الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هزالة المراحل الانتقالية!

إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)

2023 / 12 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بين قوةٍ وأخرى .. خُطوةٍ وأخرى .. ثباتٍ وآخر .. تَكمُن الهزالة!

الهزالة التي هي أشد سمات المراحل الانتقالية، وأكثرها إرباكاً وسطوة.

في المراحل الانتقالية، تنشُر الهزالة سيطرتها على عضلات الذهن، وبين مفاصل العاطفة، إنَّها دلالة الإنهاك الأولى والأضخم، على ما مَر به الإنسان خلال الفترة السابقة من حياته، ويعزز حضورها، القلق بشأن المستقبل، والترتيب له، واستنفار مسؤولية الفرد الداخلية لمواجهته.

إنَّ الهزالة قوة .. هذه حقيقة .. ولكنَّها قوة قابلة للذوبان، في ماء المعرفة العَذب، التي يرتوي منها الإنسان، حين يتفحَّص حقائق الأمور، ويَعي طبيعتها، ويعرف أكثر عن تجارب الآخرين بها، الذين اجتازوها وتجاوزوها بصحة وعافية، بعد خوارٍ شديد، هؤلاء الذين بمقدوره أن يتخذ من خطاهم الناجحة، أملا إرشاديّاً له، وهذه المعرفة العملية، هي الدعم الفعلي لثقة الإنسان بنفسه، وببديهية هذه المرحلة، وبحضورها وقتيّ الوجود، إنَّها المعرفة التي تجعل لاستمرار هزالة المرحلة الانتقالية هذه وتلك، حدَّاً لا تتخطاه، حين تقف لها بالمرصاد، وتجبرها على الرحيل، بكل تأثيراتها المؤلمة المُربكة، على النفس.

إنَّ قوة هذه الهزالة هزيلة حقاً، إذا تم إدراك حجمها الحقيقيّ، بوضعها تحت مجهر الحقيقة، المجردة من المشاعر المتأثرة بالضغوطات والصعوبات، التي يمر بها الفرد، أو قابل أن يمر بها بعد حين، بل من الممكن تحويل هزالة هذه الفترة، إلى شدة وبأس حقيقيين، في ظل اعتبارها مرحلة استشفاء وطَور تطور بين مرحلتين أساسيتين، ومن ثم سيُلاحَظ بلورة تجسيدها في واقع الدواخل الشخصية، وتأثيرها على الحياة الخارجية، في المرحلة القادمة بعد المرحلة الانتقالية تلك، وهذا عند ضبطها عاطفياً، وترويض أفكارها السلبية، وتقييدها في حدود ما يسمح به منطق الحق، الذي يعلم جيداً بمحدودية هذه الحالة، وحقيقة أنَّها عابرة لا ساكنة، خاصةً في الإنسان الواعي، الذي لا يسمح لها أن تستمر معه في الفترات المُقبلة، ولا يصحبها معه في خطواته التالية.

ولتحقيق ذلك أيضاً، على الإنسان العابر بهده المرحلة الخادعة، أن يعزل معرفته بها وتصديقه في معانيها وأهدافها الحقيقية، عن كل مشاعر إنسانية سلبية، نتاج الإرهاق الداخلي والتضييق الخارجي على نفسه وروحه وجسده، وألا يتجاوب مع كل فكرة وعَطفة، تجذب اتزانه إلى يمين أو إلى يسار، بل عليه أن يستمر بنضجه المرتفع فوق الأحداث والخبرات السيئة، ويعمل بكل جدّ وشجاعة مقاتل، ضد ضعفات نفسه، وتحديات ظروفه، لتحويل هزالة المراحل الانتقالية، إلى هزائم لهذه الهزالة، لهذا عليه أن يُلقِّن نفسه هذه الحقائق دائماً، مهما كانت شدة مظاهرها في حياته، ومواجهة تلك الهزالة، بكونها مجرد عابرة عليه لا شريكة معه، وأن يستمر كالسهم في الحياة، التي باستخدامها لأذرع الظروف في صقله، واستجابته الايجابية لها وتحكمه في ذاته، يُمكنه من أن يتطور للأفضل، وأن يكون نسخة أرقى وأنضج باستمرار من نفسه، في كل خطوة ومرحلة جديدة.

وليعلم بذلك، أنَّ كل هزالة انتقالية، يليها قدرة ثابتة، ربما مع الوقت متغيرة متنوعة، لكنَّها في ظل الوعي الصادق، والبحث الأمين عن الذات والغاية والمثابرة، تكون بالتأكيد للأفضل متطورة.

لذا

فإن اتسمتَ في إحدى الأحيان بالهزالة .. فلا تخف

اِعلَم .. تيقَّن .. وطبِّق هذه الحقائق على واقعك

وستتسرَّب إلى أعماقك القوة من جديد، وتترسَّب بداخلك الحقائق الآمنة، وسَتكسو عظام نفسك، لحم الصحة النفسية، الذي بعافيته سيساعدك، على مواجهة كل تحدٍ جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة