الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراقد مزيفة في العراق

وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)

2024 / 1 / 13
المجتمع المدني


في عام ٢٠١٧ صدر عن دار قناديل / بغداد شارع المتنبي كتاب بعنوان " المراقد المزيفة " للكاتب عباس شمس الدين وهو رجل دين شيعي من تلاميذ الشهيد محمد الصدر ، واقتنيت الكتاب بعد عام من صدوره ورحتُ اطالع فيه في اوقات الفراغ بين الحين والاخر لأعرف كمية الكذب الذي أصاب التاريخ حتى في مدافن الموتى و التجارة الشرهة التي تمارس تحت اسم الاولياء الصالحين وعند مطالعتك الكتاب المذكور ستُصاب بالصدمة من هول الاكاذيب في نسبة المشاهد وتقديسها وهي في الحقيقة اما لأناس اخرين او لا وجود لها اصلا ، ومع ذلك كانت ولازالت هذه المشاهد مصادر ثروة طائلة لتجار الدين والتي ينبغي ان تنتهي ليس من باب ضدية الدين او اهله بل من باب الدفاع عن الحقيقة وعدم احياء الاكاذيب والحفاظ على تاريخية الشخصيات الاسلامية الحقيقية وعدم فسح المجال لرواج هكذا تجارة دنيئة !
لا أُريد ان اشرح ما تضمنه الكتاب وما ذهب اليه الكاتب وبأمكان القراء الاعزاء اقتناءه ومعرفة مضامينه أذ انه متوفر في مكتبات شارع المتنبي ، ولكن أنقل لكم قصة كنت احد شهودها واراها خير مثال لصحة كثير من مضامين الكتاب.
قبل سقوط نظام صدام عام ٢٠٠٣ بسنوات قلائل ربما في عام ١٩٩٩ او ٢٠٠٠ وفي منطقتي الريفية في مدينة الصويرة / واسط ، قام احد المزارعين الذين ساءت حالتهم الاقتصادية نتيجة عدم توفر المياه والتيار الكهربائي آنذاك والحصار المفروض على البلد من محاولة الاستفادة من هذه التجارة التي نئن منها الى اليوم ، إذ ادعى ان هناك عربيد " ذكر الثعبان " يخرج في كل مساء في وسط ارضه الزراعية مضيء بنور جميل و يتحرك فترة ويختفي ، وانه سأل احد السادة المعروفين في الصويرة فأخبره بأن احد اطفال عائلته توفى في مكان ارضه قبل سنوات و دُفن فيها !
قام هذا المزارع الحاذق بأقامة مقام على الارض التي كان يخرج فيها العربيد ليلاً وجعل منه مزاراً عليه الرايات البيضاء والخضراء وعلى بابه اثار مادة الحنّاء كون ان التبرك يشفي المرضى و يرزق العقيم الذرية وما الى ذلك من كرامات القبور المقدسة عند العراقيين !
اخذ الناس يتوافدون على هذا القبر الشريف من كل انحاء الصويرة و بدأت حركة تنتشر في منطقتنا الزراعية حتى جاء امر الى الفرقة الحزبية لحزب البعث في منطقتنا آنذاك بهدم هذا القبر و انهاء مظاهر زيارته وحركة السيارات تجاهه ، وبالفعل هُدّم القبر بالة الشفل وانتهت قصة العربيد المضيء ومات بعد سنوات هذا المزارع المسكين واغلقت حكاية انشاء قبر وهمي لو قُدّر له ان يبقى لصار الان مزارا ومنارا لكل الزوار من اقصى العراق و لتحولت منطقتنا الزراعية الى منطقة تجارية تكثر فيها المحلات والالعاب الرياضية لأطفال الزائرين و ساحات وقوف السيارات ولكان المزارع وابنائه الان من اغنى الاغنياء كونهم حملدارية المرقد المقدس !!
من سوء هذا المزارع ان سوّق كذبته قبل سقوط نظام قوي يخيف المواطنين اذ لو اداها بعد عام ٢٠٠٣ لأستمر مشروعه التجاري ونجح ولكن ربما سوء حظه حال بينه وبين نجاح تجارته التي كُتبت ضدها عشرات الكتب ومع ذلك تراها مستمرة و مربحة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06


.. مداخلة إيناس حمدان القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في




.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل