الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامام الغزالي والفتوى الوهابية

رحيم فرحان صدام

2023 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعد الامام الغزالي علم من اعلام الفكر العربي وبالرغم من كونه اشعري العقيدة ومن أئمة التصوف الا انه لا يختلف كثيرا عن الحنابلة الوهابية في مسألة التكفير والافتاء بقتل المخالف له في المذهب لا سيما مذهب الشيعة الإسماعيلية .
والغزالي صاحب كتاب " فضائح الباطنية " الذي هو في الحقيقية فضيحة لمؤلفه .
فما هي قصة الغزالي في كتابه ( فضائح الباطنية ) الذي يطلق عليه أيضا أسماء أخرى ؟
لقد كانت السلطات يومذاك تنوي القيام بعمليات قتل عامة تشمل حتى النساء والأطفال لمن يخالفونها في المذهب ، كانت السلطات التي يمثلها الخليفة المستظهر (487 - 512 هـ / 1094 - 1118 م) وملوك السلاجقة تنوي هذه المذابح ، وأرادت أن تستند إلى فتاوي شرعية تبرر فيها مذابحها فلجأت إلى من هم حاضرون لإصدار أية فتوى تريدها السلطة ، وكان على رأسهم الغزالي فأصدر ( للمستظهر ) أو بالأحرى للسلاجقة الفتوى الرهيبة الآتية ، وقد فضح الغزالي نفسه بنفسه حين قال بكل صراحة إنه أصدر فتواه بناء على أمر
( المستظهر ) له بذلك :
أما الفتوى فهذا بعض ما جاء فيها عن الإسماعيليين :
" بناء على الأوامر الشريفة المقدسة النبوية المستظهرية بال أشارة إلى الخادم
على اعتبار أن الحاجة إلى الكتب عامة في حق الخاص والعام شاملة جميع الطبقات ... " .
وبعد هذه المقدمة التي نفذ فيها ( خادم ) السلطة أوامرها يصل الغزالي إلى
هدفه فيقول فيما يقول : " . . . قبول التوبة من المرتد لا بد منه . . وأما توبة الباطنية ( أي الإسماعيليين ) ...ففي هذا خلاف بين العلماء ..." .
ثم ذكر رأي السائرين في ركاب السلطة وأنه قد " ذهب ذاهبون إلى أنه لا تقبل توبته وزعموا أن هذا الباب لو فتح لم يمكن حسم مادتهم وقمع غائلتهم ..." .
هذا للمسالمين من الإسماعيليين في زمن السلم ، أما في زمن الحرب فإن من قبض عليه منهم كان حكمه القتل وكذلك النساء .
قال الغزالي في فتواه : " فإننا نقتلهن ( أي النساء ) مهما صرحن بالاعتقاد الذي هو كفر على مقتضي ما قدرناه وأما الصبيان فمن بلغ صبيانهم ( من العمر ) عرضنا الإسلام عليهم فإن قبلوا قبل إسلامهم وردت السيوف عن رقابهم إلى قربها وإن أصروا على كفرهم مقلدين فيه آباءهم مددنا سيوف الحق إلى رقابهم وسلكنا بهم مسلك المرتدين " . ويقول الغزالي في فتواه : " والقول الوجيز فيه أن يسلك بهم ( جميعا ) مسلك المرتدين في النظر في الدم والمال ، والنكاح والذبيحة ونفوذ الأقضية وقضاء العبادات . أما الأرواح فلا يسلك بهم مسلك الكافر الأصلي ، إذ يتخير الإمام في الكافر الأصلي بين أربع خصال : بين المن والفداء والاسترقاق والقتل . ولا يتخير في حق المرتد ، بل لا سبيل إلى استرقاقهم ولا إلى قبول الجزية منهم ولا إلى المن والفداء ، وإنما الواجب قتلهم وتطهير وجه الأرض منهم ، هذا حكم الذين يحكم بكفرهم من الباطنية . ولا يختص جواز قتلهم ولا وجوبه بحالة قتالهم ، بل نغتالهم ونسفك دماءهم .
وأما النسوان فإنا نقتلهم مهما صرحن بالاعتقاد الذي هو كفر على مقتضى ما قررناه ، فإن المرتدة مقتولة عندنا .
نعم للإمام أن يتبع منه موجب اجتهاده ، فإن رأي أن يسلك فيهم مسلك أبي
حنيفة ويكف عن قتل النساء فالمسألة في محل الاجتهاد " ( انتهى ) .
وبعد أن سلح الغزالي الدولة بكل هذه الحجج والبراهين ، رأي أن لا يسد
عليها الطريق إذا بدا لها أن تسالم أو تهادن أو تساوم أو ترتشي فذكر أن هذا الأمر ليس نهائيا وأن " الأمر منوط برأي الإمام " .
والغزالي الذي أفتى بما أفتى به في حق فريق من المسلمين ، والذي كان يقصد بفتواه إلى هدف أبعد من رعايا ( المستظهر ) والسلاجقة ، كان يقصد بهذه الفتوى أيضا إلى دولة إسلامية معينة وهي الدولة الفاطمية .
إن الغزالي هذا ، وهو من لقب بلقب ( حجة الإسلام ) ، قد شهد احتلال
الفرنج الصليبيين لأولى القبلتين وثالث الحرمين ( القدس ) ، فلم يهزه ذلك ولم يثر اهتمامه ولم يجعله ينبس بكلمة واحدة .
ثم عاش اثنتي عشرة سنة بعد ذلك ، فلم يعنه أبدا ما حل بالإسلام
( الذي هو حجته ) ، وما أصاب المسلمين ، على أن الغزالي الذي قال ما قال عمن سماهم ( الباطنية) ، وافترى ما افترى على عقيدة الدولة الفاطمية ، لم يجد في آخر الأمر ملجأ يلوذ به إلى حمى الذين زعم أنه ينشر فضائحهم ، فآووه وحموه وعنوا به ولم يؤاخذوه على ما سلف منه .
يقول المفكر الإسلامي المصري الدكتور محمد كامل حسين في كتابه ( أدب مصر الفاطمية ) :" أقرب مثل نقدمه لذلك هو الإمام الغزالي ، فقد هاجم الفاطميين في كتبه : القسطاس ، والمنقذ من الضلال ، والمستظهري أو الرد على الباطنية وغيرها من كتبه ولكنه وفد على مصر في أواخر حياته ووضع كتابه ( مشكاة الأنوار ) متأثرا ببعض العقائد الفاطمية ولا سيما نظريتهم في ترتيب العقول " .
ونحن الذين نحترم علم الغزالي لا نحترم أبدا عبوديته للسلطات وافتراءه
على غيره من المسلمين وحياديته في جهاد المسلمين للفرنج الصليبيين .
يبدو ان الزمان يعيد نفسه اذ افتى ابن جبرين احد اعضاء هيئة كبار العلماء بالسعودية بكفر عوام الشيعة وجواز قتلهم بينما افتى محمد بن صالح العثيمين بحرمة العمليات الانتحارية ضد اسرائيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ