الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اَلْأَحْلَام وَ قِوَّاهَا اَلْخَارِقَةَ - اَلْجُزْءَ اَلسَّادِسَ-

اتريس سعيد

2023 / 12 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مَا هُوَ تَأْثِيرُ اَلْبِيئَةِ وَالْمَسْكَنِ وَالطَّعَامِ وَنَمَطِ اَلْحَيَاةِ وَالْحَالَةِ اَلنَّفْسِيَّةِ وَالْعَقَائِدِ اَلدِّينِيَّةِ وَالْبِنْيَةِ اَلثَّقَافِيَّةِ عَلَى اَلْحَالِمِ ؟ اَلْجَوَابُ : اَلْبِيئَةُ تَبْقَى عَامِلاً مُهِمًّا وَمُؤَثِّرً إِلَى أَبْعَدَ اَلْحُدُودَ عَلَى اَلْحَيَاةِ اَلرُّوحِيَّةِ لِلْبَشَرِ إِلَى دَرَجَةٍ نَجِدُ أَنَّ اَلْأَشْخَاصَ اَلَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي اَلْغَابَاتِ عَادَةَ مَا يكَوَّنُوا مُنْفَتِحِينَ رُوحِيًّا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ اَلْغَابَاتِ هِيَ اَلْحَاضِنَةُ اَلطَّبِيعِيَّةُ لِلْبَشَرِ وَبَاقِي أَصْنَافِ اَلْكَائِنَاتِ اَلْحَيَّةِ اَلْأُخْرَى، يَلِيهِمْ سُكَّانُ اَلصَّحَارِي اَلْمُقْفِرَةِ وَ الْجِبَالِ اَلْمُنْعَزِلَةِ، أَمَّا سُكَّانُ اَلْمُجْتَمَعَاتِ اَلْجَاهِلَةِ اَلَّتِي تَعْتَقِدُ نَفْسَهَا أَنَّهَا مُتَحَضِّرَةٌ فَهْمَ أَكْثَرَ مَنْ يُعَانُونَ مِنْ اَلتَّلَوُّثِ وَ الضَّعْفِ اَلصِّحِّيِّ وَتَبَلُّدِ اَلْحَوَاسِّ وَبَاقِي مَظَاهِرِ اَلِانْحِطَاطِ اَلرُّوحِيِّ اَلَّذِي يَنْعَكِسُ عَلَى شَخْصِيَّةِ اَلْإِنْسَانِ وَ بِنْيَتِهِ اَلنَّفْسِيَّةِ وَالْجَسَدِيَّةِ، وَهَذَا يَعُودُ إِلَى كَثْرَةِ اَلِاخْتِلَاطِ اَلَّتِي تَحْدُثُ بَيْنَ اَلْحُقُولِ اَلْكَهْرومَغْناطيسِيَّةِ بَيْنَ اَلْأَشْخَاصِ اَلْأَمْرُ اَلَّذِي يَنْتِجُ عَنْهَا تَدَاخُلَاتُ طَاقِيَّةٌ سَلْبِيَّةٌ تَنْقُلُ اَلْأَمْرَاضُ وَالْأَفْكَارُ اَلسَّلْبِيَّةُ وَ تَحِدُّ مِنْ حَيَوِيَّةِ اَلْفِكْرِ وَالشُّعُورِ كَذَلِكَ لَا نُغْفِلُ تَأْثِيرُ اَلضَّجِيجِ وَ الْفَوْضَى وَكَثْرَةِ اَلْمُغْرِيَاتِ دَاخِلَ أنْسَاقَ اَلْحَيَاةَ اَلِاجْتِمَاعِيَّةَ اَلْمَحْمُومَةَ بِالرَّغْبَةِ فِي اَلِإسْتِهْلَاكِ.
أَمَّا اَلْمَسْكَنُ فَهُوَ عُنْصُرٌ أَسَاسِيٌّ لِلْغَايَةِ يَتَجَلَّى تَأْثِيرُهُ فِي طَبِيعَةِ اَلْبِنَاءِ وَشَكْلِهِ اَلْهَنْدَسِيِّ وَمَدَى مِسَاحَتِهِ حَيْثُ كُلَّمَا كَانَ اَلْمَسْكَنُ فَسِيحًا وَشَاهِقًا كُلَّمَا كَانَ تَأْثِيرُهُ إِيجَابِيًّا عَلَى اَلْحَيَاةِ اَلرُّوحِيَّةِ وَالْمَادِّيَّةِ لِلْإِنْسَانِ وَلَنَا مِثَالٌ فِي اَلْأَهْرَامِ وَالْمَعَابِدِ وَ الصُّرُوحِ اَلْقَدِيمَةِ وَالْكَاتِدْرَائِيَّاتِ اَلْعِمْلَاقَةِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقُبَبِ وَ الْأَضْرِحَةِ، فَكُلِّ هَذِهِ اَلْبِنَايَاتِ كَانَ لَهَا دَوْرٌ وَظِيفِيٌّ رُوحِيٌّ فِي اَلْقَدِيمِ يَتَجَلَّى فِي نَقْلِ اَلذَّبْذَبَاتِ اَلْكَوْنِيَّةِ مِنْ اَلْمُحِيطِ اَلْكَوْنِيِّ إِلَى اَلْأَرْضِ كَذَلِكَ اَلْأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِبَالِ اَلشَّاهِقَةِ حَيْثُ تَزْدَادُ مُعَدَّلَاتِ اِرْتِفَاعِ اَلطَّاقَةِ اَلْكَهْرومَغْناطيسِيَّةِ اَلَّتِي تَنْشَطُ اَلْجِينَاتُ اَلْبَشَرِيَّةُ اَلْمُصَابَةُ بِالْخُمُولِ اَلْأَمْرِ اَلَّذِي يُؤَدِّي إِلَى اَلتَّدَفُّقِ اَلْحَيَوِيِّ فِي اَلْجِسْمِ وَيُنَشِّطُ حَوَاسْ اَلْإِنْسَانِ لِإِدْرَاكٍ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ يَخْتَلِفُ جَذْرِيًّا مِنْ حَيْثُ اَلنَّوْعُ وَالْكَيْفِ.
أَمَّا عَنْ اَلطَّعَامِ، فَتَنَاوُلَ اَلْأَطْعِمَةِ اَلَّتِي تَحْتَوِي عَلَى اَلْبُرُوتِينَاتِ اَلْحَيَوَانِيَّةِ عَادَةَ مَا يَكُونُ لَدَيْهِ تَأْثِيرًا سَلْبِيًّا عَلَى اَلنَّاقِلَاتِ اَلْعَصَبِيَّةِ فِي اَلْمُخِّ ويَجْعَلُهَا فِي حَالَةِ نَشَاطٍ دَائِمٍ، اَلشَّيْءِ اَلَّذِي يُفْتَرَضُ أَنْ يُؤَثِّرَ عَلَى اِرْتِفَاعِ نِسْبَةِ اَلْكَهْرَبَاءِ اَلْحَيَوِيَّةِ فِي اَلدِّمَاغِ وَبِالتَّالِي يَبْقَى اَلْإِنْسَانُ فِي حَالَةِ يَقَظَةِ دَاخِلَ قُضْبَانِ سُجُونِ اَلْوَعْيِ اَلْمَادِّيِّ كَوْنَهُ نَشَاط فِسْيُولُوجِيٌّ يَنْحَصِرُ فِي شَقِّ اَلْأَيْسَرِ مِنْ اَلْمُخِّ. نَاهِيكَ عَنْ اَلْأَطْعِمَةِ اَلصِّنَاعِيَّةِ اَلْأُخْرَى اَلْمُعَدَّلَةِ جِينِيًّا وَالْمَزْرُوعَاتُ اَلَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى اَلْكِيمَاوِيَّاتِ وَ تَأْثِيرَاتِهَا اَلسَّلْبِيَّةِ عَلَى وَظَائِفِ اَلدِّمَاغِ.
تَبَقَّى اَلْحَالَةَ اَلنَّفْسِيَّةَ عُنْصُر جَوْهَرِيٍّ فِي اَلتَّفَاعُلِ مَعَ اَلْعَالَمِ اَلْغَيْبِيِّ، كُلَّمَا كَانَ اَلْإِنْسَانُ لَدَيْهِ خَيَالٌ يَفُوقُ كُلُّ اَلْحُدُودِ وَ مُتَفَائِلِ أَكْثَرَ وَ صَبُورٍ إِلَى أَبْعَدَ مَدًى مُتَحَلِّيًا بِالْإِيمَانِ وَ الْقِيَمِ اَلْإِنْسَانِيَّةِ اَلْفَاضِلَةِ كُلَّمَا كَانَ قَادِرًا عَلَى صِنَاعَةِ اَلْمُسْتَحِيلِ، بَلْ يُمْكِنُ اَلْقَوْلُ إِنَّ فِكْرَةَ اَلْمُسْتَحِيلِ مَوْجُودَةً قُفْطْ فِي أَذْهَانِ اَلْبُلَدَاءِ اَلْعَاجِزِينَ وَ الْمُتَقَاعِسِينَ مِنْ اَلْبَشَرِ.
اَلْعَقَائِدَ اَلدِّينِيَّةَ يُمْكِنُ تَصْنِيفُهَا إِلَى نَوْعَانِ:
اَلْعَقَائِد اَلْدِينِيَّةٍ اَلْمَيِّتَةٍ رُوحِيًّا Spiritually dead religious doctrines وَهِيَ أَدْيَانٌ تَمَّتْ سَرِقَتُهَا مِنْ مُعْتَقَدَاتٍ رُوحِيَّةٍ وَ وَثَنِيَّةٍ قَدِيمَةٍ وَتَمَّ دَمْجُهَا مَعَ اَلْعَدِيدِ مِنْ اَلْعَقَائِدِ اَلْمُحْدَثَةِ بِهَدَفِ طَمْسِ اَلْحَقِيقِيَّةِ اَلرُّوحِيَّةِ وَأَبْعَادِ اَلنَّاسِ عَنْ مُمَارَسَةِ اَلسِّحْرِ وَإكْتِشَافِ مَاهِيَّتِهِ بِإعْتِبَارِهِ أَرْقَى اَلْعُلُومِ وَسَيِّدِهَا، وَ هَذِهِ اَلْأَدْيَانُ تَتَجَلَّى بِكُلِّ وُضُوحٍ فِي اَلْمُعْتَقَدَاتِ اَلْإِبْرَاهِيمِيَّةِ اَلَّتِي ظَهَرَتْ فِي اَلْمَرَاحِلِ اَلتَّارِيخِيَّةِ اَلْمُتَأَخِّرَةِ مَعَ ظُهُورِ اَلْيَهُودِ
اَلْعَقَائِدُ اَلدِّينِيَّةُ اَلْحَيَّةُ رُوحِيًّا Spiritual living religious doctrines وَهِيَ اَلْمُعْتَقَدَاتُ اَلْوَثَنِيَّةُ اَلْقَدِيمَةُ كَالشمَانِيَّة اَلسَّيْبِيرِيَّةَ وَجَمَاعَةُ بَاتْشَا مَامَا فِي بُولِيفْيَا وَالْفُودو اَلتَّقْلِيدِيّ وَ الْعِبَادَاتِ اَلْمِصْرِيَّةِ وَالسُّومَرِيَّةِ اَلْقَدِيمَةِ وَالدِّيَانَةِ اَلصَّابِئِيَّة وَ الطَّوَائِفُ اَلْغَنُوصِيَّة إِضَافَةً إِلَى اَلْهِنْدُوسِيَّةِ وَالْبُوذِيَّةِ اَلتِّبِتِيَّةً وَ الطَّاوِيَةِ وَ الْمُعْتَقَدَاتِ اَلدِّينِيَّةِ عِنْدَ شُعُوبِ اَلْمَاوْرِيَّ فِي اَلْمُحِيطِ اَلْهَادِي إِلَخْ، هَذِهِ اَلْأَدْيَانِ اَلْحَيَّةِ رُوحِيًّا لَا زَالَتْ تَحْتَوِي عَلَى اَلْعَدِيدِ مِنْ اَلْحَقَائِقِ وَالْمُمَارَسَاتِ اَلرُّوحِيَّةِ اَلْحَقِيقِيَّةِ رَغْمَ تَعَرُّضِهَا إِلَى اَلطَّمْسِ وَالتَّعْتِيمِ حَيْثُ تَمَّتْ مُحَارَبَتُهَا تَارِيخِيًّا بِهَدَفَ اَلْقَضَاءِ عَلَيْهَا نِهَائِيًّا وَإِبَادَةُ مُعْتَنِقِيهَا إِلَّا أَنَّهَا لَا زَالَتْ مَوْجُودَةً وَتُشَكِّلُ مَدْخَلاً أَسَاسِيًّا لِمَعْرِفَةِ طَرِيقِ اَلْوُصُولِ إِلَى عَالَمِ اَلرُّوحِ اَلْخَفِيِّ.
أَمَّا عَنْ اَلْبِنْيَةُ اَلثَّقَافِيَّةُ وَإسْتِهْلَاكُ اَلْأَفْكَارِ وَالِإطِّلَاعِ اَلْمَوْسُوعِيِّ فَعَادَةٌ مَا يَكُونُ ذُو طَبِيعَةٍ مُزْدَوِجَةٌ مِنْ حَيْثُ اَلتَّأْثِيرِ عَلَى اَلْحَيَاةِ اَلرُّوحِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ، لِأَنَّ اَلْأَفْكَارَ اَلدِّينِيَّةَ اَلْمَيِّتَةَ وَتَأْثِيرَ اَلرَّأْسِمَالِيَّةِ اَلِاسْتِهْلَاكِيَّةِ وَالِاشْتِرَاكِيَّةِ اَلْمُلْحِدَةِ مِثْلٍ هَذِهِ اَلْأَفْكَارِ إِذَا اِنْغَمَسَ فِيهَا اَلْمَرىءُ وَتَرَسَّخَتْ فِي لاوعِيَه عَلَى شَكْلِ قَنَاعَاتِ رَاسِخَةٌ فَأَكِيد أَنَّهَا ستَكُونُ عَائِقًا حَقِيقِيًّا أَمَامَ تَجْرِبَتِهِ اَلرُّوحِيَّةِ، لَكِنَّ هَذِهِ اَلْأَفْكَارِ تُغْنِي عَنْ اَلْحَاجَةِ اَلْمَاسَّةِ لِلْفُضُولِ اَلْإِنْسَانِيِّ اَلَّذِي يَظَلُّ يَطْرَحُ اَلْأَسْئِلَةَ بِلَا تَوَقُّفٍ عَنْ طَبِيعَةِ اَلْإِنْسَانِ وَالْعَالَمِ، إنَّهَا مُقَدِّمَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لَكِنَّهَا تَظَلُّ غَيْرَ كَافِيَةٍ لِلْوُصُولِ إِلَى اَلْحَقِيقَةِ وَالْأَمْرِ فِي اَلْأَخِيرِ يَتَوَقَّفُ عَنْ اَلِإجْتِهَادِ اَلشَّخْصِيِّ وَمَدَى رَغْبَةِ اَلْإِنْسَانِ فِي مَعْرِفَةِ اَلْحَقِيقَةِ، أَنَّ اَلْمُثَقَّفَ اَلَّذِي يَتَوَقَّفُ فِي إطِّلَاعِهِ اَلْعِلْمِيِّ عِنْدَ عَالَمِ اَلْمَادِّيَّاتِ يَبْقَى مَحْدُودٌ اَلتَّفْكِيرِ وَ يَنْتَهِي بِهِ اَلْمَطَافُ فِي هَذَا اَلْعَالَمِ اَلْمُشَوَّهِ وَالْمُبَعْثَرِ اَلَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْلُحَ فِيهِ أَيُّ شَيْءٍ
يَتْبَعُ ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟