الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ( الخمر وسكر ، واستحلال الخمر)

أحمد صبحى منصور

2024 / 1 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السؤال الأول من الاستاذة كريمة إدريس :
لي سؤالي والدي الكريم لو تسمح لي في موضوع الخمر ..انا لو قلت ماهو معني السكر في القاموس القرآنى كما تذكرها وبدقه ...يقول رب العالمين جلا ثناؤه لا تقربوا الصلاة وانتم سكاري ...علمت ايضا ان في القدم كانوا يستخلصون خمرا من تمر النخيل ...كانوا يقولون عرق البلح ...انا ابحث عن معني كلمة سكرا في القاموس القرآني فهل تناولتها ام ليس بعد ؟؟
إجابة السؤال الأول :
أولا :
مصطلح ( سكر ) ومشتقاته يأتى قرآنيا على النحو التالى :
1 ـ بمعنى ( السُّكّر )، أى مادة السُّكّر المستخلصة من نباتات مثل القصب والبنجر والبلح . قال جل وعلا : ( وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) النحل )
2 ـ بمعنى الغيبوبة فى الموت . قال جل وعلا : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ )ُ (19) ق ).
3 ـ بمعنى الغفلة الشديدة التى تجعل الانسان لا يدرى ما يقول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ) (43) النساء )
3 ـ المفاجأة التى تجعل صاحبها يعمه ( من العمى ) كأن بصره ضاع . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر )
3 / 2 : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) الحجر )
4 ـ وجاءت مرتين بمعنى الذهول الشديد والسكران . قال جل وعلا :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) الحج ) .
ثانيا :
أى نشويات أو سكريات تتحول الى خمر فهى حرام ، يستوى إن كانت قليلة أو كثيرة .
السؤال الثانى :
أحد الأحبة كتب يقول :
( استاذنا لو لى رأى مخالف لرأى حضرتك خاص بإحدى آيات القرآن التى ذكرتها فى اخر بوست الثلاث اسئلة. هل لى ان اذكره هنا بدون زعل؟. اختلافى لا يعنى تجاوز اقرارى بان حضرتك تحمل من العلم المتسع وانا قليل العلم. ). كتبت له : ( اهلا وسهلا . نحن نعرض تدبرنا للنقاش ، ما نقوله ليس دينا . هو رأى بشرى غير معصوم . )
أرسل رأيه ، يقول : ( الخمر والميسر ليسوا محرمين فى ذاتهم ولكن المحرم اثرهم. ومأمورين بتجنب هذا الاثر. إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) اجتنبوه جائت بصيغة المفرد تعود على الرجس. وهو غياب العقل ما يؤدى الى الوقوع فى الفواحش. وهذا الرجس مفصل فى آية اخرى( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ‎﴿المائدة: ٩١﴾ اذن من شرب كمية صغيرة او كبيرة لا تذهب بعقله فلا اثم. وكذلك من لعب الميسر باموال معقولة لا ترهق اللاعبين وتتوقع البغضاء بينهم فلا اثم عليهم. وشكرا لكم . )
أقول :
1 ـ فى التنزيل المكى كان التركيز على ( لا إله إلا الله ) والأخلاق الاسلامية السامية ، جاءت التشريعات مُجملة بلا تفصيل مثل قوله جل وعلا : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33) الأعراف ). هنا تحريم الإثم مطلقا .
ثم كانت تفصيلات التشريع الاسلامى فى المدينة ، ومنه فى الخمر والميسر قوله جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) (219) البقرة ). المنافع ليست مبررا للاستحلال ، فمن يتاجر فى المخدرات يأتى بمنافع ، وواقعيا فإن بأموال المافيا أقيمت ناطحات سحاب فى شيكاغو وميامى و لاس فيجاس وتوفرت فرص عمل للملايين . الفيصل فى التحريم هو الإثم . وهنا يجعل الله جل وعلا فى الخمر والميسر إثما كبيرا . وطالما فيهما إثم كبير فقد سبق تحريمها ضمن التحريم المطلق والمُجمل فى سورة الأعراف المكية : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )
2 ـ نأتى لموضوع الإثم وعلاقته بالتحريم المطلق فى مصطلح الاجتناب فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92)المائدة ). ونلاحظ :
2 / 1 : أن الإثم مطلق هنا لأن الله جل وعلا يقول : ( وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) الأنعام ).
2 / 2 : أن المحرمات فى الطعام ليس مستعملا فيها مصطلح الاجتناب ، فلم يقل الله جل وعلا : إجتنبوا الميتة والدم ولحم الخنزير ..الخ ، وإنما إكتفى بتحريمها ، مع التأكيد على أن المضطر لا ( إثم ) عليه . نقرأ قوله جل وعلا :( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة ).
2 / 3 : ليس حراما وليس إثما أن تقترب من المحرمات فى الطعام . ليس حراما أن تكون لك مزرعة خنازير لا تأكل لحمها ، وليس حراما أن تقترب من دم مسفوح من حيوان حى ، أو من جثة حيوان ميّت . ليس هنا تعبير ( إجتنبوا ) ، فهو خاص بالخمر والميسر والأوثان والأنصاب .. وهى ( رجس ) . بالتالى هى حرام فى ذاتها ، وليس مجرد تأثيرها .
3 ـ نفهم الآتى من قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92)المائدة ):
3 / 1 : مجتمع المدينة مؤسس على الحرية الدينية والاسلام السلوكى بمعنى السلام والإيمان السلوكى بمعنى الأمن والأمان . ولذا فإن من الصحابة الذين آمنوا فى المدينة ـ سلوكيا فقط ـ من إستمر عاكفا على الأنصاب ( القبور المقدسة ) والخمر والميسر ، الى أن نزلت هذه الآيات من أواخر ما نزل فى القرآن الكريم ، والله جل وعلا يحثهم على إجتناب هذا ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) ويؤكّد لهم أن مهمة الرسول هى مجرد التبليغ ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ).
3 / 2 : الآيات الكريمة بعد نزولها تخاطب كل أولئك المؤمنين الذين يستحلون الخمر والميسر ، ويرتكبون إثما أعظم مما إرتكبه أولئك الصحابة فى عهد النبى محمد عليه السلام . أولئك الصحابة إرتكبوا الإثم دون تشريعه . أما بعض المؤمنين فى عصرنا فهم يجتهدون فى تشريع الإثم ، أى يؤسسون تشريعا مخالفا للاسلام العظيم .
3 / 3 : كلامنا هو للوعظ فقط . لأن كثيرين يسيئون معنى الاجتناب ، ويرون أنه لا بأس بالقليل من الخمر . ورددنا عليهم كثيرا فى قناتنا أهل القرآن وفى الفتاوى . ونرجو أن يكون هذا كافيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج