الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنسانية و الإنحرافات الجنسية عند فرويد

إلياس شتواني

2023 / 12 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مفهوم الإرتكاس عند فرويد

الليبيدو، أو الجوع الجنسي، يدور في فلك عاملين أساسين: الموضوع الجنسي و الهدف الجنسي. قد تحدث الإنحرافات أو ما يسميها فرويد بالإرتكاسات لدى أشخاص طبيعيين تماما، أي أشخاص ذوي كفاءة عقلية و جسمانية متوازنة جدا. الإرتكاس كان ظاهرة شائعة لدى الشعوب القديمة و البدائية، بل كان يشكل نظاما ذا دور هام لدى الشعوب القديمة في أوج ثقافتها.

الإنسان الطبيعي في نظر فرويد يحمل آثارا "ثنائية الجنس" تحولت خلال فترة طويلة من التطور إلى جنسية أحادية. يعطي فرويد مثال "الخنثوية" حيث يحمل الفرد أعضاءا تناسلية تجمع بين خصائص الذكورة و الأنوثة. لا يوجد أي فرد سواءا بتكوين ذكري أو أنثوي إلا وجدنا لديه آثار جهاز الجنس الآخر، سواءا ظلت دون دور معين بوصفها "أعضاءا آثرية" أو متخذة وظائف أخرى.

ما يبحث عنه المرتكس في نظر فرويد ليس الطابع الذكري أو الأنثوي الذي يتصف به الهدف الجنسي، بل الشبه البدني بالمرأة أو الرجل و ما يرافقه من صفات نفسية ثانوية، حيث يكون الهدف الجنسي إنعكاسا لطبيعة الفرد ثنائية الجنس.

الإنحرافات في الهدف الجنسي

يؤكد فرويد على أن هناك عوامل تربط بين الإنحرافات و الحياة الجنسية السوية. القبلة، على سبيل المثال، و هي تلاقي الغشاء المخاطي لشفاه فردين، تعد شيئا يحمل قيمة جنسية عالية، و ذلك بالرغم من أن الشفة لا تتعلق بالأعضاء التناسلية لا من قريب و لا من بعيد. الأعضاء التناسلية في نظر فرويد هي موضوع للإشمئزاز في نظر الجنس الآخر، لكن تتجلى قوة الغريزة الجنسية في تغلبها على هذا النفور و الإشمئزاز. الفتشية (الإرتباط الجنسي بأعضاء جسمية كالقدم أو اليد أو بأشياء تتعلق بالهدف الجنسي كالشعر و الفراء و الرائحة) هي من مظاهر الحب السليم، خصوصا في المرحلة الجنسية التي يكون خلالها الهدف الجنسي صعب المنال أو ممتنعا بالكلية.

السادية و المازوخية

الحياة الجنسية لدى أغلب الرجال تتميز بنوع من العدوان و الرغبة الجامحة في إخضاع الغير. هذه النزعة العنيفة تتجلى في الضرورة الملحة في التغلب على الموضوع الجنسي و ذلك بالقيام بأفعال مغايرة للمغازلة و المداعبة. تقوم السادية بتفريغ الغريزة الجنسية من العامل العدواني الذي تضخم و إستقل بعد تلبية دوافع الليبيدو. أما المازوخية فيمكن تفسيرها بإمتداد للسادية في إرتدادها على الشخص ذاته الذي يحل محل الموضوع الجنسي.

توجد علاقة قوية بين القسوة و الغريزة الجنسية. يمكن رد تاريخ العنف الجنسي إلى البقايا السيكولوجية التي ترتبط بالرغبة في إفتراس البشر، فهو بذلك يمثل جزءا من جهاز السيطرة و الخضوع المتعلق بنشأة النوع الإنساني و إرتقائه. فالفرد القادر على إلحاق الألم إبان علاقة جنسية، قادر أيضا على الإستمتاع بأي ألم يستمده هو من العلاقة الجنسية. فالسادي في أغلب الأوقات هو مازوخي أيضا.

الغريزة الجنسية الإنسانية تصارع بعض القوى النفسية الداخلية، من أبرزها الأخلاق، و الخجل، و الإشمئزاز. هذه القوى، كما يفترض فرويد، تدخل ضمن إطار ما يسميه ب"الخلق الهستيري" و الذي يكون دائما مقرونا بدرجة من الكبت الجنسي، حيث يساهم هذا الأخير في ترويض الغريزة الجنسية ضمن إطار "السوي" و يحدد بذلك سيرورة نمو الغريزة و توجهها.

يرى فرويد أن الحياة النفسية اللاشعورية لدى مرضى العصاب تدفع بهم نحو الإرتكاس و تركيز الليبيدو على أشخاص من نفس جنسهم. أكثر تمظهرات هذه الميول العصابية هي التي يقوم بها الفم و الشرج بدور الأعضاء التناسلية. مفهوم الغريزة الجنسية الإنسانية يقوم بشكل أساسي على الفصل بين الجسمي و النفسي، حيث يؤدي بنا هذا الطرح إلى إفتراض أن نزعة الإنسان للإنحراف الجنسي ليس خاصية نادرة بل جزء منها يعد طبيعة سوية.

لفهم أعمق راجع سيغموند فرويد، "ثلاث مقالات في نظرية الجنسية"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة