الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضايا مصيرية في مواجهة الرئيس البارزاني: القضية الأولى: للكرد والعراق أم للترك وأمريكا

خالد يونس خالد

2006 / 11 / 21
القضية الكردية


أمريكا تطالب السيد البارزاني مساندة القوات التركية لضرب قواعد أكراد الشمال في أقليم كردستان
في زيارة مفاجئة لوزيرة الخارجية الأميركية رايس إلى بغداد قبل الانتخابات البرلمانية الأميركية الأخيرة، لم تفلح في تحقيق ماكانت تصبو إليها من القادة الشيعة رغم أنهم جاملوها ولكنهم لم يتخلوا عن أساسياتهم في المحك العملي، ولهذا واصلت رحلتها إلى أقليم كردستان لتحقيق ماكانت تصبو إليها من الرئيس البارزاني.
وصلت رايس إلى مطار أربيل الدولي، وكان السيد نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء أقليم كردستان في استقبالها، ثم سافرا إلى مقر عمل الرئيس مسعود البارزاني. طرحت رايس نقطتين أساسيتين مع الرئيس البارزاني، تدخلان في صلب القضايا المصيرية للشعب الكردستاني، والنقطتان متداخلتان ومتماسكتان، إلى درجة أن التخلى عن الواحدة يعني التخلي عن الأخرى.
النقطة الأولى: تدخل القوات التركية المعادية لحقوق الشعب الكردي أقليم كردستان العراق لضرب قواعد أكراد "شمال كردستان" المعروف ب "كردستان تركيا".
أما النقطة الثانية فهي أشد وأقسى، وأعنف وأعدى إلى درجة لايمكن السكوت عنها، وهي مطالبة وزيرة الخارجية الأميركية رايس من السيد رئيس أقليم كردستان دعم القوات التركية ومساندتها لضرب المسلحين الكرد من "كردستان تركيا"، والدعم يعني مشاركة البيشمه ركه الكرد من أقليم كردستان العراق لقتال إخوانهم الكرد الذين هربوا من النظام التركي ليحموا أنفسهم خارج المدن، ويعيشوا بين الجبال والصخور كما عاش السيد البارزاني نفسه يوما بين هذه الجبال في قيادته للبيشمه ركه، وهم كما هؤلاء يناضلون من أجل حقوقهم العادلة. فهل نسي السيد البارزاني اليوم ماعاناه بين الصخور وهو يعيش اليوم رئيسا لأقليم كردستان؟

مبدئيا لست من دعاة بقاء هؤلاء المسلحين الكرد من كردستان تركيا في أقليم كردستان العراق، لأنني أفضل وجودهم في بلدهم ليناضلوا بالشكل الذي يرونه مناسبا في حدود الشرعية الدولية التي تعطي الحق للحركات التحررية في النضال من أجل حقوقها المشروعة دون المساس بالمدنيين الأبرياء. ولكن وجود أكراد الشمال بين صخور جبال كردستان العراق لا يعني أننا نسمح للقوات التركية بإبادتهم، لأنهم إخوة لنا هربوا من الاضطهاد والاستغلال. يمكن للكرد والعراقيين أن يتفاهموا معهم بالحوار لإقناعهم في أن يجدوا لهم طريقا إلى وطنهم في كردستان "تركيا" للنضال من أجل حقوقهم. ولكن على أي حال، إنهم لايؤذوننا ولا يحاربوننا، وعليهم أن يحترموا سيادة العراق كما علينا أن نحترم هذه السيادة. فالحقائق تعيدنا إلى المآسي التي عاشها الكرد، وهم يتذكرون كيف أن أكراد كردستان العراق وجدوا أنفسهم في نفس المأزق عام 1991 بعد أن قصفت طائرات البعث الدكتاتوري مدن وقرى كردستان العراق لضرب الانتفاضة الكردستانية الباسلة، فجاء كرد كردستان الكبرى لنجدتهم. نعم لاينسى الكرد كيف أن أكراد كردستان الشمالية هرعوا لمساعدة إخوانهم أكراد كردستان العراق. وأعتقد أن السيد البارزاني يتذكر ذلك جيدا، وأنه لاينسى الجميل، ولهذا ينبغي أن يعاملهم بالجميل.

المسؤولية الكردستانية
صرح السيد مسعود البارزاني رئيس أقليم كردستان أكثر من مرة أنه يقاتل القوات التركية إذا ما دخلت أراضي أقليم كردستان، وها أنه أمام الأمر الواقع في أن ينفذ ماصرح به.
الحقوق لاتتجزأ، ولايمكن أن يدعي أحد أنه حر، ويناضل من أجل الحرية إذا ضرب الآخرين من الذين يناضلون من أجل الحرية كُردا كانوا أو عربا أو تركمانا أو كلدوآشورا أو مندائيا أو أيزيديا أو مسلما أو مسيحيا أو أو ..، لأن الحرية في النهاية لا تتجزأ ، فإما أن يكون المرء حرا أو أن لا يكون، ولا وسط بينهما، ومَن لم يفهم هذا الأمر من التاريخ فلا علاج له.

وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية رايس تريد من رئيس أقليم كردستان أن يتجاوز حدود الموافقة بدخول القوات التركية أقليم كردستان إلى المساهمة في القتال إلى جانب الجيش التركي لضرب الأكراد من كردستان الشمالية. رايس تريد من البارزاني أن يكون أداة بيد الولايات المتحدة وتركيا لإجهاض الحركة التحررية الكردستانية في الجانب الآخر من الحدود. أكراد كردستان العراق في غنى أن يدخلوا حربا كردية كردية ليست لصالح الكرد والعراق أبدا، وهم في غنى عن مثل هذه المشاكل التي تجعلهم ضحية مصالح الأجنبي وأضحوكة للآخرين. كما أنها تخلق مشكلة جديدة للعراق الجريح الذي نعمل جميعا من أجل دمقرطته ووحدته وتحقيق السلام فيه.
أتمنى بل وأرجو أن يكون السيد البارزاني في مستوى ثقة الشعب الكردي في انتخابه رئيسا، وهو يرفض شروط رايس وأمريكا ليبرهن أن الشعب الكردي واحد، وأن دفاع البارزاني والكرد عن سيادة العراق، هو دفاع عن الكرامة الوطنية لكل العراقيين، وأن الرئيس البارزاني لايتوانى في الدفاع عن أرض العراق وكرامة العراق، ليس مجرد الوفاء للشعب الكردي في كل مكان، بل الوفاء للعراق وشعب العراق.

هنا يقف السيد البارزاني أمام قضية كردستانية في كردستان العراق. هنا ينبغي للبارزاني أن يبين جدارته رئيسا لأقليم كردستان، وابنا بارا للعراق في خيار الإتحاد للدفاع عن الكرد وعن العراق. هنا يبرهن البارزاني أنه للكرد والعراق وليس للترك وأمريكا. فالشعب الكردي يريده للكرد وللعراق. هنا الأفعال وليست التصريحات. هنا الأعمال وليس الكلام. هنا السيد البارزاني أمام قضية مصيرية، نحبه ونقدره حيث يكون للكرد وللعراق.

أكراد الشمال ساندوا إخوانهم الكرد في الجنوب وقت الأزمات، وتريد رايس الأميركية أن يصبح السيد البارزاني جندرمة تركي ليضرب الكرد الذين يحمون أنفسهم بين صخور جبال كردستان. وهنا يتحتم علينا الواجب الإنساني، بغض النظر أن يكون الإنسان كرديا عراقيا او عربيا عراقيا أن يطلب من الرئيس البارزاني أن يتحمل مسؤوليته التاريخية، ويحترم تراث البارزاني الأب الذي كان يرفض دائما الدخول في قتال مع الكرد عبر الحدود، حتى لايدخل في حرب اقتتال الأخوة. فموافقة السيد البارزاني مطاليب أمريكا تعني خلق فتنة بين الكرد أنفسهم لصالح تركيا ولاجهاض الحركة التحررية الكردية لتحقيق ما تصبو إليها تركيا بأرخص الأثمان، ولجر قيادة البارزاني إلى خدمة المصالح الأجنبية ضد الكرد والعراق.

الرئيس البارزاني يفهم أن التاريخ يضعه أمام مسؤوليته الجسيمة، من أنه عندما وافق أن يتبوأ رئاسة أقليم كردستان، أقسم اليمين الدستورية ألاّ يخون الشعب الكردي أينما كان، وألا يحمل السلاح ضد شعبه. نعم أقسم أن يدافع عن مصالح الكرد وأموالهم وكرامتهم، وأن لايتعاون مع أعداء الكرد، وأن يكون مخلصا للعراق وشعب العراق ووحدة العراق، وأن يكون وفيا لكردستان وشعب كردستان.
السيد البارزاني أول رئيس لأقليم كردستان العراق، وافق أيضا ان يحمي حدود العراق الواقعة على الحدود التركية والسورية بعد تحويل البيشمه ركة إلى حرس الحدود. لقد صوتَ ممثلو الشعب في البرلمان للسيد بارزاني رئيسا، ليكون مسؤولا أمام الشعب، وإبنا بارا يحترمه الشعب. المسؤولية تتحتم على السيد البارزاني أن لايخضع لإرادة رايس وأمريكا، فقد اختاره الشعب ليحمي الشعب لا لينفذ استراتيجة أمريكا وتركيا في المنطقة.

أقترح على السيد رئيس أقليم كردستان أن يضع هذا الموضوع أمام البرلمان الكردستاني أولا والبرلمان العراقي ثانيا، لإتخاذ قرار بهذا الشأن. فالرئيس مسؤول أمام ضميره قبل كل شيء في أن يبين وجهة نظره، من أنه لايخون الكرد، ولا يخون العراق. وإذا كان لابد للبارزاني أن يدخل حربا ضد إخوته الكرد في الشمال ليقنع أمريكا ووزيرة خارجيتها، فإنه من الأجدى أن يلجأ إلى البرلمان الكردستاني ليقدم استقالته من رئاسة اقليم كردستان، حتى يثبت حبه للشعب، ودفاعه عنه، فيحظى باحترام الشعب ومحبته، والشعب ينتخبه من جديد رئيسا، لأنه يثبت مصداقيته، ويؤكد أنه أهل للرئاسة.
ولنتذكر جميعا قول الملكة بلقيس، ملكة سبأ حين شعرت بالخطر يهدد مملكتها، فقررت مقاومة الغزاة لحماية الشعب والمملكة ورددت كلمتها المشهورة:
بئس ما تاج فوق رأس خانع ذليل
ونعم ما قيد في ساعد حر أبي

وتقبل احترامنا والسلام
[email protected]
• الكاتب مستقل/مدير مركز الدراسات ورئيس تحرير مجلة دراسات كردستانية بأربع لغات-السويد.
• فإلى القضية الثانية: خيار الأتحاد مع العراق أو الاستقلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع


.. الأمم المتحدة ترحب بالهدنة التكتيكية جنوبي غزة| #غرفة_الأخبا




.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم


.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من




.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز