الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سليمان والعرش ومن عنده علم الكتاب في معادلة الفعل والتشكيك. (ملك سليمان) ح7

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2024 / 1 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في البحث وعلاته

عندما تحاول الولوج في قضية تأريخية قد لا تهم الكثير من الناس الذين سحقهم عجلة الواقع المأزوم بإشكاليات البقاء والمقاومة، دون أن نفقد الشروط الأساسية لوجودنا في أدنى مستوياته ومنها متطلبات الحياة اليومية، ربما لا تلاقي ذات الأهتمام لو طرحت مشروعا عمليا يساهم في حل معضلات الواقع أسبابا ونتائج وحتى دون أن ترسم ما يعد ترفا فكريا كما تمارسه الشعوب الحية المتحكمة بوجودها كما هي متحكمة بوجودنا عن بعد ومن قرب.
يقول أحد أصدقائي وأثناء نشر أجزاء من البحث على موقعي الشخصي أن الكثير من الأفكار والتي وفدت على فكرنا الديني وتحديدا الإسلامي، في كل ما يتعلق ببني إسرائيل أو ما سبق نزول الإسلام من أحداث وروايات دينية وتاريخية يعتريها الوهن وكثيرا من التلفيق والتزويق حتى صارت كأنها مجرد حكايات شبيه بألف ليلة وليلة، للتسلية وإثارة الشغف بجمالية الصورة وعجائبية الحدث، وكل هذا لم يأت من مجهود فكري خاص بالعقل المسلم ونتاجه الطبيعي، والذي أستنبط كل هذا النوع من الأدب من نصوصه وإخباريات السماء، بل يقينا وجزما وتأكيدا إنه جاء من دسا وتزييفا وتحريفا ممن كانوا يحملون صفة أهل الكتاب، من يهود ونصارى زيفوا كل شيء من أجل تثبيت نظره أستعلائية لهم ولتاريخهم ووجودهم، وعلى أنهم أبناء الله وأحباءه وعلاقتهم بالله علاقة محبة وود وتألف، وأن الله محبهم ويحبهم ومستعد لتغيير معادلات الكون الوجودية وجغرافية الواقع وسيرورة التأريخ من أجل عيون بني إسرائيل.
الحقية أن واحدا من الأسباب والعلل التي جعلتني أخوض هذا المعترك الفكري والتأريخي يقع في جزء منه من ضمن ما نؤمن به كمسلمين أبتداء وليس نتيجة، أنا مؤمن أن كل ما ورد في القرآن الكريم بخصوص الأنبياء والرسل صحيح أو أننا لم نفهمه في سياق الفكرة الدينية ذاتها، أولا على أعتبار أن صدق إيماننا بالله ورسوله والكتاب مرتبط أيضا بإيماننا بصدق الأنبياء ووجودهم، وهذه نقطة مؤسسة مهمة وعلينا كبشر قبل أن نكون متدينين أو مؤمنين أو حتى ملحدين ان نسيح في الأرض ونقرأ ونفهم بعقل ومنطق لمراجعة إيماننا بما نؤمن، فالحقيقة لا يمكن أختزالها برأي أو نظرية أو فكرة بشرية، لأن التاريخ في جزء كبير منه ضاع أو زور أو هناك أيادي وعقول لا تريد منه أن ينطق أو يستنطق.
الحقيقة الأخرى أن الكثير من الأنبياء والرسل موجودون في طيات التاريخ الفعلي وإن كانوا بأسماء وتحريفات مقصودة من بعض الجهات التي تتولى تقديم التأريخ الأركولوجي لنا، فنبي الله إبراهيم مثلا حقيقية تاريخية ثابتة في تاريخ العراق القديم الديني والحدوثي الفعلي، الفرق أن اسمه في المدونات الآثارية مسلم أو مسيلم، وهنا حتى لا يكون جزء من إيماننا بالقرآن حقيقي تم تحريف هذه الشخصية مع كل تأريخها وواقعها وقدمت على أنها ملك بابلي أو اكدي، أنظر لذلك فيما دونه وبحث فيه صموئيل كريمر وطه باقر وأخرون، بالرغم من أنهم يعرفون كامل الحقيقة التأريخية المتعلقة به لكنهم لم يقدموها كما هي بحقيقتها، إنما قدموا قراءة أيديولوجية دينية مخترة ومنحازة لوجهة نظر يراد لها أن تبقى راسخة وأن لا تتخلى عن زيفها.
كذلك نقرأ ونفهم ما قدمه الباحث خزعل الماجدي من تشويه لحقيقة أنبياء الله الذين عدهم مجرد ملوك زمانيين وأن قصصهم حرفت دينيا، لأن من سخره وقدمه للجمهور الديني هو من يريد نفي وجود الأنبياء أصلا، الإسرائيليون عندما أكتشفوا أن توراتهم محرفة وزائفة تأريخية ولا يمكن إثبات ما ورد فيها من أكاذيب، عادوا ونفوا وجود الأنبياء والرسل وحتى الكتب الدينية المقدسة، ومنهم البرفسور الإسرائيلي فلكنشتاين أستاذ الإسرائيليات ودراسات التلمود المعاصر، إذا من هنا وقبل أن نجزم بشيء لا بد من البحث وبذل الجهد وقراءة التاريخ قراءة بانوراميه تعتمد القوانين العلمية، وأن لا نسقط مرة أخرى في فخ الإسرائيليات المزيفة والعقيدة التأريخية المأزومة التي تقدم نموذجا أيديولوجيا دينيا حتى مخالف ومناقض للعقيدة الدينية ذاتها، بعد أن أسقطونا سابقا بالتحريف والتزييف والتدليس، لذا نحاول هنا إجراء عملية تنظيف للعقل الديني المسلم والإنساني من هذه الترهات والأطروحات التي شوهت الفكر والعقل كما شوهت جزء كبير من الحقيقة.
من العلل والمبررات التي دعت للخوض غي هذا البحث التاريخي الديني الفكري، هو أنه يتعلق بشكل خاص بتأريخنا العراقي تحديدا، فأنا أعتقد وبالدليل الذي دونت في كتبي السابقة أن الدين العراقي القديم من نوح ومرورا بإبراهيم موسى وعيسى والنبي محمد، وما بينهم من رسالات وأنبياء ومصلحين بني أساسا بفكرة عراقية خالصة روحا وجوهرا ومنطقا، لا تختلف تماما عما دونه أجدادنا من أثر تاريخي من قصة الطوفان إلى أسطورة الخلق البابلية إلى شرائع أورنمو وحمورابي إلى حضارة وادي الرافدين وبداية عملية التحضر البشري، وأرتباط كل ذلك باللغة العراقية الأم ولهجاتها المتفرعة والتي كانت أساسا لكل اللغات البشرية اليوم، فالشخصية العراقية الفريدة في تكوينها العقلي والنفسي والروحي والديني لها وجود عميق جدا في الأرص في التاريخ في الفكر الإنساني منذ أن نشأ فيها ومنها نشأ ليكون مصباحا لكل السالكين طريق المجهول نحو المعرفة والنور، والذي بسببه هذا تعرضت كثيرا للأعتداء والتجهيل والتزييف والتحريف لجرها إلى موقع أخر، تتخلى بموجبه عن عمقها وجذورها إلى شخصية شريرة حاقدة كارهة لله وللإنسان والحقيقية بمرارتها وحديتها.
أليس هذا مبرر كافي أن نغسل عقولنا مما علق بها من قذرات الفكر العنصري الديني الأيديولوجي، ونعود إلى سماحة الرب وعدالة قضية الدين وجديتها في صنع الإنسان، ذلك الكائن الذي وصفه الله بأنه الأكثر جدلا، بمعنى أنه الذي لا يسلم بمجرد الإيمان ولا يستقر على فكرة حتى يخوض في جذورها وعللها وأسبابها، وهذه هي الخصيصة الوحيدة التي يمكن أعتمادها معيارا للتفريق بين الكائن المتجدد والكائن المستمر على قالبه والمتقوقع فيه، الجدل والجدل المقابل والبحث والمعرفة هي أسلحة الإنسان التي سخرها منذ أن عرف أن لديه عقل يفكر وينتج وينقل معارفه عبر الزمان والمكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه


.. الأضرار التي خلفها الإعصار الذي ضرب مناطق وسط الولايات المتح




.. مشادة كلامية بين مدرب ليفربول يورغن كلوب ونجمه محمد صلاح.. م