الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوقفوا الحرب القادمة، منذ الآن...الكتاب ملجأ في الملاجئ أثناء الغارات الحربية. الحكاية ضمير البشرية

جاكلين سلام
كاتبة صحفية، شاعرة، مترجمة سورية-كندية

(Jacqueline Salam)

2023 / 12 / 20
الادب والفن


الحكاية هي ما يميز بين البشر وبين الحيوانات الأخرى التي تتقاسم هذه المجرة.
*
الأفراد والمجتمعات بحاجة إلى الحكاية التي هي خبر إعلامي، صورة، فكرة، بوست على سوسيال ميديا، مقال في صحيفة، فكرة في مقطع فيديو.... الحكاية المقروءة، المكتوبة، المسموعة، هي ميزة إنسانية وطريقة الأفراد في قول : لا للحرب. لا للعدوان. لا للقتل. لا للعنف بكل الصور وفي كل مكان.
*
يختلف البشر في قص تفاصيل الحكاية. يختلفون في تأويلها ويتعاركون من أجل إثبات حقهم الحصري في سردها بهذه الصيغة دون تلك. أحيانا يقتتل الكتّاب فيما بينهم شرقاً وغربا مع من يختلف معهم في الرأي. من حقك أن تختلف في تفسير كل معركة ومرحلة. الاختلاف دليل التفكير، أما اعتقادك بأنك الحق المطلق والوحيد فتلك عدوانية قاتلة. ضيق أفق قد يقتلك قبل غيرك لأنك ستعجز عن أن تجد في الكون نسخاً بشرية مطابقة لك تماما وعلى الدوام.
*
ولكن، ماذا يفعل الإنسان العادي حين تقع الحرب ولا يموت بقذيفة مباشرة؟!
يحاول النجاة والبقاء من أجل نفسه وأحبته كي يحكي معهم ولهم. يحاول أن يستوعب الصدمة والرعب الذي لا يفارقه بل يصبح ( تروما) وتراكم خوف سيكولوجي وتبقى آثاره عالقة في طيات النفس الباطنية وتسيقظ كلما وقعت حرب أو قذيفة أو صاروخ على بلد مجاور أو بعيد.
*
ماذا يفعل الفرد حين تمتد الحرب شهوراً وهو وهي عاجزة عن فعل شيء سوى التمسك بالحياة الفردية والمحافظة على الرابط الأسري بين الأمهات والآباء والأولاد والجيران أيضا، كي يكون الخوف والموت أقل وطأة.
يهرب إلى الكتاب...يقرأ .
الفرد يقرأ في زمن الحرب كما في زمن السلم واللاحرب. الفرد الأميّ والذي لا يقرأ يخترع حكايات يحكيها لأولاده وجيرانه إذا كان محاصرا في ( ملجأ ) بانتظار انقشاع الغارة الجوية أو الهدنة. هذا ما أخبرنا به الأصدقاء والأهل في الحرب اللبنانية الطويلة الأهلية والعدوانية الخارجية، وكذا في الحرب على العراق، ثم سوريا...و فلسطين...والخ

*
الإنسان في الحرب يكتب في رأسه وروحه وذاكرته.
يقرأ ويكتب كي لا يبكي... كي لا يصرخ...كي يصم أذنيه عن صوت القذائف والطيران الحربي في الخارج. وقد يكتب إذا وجد قلما وورقة. وقد يكتب في رأسه ألف مسرحية سوداء ينقلها إلى الورق إذا بقي حيا ونجا من الحرب. وقد يصمت وقد يقتله الصمت بسبب العجز عن فعل شيء سوى البقاء على قيد الحياة.
*
حياة الفرد قيمة عليا، ولا يقبل الكثيرون أن يكونوا مشروعا انتحاريا في حروب الآخرين. الأفراد هم الرعية و الشعب في وطن ما، وهم القيمة العليا لذلك تكون التضحية بهم أو قتلهم عملا عدوانيا مدانا في كل الشرائع والأعراف الدولية المكتوبة والمنصوص عليها في بنود متفق عليها دوليا.
*
الفرد، ابن الجماعة ولا أحد وجد في هذا الكون من صلب صخرة. هذا إذا تجاوزنا نظرية ( بيغ بانغ) وفرضية نشوء الكون. كل فرد، وطن صغير بحد ذاته. كل طفل، كل أم، كل رجل كل بيت وطن ولا بديل له.
*
الحروب بكل مبرراتها عدوان مرفوض إذ يقتل أجنحة السلام في العالم وفي الشرق بشكل خاص امام هذا الجبروت العدواني المستمر على قطاع غزة وشعبها الذي وجد نفسه رهيب معركة هو ضحيتها المجانية. حرب غير متكافئة أيقظت الخوف العالمي من تغول قوة السلاح ومجانية القتل المستمرة المرفوضة والمدانة بكل المعايير.
*
لا بد أن في جعبة قادة مخازن الأسلحة الدولية، حرب أخرى قادمة، ترى أين ستكون وكيف؟!
حبذا لو أنها حرب خيالية، في الكواكب الأخرى التي لا نعرفها.
وهناك من قال" أقفوا الحرب القادمة، الآن"
ولكن...كيف؟!

*
الكتاب ملجأ في الملاجئ والهدنات بين معركتين. الحكاية ضمير البشرية. أما الذين لا يقرأون لأنهم أميون فهؤلاء أيضا يشاركون في سرد الحكايا - يتحولون الى حكواتي- لأنهم شهود على المرحلة ويحملون الذكريات من جيل إلى آخر.
وكما الحكاية ثيمة البشرية، كذلك الذاكرة.


ديسمبر 2023
جاكلين سلام، كندا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل