الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مركزية الثواب و العقاب في الاديان
حسام سعد حسن
كاتب
(Husam Saad Hasan)
2023 / 12 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني

يعتبر مفهوما الثواب و العقاب من المفاهيم المركزية في جملة من الاديان و منها الاسلام ، فقد وردت بحقهما نصوص صريحة و مستفيضة ، تدل على استحقاق المحسنين لثواب عظيم ، و استحقاق المذنبين لعذاب مقيم .
فكرتا الثواب و العقاب تجسيد وتنفيذ للعدل الالهي ، الذي سيتحقق ، ان في هذه الحياة ، او في حياة اخرى بعد الممات ، وبسبل شتى ، منها اسباب مادية تؤدي الى تحقق ذلك الثواب و العقاب ، او بظهور منقذ مخلص ، يملء الارض قسطا و عدلاً ، بعد ان تملء ظلما ً و جوراً ، او الجنة و النار كمستقر نهائي ، للاشقياء و السعداء .
تبشر الاديان بان فكرتي الثواب و العقاب نتيجة ( منطقية و موضوعية ) لجزاء الافعال التي يرتكبها الانسان في هذه الحياة ، و هي تتفق ، بحسب المنظور الديني ، مع افعال العقلاء ، فالسرقة و الكذب و ظلم البشر و اذيتهم …الخ ، ذنوب تستحق العقوبة بحسب ، العقلاء قبل الاديان ، بالمقابل ، فان البر و الاحسان و الاعمال الخيرة ، اعد الاله لفاعليها ، ثوابا جزيلا ، وهذا منتهى العدل .
هذه الاسباب و غيرها لاستحقاق البشر للثواب و العقاب ، تزيد من ثقة المؤمنين بربهم و قناعتهم بدينهم ، وترفع من معنوياتهم ،وهم بانتظار تحقيق ذلك العدل المنتظر ، بل تترسخ في وجدانهم القناعة ، بانهم سائرون على السبيل القويم بفضل تلك القناعات عن الثواب و العقاب التي حدثتهم الاديان عنها ، وتحول ذلك الوعد ، بتحقيق العدالة ، الى عقيدة راسخة تؤطر نظرة المؤمنين لمجمل السلوكيات التي يسلكها البشر، وبالتالي مصيرهم في هذه الحياة و ما بعدها.
هذه الفكرة الطوبائية عن الثواب و العقاب سرعانما تصطدم بخطاب من نوع اخر يختفي او يتخفى خلف خطاب الثواب و العقاب المركزي و الاساسي ، الا وهو خطاب الشفاعة ، الفرقة الناجية ، والخلود في النار …فقد تضمنت العديد من النصوص الدينية حالة من الشفاعة ( لاسباب مختلفة ) في يوم الدينونة ، يشمل بفضلها المذنبون ، وتكون سببا في دخولهم الجنة و انقاذهم من النار ، بشرط امتلاكهم او تبنيهم لعقيدة الجماعة المؤمنة ، و بخلافه سيحرم المذنبون ( من غير المؤمنين ) بهذا الاستثناء ، ليكون مصيرهم العذاب الابدي ، بصرف النظر عن اي اعمال خيرة عملوها في هذه الحياة .
الجدل في مدى تقاطع الشفاعة مع استحقاق المذنبين للعذاب شائك و عويص بين علماء الدين والمتخصصين ، الا ان النظرة العميقة لاهمية بقاء افراد الجماعة ضمن لوائها و حفاظهم على عقيدتهم التي تمثل العمود الفقري لهوية الجماعة ، يشي او يدل على ان الشفاعة واقعة ، وستكون مع شمول جميع افراد الجماعة المؤمنة ، بهذا الفضل ، ايا كانت المعاصي او المظالم التي ارتكبوها ، في حين سيكون مصير المعاندين لتلك الجماعة وعقائدها ( طيبين كانوا ام اشرار ) العذاب الابدي وبئس المصير.
ان النظرة لمفهومي الثواب و العقاب من هذه الزاوية ( عضوية الانسان داخل الجماعة المؤمنة و تبنيه لعقائدها ) تجعل الجزاء لافعال الانسان ، امر ثانوي او عرضي ، في حين ستكون عضوية الانسان داخل الجماعة المؤمنة ( من خلال تبني عقائدها و مواقفها ) هي الفيصل النهائي في مستقر الانسان النهائي ، الى عذاب او نعيم ، وبذا تكون فكرة الثواب و العقاب ، السلاح الامضى في حماية الجماعة المؤمنة ، من محاولة افرادها ، او بعضهم ، الخروج منها ، او اقتحام الجماعات ( المعاندة و الكافرة ) لها من الخارج ، وليس كما يظهر من مجمل خطاباتها الاخلاقية المبرقعة ( بعدالة السماء ) .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إجراءات حاسمة في فرنسا لمحاربة تنظيم الإخوان وتطويقه | #ستود

.. فرنسا: إصلاحات تشريعية للحد من -خطر- الإخوان المسلمين؟

.. مصدر في القسام يتوعد بتدمير كتيبة نيتساح يهودا وإخراجها عن ا

.. ماكرون يعلن إجراءات جديدة ضد جماعة الإخوان في فرنسا

.. اشتُهرت بممارسة العنف والتطرف الديني.. تعرف على كتيبة -نيتسح
