الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سليمان والعرش ومن عنده علم الكتاب في معادلة الفعل والتشكيك. (ملك سليمان) ح2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2024 / 1 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من هنا ننتهي من حكاية بلقيس والملك النبي سليمان لنعود إلى ملك سليمان الذي وصفه القرآن الكريم وبناء على ما طلب هو من ربه أن يأتيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، هذا ليس أفتراضا بل هو من حقائق النقل المقدس الذي تعاضدت النصوص الدينية على توثيقه، ومن خلال هذا من الممكن أن نفترض منطقا ووفقا لسيرورة القصة _ الحدث أن ملم سليمان كان ملكا عظيما في المساحة أولا وفي العظمة الحضارية والعلمية والفنية التي كان عليها سليمان ورهطه من أولي العلم والشور ومنهم "من عنده علم الكتاب"، الملك الذي كان عظيما في تطلعاته وأمانيه ورسالته وما أمتلك من ربه من تسخير للحيوانات والأنس والجن، وما ذكر له من قدرة على الصناعات الفخارية والتعدين وغيرها من أمور مثل تسخير الريح له، هذا يقودنا إلى عدة حقائق منطقية، منها:.
• أن مملكة سليمان كانت أعظم الممالك البشرية في حينها من ناحية القوة المادية والعسكرية والحضارية والعلمية، بما يعني أنها متفوقة على جميع الممالك التي عاصرته، كما حدث مع مملكة سبأ التي تبعد عن الموقع المفترض لها مئات الكيلومترات، فكيف يكون حال الممالك القريبة منه أو التي تمثل سلطات منافسة.
• أن مظاهر العظمة لا بد أن تتركز في عاصمة المملكة دينيا وسياسيا كونهما يمثلان القيمة السياسية والدينية والسيادية لعظمة الملك وقوته المباشرة، وهذا يعني وجود القصور الملكية الضخمة والمعابد أو المساجد الكبرى التي تمثل أيضا عاصمة التدين السليماني في وقتها، وهي عادة دينية إبراهيمية قديمة أبتدئها إبراهيم النبي منذ أن رفع القواعد من البيت العتيق مرورا وأنتهاء ببناء المسجد النبوي الشريف في المدينة، مع عناية فائقة تنبع من أحترام الإبراهيميين أنبياء ورسل لمكان العبادة.
• من عادة الملوك وحتى الأنبياء الفصل بين مكان السكن ومكان العبادة، وجعل الجزء الأخر محا أهتمام وتجمع الناس، خاصة وأن الحرص على عيال وزوجات الأنبياء من الأختلاط والتعرض مبدأ ديني وأخلاقي ملزم، فعندما بنى إبراهيم البيت العتيق مكانا للعبادة ودعا الناس للحج قد أفرد مكانا للعائلة بعيد قريبا عن أماكن النسك، كذلك عندما خط النبي محمد المسجد النبوي جعل بيته ملاصقا للجامع ولم يكن جزء منه وكذلك فعل أصحابه وأمرهم بإغلاق الفتحات من بيوتهم إلى المسجد، فلا يمكن للنبي سليمان ومع هذه العظمة والرغبة في التفرد أن يجعل كل ذلك مختصر في بناء مساحته أقل من 300متر مربع (10 م× 30 م) حسب ما يزعم القائلون بوجود الهيكل.
فقد روي البعض عن هيكل سليمان كما يزعم المؤرخون اليهود أو تحديدا الذين يزعمون بأن النبي سليمان قد سار على وصية أبيه الملك داود في بناء الهيكل العظيم، على أنه أنشا هذا الهيكل على جبل حرمون بهذه المساحة، والغريب أن هذا البناء المتواضع بالمساحة والوصف قد أستغرق وقتا طويلا جدا وأعداد كبيرة من العمال والمهرة كبير جدا وأنه أستورد من جبال لبنان الكثير جدا أيضا من الأخشاب واللوازم، والتي لو كانت فعلا كما قيل فأنها تعني صرحا كبيرا يضاهي صروح الفراعنة والبابليين والأشوريين والرومان والفينيقيين، وليس بيتا صغيرا بهذه المساحة التي لا تمثل أي قيمة حضارية أو معمارية بجانب عظمة مملكة سليمان وطموحه الشخصي.
فالهيكل كما ورد في المصادر التاريخية الزاعمة بوجوده أيضا حددت المساحة والأقسام بما لا يقبله عقل ولا منطق يقبل بمثل هذه الخرافة، فقد ورد أنه:.
((كان بناء سليمان -عليه السلام- للهيكل - كما يُقال- بناءً محكمًا عظيمًا، ولم يختلف في بنائه الثلاثي عن باقي الهياكل الكنعانية "المدخل، بهوٌ مقدس، قدس الأقداس"، وكان يضم إلى جانب قصر الملك مبانٍ أخرى وهي:
قاعة إجتماعات.
بناءً للعاملين.
بَهوَين أحدهما للعرش وآخر للمحكمة العليا.
بيتًا لزوجة سليمان -عليه السلام-
بناءً كبيرًا للنساء.
مكان تابوت العهد الذي ألحق به المذبح الصغير.
فناء كبيرًا واسعًا أحاط بكل تلك المباني.
العديد من البوابات التي تمكّن من دخول المعبد في وقت الحج.
ثلاث بوابات أيضًا، بوابة الملك والمجلس وبوابة السجن.
والغريب أن كل ذلك كان مساحة الهيكل قد بلغَت ثلاثين مترًا طولًا، وعشرة أمتار عرضًا، وبلغ ارتفاعه خمسة عشر مترًا)) .
هذه السخرية التاريخية لا يمكن أن تمر على منطق سياسي ولا تاريخي ولا حضاري معماري، وأن كل ما يراد منه أن يثبت حقيقة وهم أصطنعه خيال أيديولوجي مريض، يحاول السطو والتزييف وتحريف التاريخ نحو كذبه صنعها وروجها بدوافع دينية وعنصرية وسياسية لا علاقة لها بالواقع والتاريخ، فمملكة داود ومن بعدها ملك سليمان كما يرد خصوصا في المصادر العبرية واليهودية كان من العظمة والأتساع ما لم ينشأ مثلها في البلاد، ومع ذلك عندما يتحدثون عن مملكتي اليهود فهم يتكلمون عن مملكة صغيرة "مملكة من ممالك المدن المعروفة تأريخيا" أو عن مملكة هامشية لم تتوسع ولم تتطور ولم تشهد إنجاز تاريخي أو حضور مهم في تاريخ المنطقة.
((تحدثت التوراة عن سليمان واعتبرته ملكا لأعظم ممالك المشرق العربي، وأن حدودها لم تقتصر فقط على فلسطين، وإنما امتدت لتشمل كل بلاد الشام.. واعتبرت عصره أزهى عصور إسرائيل على الإطلاق، عمرانيا وعسكريا وإداريا وثقافيا، وبما أن الإنس والجن ومردة الشياطين، بجانب الطير والحيوانات، شاركت فى بناء مملكة سليمان العظيمة، فإن الطفرة العمرانية ستكون عظيمة الشأن، مباني وقصورا لا مثيل لها تتحدى غدر الطبيعة، وعوامل التعرية وتقف صلبة قوية تباهى الزمن، ومع ذلك لا يوجد شاهد أثرى واحد، صغيرا كان أو كبيرا، أو نقشا على حجر أو معبد أو قصرا، يؤكد حقيقة مملكة سليمان.. وفقا لما جاء فى التوراة..!!))، أليس هذه الحقيقية غريبة وتثير الكثير من الأسئلة عن ما يرد في تاريخ العبرانيين وكتبهم التاريخية والدينية من تناقض ودجل وأفتراء.
أن حوليات الحضارات القديمة جميعها التى واكبت نفس تاريخ مملكة داود وسليمان المزعومة بالوصف العبراني اليهودي وبالمنطق الذي تتحدث به، كحضارات فينيقيا وآشور وبابل ومصر القديمة وروما لم تشر من قريب أو بعيد لهذه المملكة، وأن الكثير من الخبراء والباحثين وعلماء فى التاريخ، طرحوا سؤالا جوهريا كهذا "مملكة بحجم وعظمة مملكة سليمان، لا يمكن أن تكون بمعزل عن الحراك السياسي والعسكري فى زمنها مع الجيران من احتكاكات واختلافات ما ينجم عنها نشوب معارك حربية، فلماذا لم تذكر الحضارة المصرية شيئا عن هذه المملكة، لا خيرا ولا شرا.."؟! خاصة إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن حكم سليمان دام أربعة عقود كاملة، حيث حكم يهوذا وإسرائيل لثلاث وثلاثين عاما، وحكم مدينة الخليل فى فلسطين لمدة سبعة أعوام، وكانت وفاته فى أورشليم القدس عام تسعمائة واثنين وثلاثين قبل الميلاد، وهى تواريخ مهمة ودالة ومؤثرة فى محيطها قبل الداخل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تأكيد القرآن لكذب التوراة
طاهر مرزوق ( 2024 / 1 / 7 - 12:28 )
الدكتور/ عباس العلى
بعد التحية والسلام,
من الواضح فى مقالك عندما تستشهد بنصوص القرآن عن سليمان أجدك متفقاً جداً معها وتعتبرها واقعية ومنطقية بينما تعتبر أن نصوص التوراة لا تتفق مع المنطق والعقل من حيث عدم وجود أثار تاريخية تدل على وجود تلك المملكة السليمانية العظيمة، واعتبرت سليمان حسب القرآن ملك طلب من الله وأعطاه ما أراد بالفعل من ملك عظيم وحكمة والتكلم بلغة الطيور وغيرها من المواهب والعطايا الإلهية مثل الذى عنده علم الكتاب ونقل عرش ملكة سبأ.
أليس غريباً أن يصدق القرآن او الله على كلام التوراة الكاذب الذى هو مجرد أساطير وخرافة كتبوها وأخذوها من تاريخ السومريين وغيرهم اثناء سبى بابل؟؟
بل أن الله فى القرآن كما تقول ويقول المسلمين اعطى القدس أو فلسطين فى نصوص أخرى لليهود كأرض يرثونها باعتبار اليهود شعب الله المختار؟؟؟
السؤال الفيصل هنا هو:إذا كان القرآن من عند الله، لماذا ذكر تلك القصص الكاذبة كما كتبها اليهود فى التوراة ولم يكذبها مثل موضوع سليمان والسذاجة التاريخية لتلك المواهب والعظمة التى اعطاها له الله فى التوراة والقرأن الذى نقل عنه؟؟؟.. أتمنى منكم إجابة حكيمة, مع الشكر

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -