الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنة جديدة طيِّبة للجميع

أحمد إدريس

2024 / 1 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أتمنى لك سنة جديدة طيبة أيها القارئ. إسمح لي أن أدعوك إلى الإنتباه لِما يلي :

الحياة تقوم على قوانين قد تتسامح أو تتغاضى إلى حد ما و تغفر بعض التجاوُزات أو الأفعال التي تُعتبر غير لائقة لكنها لا تغفر التحايل على الواقع و خيانة الضمير بإخفاء و تغييب الحقيقة. و خيانة الضمير بإخفاء و تغييب الحقيقة هي "الكفر" المُستفظَع و المستقبح بشكل لافت في القرآن. لكن الأُمة المحسوبة على هذا الكتاب و التي أنتسب إليها تَصِم به زوراً و ظلماً جُل الآدميين، معظم الخلق، بما فيهم أُناساً رائعين يدعمون بتفان عجيب القضية التي تشغل بالنا جميعاً في الوقت الراهن.

لِيكون هذا العام طيباً، مُبارَكاً على الجميع، يجب أن نكون طيبين. و إن كُنت تقول عن نفسك إنك مسلم فسأقول لحضرتك : « إذا لم تَكُن، أيها المسلم، في قلبك و فكرك و عملك، رحمة للعالمين، فأنت على طريق غير طريق رسولك محمد - صلَّى الله عليه و سلَّم -، فقد قال له ربه الذي أرسله : "و ما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالَمين" » (عصام العطار). المسلم الحق لا يمكن إلاَّ أن يسعى في هذه الحياة ليكون رحمة للعالَمين. الرحمة صفة مُلازمة له فلا تنفك عنه أبداً، هي صِبغة راسخة في سلوكه الراقي و هي عُنوان روحانيَّته الأصيلة العالية، و السِّمة الأولى التي يُعرف بها بين الأنام. حتى المخلوقات الغير آدمية - حيوانات و نباتات و جمادات - تطالُها و تشملها هذه الرحمة. حتى و هو يُقاوم الظلم أو الفساد، و وسط ظروف يُصبح فيها من الصعب أنْ يُحافظ المرءُ على إنسانيته كالحرب مثلاً، المسلم القرآني الحق يبقى رحيماً… المسلم الحقيقي إذن ينبغي أن يكون رحمة للمخلوقات قاطبة، في كُل ما يصدر عنه، و مع ذلك يطلُع علينا بَيْن الحين و الآخَر شيخ يُفتي للمسلمين : « حذار و إياكم أن تطلُبوا من إله الكون الرحيم، الرحمة لصالح مَوتى غيركم من بني الإنسان » ! ضلال ما بعده ضلال : الترحُّم على موتى نُظراء لنا في الخَلق، سيجلِب علينا غضب مَن إسمُه الرحيم… لذا صِرنا أغرب أُمة أُخرجت للناس : يموت الطالح مِن قومنا، فليس مُستبعَداً أن نجد مَن يُفتي عندنا، و لو أن هذا الذي مات قد أمضى حياته في ارتكاب جميع المنكرات و الأفعال الشريرة الحِسية و المعنوية : « يجوز أنْ ندعو له بالرحمة و المغفرة لأنه مات مُسلماً » ؛ يموت الصالح مِن غيرنا، فبكل تأكيد سنجد مَن يُفتي عندنا، و لو أن هذا الذي مات قد نذر حياته لِخدمة قضايانا و أفنى عُمره في إطعام فُقرائنا و الدفاع عن جميع المقهورين في العالَم : « يَحرُم الدعاءُ له بالرحمة لأنه مات كافراً »… أيُعقل أن يُوصفَ شرير بالمسلم و مُحسن بالكافر يا معاشر الشيوخ ؟ متى ترتقي فلسفتكم الدينية إلى مُستوى « و ما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالَمين » ؟ هل ما أنتم عليه هو السبيل الذي مَن سلك غيره في هذه الدُّنيا فحتماً و قطعاً سيخسر الآخرة، كما يُوحي ظاهرُ آية قرآنية يفهمُها أغلبكم و أتباعكم على نَحوٍ سطحي و ضيِّق يدعو للرِّثاء ؟ هالة الطهرانية و القداسة و النَّزاهة التي تُحيطون بها أنفسَكم، زَيفُها تجلَّى بِوُضوحٍ لا لَبْس فيه و ما عادت تنطلي على أحد. فمُستوى الوعي العام يتنامى بشكل مُتواصل و مُتسارع مع مُرور الزمن في أَوساطٍ مُجتمَعية و فكرية واسعة بين ظَهرانَيْ المسلمين. فيما يخُصني : إنتقلتُ منذ زمان من ضيق دين الشيطان، الذي أرى أن مشايخ كُثر و أتباعاً لهم ما زالوا به مستمسكين و لأصنامه عابدين، إلى رحاب و سَعة و سماحة دين الرحمان.

فاستمع بصدق لكلامي، أخي المسلم، فإني لك من الناصحين : كُف عن تلقيب و مناداة المختلفين عنك في الديانة الظاهرية بـ"الكفار" و ستكون قد وضعت قدمك على الطريق الصحيح و المستقيم. و بكل تأكيد سيكون بِوُسعك أن تكون رحمة للعالَمين. أنت مُدرك بأن أمتنا بحاجة إلى تغييرٍ كبير. أوَّل ما يجب أن نعمل على تغييره، بِحزمٍ، هو طريقة تفكيرنا و نظرتُنا للعالَم. تنصلح الأمور و الأحوال عندما تنصلح العقول و الأفكار. إصلاح التفكير و تصحيح التصوُّرات هو أساس البناء الحضاري السليم للأمة. هكذا يُبنى الإنسان السَّوي المستقيم، الذي يَبني حضارةَ الرحمة الشاملة.

« قيمة الإنسان هِي ما يُضيفه إلى الحياة بَيْن ميلاده و موته » (مصطفى محمود) : قد تكون هذه الإضافة مُجرَّد كلمة أو فكرة جيِّدة نَزرعُها في حقول الحياة، فينتُج عنها خير عظيم كأنْ ترفعَ مستوى الوعي لدى الكثير من بني البشر…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_


.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال




.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا