الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة نقدية للتفسير الكاشف القسم الأول القرآن والعلم الحديث

رحيم فرحان صدام

2023 / 12 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعد الشيخ محمد جواد مغنية: ( 1904 - 1979م )، من علماء الإمامية ، كان فقيها ، مفسرا ، باحثا .
الف الشيخ مغنية تفسيرا للقران سماه (التفسير الكاشف) الذي يعدّ تفسيرا موجزا شاملا ، جديدا في بيانه ، ألّفه - كما قال - تلبية لحاجة المسلمين إلى فهم كلام اللّه وفي سبيل هدايتهم ووقايتهم من الأهواء وشفائهم من الادواء ، سلك فيه المؤلف المنهج الإهدائي والتربوي ، في اسلوب جديد وكلمات متلائمة اقناعية لعصره ، مع تلخيص لكلمات المفسرين الكبار .
الخلاصة كان تفسير الكاشف من التفاسير الموجزة ، العقائدية التربوية ، يحاول المؤلف ان يكون متماشيا مع العصر الحديث ، وهو من تفاسير الشيعة الاثني عشرية.
الشيخ مغنية والاعجاز العلمي :
بين الشيخ مغنية موقفه مما يسمى بالإعجاز العلمي في القران في تفسير قوله تعالى : « هُدىً لِلْمُتَّقِينَ » فقال ما نصه : " فيه دلالة واضحة على أن القرآن لا يلتمس فيه علم التاريخ ، ولا الفلسفة ، ولا العلوم الطبيعية والرياضية ، وما إليها ، وانما يلتمس فيه هداية الإنسان ، وإرشاده إلى صلاحه وسعادته في الدارين . . وبكلمة ان القرآن كتاب دين وأخلاق وعقيدة وشريعة .
وتسأل : وما ذا أنت صانع بالآيات الكونية : « والشمس تجري لمستقر » .
والقمر قدرناه منازل . . وما إلى ذلك من عشرات الآيات ؟ .
الجواب : لم يكن الغرض من هذه الآيات ان يبين اللَّه لنا ما في الطبيعة من حقائق علمية ، كلا ، فان ذلك موكول إلى عقل الإنسان وتجاربه ، وانما الهدف الأول من ذكرها أن نسترشد بالكون ونظامه إلى وجود اللَّه سبحانه ، وانه لا شيء من هذه الكائنات وجد صدفة ، ومن غير قصد كما يزعم الماديون ، بل وجد بإرادة عليمة حكيمة ، وقد بين اللَّه ذلك صراحة في قوله تعالى : « سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآفاقِ وفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ - 53 حم السجدة » . أي سنكشف للكافرين باللَّه عن تدبير الكون وأحكامه ما يعلمون معه انهم على ضلال .
ان القرآن حين يدعو إلى النظر في الكون فإنه يقول بلسان مبين ان دلائل الكون أصدق حجة ، وأقوى دلالة على وجود اللَّه من كل شيء ، حتى من الدور والتسلسل ...أجل ، ان القرآن حث على دراسة العلوم الطبيعية ، وكل علم يعود على الإنسانية بالخير والهناء ، ولكن حثه على العلم شيء ، وكونه كتابا في العلوم شيء آخر .
وأيضا لا يشك عارف بالقرآن وآياته ان معانيه لا تحصيها كثرة ... ولكن هذا شيء ، والحقائق العلمية التي يستنتجها الأخصائيون في مختبراتهم شيء آخر .
ومما يعزز ويؤيد ان القرآن أولًا وقبل شيء هو كتاب هدى ودين وشريعة وأخلاق وانه أنزل لأجل هذه الغاية قوله تعالى : « كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ » .
وقوله : « هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وهُدىً ورَحْمَةٌ » . . وكفى دليلا على ذلك قول الرسول الأعظم ( ص ) إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . وقال الإمام أمير المؤمنين ( ع ) في الخطبة 174 من خطب النهج : « ان في القرآن شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفر والنفاق ، والغي والضلال » . وبهذا نجد تفسير قوله تعالى : « ونُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ولا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً - 82 الأسرى » . . وعسى أن يتعظ بقول الإمام ( ع ) من يطلب الشفاء لأوجاعه الجسمية بتلاوة هذه الآية إلا أن يضيف إليها ( روشتة ) الطبيب .
وتسأل مرة ثانية وما ذا تقول بهذه الآية : « ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ - 38 الانعام » . حيث دلت بظاهرها على أن في القرآن جميع العلوم ؟ .
الجواب : ان عموم كل شيء بحسبه ، فإذا قلت : هذا البيت فيه كل شيء فهم منه ان فيه ما تدعو إليه حاجة المقيم فيه من مؤنة وأثاث . . وإذا قلت عن كتاب فقهي : فيه كل شيء . فهم منه جميع المسائل الفقهية . . والقرآن كتاب دين ، وعليه يكون معنى ما فرطنا في الكتاب من شيء يتصل بخير الإنسان وهدايته .
سؤال ثالث : وما قولك في هذه الكتب التي تحمل اسم القرآن والعلم الحديث ، والإسلام والطب الحديث ، وما إلى هذا ؟ .
الجواب :
أولًا ان كل من يحاول الملاءمة بين مستكشفات العلم قديما كان أو حديثا ، وبين القرآن الكريم فإنه يحاول المحال . . ذلك ان علم الإنسان محدود بطاقته العقلية ، والقرآن من علم اللَّه الذي لا حد له . . فكيف تصح الملاءمة بين المحدود ، وغير المحدود ؟ .
ثانيا : ان علم الإنسان عرضة للخطأ ، لأنه عبارة عن نظريات وفروض تخطئ وتصيب . وكم رأينا العلماء يجمعون على نظرية ، وانها صحيحة مائة بالمائة ثم اكتشفوا ، أو من جاء بعدهم من العلماء انها خطأ مائة بالمائة . . والقرآن معصوم عن الخطأ . . فكيف تصح الملاءمة بين ما هو عرضة للخطأ ، وبين المعصوم عنه ؟ ثم هل نستمر في تأويل نصوص القرآن ، ونحملها ما لا تتحمل كلما نسخت أو عدلت فروض العلم ونظرياته ؟
أجل ، لا بأس أن نستعين بما يكتشفه العلم من حقائق على فهم بعض الآيات ، على شريطة أن لا نجعلها مقياسا لصدق القرآن وصحته ، بل وسيلة للتعرف على أسراره وحكمة بعض أحكامه . . ومن الجائز ان يكون هذا ما قصد إليه الذين كتبوا وألفوا في القرآن والعلم الحديث .
ومهما يكن ، فنحن على يقين راسخ بأننا أقوياء في ديننا ، أغنياء فيما لدينا من البراهين على صدقه . . ولسنا أبدا بحاجة إلى ما عند الغير ، بل نعتقد ان الغير بحاجة إلينا في ذلك . . ان البشرية في تاريخها كله لم تعرف ، ولن تعرف دينا أصلح لها من دين الإسلام ، ولا كتابا أنفع من كتابه ، ولا نبيا أعظم من نبيه ، ومن لم يهتد بدلائل القرآن ، ودعوته إلى الحياة الطيبة فلا تقنعه الكشوف العلمية قديمة كانت أو حديثة ."
من الواضح ان الشيخ مغنية ينفي ما يسمى (الاعجاز العلمي في القران) وانه من المستحيل التوفيق بين الآيات القرآنية وبين مكتشفات العلم الحديث ، ولكن هل التزم الشيخ بكلامه هذا ام انه انساق وراء الدعاية الإسلامية وادعى وجود اعجاز علمي في بعض الآيات ؟ّ!!! هذا ما سنجيب عليه في المقال القادم ان شاء الله .
ينظر: محمد جواد مغنية ، التفسير الكاشف ، دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة ، ( بيروت-1981). ج ١ ص ٣٨.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب