الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناس عبيد الدنيا

طاهر مسلم البكاء

2024 / 1 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


معروف من صاحب هذا القول وفي أي مناسبة قيل ، غير انه اندرج ضمن وصف راقي للمفهوم العام للطبيعة البشرية، حيث أنه يعني تقاصر فهم وتفكير الغالبية العظمى من البشر لرؤية ما أمامه من مواقف وصفحات حياتية ،وتصرفه وفق النظرة القصيرة ، وعدم القدرة على استشفاف ما وراء الأحداث وبالتالي معرفة أو الأهتداء الى المصلحة الحقيقية التي تنتظره فيما لو سلك طريقا ً مبنيا ً على الروية والتعقل "وهو مايعرف ببعد النظر " .
وهناك مبحثان في سبب وقوع الأنسان في هذا المطب الذي هو من الخطورة البالغة أنه قد يؤثر في حياته المستقبلية وفي صحة الطريق الذي قد يسلكه مستقبلا ً أو خطأه .
فقد تكون الصورة واضحة جلية للعقل وأن معرفة الصح من الخطأ بينة لاشائبة فيها ،ولكن الأنسان يميل الى مصالح مادية ضيقة ،كالهبات أو الوعود بالأموال والمناصب الدنيوية وغيرها ،حيث يعتقد أنه سيغيير حاله من الحال الذي هو عليه الى حال أفضل ،غاضا ً النظر عن أنه يسير في الطريق الخطأ ،أما المبحث الآخر فهو الجهل الذي عليه غالبية العامة فهو لايدرك الصح من الخطأ ويقع فريسة للأعلام المغرض ،فيختار المصالح الدنيوية الضيقة ،دون التفكير بأي مبادئ أو قيم :
قال تعالى" وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ " ...الأنعام 29، وهذا هو السرُّ الذي جعلهم يحبونها، ويحبون معها كلَّ إغراءاتها وشهواتها، ولما كان حبُّ الدنيا بالنسبة للكفار فوق كلِّ حبٍّ؛ فقد كان شُغلَهم الشاغل .
من المتفق عليه أن هذا القول هو للإمام الحسين بن علي " ع " شهيد كربلاء :
" النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون " .
والأمام الحسين " ع " هو سبط رسول الله "ص" ،الذي قال عنه الرسول :
" إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة " .
غير ان هناك اختلاف بين المؤرخين في المكان والمناسبة التي قيل فيها ،ولكنهم متفقون على انه قيل أثناء المسير الحسيني بأتجاه كربلاء ،فقد ذكر بعضهم ان الأمام قاله عند لقائه بالشاعر الفرزدق ،وسؤاله عن حال اهل العراق فقال له الفرزدق يامولاي :
"قلوبهم معك وسيوفهم عليك " ! .
وقيل عند نزول الأمام ارض كربلاء ومشاهدته أصطفاف الناس مع عسكر يزيد لمحاربته .
ومن الواضح ان الأمام "ع" يتحدث عن حالة عامة واسعة اتصف بها الكثير من الرعاع قبل الأمام واثناء حياته وبعده ،فهي حالة مرضية موجودة لدى طيف واسع من العامة ،يصطف فيها الناس في اتجاه فيه مصالح آنية ضيقة ،مع علمهم ومعرفتهم بموقع الحق والباطل ،ولكنهم يفضلون مصالحهم الدنيوية القريبة من عيونهم فيخسرون الكثير وقد يخسرون الحياتين الدنيا والآخرة كما حصل للجيش الذي قاتل الأمام الحسين في كربلاء ،مع علمه بشخصية وعلم ومكانة الأمام الحسين "ع" وقربه من رسول الله .
والقول فيه من الدقة الفريدة في أنه قال "قل الديانون " ولم يقل انهم غير موجودين بالمطلق ،وهذا هو الواقع الحياتي على مر التاريخ ،فهناك دائما ً انصار للحق والطريق المسقيم ،وان قلوا،وان كانوا فئة قليلة ،ولكنهم موجودون ،وأحيانا ً تكون نتيجة الصراع هوالنصر النهائي لصالحهم ،
"كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ" ... البقرة 249 .
ولا يعني القول "بأي حال " ان الأنسان يجب ان يطلّق الدنيا ،فالله تعالى خلقه ليعيش فيها ويتمتع بخيراتها ،ولكن عليه ان يختار مايرضي الله تعالى ويبتعد عن كل مانهاه عنه .
قال تعالى :
"وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ" ... القصص77 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس