الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبراهيم بين الكسمولوجيا وانطولوجيا قومه

طلعت خيري

2024 / 1 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ميثلوجيا الخلق

يبدو فى الحضارات القديمة أو الأديان القديمة الأخرى القصص مختلفة، لم ترد قصة آدم وحواء فى أى من آثار الحضارات القديمة الشرقية (حضارات مصر وبلاد الرافدين وحضارات فارس والهند والصين)، أو آثار الحضارات الغربية (الإغريقية والرومانية والسلتية)، وما ورد من قصص بدء الخليقة وأصل البشرية لدى أهل الأمم العريقة متنوع تنوع المعتقدات الدينية واختلاف الظروف التاريخية.

الميثلوجيا السومرية

وذكرت قصص الخلق فى أدبيات الحضارات القديمة المختلفة، بأشكال مختلفة، ولكنها اتفقت جميعها على أن خلق الإنسان من الطين، ففى الحضارة السومرية، قصة أن الإله إنكى أو إنليل، خلق الإنسان كخادم للآلهة من الطين والدم، وفى الحضارة اليونانية، فإن "بروميثيوس" الذى كلفه الإله "زيوس" بخلق الإنسان، استعان بالطين لخلق البشر، ومنحهم قدرات رائعة وعظيمة، أغضبت الإله "زيوس"، ونفس الأمر فى الحضارات الصينية والهندية واللاوسية والانكا، وغيرها من الحضارات القديم

الميثلوجيا الفرعونية

طبقا للأسطورة الدينية المصرية القديمة تزوج جب من اخته نوت وأنجبا أوزوريس وإيزيس وست ونيفتيس. كما تعدّ تلك الأسطورة أن "جب" ونوت أنجبا أيضا الشمس، وبذلك يكونان من آباء مجموعة الآلهة التى كان يعتقد فيها المصرى القديم.
وكان للمصريين القدماء العديد من أساطير الخلق التى تبدأ جميعها بالمياه الأزلية للإله «نون»، ثم جاء «أتوم» أول الآلهة، الذى يقال إنه خلق نفسه بإرادته وقوة أفكاره، ومن مياه نون انبثق جبل ليقف عليه أتوم، ومن هنا خلق أتوم «شو» إله الهواء، و«تنفوت» ربة الندى، ثم خلق شو وتفنوت «جب» إله الأرض، و«نوت» إلهة السماء.

الميثلوجيا اليونانية

وضع الشعراء اليونانيون الأوائل روايات مختلفة لبداية الخلق، أشهرها قصيدة «ثيوغوني» لـ«هيسيود». فى القصيدة، يقول هيسيود إن أول الآلهة خُلق من الفوضى، بما فى ذلك غايا (الأم الأرض)، وخلقت غايا أورانوس، أى السماء، لتغطى نفسها، ثم خلقا معًا مجموعة غريبة من الآلهة والوحوش، منها «الهيكتانوركايرز» (وحوش ذات 50 رأسًا ومئة يد)، ومخلوقات «السايكلوب» (ذوو الأعين المستديرة)، الذين صنعوا لزيوس صواعقه لاحقًا، ثم جاءت الآلهة المعروفة باسم الجبابرة، وهم ستة أبناء وست بنات.
وكان أورانوس يحتقر أطفاله الوحشيين فسجنهم فى «تارتاروس» ببطن الأرض، فغضبت غايا وخلقت منجلًا هائلًا وأعطته لابنها الأصغر كرونوس ولقنته بعض التعليمات، وعندما حاول أورانوس مضاجعة غايا بعدها، أسرع كرونوس بمهاجمة والده وقطع خصيتيه، ووُلد مزيد من الوحوش من الدماء التى سالت من أورانوس، كان بينهم العمالقة والحاقدات.
ومن زَبَد البحر الذى انبثق من الخصيتين المقدستين لأورانوس، كانت الإلهة أفروديت، وبعد ذلك أصبح كرونوس أبًا للجيل القادم من الآلهة: زيوس وآلهة الأوليمب.

الميثلوجيا البابلية

روى ملحمة «الإينوما إليش» قصة الخلق البابلية، التى تبدأ بامتزاج «أبسو»، الذى يمثل المياه العذبة، بـ«تيامات» (تعامة)، التى وتمثل المحيطات، ليخلقا آلهة كبيرة وشديدة الصخب، منهم «أيا» وإخوته، فينزعج أبسو ويهمُّ بقتلهم، لكن تيامات ترفض وتحذره من نواياه، فيقتل أيا أباه ويصبح بعد ذلك كبير الآلهة.
يتزوج أيا من «دامكينا» وينجبا «مردوخ»، الذى يوهَب الريح كى يلعب بها، فيستعملها لصنع عواصف ترابية وزوابع، ما يعكر صفو تيامات والآلهة التى تسكن جسدها ويمنعها من النوم، لذا تقنع هذه الآلهة تيامات بالانتقام لزوجها أبسو، فيما يقنع مردوخ آلهة أخرى بالانضام إليه فى معركته ضد تيامات، فيتغلب عليها ويقتلها، ثم يشطر جسدها إلى قسمين، يصنع السماء من أحدهما والأرض من الآخر، ويخلق الإنسان من دماء «كنغو»، الزوج الثانى لتيامات.

الميثلوجيا الصينية

من بين قصص الخلق المختلفة التى انتشرت فى الصين، كان أكثرها لفتًا للنظر قصة «بان كو»، الذى خُلق من بيضة كونية، شكلت نصف قشرتها العلوية السماء من فوقه ونصفها السفلى الأرض، وكان طوله يزداد كل يوم لمدة 18 ألف سنة، فإذا به يدفع القشرتين تدريجيًّا بعيدًا عن بعضهما حتى وصل كلاهما إلى مكانه.لكن بان كو بعد أن بذل كل هذا الجهد، انهار إلى أجزاء صغيرة، لتصبح أطرافه جبالًا، ودمه أنهارًا، وأنفاسه رياحًا، وصوته رعدًا، وشكلت عيناه الشمس والقمر، فيما خُلق البشر من الطفيليات على جسده.

https://www.youm7.com/story/2020/12/8/%D8%A2%D8%AF%D9%85-%D9%88%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D9%88%D9%84/5097396


تعليق

ميثلوجيا الخلق من الاعتقادات الدينية القديمة ، ظهرت على خلفية فهم خاطئ ، لحديث الله مع الملائكة ، وحديث الله مع ادم وإبليس ، وأغواء إبليس لأدم وحواء ، على اعتقاد ان القصة دارت على جنة في السماء ، فاتخذت طابع ميثلوجي ميتافيزيقي أسطوري خرافي لأنها بعيدة عن الإطار المادي للأشياء ، فأي فكر فلسفي خارج الإطار المادي للأشياء ضربا من الخيال اللاعقلاني ، ولكي يصحح الله الاعتقاد ، اخرج القصة من المفهم الميثلوجي الأسطوري ، الى الإطار المادي ليعكس لنا على ان القصة دارت على الأرض وليس في السماء ، ومن هذا المفهوم نستنتج ان المكونات المادية على الأرض لا تتوفر على أي مكون مادي في السماء

الأشياء المادية على الأرض في حديث الله مع الملائكة - بَشَراً مِن طِينٍ – تراب وماء- لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ - خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ

إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74} قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ{75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{76}

الأشياء المادية على الأرض في حديث إبليس مع ادم وزوجه – الْجَنَّةَ- الشَّجَرَةَ - ذاقا الشَّجَرَةَ - وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ

{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ }الأعراف19
فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ }الأعراف22

كان قوم إبراهيم يعبدون الأصنام ، كالشمس والقمر والكواكب ، وبعد محاولة اغتياله التي أنجاه الله منها ، توجه هو ولوط الى الأرض التي بارك الله فيها ثم انتقل الى مكة ، فكان هدفه من بناء البيت إقامة جغرافيه مكانية مجتمعية بعيدة عن عبادة الأصنام ، مشرعا الحنيفية رابطا أيها بشعائر الحج ، ولكون تلك العقيدة غير كتابية حرفها شياطين مكة من الزعماء والكهنة والرأسماليين ، مدعين ان إبراهيم نقل عبادة الأصنام من قومه الى مكة ، لشرعنة عقيدة الملائكة بنات الله كمنهج سياسي ديني ذو منافع اقتصادية وتجارية ريعها الملائكة بنات الله ، ان إبراهيم لم يقر بعبادة الأصنام ، لا في قومه ، ولا في مكة - في مكة ، وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ، وفي قومه ، وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ

الانطولوجيا فكر فلسفي وجودي ، ظهر في حضارات ما قبل التاريخ ، وتحديدا في فترة الملوك ، كمملكة سبأ اله الشمس ، وملوك بلاد الشام ، وقوم إبراهيم ، محاولة منهم إثبات الوجود بإلوهية الكواكب ، إلا ان إبراهيم لم يكن مقتنعا بعبادة الأصنام ، ولكن ينقصه الدليل العقائدي ، ليحاجج به قومه ، فلفت الله انتباه الى ما يعبدون ، من شمس وقمر وكواكب ، ليستنبط الإله الواحد من بين الإلهة المتعددة ، وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ، ولقد استعان إبراهيم بالكسمولوجيا الكونية لإثبات وجود الله ،عن طريق حركة الكواكب بفلسفة مادية حسية عقلانية ، بعيدا عن انطولوجيا الوجود ، معتبرا كل كوكب يطرأ عليه تغير كوني ، سواء ان كان زمني أو مكاني يغير من سرمديته لا يصلح إلها ، مستنتجا ان المكونات المادية للكون ، تخضع لخالق أعظم منها ، فطرها لأداء وظائف تلعب دورا في تجديد الحياة على الأرض ، فقال ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

كسمولوجيا إبراهيم

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ{76}فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ{77} فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{78} إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{79}

ربط قوم إبراهيم انطولوجيا الوجود بأصنامهم ،على اعتقاد ان الشمس والقمر والكواكب من أساسيات الوجود على الأرض ، وبدونها لن تؤدي الطبيعة دورها في التجدد ، فاحتلت الأصنام كافة مفاصل الحياة منها مصادر الرزق والأمن الغذائي والأمن المجتمعي ، مما أنهى ذلك وجود الله دنيويا وأخرويا , وإبراهيم اذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم ان كنتم تعملون , إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلفون أفكا , ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق , واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون , وان تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين

وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{16} إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{17} وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ{18}

أعطت انطولوجيا الوجود للطبيعة ، فلسفة شاملة وواسعة كما عددت الآلهة لتعطي لكل اله دورا في هذه الحياة ، فالمعتقد بها يمر بحالة من للاوعي المادي أو اللادرية ، فيكتسب الوجودية على اعتقاد ان الطبيعة هي الخالق تعيد نفسها بنفسها ، بتأثير الكسمولوجيا الكونية ، فأعطت تلك الفلسفة للشمس والقمر والكواكب دور إلهيا في تجدد الطبيعة ، نعم للكواكب دور في تجدد الطبيعية ولكن البعد السياسي من هذا الطرح إنكار وجود خالق لهذا الكون ، طالما الفكر الانطولوجي الوجودي يؤمن بالطبيعة ، إذن هو ينكر وجود الله فلا علة للبعث والنشور الأخروي ، فأفضل طريقة للخروج من اللادرية الى الادرية الحسية لفت الانتباه الى التغيرات التي تطرأ على المادة بتأثير الكون كأدلة على البعث والنشور، ان تجدد الخلق على الأرض قائم على البدا والإعادة ، وما يطرأ على الأرض من تغيرات فصلية ، ويومية كتعاقب الليل والنهار ، أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ، ان ذلك على الله يسير ، فالذي بدا بالخلق أول مرة ، وجدده بالإعادة ، قادر على النشأة الآخرة ، قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدا الخلق ، ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ان الله على كل شيء قدير

أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{19} قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{20}

للنشأة الأولى أدلة مادية على النشأة الآخرة القائمة على الرحمة والعذاب ، تركا الله للفرد حرية الاختيار فيما بينهما ، يعذب من يشاء ، العذاب ، ويرحم من يشاء ، الرحمة ، والية تنقلبون ، تنقلبون ، الانقلاب المصيري ، ونظرا لسعة الكون والكثافة السكانية ومسافات الأرض الشاسعة ، استبعد الفكر الانطولوجيا الوجودي الانقلاب الأخروي ، وهذا من باب اعتقادهم في عجز الله على إعادة النشأة الآخرة ، قال الله ، وما انتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء، وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ، فالذين استبعدوا الانقلاب الأخروي رغم أدلته المادية كالنشأة الأولى ، أولئك يئسوا من رحمة الله ولقائه ، والذين كذبوا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب اليم

يُعَذِّبُُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ{21} وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ{22} وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{23}

لما نقل إبراهيم انطولوجيا قومه ، من اللادرية العقلية الى الواقع المادي المحسوس ، لم يكن لديهم جواب للرد عليه سوى البطش والاضطهاد والقتل ، فما كان جواب قومه ، إلا قالوا اقتلوه أو حرقوه ، فأنجاه الله من النار ان في ذلك الآيات لقوم يؤمنون ، ان المنهج السياسي للانطولوجيا ، يتمحور حول المودة والمحبة التي تبلورها النصوص الفلسفية الروحية ، والتي تتفاعل مع الحرية الرغبوية ، والقوة الغريزية ، اللتان تمثلان الكيان ألوجدي للفرد ، على اعتقاد ان الوجود وجد لهذا الغرض ، ولكي يفكك إبراهيم انطولوجيا قومه عقائديا ، وإنهاء حالة المحبة والمودة الروحية ، وضعها على المحك الأخروي، ليعكس لهم مدى حالة الانقلاب المصيري وما سيطرأ على المودة والمحبة من لعنة وبغضاء يوم القيامة ، فقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ، ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ، ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ، أثمرت دعوة إبراهيم في قومه ، عن إيمان شخص واحد فقط ، فامن له لوط ، وقال إني مهاجر الى ربي انه هو العزيز الحكيم ، ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ، واتيناه أجره في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين

فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{24} وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ{25} فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{26} وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ{27}








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!