الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إضاءات على أساطيرهم (3)

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 1 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا حقيقة، إلا ما يؤكده العلم ويقره العقل ويستسيغه المنطق. ينسحب ذلك على شؤون الحياة ومجالاتها كافة، وعلى التاريخ والحضارات القديمة بخاصة. على هذا الأساس وللتذكير، فإن ما نحن بصدده أساطير من "التلمود" تعكس تصورات ومعتقدات أجداد "شركائنا في عملية السلام". يؤكد العلم الحديث، وعلى وجه التحديد الأركيولوجيا، أي علم الآثار الذي يهتم بدراسة البقايا المادية لحياة الإنسان القديم، أن كلاً من هذه الأساطير لها أصل في الحضارات القديمة، وعلى وجه الخصوص السومرية والبابلية، وهو ما يشمل الأسطورتين المتضمنتين بايجاز في سطورنا تالياً. سنورد نص الأسطورة بإيجاز، ثم نذكر مصدرها الأساس في الحضارات القديمة.
*الطوفان.
"عندما قرر الرب أن يصيب الأرض بالطوفان، أرسل الملك الكبير رفائيل إلى نوح حاملاً معه الرسالة التالية: ها انا أعطيك الكتاب المقدس، لتعرف كل الأسرار والألغاز التي كُتبت فيه، ولكي تعرف كيف تستمسك بتعاليمه في طهر ونقاء واعتدال وتواضع وستتعلم منه كيف تصنع سفينة من خشب شجرة الكافور، حيث تجد الحماية أنت وأبناؤك وزوجتك. فأخذ نوح الكتابَ، وعندما درسه حل عليه الروح القدس وعرف كل الأشياء اللازمة لبناء السفينة وتجميع الحيوانات...اكتمل بناء السفينة وفقاً للتعليمات الموضوعة...وكانت مهمة نوح التالية هي جمع الحيوانات وكان عليه أن يصطحب على السفينة ما لا يقل عن اثنين وثلاثين نوعاً من الطيور وثلاث مائة وخمسة وستين نوعاً من الزواحف. أمر الرب الحيوانات أن تتوجه إلى السفينة فزحفت اليها ولم يكن نوح يدخل الحيوانات إلا زوجين زوجين...عندما تدفق الطوفان تجمع حول السفينة سبعمائة ألف من بني البشر، وناشدوا نوحاً أن يحميهم. فأجاب بصوت ساخر قائلاً: ألم تتمردوا من قبل على الرب قائلين ليس هناك إله. لهذا يحل عليكم الطوفان، ليفنيكم ويمحيكم من على وجه الأرض...استمر المطر أربعين يوماً حتى اليوم السابع والعشرين من كيسليو، وكانت العقوبة تتناسب مع جريمة جيل الخطيئة. فقد عاشوا حياة الفاحشة، وأنجبوا أطفالاً غير شرعيين...وكان الماء يبلغ ارتفاعاً واحداً هو خمسة عشر ذراعاً فوق الأرض. خلال هذه الفترة هلك كل الأشرار، وكل يلقى العقوبة التي يستحقها...وفي الأول من سيوان بدأت المياه تنحسر، بمقدار ربع ذراع كل يوم. وفي نهاية ستين يوماً، في العاشر من آب، ظهرت قمم الجبال لكن قبل ذلك بأيام في العاشر من تموز، أطلق نوح الغراب، ثم اليمامة بعده بأسبوع. لم تلقَ مهمة الغراب نجاحاً، إذ عندما رأى جثة رجل ميت، أخذ في أكلها بشراهة، ولم ينفذ الأوامر التي كلفه بها نوح. لذلك أُرسلت اليمامة، وعادت قرب المساء حاملة ورقة زيتون في منقارها، وقد التقطتها من على جبل أورشليم(يا سبحان الله...من على جبل أورشليم بالذات/ع)، إذ لم يصل الطوفان إلى الأرض المقدسة...لم يغادر نوح السفينة إلا بعد أن تلقى أمر الرب بمغادرتها". انتهى الاقتباس من النص الأصلي.
أصل أسطورة الطوفان، ملحمة جلجامش. فقد ورد في النص السومري الموسوم ب"هلاك مدينة أور"، أن الإله إنليل اتخذ قراراً بإفناء البشر بعد أن أزعجه ضجيجهم بسبب تكاثرهم. وكان قد قرر تجويعهم بالقحط والتخلص منهم بالطاعون، لكنهم لم يموتوا. لذا قرر إغراقهم بالطوفان، فأمر الحكيم "أتراحاسيس" ببناء سفينة وانقاذ أهله وما يقدر على حمله من الحيوانات...هذا هو أصل أسطورة الطوفان، كما يؤكد علم الأركيولوجيا الحديث.
*الرب يفدي اسحق بن ابراهيم بكبش.
"...وقال اسحق لأبيه: أنظر يا أبتاه، ها هي النار والحطب، ولكن أين الحَمل الذي ستحرقه قرباناً للرب؟ أجابه ابراهيم قائلاً: لقد اختارك الرب يا بني لتُحرق قرباناً كاملاً، بدلاً من الخروف. فقال اسحق لأبيه: سأفعل كل ما أمرك به الرب بقلب فرح ومسرور. فقال ابراهيم لابنه: أفي قلبك شيء أو فكر تود قوله أو نصحي به ولا يناسب؟ أخبرني يا بني أرجوك. أي بني، لا تخفِ عني شيئاً. أجابه اسحق: وحياة الرب، وحياة روحك يا أبتاه، ليس في قلبي شيء يحملني على أن أحيد يمنة أو يسرة عن الكلمة التي كلمك بها الرب، ولم يرتعد عضو مني او يهتز، بسبب ذلك، وليس في قلبي أيضاً أي فكر أو خاطر شرير بخصوص ذلك. ولكنني سعيد وفرحان بهذه التضحية، وأقول حمداً للرب الذي اختارني اليوم لأُحرق قرباناً له. وفرح ابراهيم فرحاً عظيماً بكلام اسحق، وواصلا طريقهما وأتيا معاً إلى ذلك المكان الذي حدثهما الرب عنه...وبعدما رتب ابراهيم الحطب وربط اسحق ووضعه على المذبح فوق الحطب، وشمر ابراهيم عن ذراعيه ولف ثيابه ووضع ركبتيه على اسحق وضغط بكل قوته، رأى الرب جالساً على عرشه عالياً وكبيراً، كيف أن قلبي الإثنين كانا سواءً، وكيف انحدرت الدموع من عيني ابراهيم على اسحق، ومن عيني اسحق على الحطب، حتى بللته الدموع. وعندما مدَّ ابراهيم يده وتناول السكين ليذبح ابنه قال الرب للملائكة، هل ترون كيف يحافظ خليلي ابراهيم على وحدة اسمي في العالم...ثم كلم الرب الملاك الكبير ميكائيل وقال له: لماذا تقف هاهنا؟ لا تتركه يُذبح. وفي الحال صرخ ميكائيل بصوتٍ يعتصره الألم: ابراهيم..ابراهيم، لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل شيئاً...في الحال نهض ابراهيم عن اسحق الذي ردت اليه روحه...ثم كلم ابراهيم الرب قائلاً: هل سأنصرف من هنا دون أن أُقدم لك أُضحية؟ فأجاب الرب قائلاً: ارفع عينيك لترى الأضحية وراءك. فرفع ابراهيم وشاهد خلفه كبشاً يتعثر في الأحراش...". انتهى الاقتباس. يا له من رب يتلذذ بعذاب خلقه من الناس، ويعشق التسلية بال"أكشن" والنهايات المثيرة!!!
مصدر الأسطورة: في الحضارات القديمة، ارتبطت التضحية بالبشر بالطقوس الدينية ومعتقدات ما بعد الموت. فقد كان الكنعانيون يذبحون الابن البكر الذكر قرباناً لإلههم بعل. وفي مراحل لاحقة، تحول الانسان من التضحية للآلهة بالبشر إلى التضحية بالحيوان، وهو ما يعرف بالانتقال من القربان البشري إلى القربان الحيواني. ففي مدينة أور السومرية، عُثر على قبور عدة، تنوعت فيها الأضاحي بين الآدمية والحيوانية.
وبخصوص إبراهيم، فما يزال شخصية دينية وليست تاريخية. والفرق بين الشخصيتين كبير. مقصود القول، رغم المكانة الدينية الكبيرة التي يشغلها النبي إبراهيم، إلا أنه لا يوجد صفحة علمية واحدة حتى اللحظة تثبت وجود هذه الشخصية، كما يؤكد علم الأركيولوجيا الحديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -هجمات منسقة- على كنيس لليهود وكنيسة في داغستان


.. هجمات دامية على كنائس ودور عبادة يهودية في داغستان




.. روسيا: مقتل 15 شرطيا وكاهن إثر هجمات على كنائس أرثوذكسية وكن


.. القوات الروسية تستعد لاقتحام الكنيسة حيث جرى الهجوم الإرهابي




.. قتلى وجرحى بهجمات على كنيستين وكنيس يهودي ونقطة شرطة في داغس