الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأس المرأة ,, رأس المال .. رأس السنة

منى نوال حلمى

2024 / 1 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


رأس المرأة ورأس المال ورأس السنة
========================

" قامت الحضارات على أكتاف النساء " ، هكذا كتب " جبران خليل جبران "، الذى تهل ذكرى ميلاده المائة والأربعين ، 6 يناير القادم ، حيث وُلد 6 يناير 1883 ، ررحل 10 أبريل 1931 .
ان ثراء المجتمعات ، يأتى من شقاء النساء فى البيوت ، وتخليهن عن طموحهن الخاص ، وتفرغهن لخدمة الأزواج ورعاية الأطفال . بالاضافة الى أنهن بعد العمل 24 ساعة يوميا ، قلما يجدن مع الأزواج ، الارتواء العاطفى ، والاشباع الجسدى . كيف لامرأة تُمتص طاقتها فى الطبيخ والغسيل ، والمسح ، والكنس ، ولم القمامة ، وخدمة الأطفال ، طوال اليوم ، أن تفكر فى اللذة العاطفية والجنسية . المسكينة المستضعفة ترمى نفسها على السرير فى الليل ، لتنعم بالراحة ، لتكرر اليوم التالى شقاء الأمس . ولكن هل يسمح الرجل بهذا الوضع ، الذى يستهزئ برجولته المهملة ، وشهوته المشتعلة ، لا تحتمل التأجيل ، ولا ترضى بالالغاء ؟؟. لقد تزوج للحصول على الطعام والنكاح ، متى شاء ، وكيفما أراد . لقد ملأ معدته ، ولكن ماذا عن النكاح ؟؟؟.
يقول د . شريف حتاتة فى كتابه " العولمة والاسلام السياسى " 1991 :
" ان عمل النساء فى البيوت ، بدون أجر ، هو جزء أساسى من تطور النظام الاقتصادى الرأسمالى يسمح باستمراره ، وتراكم رأس المال . البيوت. عندما أضربت النساء فى ايسلندا عن خدمة البيوت ، 1975 ، أصيبت الحياة بالشلل الكامل . فالرجل لا يستطيع أن يذهب إلى عمله دون أن يكون قد تناول إفطاره ، وارتدى ملابسه المغسولة ، النظيفة، ونام ليلته علي سريره ، واطمأن على أولاده وعلي رعايتهم . والأعمال التي تقوم بها المرأة في بيتها هي التي تصون قوة عمل الرجل . الوجبات التي يتناولها والتي تعدها له الأم، أو الزوجة ، تدخل فى خلايا مخه، في عضلاته وشرايينه، وأعصابه التي يعمل بها ".
ان الرجال يشقون وينهكون خلال ساعات النهار ، وفى الليل يذهبون الى المرأة فى البيت ، حيث يمددون أجسادهم ، ينعمون بالطعام والشراب والراحة ، والاشباع الجسدى .
كان رأس المرأة ، كان مرموقا قديما ، قبل الاحتلال الذكورى على مجد الأم ، وسيادة الالهة الأنثى ، والذى تزامن مع معرفة الرجل دوره فى الانجاب ، وفرض الزواج الأحادى على المرأة ، وبداية الملكية الخاصة ، للأرض وأدوات الانتاج ، وتراكم رأس المال .
وتدهورت النظرة الاجتماعية الى رأس المرأة ، خاصة فى المجتمعات التى أخذت شريعتها من الأديان . فأصبح رأس المرأة ، فى القاع ، ينقصه العقل ، ينشر الفحشاء والرذيلة . تحول رأس المرأة ، الى كتلة متحركة من الشرور ، التى تفسد رأس الرجل العفيف الشريف . وأفظع الشتائم للطفل الذكر ، أو الرجل : " تربية أمه " ،رغم أنهم يأمرون المرأة بالتفرغ لتربية الأطفال .
والاقتصاد الرأسمالى ، يفضل حصر عمل النساء فى الوظائف ، التى يعزف عنها الرجال ، والتى تحتاج الى الصفات التى أسسها ورسخها الفكر الذكورى ، وهى الطاعة ، والجمال الشكلى ، والصبر ، وقوة التحمل النفسى لا العضلى ، وخدمة الآخرين .
مثلا تعمل المرأة أكثر ، فى الحضانات والمدارس ، والسكرتارية والفنادق ، وعرض الأزياء ، وبيع البضائع ، وتعمل كجليسة أطفال ، وكممرضة ، ومضيفة طيران .
كلما جاء اليوم الأخير من الشهر الأخير ، نجد المجتمعات ، على اختلافها ، تنتظر الاحتفاء برأس السنة . احتفالات صاخبة بالغِناء والرقص والموسيقى ، والهدايا والنكات والأقفشات والضحكات ، والأزياء المبهرجة والأكلات الشهية والمشروبات المتنوعة التى تهدر الوعى والفلوس معا . وفى منتصف الليل ، تُطفأ الأنوار ، تقترب الرءؤس وتشتعل القبلات ، معلنة الدقائق الأولى من السنة الجديدة ، وسط التهنئات والتمنيات والتهليلات ، وبدء السهر حتى الفجر .
وبالطبع ، يلعب رأس المال ، دورا أساسيا فى مدى فخامة الاحتفاء برأس السنة .
وما بين الاحتفاء والتعظيم والاحتفال برأس السنة ، وتقزيم وتهميش وتجاهل رأس المرأة ، يمر بنا الزمن ... تكبر أعمارنا ، وتصغر انسانيتنا .
رأس السنة ، أهم من رأس المرأة . ورأس المال ، على رأس الأولويات. رأس المال ، سيد أوحد مُطاع ، الاله المعبود تقدم له التضحيات والقرابين ، ومن أجله تُرتكب الشرور والجرائم ، وتُحاك المؤامرات ، وتُشن الحروب .
رأس المال لا يعترف بالشرف ، والأمانة ، والنزاهة . الأخلاق تبدأ وتنتهى ، بالأرباح المكتسبة ، والمزيد منها .
رأس المرأة ، صفر على اليسار ، ما لم يكون مصدرا لرأس المال .
رأس الرجل ، يخضع أيضا لمقياس المال . لكنه يتفوق بذكوريته ، التى تجعله " خليفة الله على الأرض ".
فى بلادنا أيام " الصحوة الاسلامية " منذ نصف قرن ، والتى لم تكن تعنى ، الا صحوة الأسلمة والتزمت والتشدد والتسلف والأخونة وبيع الوطن وتكفين النساء وهن أحياء - تعبير نزار قبانى " ، وصلت اهانة رأس المرأة الى أقصاها ، حين دُفعت الأموال ، لجعل الحجاب ركنا أساسيا من الاسلام ، والايمان . ونسينا أن النساء فى ثورة 1919 ، خلعن الحجاب .
قالت قيادات الاخوان بفخر ، بعد طردهم من حكم مصر :
" على الأقل استطعنا تحجيب نساء مصر ". يعلمون جيدا، أن تحجيب المجتمعات يبدأ بتحجيب النساء ". وكان هذا هو الهدف .
يا ويل لأمة تحدد الفضيلة والأخلاق ، بقطعة قماش تغطى رأس المرأة . والنساء أنفسهن اقتنعن أن رءؤسهن ، عار دينى ، واجتماعى . ، قلة دين ، نقص ايمان ، رفض شرع الله ، الاستهانة بمرضاته ، وعقابه .
يا ويل لحضارة ، تتحكم فيها قلة من الرؤؤس " الفارغة " ، " المسعورة " ،
" العفنة " ، " الفاسدة " ، تحتكر رأس المال ، وجعلته " الها " يُعبد .
الرأس هو " أعلى " شئ فى الجسم ، ولغتنا العربية ، لا تؤنث
" الرأس " ، هى مذكر . دلالة على أن العرب ، يستنكرون لصق أعلى ما فى الانسان . اللغة مرأة للفكر .
الأمس 31 ديسمبر 2023 ، أفكر كم رجلا ، فى جيبه رأس مال وفير ،اصطحب امرأة للاحتفال برأس السنة ، ليلة تُبيح المحظورات والممنوعات ، بينما هى مغطاة الرأس المُحاطة بالقيود والمحرمات ؟؟؟.
اليوم أول يوم فى السنة الجديدة . افكر كم من النساء ، يمتنعن عن الاحتفاء برأس السنة ، حتى يتحقق الاحتفاء برأس المرأة ، ويصبح أهم من رأس المال ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة