الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا عن أزمة التعليم بالمغرب ؟

محمد أمين وشن

2024 / 1 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


" إنّهُ رأسي أنا لا تبحث فيه عَن أفكارك "
* جبران خليل جبران *

قبل الخوض في الموضوع ، لا بد من تقديم كل أنواع الدعم المبدئي و اللامشروط مع كافة الأستاذات و الأساتذة الموقوفين عن العمل .

إن ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية عشية خروج مسودة النظام الأساسي المعدل ، من إجراءات قانونية معيبة في حق عشرات الأستاذات و الأساتذة لا يعدو أن يكون إسهاما في إعادة تدوير الأزمة بالمدرسة العمومية ، فكيف لوزارة خرج عدد من أطرها المركزية عبر منابر و قنوات عمومية و أخرى خاصة يطلبون من الأساتذة الالتحاق بالأقسام تجنبا للهدر المدرسي و إنقاذا للسنة الدراسية من البياض ، أن تنفذ قرارا يقضي بتوقيف عشرات الأساتذة عبر مختلف مديريات المملكة عن العمل .

إن هذا القرار يدفعنا لطرح مجموعة من الأسئلة الاستنكارية :
ألا يعتبر هذا القرار بمثابة إعادة إنتاج هدر مدرسي بصيغة أخرى ؟ ألا يكشف هذا القرار عن سكيزوفرينيا حقيقية تعرفها دواليب هذه الوزارة تكشف مدى التخبط و العشوائية و الارتجالية التي تعانيها والتي تترجمها عدد من قراراتها ؟ ، ألا تعي الوزارة خطورة مثل هكذا قرارات على سيرورة الزمن التعليمي ، و مدى آثارها على الجانبين النفسي و الاجتماعي و الاقتصادي على الفئة التي اتخذ في حقها ذلك ؟ ألم تقدر هذه الوزارة انعكاسات هذا القرار على الساحة التعليمية ، مما قد يدفع لاسترسال الاحتجاجات الأستاذية بالشارع ؟

إن قرار التوقيف والذي في تقديري الشخصي شابته الانتقائية و انتفاء شرط الموضوعية ( اتخاذ قرار في حق : أساتذة علقوا الاضراب بعد اتفاق 26 دجنبر 2023 ، أساتذة في حالة فائض .....) وفي غياب تام للقيم الأخلاقية و الإنسانية ( اتخاذ قرار في حق أساتذة مرضى مرضا مزمنا ، أساتذة من ذوي الاحتياجات الخاصة ، اتخاذ القرار في حق زوجين ........) ، و طال موظفين عموميين ليسوا كما تم الادعاء في مراسلة التوقيف عن العمل المسلمة لهم بكونهم لم يلتزموا بأداء المهام الوظيفية ، وحرضوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى عرقلة السير العادي للمؤسسات ( والذي يجب أن يكون إثباتها عن طريق مفوض قضائي ، كما كيف توصلت الوزارة أن ما عبر عنه في إطار الحريات هو تحريض و ليس تعبير عن الرأي بناء على قناعة و اعتقاد ) ، و عدم تقيدهم بقيم و أخلاقيات المهنة وفقا للضوابط المعمول بها ، بل كانوا يمارسون حقهم الدستوري المنصوص عليه في المواثيق الدولية حق الإضراب ( رغم مؤاخذاتي على كيفية تسطير الأشكال النضالية المرتبطة به التي لم توازن بين الحق و الواجب ) ، و دون إعمال تراتبية العقوبات المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية ، يطرح سؤالا جوهريا موضوعيا : هل ما أقدمت عليه وزارة التربية اليوم قرار إداري مرحلي صائب ؟ ألا يعتبر شططا في استعمال السلطة ؟ ألا يضرب هذا القرار مبادئ المساواة و العدالة بين عموم المضربين ؟ هل استطاعت الوزارة القيام باستقراء للحراك الأستاذي ، و قدٌَرت من خلال تحليلات كوادر باب الرواح مدى نجاعة هذا القرار في إعادة السير العادي داخل المؤسسات و إنهاء الإضراب ؟ ألا يعتبر رد فعل الوزارة نتيجة هذا القرار التسلسلي هو إقرار بإخفاق الوزارة في تدبير الأزمة و إيجاد حلول ملموسة واقعية للأزمة ؟

إن أزمة التعليم اليوم تفرض على الطرفين الوزارة كما التنسيقيات الوقوف من أجل المدرسة العمومية ، من أجل تلامذة هذا المرفق ، ومن أجل الوطن ، إعمال النقد البناء ، و الاقرار بالأخطاء المرتكبة من الطرفين في خضم هذه الأزمة ، و الاقرار بها بكل ما تقتضيه الشجاعة الأدبية و السياسية ذلك .

فمن جهة الوزارة ، يجب الاقرار أن شرارة الاحتجاجات كانت من خلال الكيفية التي صيغ بها النظام الاساسي بداية ( السرية التامة ، الخنوع التام لاملاءات الصناديق المالية العالمية ، فرض الأمر الواقع على الشغيلة التعليمية بمباركة النقابات ......) ، ثم ما تبعها من قرارات لا قانونية مرتبكة ترقيعية ( تجميد مرسوم النظام الاساسي ، عدم الرغبة في الخوض في مخرجات الاتفاقات السابقة ، الحديث عن صعوبة الزيادة في الأجر .......) ، غياب تواصلي حقيقي للوزارة مع عموم الشغيلة ، خرجة الأمناء العامين لأحزاب الاغلبية والتي أخطأت تقدير المرحلة من خلال ما تضمنته تصريحاتها من وعد ووعيد ، استئناف الحوار الاجتماعي في إطار اللجنة الوزارية الثلاثية وما تخلله من زيادة في الأجور لم تراعي مبدأ العدالة الأجرية بين فئات القطاع ، تنفيذ مسطرة الاقتطاعات من الأجور بناء على مذكرة تنظيمية تضرب في العمق فصلا دستوريا يقر بالحق في الاضراب ، انتهاءً بإصدار قرارات انتقائية تقضي بتوقيف العشرات من الاستاذات و الاساتذة عن العمل و توقيف أجورهم .

و من جهة أخرى التنسيقيات ، حيث يجب الاقرار أيضا بكون ان الاشكال النضالية المعلنة تحكمت فيها العاطفة أكثر من العقلانية ، و حملت شعارات غير قابلة للقياس و نسبية ( الكرامة ) و انغمست في الخطابات الشعبوية أكثر منه الى الخطاب الحقوقي القطاعي الذي قد يدفع إلى تحقيق حد أدنى للمطالب و الى تسطير رزنامة زمنية لانهاء كل مشاكل القطاع بالتدرج ، و تقديم تنازلات فيم يخص تدبير الملفات العالقة في أفق حلحلتها في أفق سقف زمني محدد ، التخندق في شرنقة التنسيقيات الفئوية و عدم الانفتاح على جمعيات الآباء و الجمعيات الحقوقية و الأحزاب السياسية و النقابات و المجتمع المدني من أجل خلق جبهة وطنية للدفاع عن المدرسة العمومية ، الغرور المتسرب للتنسيقيات أمام أعداد المضربات و المضربين ، الصراع الخفي بين التنسيقيات ذاتها و الذي ترجمه التسابق في الاعلان عن الاشكال النضالية و المزايدة المتمثلة في عدد ايام هذا الاضراب ذاته وهو نفسه ما عكسه التنافر بين التنسيقيات منذ بداية الحراك الأستاذي الى غاية حدود 26 دجنبر ، ما تخلل الحوار الذي حضرته التنسيقيات تحت جبة fne , من سلوكات نشاز عن الفعل النقابي الرصين و عن مبدأ التفاوض المعقلن .

هذا بالإضافة إلى طرف ثالث وهو الدولة و التي عملت على امتداد زمني طويل في إفراغ الإطارات الدستورية ( النقابات ، الاحزاب ...) و إفقاد الثقة فيها ، و إضعافها ، مما أدى إلى ظهور التنسيقيات كبديل لحالات التشظي و الوهن الذي أصاب المؤسسات الدستورية ، حيث انتفى الرَّابط الَّذي كان يجمع بين المواطن وبين المؤسَّسات و غاب الدور التأطيري الذي كانت تقوم به هذه الأخيرة فظهرت النضالات العفوية خارج وساطات نخب لا تستطيع القيام بدورها مع حكومة لا تسمع لا تتكلم ولاترى بل لا تقبل بأدوار الوساطة ولا لها القدرة حتى على تحليل الأمور بشكل رصين و معقلن .

فهل نحن اليوم وأمام أزمة التعليم التي أسقطت ورقة التوت على مجموعة من أزمات أخرى قيمية أخلاقية إنسانية إجتماعية و اقتصادية أمام انهيار حقيقي لمنظومة قيم وفي مقدمتها قيم الحرية و العدالة الاجتماعية ؟

ملحوظة : «رأيى صواب يحتمل الخطأ ، أو خطأ يحتمل الصواب»








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟