الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع صديقي الملحد (3)

أمير السليمي

2024 / 1 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذا الثالث سيكون عن العلم والأخلاق. يغضب بعض المؤمنين من زعم بعض الملحدين احتكار العلم فهل يستطيع الملحد احتكاره واقصاء المتدين عنه؟ وعن الأخلاق، هل يمكن الكلام عن "أخلاق إلحادية"؟ الجواب عن السؤالين: نعم لكن بشرطها وشروطها..

قبل كل شيء علينا ألا ننسى أن أي فكرة جديدة يجب أن تفحص وتفهم قبل الحكم عليها، مهما كانت غرابتها وكان شذوذها عن أفكارنا التي اعتدنا عليها والتي ربما رأيناها لا تناقش وأي تشكيك فيها مضيعة وقت: استمتعت كثيرا ولم أضع وقتي منذ سنوات، عندما تتبعت أقوال من يقولون أن الأرض مسطحة، ولا أخفيك أني في داخلي شعرت بالخجل مرات وقال لي شيطاني أن الوقت المهدر هنا يمكن استغلاله في مواضيع أخرى أهم. لم أتبعه فربحت الكثير، لأن أولئك القائلين بالأرض المسطحة الثابتة قادوني إلى مواضيع أهم بددت غشاوة كبيرة عن الغرب وأحواله ومبادئه، اذهب إلى اليوتوب مثلا -واليوتوب منصة من يحكم (أي البروباجاندا/ الأيديولوجيا) لا من يريد أن يعرف (المعرفة الحقيقية/ العلم الحقيقي)- وتساءل لماذا لا يحظر هؤلاء المخرفين -جماعة الأرض المسطحة- ويحظر بعض أكابر العلماء؟ البيوفيزيائي والكيميائي Michael Levitt (نوبل كيمياء 2013) يحظر وهؤلاء ينشر لهم؟ قد تقول: نوبل في الكيمياء نعم لكن قد يكون أسفه من السفه في مواضيع أخرى، وأجيبك نعم لكن الكلام ليس عن صحة أقواله بل عن الحظر أولا وعن انتقائيته ثانيا.. وهذه من المسائل التي قلت عنها في الجزء الأول أن لا فرق بين ما عندنا وعندهم.

الكلام عن العلم يحملنا للكلام عن العلم المزيف، عن الدين، عن الأيديولوجيات وعن أي شيء آخر يدعي أدلة لا يستطيع اثباتها، وهنا سأقول كلاما لمحت له في الجزء الثاني -وبما أني سأتكلم عن الأيديولوجيات-، وهو أن الملحد لا يمكن أن يكون ماركسيا أو منتميا لأي أيديولوجيا أخرى، وهو كما ترى كلام عجيب إذ يعرف عن الماركسيين -الكفر- و-الإلحاد- بل هناك بعض المتدينين يخلط بين الماركسية والإلحاد!

أعود للأصول، وهو تعريف الإلحاد وتبعاته. تذكر، قد يرى فلان نفسه مسلما لكني أنفي عنه صفته تلك وبسهولة إذا كان سكيرا لا يصلي ويهزأ بالحج وطقوسه، وهنا لست متعسفا أو لا دليل عندي فالأصول الإسلامية تخرجه من الملة غصبا عني وعنه.

الإلحاد نقيض الدين كمنظومة كاملة، يتتبع كل ادعاءاتها ويفندها. النتيجة ستكون منظومة نقيضة، وإن لم توجد في كتب: من المفروض الملحد أو من -يدعي- ذلك، عليه الالتزام بنتائج رفضه للدين وكون لا ملحد يفعل ذلك لا يعني خطأ ادعائي أن هناك أصولا يجهلها أو يتجاهلها أغلب الملحدين.. الإلحاد ليس فقط رفض فكرة الإله هكذا حاف وكأن هذه الفكرة وجدت في أمكنة أخرى خارج المنظومة الدينية، هكذا كل شيء في حياتنا، الشيء ونقيضه قانون يسري على الجميع ولا أحد يستطيع الافلات منه، ومن فعل فذلك شأنه لكنه اطلاقا لا يمكن اعتباره ممثلا لذلك الفكر أو الدين أو الأيديولوجيا أو.. الإلحاد! وكون الإلحاد نقيضا للمنظومة الدينية لا يعني النقيض الحرفي لذلك التشريع الديني أو ذاك، وإنما يأتي النقيض بعد دراسة ذلك الأمر الديني في منظومته الأصلية ومقاربته بعصر الملحد وواقعه وبما وصلت إليه الإنسانية ككل من معارف وأخلاقيات وقوانين إلخ.. قد يكون التشريع الديني صالحا فيؤخذ به وإن كان يتضارب مع أشباه حقائق أو علوم أو أخلاقيات وإن اتفق عليها أغلب البشر..

أعطي بعض أمثلة وأركز على الإسلام فهو الحاكم الرئيسي لمجتمعاتنا:

1- أخلاق: تستطيع كمسلم الكذب في ثلاث.. كذبة صغيرة وكذبة كبيرة.. النقيض: الكذب ممنوع.
2- منطق/ تفكير: لا تسألوا عن أشياء... كملحد تسأل ولا تقبل شيئا دون دليل.
3- علاقات/ زواج... احتقر كل ما خالفك العقيدة، عدد. النقيض: هناك تفصيل.. الالحاد هو النقيض المباشر في أشياء كثيرة لكن في أخرى يجب اجتثاث الفكرة -الدينية- من أصولها مثل احترام العقائد الخرافية سبب تخلف مجتمعاتنا فالملحد لا يمكنه احترامها لكنه لن يقتل ويعربد بل سيعمل على استئصالها ولن ينخدع بزيف الديمقراطيات الغربية اليوم وعليه دائما أن يتذكر كيف بدأت تلك الديمقراطيات ونحن اليوم لم نبدأ بعد. بمعنى: نحن في مرحلة يجب احترام متطلباتها ونحن والغرب اليوم لا نعيش في نفس الزمن، موبايل ولاب توب نعم لكن العقل لم يخرج بعد من العصور الوسطى. (الفكرة الدينية قصدت بها الفكرة العلمانية، والعلمانية المعروفة اليوم لا يمكن الوصول إليها دون نهضة دينية، إذا فعل الملحد ذلك سيكون كمن يتصفح النات على الموبايل مصليا على النبي!)
التعدد.. النقيض واضح، مع التأكيد أننا لم نتعلم ذلك من المسيحية التي جعلت من المرأة مجرد غشاء وبقرة للولادة (ما هو دور مريم في كل العقيدة وهي من أقدس الشخصيات؟ دورها أنها عذراء، ولدت الرب وآمنت به و... فقط! أي غشاء بكارة/ بقرة/ مؤمنة -والايمان ضد العقل-: أي امرأة اليوم تقبل أن يختزل كل وجودها في هذه الثلاثة أشياء العظيمة؟ وكيف تتجرأ مسيحية (اليهودية والمسلمة أيضا) أن تنتقد جرائم الشرف التي لا تزال تحصل إلى اليوم؟!)
4- أواصل مع الزواج.. منع الزواج من أديان أخرى.. طبعا الملحد صاحب (الإلحاد مجرد موقف فكري) سيقول: بالتأكيد لا وهذه عنصرية مقيتة، وأجيبه خدعوك فقالوا! المكان الوحيد الذي يمكن أن أكون فيه أنا 100في100 وأرتاح 100في100 هو غرفة نومي، كل الغرف الأخرى قد يدخلها صديق أو أخت أو أم أو أو إلا غرفة نومي، فكيف تريدني أن أقبل فيها من ستصلي بجانبي لاعنة أبا لهب وقارئة عن التي وهبت نفسها للنبي إن أراد أن.. كذا وكذا؟ ثم ما رأيك في من يتقيأ من سماع تلك الألفاظ الدينية في كل مكان (إنشاء الله/ قدر الله/ بإذن الله/ الله يرحم، يستر، يسامح، يبارك ..)، أليس من حقه ألا يسمعها على الأقل في منزله؟ ثم هل فكرت في الأولاد؟ أم أنك ستسمح باغتصابهم مثلما وقع لك؟ تراها إنسانية وعلمانية، الحقيقة أنك سمحت بجريمة ضد الإنسانية وليست أي إنسانية بل نفسك ومن ستنجب.. تخيل معي عندما يكبر ذلك الطفل ويأتيك محاسبا: كيف سمحت بأن أشوه (الختان) ويفعل في ما فعل (التعليم/ المساجد/ الإعلام الديني..) وأنت ملحد؟ جدي معك معذور لأنه كان جاهلا أما أنت فتعلم كل شيء، فكيف سمحت؟!

نعم صديقي، لا يمكن أن يرتبط ملحد بمؤمنة إلا في حالة واحدة: نفس حالة اليهودية مع غير اليهودي والمسيحية مع غير المسيحي والمسلمة مع غير المسلم.. عذرا: الجهل! والثلاثة ومعهم هذا الملحد سيدعون أنهم جاؤوا بذلك من أديانهم ومن إلحادهم وهو كلام عار من الصحة.

5- المناسبات والأعياد الدينية.. الملحد يعرف أن رمضان هو شهر الغزو أي شهر القتل والارهاب والسبي والنهب، لكنه تعجبه البرامج التلفزية ومأكولات رمضان.. عذرا مرة أخرى: ألا تعني لك شيئا كل تلك الرؤوس التي قطعت؟ وكل تلك النساء التي اغتصبت؟ يا أخي وإن قلت حكايات قديمة، عندك الأيزيديات مع داعش حديثة!

لماذا يفعل ذلك الملحد، ليس لأنه متسامح وعلماني أو جاهل بتلك التواريخ بل لأنه يجهل أو يتجاهل ما يطلبه منه إلحاده وأجزم أن القادم سيصدمه أكثر... هل فكرت يوما في مناسبات تكون لك وحدك، إلحادية يعني؟ أجزم أيضا أن أغلب الملحدين لا يتذكرون يوم قطعوا نهائيا مع الأديان وآلهتها، لماذا لا يكون ذلك اليوم يوم عيدك؟ ومنه تبدأ في تأسيس مجموعتك التي من زوجتك وأبنائك وأصحابك وعائلاتهم وأصحابهم ستصبح بعد أجيال مئات وآلاف؟ فكر فيها قبل أن تسخر وتقول هذا سلوك قتوهات لا سلوك أناس عظام أشاوس مثلنا نحن الملحدون! من يحكم العالم اليوم؟ إذا لم تكن تعلم فاعلم أنها القتوهات/ اللوبيات.. اليهودية والمالية والعسكرية ووو وحتى المثلية!

لا يفعل الملحد ذلك أيضا لأنه قومي ويساري وليبرالي ووو، أي أيديولوجيته قضت على ما تبقى عنده من إلحاد.. وأعود هنا إلى تلك النكتة الغريبة العجيبة، ملحد وماركسي؟ أنت ستتعجب وماركسي يعني ملحد وأنا أتعجب ليس مثلك لكن أقول أنه يستحيل أن يقبل الملحد بأن يوصف بأي صفة أخرى غير إلحاده.. كيف؟

ما سأقوله على الماركسية ينطبق على أي فكر آخر وآخذها كمثال لأنه الصادم الأكثر والماركسية تعرف بالإلحاد -كما يقال-:

ولد الملحد في عائلة متدينة، إن شذ وكان واحدا من مليون (أبوان ملحدان) فمجتمعه وبيئته كلها دين، أي الدين سبق الماركسية إلى عقله، اغتصب المسكين وفعل فيه الأفاعيل منذ نعومة أظفاره دون أي يدري! (وأشدد على مصطلح الاغتصاب لأن التعليم الديني في الصغر أكبر جريمة وقعت في حق الملحد الذي من المفروض الأعلم بما معنى دين وإله وعذاب قبر وجهنم وصلاة فجر وطهارة ووو وهو صغير!: الملحد لأنه علماني وراقي ينسى هذه الجريمة الشنعاء ويقلل من شأنها ويجد الأعذار لمرتكبيها). الماركسية وغيرها تأتي بعد الدين، عادة في المراهقة وعندما يقترب الملحد من الباكالوريا وتتركز في الجامعة، طبعا هذا الطريق ليس قاعدة لأن هناك من يكتشف في الأربعين أو حتى بعد الخمسين..

سؤال: هل ذلك المراهق، أو ذلك الطالب الجامعي حسم أمر الدين قبل دراسة الماركسية؟ الجواب قطعا لا! لأنه لو فعل لما رأينا يساري شيعي ويساري سني ولما سمعنا أصلا عن يسار إسلامي ولما رأينا كل المآسي الموجودة اليوم وفي كل البلدان أقصد ليس التطبيع مع الدين فحسب بل التطبيل له لدرجة أن بعض اليساريين صاروا محسوبين على الاسلاميين! فكيف يفعل ذلك ملحد لو كان ملحدا أصلا؟ قد تقول أنهم يعرفون حقيقة الدين لكنهم انتهازيون، وأقولك أعرف أشاوس حجوا ورأيت بأم عيني من يقرأ الفاتحة على قبر (وهو وحده أي ليس بجانبه عائلة ليجاملهم) وهو كاتب كتب ورمز يساري معروف كان سمير أمين صديقه! أعطيتك هذا المثال لكيلا تقول الكوادر الكبار يعرفون ربما فعل ذلك العوام السذج.. لا صديقي، الكوادر تصلي وتحج!

ماذا أريد أن أقول؟ الدين هو الأصل وفي كل شيء لأن كل شيء بني عليه، تجاوزته فهمت ما بعده فهما صحيحا لم تتجاوزه لن تفهم شيئا.. ألم تقرأ أو تسمع لأي مفكر أو فيلسوف من أشاوش الغرب اليوم؟ ألا تضحك كيف يتحدثون عن الإسلام وكيف يسارعون إلى إتهام أي ناقد حقيقي له بالعنصرية؟ إذا كان عدد كبير من ماركسيينا لم يتجاوزوا الدين فكيف يستغرب من دفاع اليسار في الغرب عن هذا الدين بل والتحالف معه؟

ألا تعجب كيف في الغرب كثيرا ما نسمع عن ملحدين عادوا للإيمان؟ أعد ذلك لكيف نشأوا، فقد ولدوا في عائلات جلها توصف زورا بالإلحاد، وتربوا في مجتمعات -متسامحة- و -علمانية- و -متحررة-، ذلك -الملحد- بالنشأة عندما يصطدم مثلا بكل التفسخ الأخلاقي الذي تفرضه القلة الحاكمة الموصومة بالإلحاد زورا يصل به السفه إلى درجة الدفاع عن الخمار الإسلامي و-فضيلة- المسلمة المسكينة المحاربة حتى في لبستها! ذلك -الملحد- الجاهل هو فيلسوف ومفكر وإعلامي يشاهده الملايين وهو من يساهم في كل مشاكل بلده مع الإسلام دون أي يدري، وطبعا إذا لم يفهم أصول المسلمين وهم لا تأثير لهم في السلطة الحقيقية في بلده فكيف سيفهم من يقول من أبناء بلده أننا مستعمرة اسرائيلية كفلسطين؟ بل سيقفز متهما بمعاداة السامية والعنصرية.. الأصل: الدين، فهمه خطأ كل ما سيبنيه بعد ذلك سيكون سفها، وما بني على باطل قطعا باطل.

طيب، نفترض الآن أني لما بدأت التعرف على الماركسية ودراستها، كنت ملحدا وفاهم إلحادي كما يجب، أعجبتني أفكارها فتبعتها، ما المشكل؟

المشكلة أنك تجاوزت أكبر منظومة تدعي الكمال من ألفها إلى يائها، تدعي أنها قادمة من السماء، وصالحة لكل شيء في حياتك، أقدم ما وجد مع البشر والقدم يعطي أكثر مشروعية، الله نفسه أرسلها لك: أنت نسفت كل ذلك ورفضت أن تكون عبدا، صرت أنت الله نفسه وأنت المقدس الوحيد على هذه الأرض.. عندما يفهم ذلك، أي منظومة أخرى تأتيك تدعي الكمال وأنه يجب اتباعها وحدها وتوقرك عندما تضحي بنفسك لأجلها يجب أن تشتعل كل الأضواء الحمراء في رأسك مباشرة ولا يمكن أن تقبل بالانتساب إليها لأنها قطعا ناقصة وفيها مشاكل! التقديس انتهى نهائيا وإلى الأبد مع الدين والله، أبدا لن تقدس شيئا قولا وفعلا وأؤكد على فعلا لأنه لا أحد يتبع أي فكر أو أيديولوجيا سيعترف بتقديسه لرموزه وأنت تجاوزت شعارات الدين الرنانة فهل ستخدع بأي شعارات تصدر من أي طرف آخر؟ ألا تعجب معي كيف يدافع البعض عن هتلر؟ عن ستالين؟ لينين؟ ماركس؟ سميث؟ وكيف يفتخر أحد برمز قومي مات منذ قرون؟ ويقولك لا أعلم من نعم أما خالد بن الوليد وغيره لا؟.. الله أرسلته إلى المزبلة فهل ستقدس أحدا بعده (بالمناسبة القومية التي ذكرتها قصدت بها القوميات القديمة لا العروبية وتلك أعجب الأعاجيب حقا: ملحد وعروبي؟! الإسلام خرافة؟ أكيد، والعروبة؟ حقيقة! ومن جاء بالعروبة لبلداننا وشعوبنا؟ الإسلام الخرافة! لكن.. العروبة حقيقة! وكله يركب ما دام الأصل فاسد.)

أنا لم أتكلم عن أي شيء في الماركسية وسأفترض أنك لا تعلم أي حرف عنها، هذه منظومة -وليست وحدها- تدعي أنها الوحيدة الصالحة (ضوء أحمر هنا: التوحيد!) وهدفها القضاء على الرأسمالية/ الامبريالية (الشيطان، لاحظ التوحيد يلزمه شيطان) سبب كل مآسينا، ولو نجحت (مرحلة الشيوعية=الجنة) لن توحد طبقات ولن يوجد أي استغلال لبشر وسيعيش الجميع في سلام والذئب والحمل يرقصان معا.. أؤكد أني لا أسخر بل هذا ما يقوله هذا الفكر.. ألا يذكرك هذا بوعود الدين؟ ألم ننتهي منه جملة وتفصيلا؟ فكيف تقول لي ملحد وماركسي وما دخل الإلحاد الذي أكلمك عنه في الماركسية أو غيرها؟ كلهم على فكرة يدعون نفس الادعاءات: كلهم أي أي فكر موجود وخرج من بشر.. ليبرالي رأسمالي قومي نسوي إنساني وووو

هل أرفض الماركسية أو غيرها مباشرة بما أني ومنذ البدء شممت رائحة الدين والوعود الزائفة؟ قطعا لا بل أدرس وأفتح الباب لكل فكر مناصفة وآخذ منه ما وجد عليه دليل وما صلح لي ولبلدي وللبشرية قاطبة.. لا يمكن للملحد أن يتبع أي أيديولوجيا لأنها قبيلة وفكر قبلي يشيطن غيره وهو ديدن الدين، في وقت ليس ببعيد وفي أمريكا كان يذهب وراء الشمس من يشتم عليه رائحة الشيوعية (الشيطان)، لكن الصين -الشيوعية- لم تخرج من الجهل والتخلف والمجاعة إلا بعد أن انفتحت على رأس المال!

منطق الثنائيات منطق تجاوزه الزمن ولا يزال لم يتجاوز هذا التضليل المتعمد للشعوب ونخبها إلا أصحاب الأيديولوجيات وعباد الحروف، والملحد قطعا تجاوز كل هذا.. يقولك مثلا في أمريكا يوجد حزبان يتبادلان السلطة وأمريكا ديمقراطية وعلمانية ووو: لماذا مثلا السياسة الحربية هي هي؟ فيل أو حمار أنت بوليس عالمي ولازم تحارب؟ من يقف وراء الحزبين؟ والجواب: نفس اللوبيات!

أعيد: قلت سابقا أن أصغر تلميذ في مدرسة الإلحاد يستطيع ازدراء من عنده خمسين نوبل إلحاد ولا مشكلة في ذلك، فهل حقا تظن أن ذلك الذي يقدس كائنا من كان -ملحد-؟ جوابي قطعا لا! وأظن أني وضحت من هو الملحد الذي يستطيع احتكار العلم مقارنة بالمتدين وأعطيت نبذة عن أخلاقه التي أصلها إلحاده.

أختم بهذا: قلت في الجزء السابق أن الملحد لا يجب أن يحكم وبينت لم. إذا فهم هذا الجزء سيكون الملحد الوحيد الذي يستطيع أن يكون همزة الوصل وصمام الأمام بين كل الأيديولوجيات المتصارعة في بلده، وبما أنه لا يمكن لأيديولوجيا أو فكر واحد أن يحكم وينجح يستطيع الملحد أخذ كل ما يصلح في كل فكر ومزجه مع غيره فتكون النتائج حقيقية وواقعية لا وعودا وهمية عفى عليها الزمن وكل من تبعها ذل وهان. وكما الملحد هو همزة الوصل في بلده، نفس الشيء سيكون خارجه: من يصلح أن يكون همزة وصل بين حماس ونتانياهو؟ السيسي؟ بايدن؟ أم أنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي متواصل على غزة وحصيلة القتلى الفلسطينيين تتجاوز


.. إسبانيا: في فوينلابرادا.. شرطة -رائدة- تنسج علاقات ثقة مع ال




.. من تبريز.. بدأت مراسم تشييع الرئيس الإيراني رئيسي ورفاقه


.. أزمة دبلوماسية -تتعمق- بين إسبانيا والأرجنتين




.. ليفربول يؤكد تعيين الهولندي آرني سلوت مدربا جديدا له