الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


له ملك السموات والأرض وما بينهما..... ما في بينهما؟. سؤال يجيب عليه العلم متأخرا.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2024 / 1 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يقول السعدي في تفسير هذا النص { وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } تبارك بمعنى تعالى وتعاظم، وكثر خيره، واتسعت صفاته، وعظم ملكه، ولهذا ذكر سعة ملكه للسموات والأرض وما بينهما، وسعة علمه، وأنه بكل شيء عليم، حتى إنه تعالى، انفرد بعلم كثير من الغيوب، التي لم يطلع عليها أحد من الخلق، لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، ومثله سار كل المفسرين القدماء والحدثين في تقديم معنى جزئي لا يفهم منه ما الذي بين السموات والأرض، فقد ذكر مثلا التفسير الوسيط (هو- سبحانه - الذي له ملك السموات والأرض، وله ملك ما بينهما من مخلوقات أخرى لا يعملها أحد سواه).
لم أجد جوابا واحدا أو أن مفسرا قدم ولو صورة تقريبية للمعنى مع أن النص واضح لا لبس فيه أن الله له ثلاثة ممتلكات من ظاهر الآية غير الغيب وعلم الساعة وهما الأرض والسموات والثالثة ما بينهما، هل هو تقصير من صانع النص وواضعه حين ذكر ما هو مألوف عند العقول البشرية والتي لا تدرك عادة إلا بوسائل علمية وبحثية متطورة؟ أم أن الله وضع هذا الشطر من الكلام لتحيير العقول البشرية التي لا يمكنها أن تجيب وتفهم حتى تتعلم وتبحث في قوانين التوازن الوجوبي للوجود؟ السؤال الثالث الذي أبحث عنه شخصيا غي طيات النص ومن خلاله هو ، هل أن بين كل ضدين ما بينهما من وجود أخر؟ بمعنى هل بين الأبيض والأسود عالم ثالث لا رمادي ولا ينتسب لكلا اللونين؟.
أولا مما لا شك فيه أن السموات والأرض هما جزء أساسي من الوجود المادي للكون المتسع وشكلا أكثر قدرة على التمثيل الشكلي أو الشكلوي لشكل المادة، فالأرض كما بينا في أبحاثنا السابقة لا تعني الكرة الأرضية تحديدا، وإنما هي تمثل الجزء الصلب من الكون الوجودي فالكواكب والنجوم والمجرات والسديميات وكل ما هو غير غازي دخاني أو سائل فهو أرض بما فيه الكون اللا مرئي من قبل الحواس البشرية ووسائل الإدراك العلمية، فالسماء الدخانية أو الغازية أو الغبارية هو الوجه الثاني للوجود المادي، في مقابل هذا الوجود الأرضي والسماواتي هناك وجود حقيقي ولكنه ليس ماديا بالشكلية والماهية التي عليها الأرض والسماء ولا على شكل طاقة متحولة أو متبدلة، وإن كانت تشارك الطافة في خصيصة التحول إلى مادة وبالعكس.
في علم الفلك وعلم الكون هناك ما يعرف حديثا بما يسمى (المادة المظلمة أو المادة المعتمة أو المادة السوداء) بالإنجليزية "Dark matter"، هي مادة اثبتت البحوث الفيزيائية الكونية والكيمياء الفيزيائية على وجودها، وهي بداية مشجعة لتفسير جزء كبير من مجموع كتلة الكون، حيص لا يمكن رؤية المادة المظلمة بشكل مباشر باستخدام المقاريب إلا عبر دراسة المعادلات الرياضية والفيزيائية التي تشير إلى وجود فجوة بين الحقائق الوجودية والحسابات الرياضية، وحيث أنه من الواضح ومن خصائصها أنها لا تبعث ولا تمتص الضوء أو أي إشعاع كهرومغناطيسي آخر على أي مستوى هام، وعوضاً عن ذلك ويُستدل على وجود المادة المظلمة وعلى خصائصها من آثار الجاذبية التي تمارسها على المادة المرئية والإشعاع والبنية الكبيرة للكون.
هنا يكون الحديث عن المادّة والمادّة المضادّة أو المقابلة او المادة المظلمة، هو بمثابة الحديث عن عالم منظور ومحسوس، وعالم أخر غير منظور ولا محسوس، ويعتبر العلماء والباحثون الواحد صورة طبق الأصل للآخر باستثناء الشحنة الكهربائية، ترجع النظرية العِلمية التي تتعلق بوجود مادّة مضادة أي مثيلة ومقابلة لكل مادّة، للثلاثينات من القرن الماضي وعلى وجه التحديد لحامل جائزة نوبل الفيزيائي البريطاني بول ديراك، وفقاً لفريق بعثة بلانك، واستناداً إلى النموذج القياسي لعلم الكونيات، فإن مجموع الطاقة-الكتلة في الكون المعروف يحتوي على المادة العادية بنسبة 4.9٪، والمادة المظلمة بنسبة 26.8٪ والطاقة المظلمة بنسبة 68.3٪. وهكذا، فإن المادة المظلمة تشكّل 84.5٪ من مُجمل الكتلة في الكون، بينما الطاقة المظلمة بالإضافة إلى المادة المظلمة تشكل 95.1٪ من المحتوى الكلي للكون.
السياق العلمي يقول أن التماس المباشر بين المادّة والمادّة المضادّة يؤدي لفناء الاثنتين معا فناءا نهائيا لأنه يحولهما إلى نور عظيم (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ﴿١ الأنعام﴾، يقارنه بعض علماء الفيزياء النظرية بنور الانفجار الكوني الأول المعروف باسم "بيغ بانغ"، وما دام أن التماس بين المادة والمادة المضادة والطاقة وضديدها الطاقة المضادة يؤدي إلى فناء أو أنتفاء الوجودين من الوجود الكوني، فكيف نفسر وجودها معا. هذا السؤال مرتبط أيضا بالنص الذي يقول "وما بينهما" أي بين السماء والأرض هناك عالم موازي مكون أيضا من مادة مظلمة وطاقة مظلمة ولكن بالتعاكس، فمع كل مادة حقيقية هناك طاقة مظلمة تحفظ من الأختلاط بين شكلي المادة، والعكس صحيح لذلك كقير ما أشار الله إلى كمفهوم "ما لا تعلمون" والظاهر أن أحد مصاديق ما لا يعلمون هذه المعادلات الكونية التي سبقت العقل البشري بألاف السنين لتشير إلى حقائق سابقة لكنها غير مدركة لأن العقل البشري كان لا يعلم كثيرا من أسرار الخلق.
الجواب إذا ما بينهما أي بين السماء والأرض هو العالم المظلم التي أشارت إليها الآية أنفة الذكر والتي تربط بين الظلام والنور، وهنا الظلام لا يعني المجال الذي ليس فيه نور أو ما يعرف بالظلمة، ولكن المجال الذي يفقد الطاقة على توليد الإشعاع الضوئي نتيجة فقدان الشحنة الكهربائية في العالم الظلامي أو العالم المادي المضاد، فعند ألتقاء العالمين المادين ومن نتيجة قانون التناقض يبدأ العالم السالب يصطدم بالعالم الموجب فيولد الشرارة الكهربائية من شحنات التصادم فيحدث النور، الذي هو بالأصل شحنة كهربائية مولدة وليس نتيجة ضياء جرم أو إشعاع طبيعي بلا مسببات، الظلام والنور هو العالم المحتمل التكوين بين السموات والأرض مما أشار إليه النص التالي (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) ﴿١٩ البقرة﴾.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي