الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مسابقات الجمال بين تشيئ وتسليع النساء وتسويق صناعه التجميل
رانية عبيد احمد
كاتب وباحث
(Rania Obead Ahmed)
2024 / 1 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
يعود تاريخ اول مسابقة جمال الى عام 1839 ولكن الشكل الحديث لمسابقات الجمال يعود لعام 1921 حيث تمت اول مسابقه جمال في مدينه اتلتيك في أمريكا، وقد اختيرت ملكه الجمال من مجموعه من الفتيات في عمر 17 الى 25 عام وكان العرض الرئيسي في المسابقة ان ترتدي المتسابقات ملابس السباحة. اما في عام 1951 فقد تمت لأول مره مسابقة ملكه الجمال العالمية في المدينة نفسها. وفي عام 1954 تم لأول مره عرض مسابقة ملكه جمال امريكا على الهواء مباشره عبر التلفاز1. ومنذ ذلك التاريخ والى الان فقد توسعت مسابقات الجمال وامتدت الى اغلب انحاء العالم. وفي مسابقات الجمال يتم التقييم على اساس معايير الجسد والجمال ولكن في السنوات الأخيرة اضيف لهذه القائمة المعلومات العامة والثقافة وقدره المخاطبه2 .ولكن السؤال الذي يطرح الان لماذا تلقى هذه المسابقات كل هذا الرواج والدعاية والاعلام وايضا الصرف المالي البذخي عليها. في رايي ان نقدنا للنظام الرأسمالي قائم على فكره محوريه وهي ان هذا النظام يعمل فقط لمصلحته ولمراكمه أرباحه، بالتالي يمكن تفسير كل ما يدعمه من هذا المنظور لذلك ارى ان الدعم الذي تلقاه مسابقات الجمال هدفه بالأساس تشيئ وتسليع للنساء وايضا تسويق منتجات وتجاره الجمال.
ظهر مفهوم تشيء النساء في القرن العشرين وهذا المفهوم يعبر عن التعامل مع النساء كأشياء وبالخصوص كأجساد فقط. حيث يتم الفصل بين النساء واجسادهم والنظر لهم كمجرد مواد فيزيائية بغض النظر عن شخصياتهن وكينوناتهن 3. كما ان فكره التشيئ تعتمد بشكل اساسي على اعلاء قيمه المظهر الخارجي للنساء وبالخصوص أجسادهن، وتهتم بان يكون هذا المظهر بشكل محدد ومعين، وهذه الفكرة تؤثر بشكل او باخر على مجموع النساء الشيء الذي يجعلهن يركزن على كيف تبدو اشكالهن الخارجية ويزداد الاهتمام بها وقد يكون ذلك في مقابل اهتمامات أخرى. ومسابقات الجمال في هذا الخصوص تؤكد فكره الاهتمام بالجسد الخارجي للنساء وتحولها لمحور اساسي حيث تخضع المتسابقات لشروط محدده في مقاسات الجسد وهذا يؤدي الى العديد من الاشكالات اولها ان المتنافسات في هذه المسابقات (وايضا في اشكال اخرى من العروض خاصه بالجسد مثل عروض الأزياء) يضطرهن الخضوع للمعايير المطلوبة لان يمارسن رياضات وحميات حاده جدا ومؤثره على صحتهن النفسية والجسدية وكل ذلك في اطار التنافس. وايضا من الاشكالات هي وضع هذه المعايير المحددة للجسد كمفهوم للجمال ومحاوله نشرها وتأكيدها في كل العالم (مع انه لكل انسان جماله الخاص) ولكن هذه المفاهيم تقوم بالضغط على مجموع النساء لكي يصبحن شبيهات ومقاربات لمعايير متسابقات الجمال، الشيء الذي يضعهن في ضغوط كبيره ومنافسه حاده قد يضطرهن ايضا لاتباع طرق غير مأمونه للوصول لهذا المظهر الذي يقال عليه مثالي. واخيرا قولبه الجمال في معايير ومقاييس محدده ينفي بشكل اساسي خصوصيه المجتمعات المختلفة وخصوصيه معاييرها ونظرتها وتقييمها للجمال. حيث تحاول هذه المسابقات وضع اطار وشكل محدد يُعرف من خلاله الجمال ويمكن ان يقال انها معايير جمال العالم المسيطر او شمال الكره الأرضية حيث لون بشرة وشعر وعيون محدده هي رمز للجمال وما غيرها وعداها ليست جميله، وفي ذلك انتهاك حقيقي لمعايير وثقافه الشعوب المختلفة كما يعد شكل من اشكال الهيمنة الثقافية.
اما فكره تسليع النساء فهي فكره تحويل النساء لسلعه للبيع والشراء او استخدامهن لتسويق سلع أخرى. يشرح كا كيف ان اجساد النساء او اجزاء منها مثل الارجل او الصدر او العيون تستخدم كوسيله لجذب الانتباه لسلعه معينه الشيء الذي يساعد في تسويقها. كما يؤكد ان فكره التسليع لا تنفصل عن فكره تشيئ النساء لأنها في نهاية المطاف تعتبر ان النساء مجرد ماده للعرض او للتسويق. كما يواصل في ان هذه الصورة النمطية للنساء قد تؤدي الى زيادة الجريمة والعنف ضد النساء، كما تؤدي الى تصور النساء كمجرد اشياء ديكوريه في الحياه، واخيرا يؤكد على ان الاعلانات في الغالب تضع النساء في الادوار التقليدية لهن مثل الطبخ والنظافة والعناية بالأطفال 4. مسابقات الجمال هي شكل واضح لتسليع النساء فهذه المسابقات تعمل على تسويق اجساد النساء وذلك عن طريق عرضها في شاشات التلفاز او صفحات المجلات، ولا يخفى على أحد العائد الضخم الذي تعود به هذه المسابقات على منظميها والمنتوج الوحيد الذي يتم تسويقه هنا هو اجساد المتسابقات.
صناعه التجميل من الصناعات المهمة حول العالم وفي عام 2022 كان حجم تجاره منتجات التجميل في العالم 299.7 بليون دولار ومن المتوقع ان تزيد هذه التجارة الى 417.42 بليون في عام 52030 . وهذه التجارة الضخمة بالتأكيد تحتاج للتسويق وتعتبر اجساد النساء واحده من اهم ادوات الدعاية والتسويق لهذه المنتجات. ومسابقات التجميل تعتبر واحده من هذه الوسائل، فالأشكال المعينة التي تظهر بها المتسابقات ومساحيق التجميل المعينة التي يضعنها تصبح اكثر رواجا. وكما ذكرنا من قبل ان التسويق لشكل معين للجمال يستدعي ان تسوق معه مساحيق محدده يمكن ان توصل الى هذا الشكل المحدد والمعين. هذا بجانب عمليات التجميل التي تخضع لها في الغالب النساء للحصول على هذه المعايير المحددة ولا يخفى علينا ان عمليات التجميل (هنا نعني التي تتم من غير حوجه طبيه لها) هي عمليات تعرض النساء لكل مخاطر العمليات الجراحية من دون حوجه طبيه واضحة.
رفضنا لكل مفاهيم تشيئ وتسليع النساء يجب ان ينعكس على رؤيتنا وتقييمنا لما يدور حولنا. مسابقات الجمال بما ترمز له من تحويل النساء الى مواد فيزيائية للعرض واستخدامهن كأداة للتسويق هي مسابقات مرفوضة. كما يجب ان نرفض كل اشكال التعامل مع النساء على انهن اجساد فقط فالمرأة انسان متكامل لا يمكن ان نفصل جسدها عن دواخلها وكينونتها.
المراجع
1- https://www.dailycare.com.au/good-living/life/a-short-history-of-beauty-pageants
2- https://ascjcapstone.com/terms/spring-2020/fmwillia/
3- Dawn M. Szymanski, Lauren B. Moffitt, and Erika R. Carr( 2011) Sexual Objectification of Women: Advances to Theory and Research, The Counseling Psychologist 39(1) 6–38
4- Wani KA(2016) Commodification of Women in Advertising: The Social Cost Journal of Entrepreneurship & Organization Management
5- https://www.fortunebusinessinsights.com/cosmetics-market-102614
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الكل بيبكي علي قبرها .. الوداع الأخير لضحية حادث الجلالة أما
.. دير الزور، النزوح المزدوج قصص ترويها نساء سوريات
.. السودان،عازفة كمنجة تروي تحديات النزوح داخل بلدها الذي انهكت
.. قصف إسرائيلي قرب سيارة إسعاف تنقذ امرأة حاملا في جباليا
.. مقتل امرأة وإصابة 16 شخصا إثر ضربة روسية على مدينة ميكولايف