الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العاصمة الإدارية الجديدة ،،

حسن مدبولى

2023 / 12 / 25
المجتمع المدني


العواصم والمدن الكبرى فى الدول صاحبة التاريخ، ليست مجرد أبنية شديدة الفخامة تنشأ فجأة،إنها روح وفن وقلب،وعدالة،وضمير يقظ، وظلم قد يمر أحيانا،
وقانون يتصدى ،وتعدد لأفكار البشر، إنها الحرية والإبداع والإحتواء والإيمان والأعين الثاقبة الواعية ،
فالمدن الكبرى والعواصم تبدعها يد الإنسان عبر الزمان بتفرد وخصوصية وتميز ، فمثلا القاهرة العاصمة الأولى فى العالم العربى، تتفرد وتنفرد بالغورية والأزهر والحسين والسيدة زينب والدرب الأحمر وعابدين ومارى جرجس وشبرا ،وجاردن سيتى والمعادى والزمالك وبولاق وحوش قدم و عين شمس والفسطاط والباطنية، أيضا القاهرة يقطعها نهر النيل وبجوارها الأهرامات ومراكب الشمس،وبها قلعة محمد على ومذبحة المماليك ،وبها نهضة مصر ،والشعراء والغاوين، والكتاب والقراء ،ومن لا يكادون يفقهون قولا ،القاهرة تحتوى بين ردهاتها على المقاهى الشعبية والفنادق والأندية الفخمة ،وبها الفن والمسرح والأزهر الشريف وآلاف المآذن والقباب ،إنها تلاوة القرآن وتراتيل الإنجيل ،هي شهر رمضان المبارك وليلة رأس السنة الميلادية وإنتصارات وإخفاقات الأهلى والزمالك،القاهرة تصدت للعثمانلى والمملوكى وثارت ضد الفرنسيس وقاومت الإنكليز وإستوعبت المهاجرين الذين كانوا ضحايا للعدوان الإسرائيلى على مدن الإسماعيلية والسويس وبورسعيد، تلك المدن المناضلة التى ظلت طوال تاريخها رمزا للعزة والكرامة والتضحية والوفاء ،،
بينما الإسكندرية العاصمة الثانية تظل هى الرابط بين الفرعونية والإغريقية واليهودية والرومانية والمسيحية
والإسلام، والإسكندرية أيضا هى المنارة وقايتباى والمسرح الرومانى ،وسان إستيفانو ،وزنقة الستات،وبها أروع إطلالة بحرية تنعش الأمة المصرية كلها ،الإسكندرية بها المكتبة العظيمة ،والشهيدة هيباتشيا،وفنان الشعب سيد درويش ،والشهيد محمد كريم،
أما المنصورة فيكفيها شرف تصديها للعدوان الصليبى وأسر قادته وعلى راسهم المجرم لويس التاسع عشر، وكذلك المحلة الكبرى بلد الصناعة والوطنية والثورة ،وصولا إلى بورسعيد والسويس بلد الغريب والاسماعيلية ودمياط وكلها مدن بنت تاريخها وعظمتها من تضحيات وكد وشقاء أبنائها ،،

وإذا ذهبنا إلى الجنوب فسنجد محافظة المنيا التى تعتبر مثال رائع ومتفرد على التمدن والتحضر و الوطنية والرقى والأصالة ،فهى تعتبر عروس الصعيد ودرة مصر بأكملها ،وهى تستحق تلك المكانة سواء لجغرافيتها الرائعة أو لتاريخها المجيد ، فعلى أرضها قام إخناتون بأول ثورة دينية توحيدية لعبادة الإله الواحد ،حيث بدأ دعوته بمدينة تل العمارنة التى تقع بالقرب من مدينة بنى حسن بالمنيا،وقد عاش ومات فيها اخناتون مع زوجته الجميلة نفرتيتى رمز محافظة المنيا ،أما فى التاريخ الحديث فلها دور نضالى عظيم نذكر منه على سبيل المثال المقاومة ضد الاحتلال الانجليزى ويوم 18 مارس عام 1918(العيد القومى للمحافظة)قام أبطال ورجال المنيا بالهجوم على قطار عسكرى لجنود الاحتلال وقتلوا العديد منهم وتعرضوا للمحاكمة والاضطهاد بسبب ذلك الموقف واستشهد الكثيرون منهم،
أيضا تتلألأ أسيوط بتاريخها المضئ خاصة فترة الإحتلال الفرنسى ومحاولته الإجرامية تكوين جيش طائفى هناك لصد ثورة أهلنا فى بنى عدى التابعة لمركز منفلوط التى كانت مركز ثورة الصعيد ضد الحملة الفرنسية عام 1799والتى قدمت نحو ثلاثة آلاف شهيد من أبطال أسيوط و الوجه القبلى ،
كذلك هناك محافظتى قنا والاقصر الرائعتين ، قنا التى تصدى اهلها للحمله الفرنسيه فى ٣ مارس ١٧٩٩ وهو عيد قنا القومى وكبدوا الاسطول الفرنسي خسائر فادحه واغرقوا سفن الاسطول الفرنسي فى معركة البارود ، و الاقصر التى تحتوى على ثلث اثار العالم ومنها معبد الاقصر ومعبد الكرنك ومعبد الدير البحرى ومعبد مدينة هابو ووادى الملوك ووادى الملكات .،،،
أما أسوان فهى ليست مجرد مدينة فى جنوب البلاد ،لكنها مهد الحضارات والمعابد وعبق التاريخ الأصيل ،ومنشأالإنسان الطيب الخلوق،أسوان هى أبو سمبل ومعابد فيلة،وتعامد الشمس، والسدالعالى، والحضارة النوبية الرائعة، والبحيرة ،ومتاعب التهجير وملحمة السد العالى والنيل الذى يتعرض للمحو والإزالة ،وبنفس الروعة التاريخية تقع الأقصر وقنا وباقى الشريط الذى يمثل روح المصريين ،،

فالمدن الحقيقية لها طعم ولون ورائحة تاريخية عبقة تعكس نضال شعبى ووطنى وحضارى طويل متصل ومتفاعل مع الآلام والآمال ،
ولا يمكن أن تنشأ أبدا مدينة أو عاصمة حقيقية بين يوم وليلة ،ولا سنة ولا ثلاثة سنوات ولا حتى عشرات السنين لتكون هى البديل والتاريخ بقرار فردى ،
لإن المدن الحقيقية لها جذور عميقة وهى ملخص تفاعلى إنسانى متصل ومستمر ،عدا ذلك يكون مجرد مشروع إستثمارى تجارى يستهدف جنى المكاسب المادية و يحتمل الربح والخسارة وله تاريخ صلاحية ، هذا إذا لم يفشل قبل أن يبدأ ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو