الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمل المرأة فى العولمة

شريف حتاتة

2023 / 12 / 26
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


----------------------------------------
منذ شهور كنت أقرأ التقرير السنوي ، الذي يصدره برنامج هيئة الأمم المتحدة للتنمية لسنة ۱۹۹۷ ، المسمى تقرير التنمية البشرية . لفت نظرى ما كان مكتوبا فيه ، عن وضع المرأة في العالم.
جاء في هذا التقرير ، أن النساء يمثلن أكثر قليلا من نصف سكان الكرة الأرضية ، وثلث القوى العاملة في العالم. ومع ذلك لا تحصلن إلا على عشر الدخل العالمي ، ولا تستحوذن إلا على 1% من إجمالى الملكية . بين كل ثلاثة من الأميين ، توجد امرأتان في بلاد الجنوب، نصف إنتاج المواد الغذائية مصدره عمل المرأة . وفي البلاد الصناعية الغنية ، ما زال أجر المرأة العاملة ، من نصف إلى ثلثي أجر الرجل، و٧٠% من الذين يعانون الفقر والجوع من النساء . كل سنة يموت عشرون مليونا من البشر يسبب الجوع ، ويعاني ألف مليون من سوء التغذية المزمن ، وأغلب هؤلاء من النساء . كما أن النساء تشكلن ٧٥% من إجمالي عدد السكان المهاجرين في العالم.
إن إحدى الحقائق التي تغيب عن أذهان الكثيرين من الباحثين والدارسين ومن الناس عموما ، وخصوصا الرجال الذين يعارضون عمل المرأة ، هو أن ثلثى العمل المبذول على نطاق العالم تقوم به النساء. وأنه لولا هذا العمل لانهار المجتمع ، وتوقف الاقتصاد، وواجه الرجال الذين ما زال الكثيرون منهم يعتبرون المرأة كائنا أدنى ، استحالة في مواصلة الحياة . أما الثلث المتبقى فيقوم به الرجال . هذا ما توضحه لنا الكاتبة الألمانية «مارياميز» في مؤلفها الصادر عن دار زيد تحت عنوان «الأبوية»، والتراكم علي نطاق العالم» (طبعة ۱۹۹٥ صفحة ۱۱۷) .. وتضيف الكاتبة ، أن نسبة ٧٠٪ من القوى العاملة في المناطق الحرة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مكونة من النساء ، وأن أغلب هؤلاء يتراوح عمرهن بين ١٤ و ٢٤ سنة.
إذا أضفنا إلى النساء اللاتي يعملن فى مناطق الإنتاج الحرة ، والتي بدأت تزحف على بلادنا أولئك العاملات في الأنشطة الموجهة للتصدير والصناعات الزراعية والصناعات التكميلية ، مثل الشطائر الإلكترونية ، أو القطع التي تدخل في آلات الصناعات الهندسية ، أو الصناعات الحرفية، والمنزلية أو في القطاعات غير الرسمية التي تسمى أحيانا سوداء أو عرقية ، لأنها تفلت من تحت إشراف القوانين العادية، أو في الزراعة ، سنكتشف أن نسبة كبيرة من القوى النسائية العاملة في بلاد العالم الثالث أو البلاد المرشحة لكي تتحول إلى عالم رابع تقوم بإنتاج السلع التي ترسل لأسواق ، أو مصانع البلاد الرأسمالية المتطورة . كما أن هناك مئات الملايين من النساء ، اللاتي تقمن بأغلب المجهود الشاق فى الحقول والمزارع المنتشرة في آسيا ، وأفريقيا . وأمريكا اللاتينية ، لإنتاج المحاصيل السوقية مثل البن والشاي، والكاكاو وقصب السكر ، والقطن ، أو اللازمة لاستهلاك الآخرين ، أو للاستهلاك الذاتي البدائي ، الذي يسد رمق الفقراء الذين يحيون على شفا الجوع.
إن عمل المرأة خارج البيت ، أو حتى داخله مقابل أجر ، لا يختلف في جوهره عن عمل الرجل الذى ينتمى إلى نفس الطبقة والوسط الاجتماعي . ربما الفارق أن المرأة تخصص لها أدنى الأعمال ، وتلك التي تحتاج إلى الصبر ، والطاعة، والحذق اليدوى ، مثل قطف أوراق الشاي ، أو تجميع صفائح الإلكترونيات الدقيقة ، أو تطريز الرسومات ، أو صنع السجاد . وإنها في كثير من الأحيان ، تتلقى أجرا أقل من الرجل للقيام بذات الأعمال ، ولا تترقى إلا نادراً إلى المسئوليات العليا للإدارة والإشراف.
لكن المرأة تختلف عن الرجل ، في أنها بالإضافة إلى كل هذا ، تقوم بأعمال دون أن تتقاضى عنها اجراً. وهذه الأعمال يسقطها الاقتصاديون والاحصائيون ، من الحساب ولا يعتبرونها عملا . فهى تقوم بمختلف أعمال البيت . بكل المهام التي تتعلق بحركة الحياة لأفراد الأسرة التي تنتمى إليها ، أو بأعمال في الغيط مع أبيها أو أخيها أو زوجها ، دون أن يعطى لها أجر عن هذه الأعمال . فهى ترعى الحيوانات، وتربى الدجاج ، تطحن القمح ، وتنقى الفول والأرز ، أو ترص الأشولة ، وتصنع الجلة، أو تجلب المياه في الصفائح والزلع ، أو تقوم بمساعدة رجل من رجال الأسرة إذا كان صاحب متجر، أو ورشة صغيرة، أو صاحب حرفة .
لكن جميع هذه الأعمال سواء كانت تدر دخلا، أو كانت ضرورية للحياة ، لا تعتبر عملا بالمعنى المصطلح عليه لأنها بلا أجر ، ولا تظهر في البيانات ، أو الإحصائيات الخاصة بالعمل، أو المتعلقة بقوة العمل بشكل مباشر أو غير مباشر.
===============================
من كتاب " العولمة والاسلام السياسى " 1999 كتاب الأهالى
-----------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لوحة كوزيت


.. شاعرة كردية الحرية تولد الإبداع




.. اطفال غزة يحلمون بالعودة إلى ديارهم


.. ردينة مكارم المرشحة لعضوية بلدية حمانا




.. المهندسة سهى منيمنة