الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


215- سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 215 المستشرق وليام مونتغمري وات (1909 - 2006) (W. Montgomery Watt)‏

رحيم فرحان صدام

2023 / 12 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القسم الثاني
منهجية مونتغمري وات في دراسة السيرة النبوية
يمكن القول ان المبالغة في الشكّ، والافتراض، والنفي الكيفيّ، واعتماد الضعيف الشاذّ هي سمة أساسية في منهج مونتغمري وات في دراسته للسيرة النبوية؛ فهو يمضي مع شكوكه إلى ابعد مدى، ويطرح افتراضات لا رصيد لها من الواقع التاريخيّ، بل إنه ينفي العديد من الروايات، لهذا السبب أو ذاك؛ بينما نجده يتشبّث- في المقابل- بكل ما هو ضعيف شاذ ؛ ولذلك علق الدكتور جواد علي على منهجية المستشرقين بقوله: «لقد غالوا في كتاباتهم في السيرة النبويّة، وأجهدوا أنفسهم في إثارة الشكوك (في وقائعها) ، وقد أثاروا الشك حتى في اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو تمكّنوا لأثاروا الشك حتى في وجوده، ولكنهم مهما قالوا في نسبة التاريخ الصحيح في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن سيرته هي أوضح وأطول سيرة نعرفها بين سير جميع الرسل والأنبياء» .

أما في الدائرة الثانية، دائرة (الموضوعية) التي قال الرجل بأنه سيلتزمها في بحثه فإنه لم يستطع أن يتحرّر بالكلّيّة من الضغوط المضادّة وعوامل الشدّ اللامنهجية، على الرغم من أن ثمة ما يميزه في عصر المذهبية التاريخية ويحسب لصالحه، إنه لا يفترض أو يعتنق، رؤية محددة سلفا، ويأتي إلى التاريخ لكي يعيد تركيبه وفق رؤيته تلك، ويعالج وقائعه بما يجعلها تنسجم، قسرا، مع مقولات المذهب، ويفصل ويقص ويمطّ الجزئيات التاريخيّة لكي تكون على قدر القالب المصنوع سلفا ، وينتقي ويتقبّل كلّ ما يتناغم مع قناعاته هذه، وما لا يكون كذلك يعزل ويستبعد.
إن الرجل يعتمد منهجا مغايرا هو أقرب إلى الموضوعية.. إنه يسعى لأن يبدأ حركته مع الوقائع التاريخية، دون أي افتراض مسبق، ثم تجيء استنتاجاته وتنظيراته مستمدة مما تقوله الوقائع نفسها، ومما تتمخض عنه مكوناتها الأساسية وعلاقاتها المتشابكة.
إن بمقدور المرء أن يتلمس عبر قراءته لكتاب (محمد في مكة) اثنتين من تلك الثغرات المنهجية التي تتردد في دراسات المستشرقين.. تتمثّل أولًاهما في ذلك الانسياق وراء النزعة النقدية التي تبلغ على أيدي بعضهم حدّ النفي الكيفي للروايات أو إثارة الشكوك حول صحتها.. وتتمثّل ثانيتهما في إسقاط الرؤية والمواضعات المعاصرة، ذات الطابع النسبي، على الوقائع التاريخيّة الماضية، ومحاولة تحكيم المنطق الوضعي واعتماده في تحليل مكونات تلك الوقائع، وارتباطها وتفحص طبيعة نسيجها.
وثمّة مأخذ آخر أقل ترددا في كتاب (وات) يقوم على فكرة رد بعض وقائع السيرة إلى أصول دينية سابقة، كاليهودية والمسيحية ، فلنبدأ بالمسألة الأولى:
المبالغة في النقد، والنفي الكيفيّ، وإثارة الشكوك، واعتماد الضعيف الشاذّ .
والافتراضات كثيرة، والاعتماد على الضعيف الشاذّ منبثّ هنا وهناك، و نريد أن نقف قليلا عند واحدة منها نظرا لخطورتها البالغة، ولكونها تمثل (نموذجا) واضحا لواحد من الأخطاء المنهجيّة التي يعاني منها البحث الاستشراقي:
الافتراض، وتبني الضعيف الشاذ ومحاولة ترصيعه وترصينه بعبارات التوثيق والتأكيد، بخلاف الروايات والوقائع التي يسعى إلى التشكيك بها، أو نفيها، حيث يحاول هدمها بعبارات التضعيف والتشكيك.
يقول (وات) : «نلاحظ واقعتين نستطيع أن نعدّهما أكيدتين:
أولًا: رتّل محمد في وقت من الأوقات الآيات التي أوحى بها الشيطان على أنها جزء من القرآن؛ لأنه لا يمكن أن تكون القصة قد اخترعها مسلمون فيما بعد أو دسها غير المسلمين.. ثم أعلن محمد فيما بعد أن هذه الآيات يجب ألّا تعدّ جزآ من القرآن، ويجب استبدال آيات بها تختلف عنها كثيرا في مضمونها.
والروايات الأولى لا تحدد الوقت الذي حدث فيه ذلك، والأقرب أن يكون ذلك قد وقع بعد بضعة أسابيع أو أشهر، وهناك واقعة ثالثة أو مجموعة وقائع نستطيع أن نكون واثقين منها؛ وهي أنه كان يجب على محمد تجاه معاصريه المكيّين أن يشير في القرآن للآلهة: اللات التي كانت معبودة الطائف، والعزّى المعبودة في نخلة بالقرب من مكة، ومناة التي كان معبدها
بين مكة والمدينة ... ما تعنيه إذن الآيات الإبليسية أن الاحتفالات مقبولة في المعابد الثلاثة حول مكة، وأما معنى الآيات التي تقول بأن العبادة في هذه المعابد غير مقبولة فهي لا تحرم العبادة في الكعبة» .
إن هذه الواقعة المدخولة (التي تسمى أيضا بحديث الغرانيق) والتي يفترض (وات) أنها أكيدة، تحمل عناصر تناقضها واضطرابها وتهافتها.
وروايات الحادثة جميعا مرفوضة منذ الوهلة الأولى.. فهي فضلا عن مجافاتها لعصمة النبوة وحفظ الذكر من العبث والتحريف، فإن سياق السورة ذاته ينفيها نفيا قاطعا، إذ إنه يتصدّى لتوهين عقيدة المشركين في هذه الآلهة وأساطيرهم حولها، فلا مجال لإدخال هاتين العبارتين في سياق السورة بحال من الأحوال.
ومع ذلك كله يأتينا الشيخ محمد جواد مغنية ليستشهد به على عظمة النبي محمد وقال « مونتجمري وات » في كتاب محمد في المدينة : « كلما فكرنا في تاريخ محمد تملّكنا الذهول امام عظمة مثل هذا العالم » ثم يعلق الشيخ مغنية:" ولا بدع ان لا يوازي محمدا في عظمته - أحد من العالمين . فإنه سيد المرسلين وخاتم النبيين . "
و ما هو رأي الشيخ مغنية بزعم « مونتجمري وات » أن حب النبي لزينب بنت جحش ساقه ليرقبها فرآها عارية . فهل يدل ذلك على عظمة محمد وشهادة وات لهذه العظمة ؟!!!
ينظر:
د. جواد علي: (تاريخ العرب في الإسلام ) : جزء 1 ص 9- 11.
مونتغمري واط، محمد في مكة، تعريب شعبان بركات، بيروت، المكتبة المصرية 1952م.
ص 66.
عماد الدين خليل ، الاستشراق والسيرة النبوية ،الناشر: دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع - دمشق، الطبعة: الأولى - 1426 هـ.
محمد جواد مغنية ( ت 1979) : شبهات الملحدين والإجابه عنها، الناشر دار ومكتبة الهلال – بيروت،١٩٨٦ م. ص63 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت