الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبودية العقل !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 1 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنت أتابع، قبل أيام، برنامجًا حواريًّا تبثه إذاعة مونت كارلو، وإذ بناشط سياسي فلسطيني يقول لمشارك في البرنامج ذاته من الكيان اللقيط:"أهذا ما أوصاكم به سيدنا موسى...؟!"، ويقصد جرائم العدو الصهيوني في غزة. تداعت إلى الذهن أفكار وحقائق عدة، وثيقة الصلة بعلاقة التلازم بين الإسمين سيدنا وموسى، أولها، نظرية مؤسس علم التحليل النفسي، سيجموند فرويد، المدونة في كتابه "موسى والتوحيد"، ومفادها "أن موسى ليس عبرانيًّا، بل مصري، وهو قائد عسكري من أتباع ديانة أتون، أول ديانة توحيدية في التاريخ، أسَّسها الفرعون أخناتون". واستحضرت الذاكرة ما ذهب إليه الباحث والمؤلف في الأركيولوجيا، اسرائيل فنكلشتاين، إذ يقول بنبرة جازمة قاطعة:"بحثنا في كل حَبَّةِ رمل في سيناء، ولم نجد أي أثر لما يُعرف بخروج بني اسرائيل من مصر. فإما أننا بحثنا في المكان الخطأ، أو أننا بحثنا عن خرافة". ويرجح كاتب هذه السطور، أنهم بحثوا عن خرافة ولاحقوا سرابًا في صحراء سيناء ظنوه، منذ زمن بعيد، ماءً.
تحيلنا لازِمَة (سيدنا موسى)، إلى أزمنة ثنائية سيد- عبد بحمولتها التاريخية الغابرة، ثقيلة الوطء على سمع إنسان القرن الحادي والعشرين. لكنها ما تزال حاضرة في وعينا الجمعي، بمفاعيل التقديس العابر لمراحل التاريخ والمتعالي على إبداعات المفكرين وكشوفات علمي الآثار والأركيولوجيا. لا نعتقد أن هالة التقديس والتبجيل، مهما كان وهجها قويًّا، بقادرة على تخليص هذه الثنائية من ترسبات حمولتها البدائية والقروسطية. وعليه، نرى أن تردد هذه اللازمة وما يماثلها في مجتمعاتنا اليوم يُكسب معاينتها بمنظور عبودية العقل قَدَرًا من المشروعية يُعتدُّ به. هذا النوع من العبودية أخطر أنواعها قاطبة، لأنه يلغي الإنسان على صعيد ثالوث الضمير والروح والعواطف. هنا، تغيب الأنا الشخصية، وتُلغى الذات الإنسانية، أي أن الإنسان يكف عن أن يكون هو. على الصعيد المجتمعي، تتشكل على أرضية عبودية العقل أجواء تنفر من التفكير النقدي لصالح اجترار أفكار معلبة متوارثة منذ عشرات القرون. في أجواءٍ كهذه، ذو العقل يشقى بعقله، وقد يودي به عقله إلى شظف العيش وربما إلى التهلكة. ما الحل، إذن؟ في الإجابة، نرى من المناسب استحضار حقيقة، أن الفكر-أي فكر بما فيه الديني- غير معصوم، بمعنى أنه يخضع لشروط نواميس الحياة في الحركة الدائبة والإتيان بالجديد المستجد دائمًا.هذا يقودنا إلى العلاقة بين الإنسان والمقدس، وهي عادة ما تتفرع في اتجاهين: إما أن يسيطر الإنسان على الدين، أو العكس. في الحالة الأولى، المقصود على وجه التحديد التفسير العلمي للدين في سياقاته التاريخية بموازين العقل ومعايير العلم الحديث.
بالعقل ومُنْتَجِهِ الرئيس العلم يحتفظ الإنسان بإنسانيته، ويتحرر من تجليات الاستلاب والإتْبَاع كافة. وبهما فقط يتأهل الإنسان بالتفكير الحر المستقل، لسلوك طريق الإبداع والتطور. وفي السياق نضيف، عبودية العقل الوسيلة الأفعل للسيطرة الإنسان وتطويعه لصالح القابلية للاستبداد والاستعباد، كما يعلمنا التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -هجمات منسقة- على كنيس لليهود وكنيسة في داغستان


.. هجمات دامية على كنائس ودور عبادة يهودية في داغستان




.. روسيا: مقتل 15 شرطيا وكاهن إثر هجمات على كنائس أرثوذكسية وكن


.. القوات الروسية تستعد لاقتحام الكنيسة حيث جرى الهجوم الإرهابي




.. قتلى وجرحى بهجمات على كنيستين وكنيس يهودي ونقطة شرطة في داغس