الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاوست ومبفيستوفليس الشرق الاوسط

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2023 / 12 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في الأساطير والقصص الخيالية، توجد بعض الروايات التي تصور حاكمًا دنيويًا يقدم نفسه للشيطان لكي يستمر في الحكم والسلطة. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع قد يكون مثيرًا من الناحية الدرامية أو الأدبية، إلا أنه يمت للواقع بصلة في الشرق الاوسط. لكن في الحقيقة، الشيطان لا يمتلك سلطة حقيقية لمنح السلطة الدنيوية للأشخاص.وعلينا أن نفهم أن السلطة الدنيوية والحكم متعلقة بالعوامل السياسية والاجتماعية والقانونية، وتعتمد على نظم الحكم والدستور وإرادة الشعب. اذ لا يمكن بيع النفوس للشيطان أو أي كيان آخر للحصول على السلطة السياسية. ومن الجدير بالذكر أن القوى الشيطانية عادة ما تُصوّر في الأدب والأساطير بأنها مغريات تستخدم لإغواء الأشخاص وإيقاعهم في الشر والفساد. وفي العديد من الروايات، ينتهي الأمر بالشخص الذي يتعاون مع الشيطان بشكل مأساوي. بشكل عام، ينبغي أن نرى الأساطير والقصص الخيالية كأعمال فنية وأدبية تهدف إلى التعبير عن أفكار ورموز وقيم معينة، وليس كواقع ملموس ينطبق على العالم الحقيقي والسياسة الواقعية ,كثيرا ما نسمع عن شخصية فاوست في الادب الألماني وعن ماهية علاقتها بالشيطان. شخصية فاوست هي شخصية أدبية مشهورة في الأدب الألماني، وتعود أصولها إلى قصص شعبية وأساطير متعددة. تم تجسيدها بشكل مشهور في مسرحيتين كتبهما الكاتب الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته و"فاوست المسرحيتين، يصور شخصية فاوست كعالم وفيلسوف يشعر بالإحباط والملل من حياته العادية. يقوم فاوست بمحاولات يائسة لاكتشاف المعنى الحقيقي للحياة والمعرفة الشاملة. يتعاقد مع الشيطان، الذي يُعرف باسم ميفيستوفيليس، لتحقيق طموحاته ورغباته المادية والروحية. تتراوح تفسيرات علاقة فاوست بالشيطان في مسرحية فوست بين الفهم الشخصي والرمزي. يمكن اعتبار الشيطان، ميفيستوفيليس، رمزًا للقوى الشريرة أو الانغماس في الرغبات المادية والشهوات البشرية. يمثل التعاقد بين فاوست والشيطان فكرة البحث عن السعادة والتحقق الذاتي من خلال السلطة

قد يفسر دور الشيطان في فاوست بمعنى أنه يمثل استعداد الإنسان للتضحية بالروح والمبادئ الأخلاقية من أجل تحقيق أهدافه الشخصية. وفي النهاية، تصور فوست نتيجة هذا التعاقد بشكل مأساوي، حيث يدفع فاوست ثمنًا باهظًا لطموحاته ويدرك أن السعادة الحقيقية لا يمكن شراؤها أو تحقيقها من خلال التعاقد مع الشيطان. مع ذلك، يجب أن نفهم أن الاعتقاد بالشيطان ككيان فعلي وحقيقي يختلف من ثقافة لأخرى ومن شخص لآخر. يمكن أن يكون للشيطان دور مختلف في العقائد والديانات المختلفة، وقد يتراوح بين كيان شرير مستقل إلى مجرد رمز للشر الداخلي في الإنسان. بشكل عام، يجب أن نتعامل مع هذه الأساطير والقصص بفهم واسع، وأن ندرسها في سياقها الثقافي والتاريخي، وأن نفهم الدوافع والأهداف التي تحكم استخدامها في المجتمعات المختلفة.
لكن يمكن للحاكم استعمال اساليب شيطانية لاستمرار الحكم في ظل عالم مضطرب الإيقاع يسوده الخداع والكذب اذا كانت الشفافية والنزاهة وسائل غير مجدية لاستمرار الحكم لا يمكن ان يستعملها الحكام ويلجؤون الى اساليب شيطانية.
هناك عدة أسباب قد تجعل بعض الحكام يلجؤون إلى أساليب شيطانية أو غير أخلاقية بدلاً من الاعتماد على الشفافية والنزاهة. ومن هذه الأسباب
الطموح الشخصي: يمكن أن يدفع الحكام الطموح الشخصي ورغبتهم في البقاء في الحكم وتحقيق أهدافهم الشخصية إلى استخدام الأساليب غير الأخلاقية. يعتبرون أنفسهم أهم من أي مبادئ أو قيم أخلاقية.
الخوف من فقدان السلطة: قد يتعاقد الحكام الذين يخشون فقدان السلطة مع قوى أو جماعات غير أخلاقية ومنها الشيطان للحفاظ على سلطتهم. يعتقدون أن استخدام أساليب غير أخلاقية يمكن أن يمنع تحدياتهم ويحفظ مكانتهم في الحكم
ضعف النظام القانوني وسيطرة الفساد: قد يسهل ضعف النظام القانوني أو انتشار الفساد استخدام الأساليب غير الأخلاقية. عندما يكون هناك ضعف في تطبيق القانون أو انتشار الفساد، يمكن للحكام أن يشعروا بالإفلات من العقاب والاستمرار في سلوكهم غير الأخلاقي..

الضغوط السياسية والاجتماعية: قد يواجه الحكام ضغوطًا سياسية واجتماعية قوية تدفعهم إلى اتخاذ قرارات غير أخلاقية. قد يشعرون بأنه لا بد لهم من التنازل عن قيمهم الأخلاقية للحفاظ على الاستقرار السياسي أو تلبية مطالب الجماهير.
تختلف الروايات المتعلقة بالعلاقة بين الإنسان والشيطان في الأديان المختلفة. في الديانات الإبراهيمية مثل الإسلام والمسيحية واليهودية، يُعتبر الشيطان كائنًا خارقًا للطبيعة ومعارضًا لله وإرادته، ويعتقد أنه يحاول إغواء البشر وتحويلهم عن الطريق الصحيح. ويعتبر الإنسان في هذه الديانات مسؤولاً عن أفعاله
من الجدير بالذكر أن هذه المفاهيم تتعدى الأطر الدينية وتتواجد في الثقافات والتصورات الشعبية, في الأدب والفن ,وفي السياسة، تُجسد العلاقة بين الإنسان والشيطان في العديد من القصص والروايات، حيث يتم تصوير الشيطان كقوة شريرة تغوي الإنسان وتسعى لإلحاق الضرر به. وتعكس هذه القصص غالبًا صراع الخير والشر داخل الإنسان نفسه, لكنها في النهاية لا تتعدى ان تكون أساليب غير اخلاقية للاستحواذ على السلطة.
ويمكن اعتبار العلاقة بين الإنسان والشيطان مسألة معقدة ومتعددة تتصف بالخلق الشرير للإنسان في ابداع مبررات الاستغلال .
في بعض القصص والأعمال الفنية، يتم استخدام الشيطان كشخصية مثيرة للتحدي أو تجسيد للقوى الشريرة، وقد يتم تصوير الفنان أو الشاعر أو المبدع وهو يقاوم هذه القوى الشريرة ويتغلب عليها لإنتاج أعمال فنية جميلة وملهمة. يعتبر هذا التصوير بمثابة مجاز أو رمزية ترمز إلى الصراع الداخلي الذي يمر به الإنسان والإبداعي في سعيهم لتحقيق الجمال والتعبير الفني
صحيح، توجد أساطير وقصص تتعلق بالشيطان في العديد من الحضارات المختلفة. قد تكون هذه الأساطير قد استخدمت في بعض الأحيان لإخافة الناس والسيطرة عليهم، أو لتعزيز السلطة والتحكم الاجتماعي. في بعض الحالات، قد تكون الشخصيات الشيطانية تُستخدم كوسيلة لتحذير الناس من السلوك الشرير أو المخالف للقيم الاجتماعية, لكن السلوك الشيطاني للحاكم هو الوسيلة الأكثر قبحا في السيطرة على الشعوب.وتبقى اسطورة فاوست معلقة كسارية علم قديم احنتها الريح في ملعب العدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس