن " بنت الشاطئ" ويعرف الجميع عنها أنها باحثة رصينة فضلاً عن أنها سلفية تقليدية لأقصى درجة ـ فهلهلته [ فندت جميع حججه حتى أعيته واضطرته للصمت ] وبهدلته ( = كلمة عربية فصيحة ) ولم تترك له جنبًا يرقد عليه.
وردت فى كتابها " نساء النبى " دار الهلال بمصر قائلة:
{ إن قصة إعجاب الرسول بزينب وحكاية الستر من الشعر الذى رفعته الريح وانصراف الرسول عن بيت زيد وهو يقول: سبحان الله مقلب القلوب, قد كُتِبت قبل أن تسمع الدنيا بالحروب الصليبية بأقلام نفر من مؤرخى السيرة ورواة السيرة لايرقى إليهم اتهام بعداء النبى والدس للإسلام.
فمن الحق أن ندع المستشرقين والمبشرين وأمثال موير ومرجليوث وإرفنج وسبرنجر لنقرأ القصة على مهل فى تاريخ الطبرى وفى الإصابة وفى كتب التفسير وفى السمط الثمين [ ص 140].
وفى الهامش: راجعها بالتفصيل فى تاريخ الطبرى 3 /42 ,43 وفى النهاية لابن الأثير/ حوادث السنة الخامسة للهجرة / وفى السمط الثمين 107 / وفى الإصابة ج8 .
وأضافت بنت الشاطئ:
..... فيكفى للرد عليه أن ننقل هنا تفسير الزمخشرى للآية منذ أكثر من ثمانية قرون بأن رسول الله أبصر زينب بعد ما أن أنكحها زيدًا فوقعت فى نفسه فقال سبحان الله مقلب القلوب " [ ص 141, 142].
ثم انتهت إلى نتيجة حاسمة وهى:
...... أن الدكتور هيكل أخطأ من حيث أراد الدفاع عن الرسول ذلك أنه بإنكاره ميل الرسول إلى زينب ورفضه أن يكون ـ ص ـ تعلق بها ألقى على المسألة ظلالاً من الريبة توهم أن هذا التعلق خطأ لايجوز على الرسول ومنقصة يجب أن ننزهه عنها .... } [ ص142 ]
وختامًا فهذه الفاصلة التى انضوت على قصة الكلبىّ وبنت جحش وإن طالت بعض الشئ فإنها تضع فى حجر القارئ دليلاً على صحة ما جاء بالشطر الأول من العنوان وهو أن الفرقان خصص نصوصًا لتحقيق رغائب محمد وكيف لا أليس هو " سيد الخلائق" على بكرة أبيها؟.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا