الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ( مُقيت / الشيطان لا ييأس )

أحمد صبحى منصور

2023 / 12 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السؤال الأول :
قال سبحانه وتعالى : ( مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (85) النساء ) . حضرتك تكلمت فى هذا من قبل عن الشفاعة فى الدنيا بمعنى التوسط فى قضاء المصالح ، أو ( الواسطة ) وقد تكون فى الخير شفاعة حسنة وقد تكون فى الظلم شفاعة سيئة . ولكن حضرتك لم تشرح معنى ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ).
إجابة السؤال الأول :
قال جل وعلا : (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ) :
1 ـ ( كان ) معناها القرآنى مختلف تماما عن ما قاله علماء النحو فى العصر العباسى ، ولنا مقال منشور عن تنوع معانيها القرآنية . ومنها أنها تفيد الثبوت والاستمرار إذا جاءت وصفا لرب العزة جل وعلا ، مثل ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (45) الكهف )، ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً )، وفى الآية التالية : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (86) النساء ) .
2 ـ ( اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ). مقيتا يعنى يسجل كل شىء بميقاته ووقته ، وسيحاسب على كل شىء كما جاء فى الآية التالية (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (86) النساء ) . والآيات القرآنية كثيرة فى تسجيل الأعمال أولا بأول ، وعن علمه جل وعلا بنا وأنه جل وعلا على كل شىء شهيد ، وأنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك .
السؤال الثانى :
‎ ما رأيك فى قول ابى بكر أن الشيطان قد يئس أن تعبدوه ؟ هل ممكن أن ييأس الشيطان أو هو كما حضرتك قلت إن الشيطان لا يقدم إستقالته ؟
1 ـ ليس هذا منسوبا لأبى بكر ، بل هو حديث إفتراه مسلم فى ( صحيحه ) يزعم فيه ويفترى أن النبى قال : ( إن الشَّيطان قد يَئِسَ أن يَعْبُدَه المُصَلُّون في جَزيرة العَرب، ولكن في التَّحْرِيشِ بينهم ).
2 ـ هذا الحديث كاذب لأن :
2 / 1 : الشيطان لا يياس أبدا من إضلال بنى آدم وجعلهم يعبدون مع الله جل وعلا آلهة أخرى ، أى يجعلهم يعبدونه هو لأنه هو المؤسس لتقديس البشر والحجر . يظل يحتال ويخادع الانسان من كل وجه وبكل طريق وسيظل يمارس مهمته الى يوم البعث ، وهذا ما قاله إبليس للرحمن جل وعلا : (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) الأعراف ). وفى يوم القيامة سيقول الرحمن لبنى آدم : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) يس ) .
2 / 2 : إن الشيطان هو الصانع الحقيقى للأوثان . لم ينشئها بنفسه ، ولكنه هو الذى يوحى لأتباعه ببنائها ، وهو الذى يقنعهم أن مواد البناء فيها مقدسة ، وأن الميت المدفون فى القبر ( المقدس ) يسمع ويرى ويستجيب لمن يتوسّل به . وكان بعض المؤمنين يقدسون الأنصاب أو ( القبور ) متمتعين بالحرية الدينية للدولة الاسلامية ، قال لهم رب العزة جل وعلا فى أوائل ما نزل فى المدينة ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج ) ورفضوا وظلوا عليها عاكفين ، الى أن كان من أوخر ما نزل فى المدينة قوله جل وعلا لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة ). أمرهم أن ينتهوا فلم ينتهوا ، وفى النهاية فما على الرسول إلا البلاغ . أى إنّ تقديس القبور هى عبادة صريحة للشيطان . وكانت موجودة فى دولة النبى محمد الاسلامية القائمة على السلام أو الاسلام السلوكى ، ومرجعية الاسلام القلبى ونقيضه للرحمن جل وعلا يحكم فيه بين الناس يوم القيامة .
2 / 3 : الشيطان هو المخترع الحقيقى للأحاديث ، أو الوحى الشيطانى . قال جل وعلا :
2 / 3 / 1 : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) الأنعام ).
2 / 3 / 2 : ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) الانعام ).
والافتراء بالأحاديث بدا به المنافقون فى حياة النبى محمد عليه السلام . كان بعضهم يدخل عليه يقدم له فروض الطاعة والولاء ، ثم إذا خرج من عنده أخذ يتقول عليه ويكذب مفتريا . وقد فضحهم رب العزة جل وعلا فقال : ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) النساء ).
3 ـ أفظع إضلال للشيطان إنه يقنع الانسان أن يرتكب أكبر الكبائر على أنها عبادة . وهذا ما جاء فى وعظه جل وعلا لنا : ( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) الأعراف ). ومنها أنهم ينسبون خطاياهم لمشية رب العزة جل وعلا . فعل هذا السابقون وفعلها اللاحقون وقت نزول القرآن الكريم ، قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (35) النحل )
3 / 2 : ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148) الأنعام ).
4 ـ المحمديون على طريق الشيطان سائرون وبدينه وأحاديثه مستمسكون ، وقد إتّخذوا القرآن الكريم مهجورا بوسائل شتى منها التفسير والنسخ والتغنى به ، أى هو موجود معهم ، ومهجور فى نفس الوقت . ينطبق عليهم ما سيقوله الرسول يوم القيامة : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) الفرقان ) إقرأ الآية الكريمة التالية : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31) الفرقان )، وقارنها بقوله جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) الأنعام )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب