الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق الإسلامية (9): المعتزلة

إلياس شتواني

2023 / 12 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الْمُعْتَزِلَةُ هي فرقة اسلامية كلامية ظهرت في أواخر العصر الأموي في مدينة البصرة وازدهرت بشكل كبير في العصر العباسي. غلب على المعتزلة المنهج العقلي، فاعتمدوا على العقل كمقاربة عقائدية وقدموه على النقل، ورفضوا الأحاديث، وقالوا بضرورة معرفة الله بالعقل، وأنه إذا تعارض النص مع العقل قدموا العقل لأنه الأصل، ولا يتقدم الفرع على الأصل، جاعلين العقل بذلك موجبا ومشرعا. من أشهر المعتزلة في التاريخ الاسلامي واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وإبراهيم النظام، وهشام بن عمرو الفوطي، والزمخشري صاحب تفسير الكشاف، والجاحظ، والخليفة المأمون، والقاضي عبد الجبار، وأبي حسين الخياط، وأبي جعفر الاسكافي.

إنقسمت المعتزلة في تاريخها إلى قسمين: معتزلة البصرة ومعتزلة بغداد. نفت معتزلة بغداد الإرادة عن الله وقالت أن الله لا يسمع ولايرى، ولكن يسمع ويرى بمعنى أنه يعلم المرئي والمسموع. أما معتزلة البصرة فقد ثبتت إرادة الله لا في محل، بمعنى أن الله يريد مراده بإرادة حادثة.

ترجع تسمية المعتزلة بهذا الإسم إلى عدة أسباب من أهمها:
1. جماعة المسلمين الذين لزموا الحياد في حربي الجمل وصفين وإعتزلوا بذلك أصحاب علي ومعاوية.
2. جماعة المسلمين الذين إعتزلوا الناس وإنصرفوا إلى العزلة، والزهد، والتعبد.
3. جماعة المسلمين الذين إعتزلوا مجلس الحسن البصري في أواخر العهد الأموي بعد إختلافهم على مصير مرتكب الكبيرة. هؤلاء هم أصحاب واصل بن عطاء.

يسمى المعتزلة بأصحاب العدل والتوحيد. ويلقبون أيضا بالقدرية والعدلية والمعطلة، وذلك لنفيهم صفات الله القديمة فقالو: هو عالم بذاته، قادر بذاته، حي بذاته، لا بعلم وقدرة وحياة. فصلت المعتزلة الصفات القديمة عن الله لأنها رأت أنه لو شاركت الصفات ذات الله في القدم لشاركته في الألوهية.

تعتبر المعتزلة أن كلام الله محدث، وغير أزلي، ومخلوق في محل. كلام الله حرف وصوت كتب أمثاله في المصاحف. تنفي المعتزلة رؤية الله بالأبصار يوم القيامة، ونفوا التشبيه والتجسيم عنه من كل وجه: جهة، ومكانا، وصورة، وجسما، وانتقالا، وزوالا، وتغيرا، وتأثرا. وأولوا تأويل الآيات المتشابه فيها، وسموا هذا النسق: توحيدا.

تعتقد المعتزلة أن العبد قادر وخالق لأفعاله خيرها وشرها، ومستحق للثواب والعقاب في الحياة الآخرة. الله منزه من أن يضاف إليه شر وظلم، أو كفر ومعصية، لأنه لو خلق الظلم لكان ظالما، كما لو خلق العدل لكان عادلا. فالله منزه لا يفعل إلا الصلاح والخير.

وحدانية الله أصل من أصول الدين، بل هو أول وأهم أصل يقوم عليه الإسلام. وهم في هذا السياق يعطون صورة منزهة مطلقة لله، ويقرون بوحدانية مجردة من كل صور التجسيم والتشبيه. تثبت المعتزلة الأسماء وسبعا من الصفات (العلم – القدرة – الإرادة – الحياة – السمع – البصر – الكلام).

العدل

تقاس أحكام الله على ما يقتضيه العقل والحكمة، وبناء على ذلك نفوا أموراً وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالقاً أو مسؤولا عن أفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم خيراً كان أو شراً.

المنزلة بين المنزلتين

هذا الأصل يعنى بحكم الفاسق في الدنيا. تعتقد المعتزلة أن الفاسق في الدنيا لا يسمى مؤمناً بأي حال من الأحوال، ولا يسمى كافراً أيضا، بل هو في منزلة بين هاتين المنزلتين، فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مصرا على فسقه كان من المخلدين في عذاب النار.

الوعد والوعيد

المقصود به إنفاذ الوعيد في الآخرة على مرتكبي الكبائر وأن الله لا يقبل فيهم شفاعة، ولا يخرج أحداً منهم من النار، فهم كفار خارجون عن الملة خالدون في النار، لكن يكون العقاب أخف من عقاب الكفار.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

هذا الأصل يوضح موقف المعتزلة من أصحاب الكبائر سواء كانوا حكاما أم رعية. فهم يرون قتال أئمة الجور لمجرد فسقهم، ووجوب الخروج عليهم عند المقدرة.

هناك عقائد أخرى ميزت فكر المعتزلة. من أهمها نذكر:

نفي قِدم صفاة الله

تنفي المعتزلة الصفات القديمة لله، لأنهم يرون أن إثبات الصفات القديمة لله هو إثبات لوجود شركاء وقدماء مع الله، وهذا ينقض التوحيد ويؤدي إلى الإشراك والكفر. أما عن علاقة الصفات بالذات، فالمعتزلة لا يرون انقساما حقيقياً للصفات عن الذات، فهي ليست شيئاً آخر سوى تعبيرا عن الذات الإلهية.

الكلام الإلهي ومشكلة خلق القرآن

القرآن مخلوق وكلام الله مجدث. أخضع المعتزلة النصوص الدينية إلى القراءة العقلية. إعتبر المعتزلة أن القرآن يحوي نصوصا مختلفة ومتناقضة أحيانا، ففيها من الأوامر، والنواهي، والوعد، والوعيد، والتشريعات، والإخبار، كما يجمع بين الجوانب الروحانية، والدنيوية، والأخروية في نفس الوقت. إذا كان ليس من المعقول نسبة التناقض في القول إلى الله، يصبح من اللازم إذا اللجوء إلى العقل لتفسير ما ورد في القرآن، الشيء الذي يضطرنا إلى نزع المطلق والمقدس عن نصوصه، لأن "كلام الله محدث ومخلوق في محل، كما هو حرف وصوت كتب أمثاله في المصاحف حكايات عنه". بالإضافة إلى ذلك، تنفي المعتزلة صفة الإعجاز عنه، وهو ما قوبل بوصفه مسا بمقدسات أجمع عليها المسلمون. في هذا الجانب، كما في خلق القرآن، كان المعتزلة حريصون على منهجهم العقلاني في النظر إلى النص الديني، وذلك برفض كل ما لا يقبله العقل مهما بلغ النقل أقصى درجات الصحة والإتفاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا


.. 251-Al-Baqarah




.. 252-Al-Baqarah


.. 253-Al-Baqarah




.. 254-Al-Baqarah