الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين تقديس الصحابة ومطرقة الوقائع

مصطفى عبداللاه
باحث

(Mustafa)

2024 / 1 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن إحدى مسلمات الأصولية الإسلامية وتحديداً أهل السنة والجماعة، هي عدالة الصحابة ؛ فالصحابة كلهم ثقات عدول لا يكذبون ولا يأتيهم الباطل من بين أيديهم أو من خلفهم فجعلوهم كالملائكة ولا ندري هنا الفرق بينهم وبين الأنبياء فإن كان الأنبياء في عصمة من الكذب والضلال وكذلك الصحابة فما الفرق بينهم وبين الأنبياء ! وعلى الرغم من هشاشة هذا الافتراض من الناحية العقلية لا أننا أيضا لا نجد لهذه الصورة أي أساس من داخل القرآن أو السنة، بل نجد تعارض تام بين ذلك الإدعاء وبين النصوص القرآنية أو نص الحديث النبوي، وهو ما سنضع عليه أيدينا في ذلك البحث..

1_ القرآن يطعن في الصحابة

إن القرآن يحوي بين دفتيه آيات كثيرة واضحة الدلالة تطعن في بعض الصحابة و تلصق بهم الكثير من التهم كالكذب والنفاق ولكن قبل أن نسرد بعض الآيات علينا أن نعرف أن مصطلح الصحابي أطلق على كل من اجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك، أي أن الصحابي هو من أظهر إيمانه في زمان النبي وقد اجتمع به ، وهو ما ينطق أيضاً على المنافقين بخلاف أن المنافقين قد أظهروا الإيمان و ابطنوا الكفر بداخلهم، ولكن هل النبي كان يعلم من أسلم وحسن إسلامه من المنافقين ؟ والإجابة هي لا ومن خلال نص الاية الشريفة فكما جاء في سورة التوبة الآية 101 ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) فالاية تقطع أن النبي نفسه لم يكن يعلم المنافقين من غيرهم، وهو الذي يقيم بين أظهرهم ويجالسهم أناء الليل وأطراف النهار فكيف لمن جاءوا بعده بقرون أن يعلموا ذلك!، من أين لهم أن يعرفوا المنافقين من غيرهم فجميع من في المدينة هم محل شك ولا يمكن أن نستثني احد بنص الآية القرآنية...




2-كبار الصحابة يتآمرون على النبي
إنها لمن أخطر وأهم الأحداث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حادثة العقبة فهي تكشف لنا وتوضح لنا الكثير والكثير وبالرغم من التلاعب بالتاريخ والأحداث فهناك أحداث توضح لنا جزء صغير مما تم التعتيم عليه وتجاهله ؛ وعلى رأس هذه الأحداث هي حادثة العقبة التي حاول فيها بعض الصحابة قتل النبي وهو في طريق عودته من غزوة تبوك بل والأخطر من ذلك أنهم ليسوا من الصحابة وحسب بل انهم من كبار الصحابة ؛حيث ذكر أبو الأسود في مغازيه عن عروة قال ( ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا من تبوك إلى المدينة حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من المنافقين فتآمروا أن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه فلما غشيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر خبرهم فقال من شاء منكم أن يأخذ ببطن الوادي فإنه أوسع لكم وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة وأخذ الناس ببطن الوادي إلا النفر الذين هموا بالمكر برسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا وقد هموا بأمر عظيم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم قد غشوه فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر حذيفة أن يردهم وأبصر حذيفة غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع ومعه محجن واستقبل وجوه رواحلهم فضربها ضربا بالمحجن وأبصر القوم وهم متلثمون ولا يشعر إلا أن ذلك فعل المسافر فأرعبهم الله سبحانه حين أبصروا حذيفة وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه فأسرعوا حتى خالطوا الناس وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أدركه قال اضرب الراحلة يا حذيفة وامش أنت يا عمار فأسرعوا حتى استووا بأعلاها فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب أحدا ؟ قال حذيفة عرفت راحلة فلان وفلان وقال كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلثمون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا ؟ قالوا : لا والله يا رسول الله قال فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا اطلعت في العقبة طرحوني منها قالوا : أولا تأمر بهم يا رسول الله إذا فنضرب أعناقهم قال أكره أن يتحدث الناس ويقولوا : إن محمدا قد وضع يده في أصحابه فسماهم لهما وقال اكتماهم زاد المعاد ج 3 ص 477

ولكن من هم فلان وفلان الذي تم التعتيم على أسمائهم و الذي يقصدهم حذيقة الإجابة يوردها لنا ابن حزم في كتابه المحلى الجزء 11 ؛ص 226 حيث يقول

أَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فَسَاقِطٌ ‏,‏ لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ وَهُوَ هَالِكٌ ، وَلاَ نَرَاهُ يَعْلَمُ مَنْ وَضَعَ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى أَخْبَارًا فِيهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ‏,‏ وَعُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏,‏ وَطَلْحَةَ ‏,‏ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، رضي الله عنهم ، أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلْقَاءَهُ مِنْ الْعَقَبَةِ فِي تَبُوكَ وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ الْمَوْضُوعُ الَّذِي يَطْعَنُ اللَّهُ تَعَالَى وَاضِعَهُ فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

وقول ابن حزم أن الوليد بن جميع هالك متروك الحديث هو قول مردود عليه فلم يقل ابن حزم هذا إلا من باب الدفاع الأعمى عن الصحابة المذكور أسمائهم، حيث أن الوليد بن جميع هو من رجال البخاري ومسلم والترمذي وهو من الثقات العدول على حد اعتبارهم، فكيف يأتي ويقول ابن حزم عنه أنه هالك متروك الحديث إلا إذا كان هذا من باب الدفاع الاعمى ليس الا، فإذا كان قد اتهم كبار الصحابة في قتل النبي فهل يمكن الوثوق بهم ثقة مطلقة وعمياء أم يجب أن يسيري عليهم ما يسري على سائر البشر..


3- النبي يتنبأ بضلال أصحابه

إن النبي الكريم لم يكن في معزل عن المجتمع الذي يعيش فيه والقوم الذي يعيش بينهم فقد أدرك أن البعض منهم لم يكن يؤمن إيماناً خالصآ بل كان إيمان المصلحة وتحقيق المنفعة في ظلال الرهان الفاز وهي الدولة الوليدة التي قد أسسها النبي محمد وأصبحت قوة لا يستهان به بل أصبح الانضمام إليها مشروع ناجح من أجل الحصول على الغنائم الوافدة من كل ضرب على دولة المدينة، وقد تنبأ النبي ان اكثرهم في النار كما ورد في مسند الامام احمد عن أم سلمة وهي إحدى أمهات المؤمنين انها سمعت النبي و هو على المنبر وهو يقول ( أَيُّهَا النَّاسُ ، بَيْنَمَا أَنَا عَلَى الْحَوْضِ ، جِيءَ بِكُمْ زُمَرًا ، فَتَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ ، فَنَادَيْتُكُمْ : أَلَا هَلُمُّوا إِلَى الطَّرِيقِ ، فَنَادَانِي مُنَادٍ مِنْ بَعْدِي ، فَقَالَ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ، فَقُلْتُ : أَلَا سُحْقًا ، أَلَا سُحْقًا " )، فالنبي نفسه قد توعد نفر من أصحابه أنهم من اهل النار لأنهم قد ابدلوا بعده فكيف يمكن أن ندعي بأن كل الصحابة من الثقات والعدول والبعض منهم قد تنبأ النبي بضلالهم..


4_ الصحابة يكذبون بعضهم البعض

أن كتب الحديث تحتوي على الكثير من الأحداث والمواقف التى كذب فيها الصحابة بعضهم بعضا وما سوف نورده لو هو القليل القليل مما هو موجود بداخل كتبهم، فها هو عمر بن الخطاب يتهم أبي هريرة بالسرقة، حيث ذكر المؤرخون كابن الأثير في الكامل في الحوادث وابن حديد في شرح النهج وغيرهم :أن عمر بن الخطاب في سنة 21 أرسل أبا هريرة واليا على البحرين، وأخبر الخليفة بعد ذلك بأن أبا هريرة جمع مالا كثيرا، واشترى خيلا كثيرة على حسابه الخاص، فعزله الخليفة سنة23 واستدعاه، فلما حضر عنده، قال له عمر: يا عدو الله وعدو كتابه، أسرقت مال الله؟
فقال: لم أسرق، وإنما هي عطايا الناس لي.
ونقل ابن سعد في طبقاته 4/90، وابن حجر العسقلاني في " الإصابة " وابن عبد ربه " العقد الفريد " الجزء الأول، كتبوا: أن عمر حينما حاكمه قال له: يا عدو الله! لما وليتك البحرين كنت حافيا لا تملك نعالا، والآن أخبرت بأنك شريت خيلا بألف وستمائة دينار!!
فقال أبو هريرة: عطايا الناس لي وقد أنتجت.
فغضب الخليفة وقام وضربه بالسوط على ظهره حتى أدماه! ثم أمر بمصادرة أمواله، وكانت عشرة آلاف دينار، فأوردها بيت المال.

بل والأخطر من ذلك أن عمر بن الخطاب منع أبي هريرة من روايات الحديث وشكك فيه وضربه بالسوط وكما اورد لنا ابن عساكر في تاريخه ان الخليفة عمر بن الخطاب زجر أبا هريرة، وضربه بالسوط، ومنعه من رواية الحديث ونقله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقال له: لقد أكثرت نقل الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وأحرى بك أن تكون كاذبا على رسول الله صلى الله عليه وآله وإذا لم تنته عن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله لأنفينك إلى قبيلتك دوس، أو أبعد إلى أرض القردة.
ونقل ابن أبي الحديد في شرحه 1/ 360 ط مصر، عن أستاذه جعفر الإسكافي، أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ألا إن أكذب الناس ـ أو قال: أكذب الأحياء ـ على رسول الله صلى الله عليه وآله أبو هريرة الدوسي.
وبل أن عائشة رفضت الحديث من أبي هريرة وكانت تقول عنه إنه كذاب حيث أورد ذلك الحاكم في المستدرك ومسلم في صحيحه

بل لم تقف عند أبي هريرة فقط بل امتدت إلى أكثر من ذلك وصلت الى الصديق ابو بكر الصديق حيث شككت فاطمة الزهراء بنت النبي في أبو بكر وأتهمته بالكذب حيث انه سرق مالها ورفض أن يعطيها ميراثها الشرعي في أرض فدك حيث قال انه سمع محمد يقول (إن الأنبياء لا نورث وما تركنا فهو صدقه) وقد تفرد أبو بكر بهذا الحديث وقد وصل الأمر بينهم الى أنها لم تكلمه بعد هذه الحادثة أبداً وأوصت ان لا يصلي عليها ولا يحضر دفنها و أوصت علياً ان لا يبيع أبو بكر مدة 6 أشهر فعلي لم يبايع أبو بكر الا بعد 6 أشهر من خلافته وكما أوردها البخاري في صحيحه في باب الفرائض حيث قال حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس عليهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر فقال لهما أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال قال أبو بكر والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت حدثنا إسماعيل بن أبان أخبرنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة

‌ومما أوردناه يتضح لنا عدداً من النقاط الهامة أن القرآن قد شكك في بعض مما أطلق عليهم مصطلح الصحابة وقد وضع المجتمع المدينة كله في موضع الشك فلا يمكن معرفة الصحابي الحق من المنافق، ثانياً أن بعضاً من كبار الصحابة كأبو بكر وعمر بن الخطاب قد تورطوا في محاولة إغتيال النبي أن صحة تلك الرواية وان لم تصح فهي تطرح علينا اسماء اخرى مجهولة كانوا من الصحابة أيضاً ولكن لم نعرفهم، والنقطة الثالثة أن النبي قد توعد أو تنبأ أن بعضاً من صحابته في النار فكيف للثقات العدول كما يدعي البعض عنهم أن يكونوا في النار! والنقطة الرابعة هي أن الصحابة أنفسهم قد تعاملوا مع بعضهم البعض على أساس أنهم بشر يكذبون بعضهم البعض ويشككون في بعضهم البعض وليس أن العجيب ولا الغريب ولا من الطعن فيهم أن نجد هذا بل هو يطعن في الطرح الاعور والاعرج الذي يرد بنا أن نصل إلى مرحلة عصمة الأنبياء فكيف لنا أن نفعل ذلك وهم لم يدعوا ذلك لأنفسهم ولم يتعاملوا به، ونحن لا نهدف إلى الطعن في الصحابة بل نريد أن نقرأ تراثنا قراءة عقلانية بدون تقديس لشخصيات ذلك التراث ولا تدنيسها، من أجل مستقبل أكثر عقلانية وإنسانية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا عم مصطفى
مجدي محروس عبدالله ( 2024 / 1 / 13 - 09:15 )
الموضوع بسيط جدا و المقالة ببساطة بتقول بشكل واضح و صريح انهم مجموعة عصابة اجتمعت مع رئيس العصابة
ادعى النبوة
لو قارنت مثلا تلاميذ المسيح و حياتهم و بين تلك العصابة ستجد الفرق واضح جدا حتى للاعمى
بس الحب يعمي الابصار
و العاطفة اقوى من العقل

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي


.. وزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم تصل لقداس عيد القيامة بكاتدر




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في كنيسة


.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟




.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا