الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سليمان والعرش ومن عنده علم الكتاب في معادلة الفعل والتشكيك. (ملك سليمان) ح6

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2024 / 1 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


(حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)، في الجغرافية الدينية عادة تأت التسميات ليست بالضرورة أنها تشير لمحدد مكاني بعينه، ربما يكون هذا المكان موجود بالفعل أو ربما الهدف منه الإشارة لحالة أو وضع ما، فوادي النمل من هذا الباب ففي كل أرض هناك مساكن ومستعمرات النمل أما أن يكون واديا كاملا للنمل فهذه الإشارة الجغرافية تتطلب منا أن نبحث عنها في جغرافية مملكة أو ملك سليمان أولا، وإذا أخذنا البعد الحدثي لسياق النص فيشير المكان إلى خط سير سليمان وجيشه إلى مكان ما، فليس شرطا أن يكون هذا الموضع ضمن ملك سليمان ولكن المؤكد أنه كان في طريقه ذاهبا أو عائدا من حملة عسكرية.
بالرغم مما قيل عن وجود وادي النمل في الطائف أو في اليمن أو عسقلان في الشام حسب ما يدلو به البعض مما تحصل عليه من علم، لكن القراءة العميقة التي نستشف منها حقائق عديدة، تقول ما يلي:.
• أن هذا الوادي من المؤكد موجود سواء أكان وادي حقيقي كما هو علم الجغرافيا، أو مكان لمساكن ومستعمرات النمل الكبيرة عادة، والعرب تسمي مكان تجمع الجنس الواحد أو الفئة الواحدة وادي كما يقال وادي جهنم، لكن المؤكد قطعا ان المكان الذي أشارت إليه الآية مرتبط بشيئين، الأول الحشر الذي ذكر في النص (وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون)، هذا يعني أما أنه وقع مرة واحدة تحديدا بهذا الحال، أو أن ذلك يعني لتحديد المكان أن نعود لما قبل النص (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)، هذا يعني أن الحدث في بداية ملك سليمان ولي أكثر من ذلك، وكذلك العودة للحدث ما بعد النص للاستدلال على المكان (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)، إذا الزمن محصور بين تقلد سليمان الحكم بعد وفاة أبيه داوود وقبل أن تحدث قصة العرش وبلقيس، الشيء الأخر أن المنطق السيروري في الحدث يشير إلى أن الواقعة حدثت قبل أن يطلب من الله أن يأتيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وهذا يشير إلى فترة ما قبل التوسع والأستعداد لمرحلة أن تتحول مملكة داوود إلى ملك سليمان.
• من الناحية الزمانية والمكانية يتأكد لدينا أن المكان الجغرافي في حدود ما كانت عليه دولة داوود، وهذا يعني أن أحتمالية أن يكون الموقع الجغرافي في اليمن أو السعودية الآن، فهو أحتمال مشكوكا فيه للذين يؤمنون أن دولة داود كانت في ما بعد النهر، أو موضع فتل جالوت من قبل ذا الطول داود الملقب في القصة القرآنية بـ "طالوت"، وعلينا الآن أن نقرأ الرواية الإسرائيلية المضطربة المحرفة والتي نقلها الفكر الإسلامي والرواة دون تمحيص، لنرى أن موقع ملك داود الذي نشأ بعد المعركة ليس سوى مكان أخر عما هو شائع لدينا (وسار جيش بني إسرائيل في الشمس المحرقة حتى أصابهم العطش الشديد وبعد فترة وصلوا إلى نهر الشريعة أو نهر الأردن حاليا.. فما كان منهم إلا أن انطلقوا نحو النهر وشربوا جميعا منه إلا عددا قليلا منهم، ثمانون ألفا شربوا ما عدا ٣١٤ رجلا هم الذين أطاعوا طالوت ولم يشربوا من النهر، فعاد الثمانون ألفا إلى بيت المقدس وعبر الباقون من الجيش نهر الشريعة مع طالوت ووصلوا إلى الشاطئ الآخر).
المأخذ على النص والرواية المفترضة هي :.
1. أن طالوت أو داود الذي نصب عليهم ملكا كان في القدس، بدليل أن الذين شربوا من الماء عادوا إلى القدس!!!، بعد أن عصوا الأمر ولم يستطيعوا العبور.
2. الرواية تستمر بالإيهام المتعمد، فنهر الأردن أو نهر الشريعة وهو أسمه القديم عبارة عن ممر مياه ضحلة في جزئه المقابل للقدس وجنوبا، وأن مياه نهر الأردن غالبا هي مياه مالحة، ويرجع ذلك إلى الينابيع الملحية الحارة التي تقع على الجانب الغربي من بحيرة طبريا، كما أنها تحتوي على نسبة عالية من الجبس، وعادةً ما تبقى الأملاح في التربة بعد استخدام مياه النهر لري المزروعات، وأستشهادا ومقارنة ومقاربة بالمواصفات التي جاءت في النص مع الزمن المذكور في الرواية لا تتناسب ولا تتطابق، فمعروف أن نهر الأردن في الصيغ عبارة عن مسطح مائي يمكن عبوره بسهولة وليس هنام من داع لإثارة الخوف من عبوره خاصة مع ذكر الشمس الحارقة (يرتفع منسوب مياه النهر في الشتاء بِدءًا من كانون الثاني وحتى آذار، بينما ينخفض منسوب المياه في نهاية فصل الصيف وحتى بداية الخريف)، فهو ليس بالعميق أو الصعب العبور وخاصة في الصيف حيث الشمس الحارقة أضافة إلى مياهه مالحة كلسية لا يمكن أن تكون للشرب.
3. استطرادا في النص الذي يشير إلى عبور نهر الأردن من القدس إلى الضفة الأخرى التي هي الضفة الشرقية والتي هي حاليا جزر من جغرافية المملكة الأردنية بأتجاه الحدود العراقية والصحراء الغربية الكبرى، فكيف يورد النص عبارة (ووصلوا إلى الشاطئ الآخر)، الرواية تقول أن جالوت كان ملك العماليق وهو الذي يتخذ من عقلان وغزه مكانا وموقعا ومملكة، فالاتجاه خاطئ تماما وعكسي ، فبدلا من أن يتوجه طالوت أو داود من القدس المكان المزعوم نحو وسط فلسطين بأتجاه عسقلان وغزة التي هما في غرب فلسطين الحالية، القصة كما ورد في الأدب العبري تشير للاتجاه المعاكس تماما.
4. الأحتمالات التي نخرج منها من القصة والنص هي، أن العماليق كانوا وكما هو ثابت في فلسطين من حدود النهر للبحر، وأن مملكة داوود كانت على الضفة الشرفية لنهر الأردن وما بعدها، وهذت ما يؤازره تأريخيا أن بني إسرائيل منذ الخروج من مصر إلى واقعة طالوت وجالوت لم يستطيعوا التغلب على الفلسطينيين من سكان عزة برغم كثرة المعارك التي حدثت بينهما، مما أدى إلى أنحراف مسيرتهم نحو الجنوب ثم للشرق ولم يدخلوا القدس قبل المعركة هذه أو الأرض الفلسطينية أبدا، عليه يكون النهر الذي حدثت حوله المعركة ليس نهر الأردن أو نهر الشريعة ولا بد أن يكون نهر الفرات العميق والسريع الجريان جدا والصالح للشرب منه في أعلى الصحراء الغربية المحاذية للعراق وتحديدا في منطقة الأنبار اليوم.
5. حدثت المعركة بين جيش داود أو الملك طالوت في المنطقة المحصورة بين غرب نهر الفرات وصولا إلى منطقة وادي الأردن وممر النهر ليكون تفسيرا لعبارة وصلوا للشاطئ الأخر، أي في المنطقة المحصورة بين شاطئ نهر الفرات شرقا وشمالا وبين شاطئ نهر الأردن غربا وجنوبا.
6. من كل ذلك يكون محل وإشارة الوادي انحصر فيما تركه داوود لولده سليمان في مملكته التي واقع منطقها التأريخي سيكون الأرض العراقية تحديد الجزء الممتد من سرق دجلة شمالا إلى غرب الفرات بما يجاور المنطقة السورية وصولا إلى أرض بابل التي أشتهرت قديما بالسحر والذي ربط النص الديني بينه وبين السحر في تحقيق لاحق، ولكن نذكر محل الشهادة (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ) ما علاقة ملك سليمان بالشياطين؟ الجواب (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)، إذا كان السحر جزء من الممارسة اليومية الشائعة في ملك سليمان، وليس هذا فقط بل أيضا العلم الذي نزل على الملكين في أرض أو في ملك سليمان، وهو من العلوم التدبرية العجيبة ولا علاقة لها بالسحر، وما كان الملكين يشتغلون به بل يقدمون الخدمة لسليمان في ملكه وهما من عباد الله المكلفون بدعم الملك (وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ، فيكون هاروم وماروت أيضا ممن سخرهم الله لسليمان في مملكته والإشارة لبابل إشارة لوجودهما من جنود سليمان، بما يعني أن ملك سليمان في بابل أو عاصمته وملاكو حكمة بابل.
7. هذا الحال المكاني الجغرافي يتطابق مع صورة النص وسيرورة الحدث في معركة طالوت وجالوت التي حدثت في غرب العراق على حدود بلاد الشام متوجها لمقاتلة العماليق وحلفائهم من غزة ويتطابق مع قصة النهر وخطورة العبور ومجريات الحدث بالتفاصيل.
8. فيكون هنا وادي النمل بالنتيجة وتحديدا في مملكة سليمان ومن قبله داوود، ولا يتعدى وجودها الجغرافي منطقة الوديان الغربية في الصحراء الممتدة بجوار نهر الفرات من دخوله الأرض العراقية حتى بابل الحالية في وسط العراق ومركز حكم ملك سليمان، فهي منطقة وديان مشهورة ومكان الحشر وعلى أمتداد خط المواصلات بين شمال ارض الجزيرة وبادية العراق الخصبة ومرعى القبائل التي تتصارع على مناطق النفوذ، كما تتصارع الممالك أيضا عليها كونها طريف التجارة بين الشمال والجنوب والغرب والشرق وطرق الأمداد العسكري ومسارح العمليات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -