الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحجاب عبر التاريخ - القسم الثاني

حسن نبو

2024 / 1 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحجاب في الديانتين اليهودية والمسيحية:

في الديانة اليهودية يوجد اتفاق بين الفقهاء اليهود على تغطية المرأة لرأسها واعتبروا هذا الامر فريضة دينية ، ولكنهم لم يتفقوا في تفاصيل الحجاب ، ولازالت النقاشات مستمرة بين الفقهاء اليهود وخاصة حول حكم وضع باروكة على الشعر كحجاب تغطي به المرأة رأسها . وسبب اتفاق احبار اليهود على جعل الحجاب فريضة دينية هو اعتبارهم ان المرأة مصدر جاذبية الرجل وان تغطية رأس المرأة تمنع حدوث الفتنة من التقاء النفس المثيرة والنفس المثارة . وقد استنبط الأحبار اليهود هذا الحكم الشرعي من عدد من المصادر اهمها "التلمود" وكتب الشروح والتقنين المتأخرة لأفراد الفقهاء ، ومن الكتب ذات الطابع التأملي "كالمدراشات والزوهار" .
المرأة الملزمة بوضع الحجاب على رأسها في الشريعة اليهودية هي المرأة اليهودية المتزوجة ، اذ لايجوز لها باجماع الفقهاء اليهود ان تكشف  عن كامل شعرها في الشارع ، ولكن تبقى طريقة ارتداء الحجاب متأثرة بالتحول الاجتماعي دون ان تمس اصل الحكم، باعتبار ان شعر المرأة المتزوجة عورة لأن المرأة بابتذالها في اللباس تقود الرجل الى ابواب الخطيئة، وقد جاء في التلمود ان المرأة التي تخرق هذا الامر تقصى من المجتمع اليهودي .
يعتبر الفقيه اليهودي "موسى بن ميمون" من اشهر الفقهاء اليهود الذين قالوا بعدم جواز كشف شعر المرأة .
ومن جهة اخرى يعد الحجاب لدى الفقهاء اليهود علامة تتميز بها المرأة اليهودية من المرأة الوثنية وعلامة على تقية المرأة وعفتها .
افتى بعض فقهاء اليهود ان العروس يجب ان تحلق شعرها لضمان الا يظهر شيئ من شعرها الذي يعتبر عورة في الديانة اليهودية وان يرتدي بدلا عن ذلك باروكة او قبعة او ايشارب قاتم ، حتى ان بعض الحاخامات المتشددين رفضوا ارتداء العروس الباروكة بعد حلق شعرها باعتبار ان الباروكة نوع من التحايل لأن الباروكة في النهاية شعر امرأة  وكل مافي الامر انه مستعار وبالتالي يلفت انتباه الرجال ويثير غرائزهم ويحرك شهواتهم . بينما عارض  اخرون هذا العرف لأنه يجعل العروس تبدو قبيحة في يوم عرسها .
ورغم تشدد الفقهاء اليهود في مسألة الحجاب لم تكن المرأة اليهودية التي تمتنع عن ارتداء الحجاب تتعرض لعقوبة دنيوية، لكن ورد في بعض" المدراشات " ان المرأة التي لاتضع الحجاب على شعرها تعلق من ثدييها في الآخرة .

اما في الديانة المسيحية يعتبرعند غطاء الرأس عند بعض الطوائف المتشددة في تفسيرها للانجيل والتعاليم فريضة دينية كطائفة "الأميش" التي توجد اتباعها في بعض الولايات الامريكية الشمالية وبعض المقاطعات الكندية ، وطائفة "المينونايت" التي توجد اتباعها في ولاية بنسلفانيا الامريكية . اما عند باقي الطوائف المسيحية فغطاء الراس يعد فريضة بالنسبة للراهبات فقط ، ويطلب بعض الكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية الشرقية من النساء عموما تغطية رؤوسهن اثناء وجودهن في الكنيسة ، ولكن هذه العادة تقلصت على مدار القرن العشرين . كذلك يفرض البروتستاتنتيون غطاء الراس على المراة اثناء طقوس العبادات في الكنيسة ، ولكن لاتوجد رهبنة في المذهب البروتستانتي .
المسيحية لاتعتبر شعر المرأة عورة , لأن المسيحيين  يعتبرون المسيحية شريعة الكمال ، وفي شريعة الكمال لاتعتبر المرأة اقل من الرجل كي يحتقرها ويراها عورة ، فشعر المراة في المسيحية هو مجد لها، وصف يرفع قدر المرأة لمصاف الملكات المكللة بتاج الفخر والعزة . ويرى المسيحيون ان غطاء الرأس هو انتقاص لقدر المرأة وتأكيد على انها عورة ولذلك لم تفرض المسيحية على المرأة غطاء الرأس الا في حالة الصلاة فقط داخل الكنيسة او اذا كانت راهبة . والراهبات يرتدين غطاء الرأس سواء كن داخل الكنيسة او خارجها لأنهن ماتوا عن العالم الخارجي وتم صلاة الجنازة عليهن واصبح رداءهن تكفين لهن ، وهن في حالة صلوات دائمة سواء كن داخل الكنيسة او خارجها ولايشتهين شيئا ، والتزامهن بغطاء الرأس ليس لأن شعرهن يثير غريزة الرجال في الشوارع .
ولفظ الحجاب هو لفظ غير مسيحي، وغير مستحب لدى المسيحيين ، ويستعمل المسيحيون بدلا عنه "طرحة الرأس" . فالحجاب لدى المسلمين يخفي شعر المراة ورقبتها ولايظهر الا كفيها ووجهها، اما طرحة الرأس التي كانت ترتديها "مريم العذراء" تظهر بوضوح الجانب الامامي من الشعر مع عدم تغطية الرقبة ، وهذا مايظهر في الصور والايقونات التي تعود لمريم ، وهناك صور وايقونات لمريم وهي بدون طرحة الرأس يظهر فيها كامل شعرها .

الهوامش :
1- التلمود :من أهم الكتب الدينيية لدى اليهود  وتعني الشريعة الشفهية ، اي تفسير الحاخامات للشريعة المكتوبة(التوراة) .
2- كتب التقنين والشروح المتأخرة : كتب حديثة نسبيا تتعلق بشرح التوراة والتلمود من قبل الفقهاء اليهود المعاصرين .
3- المدراشات - جمع مفرده مدراش ، يقابل الفقه في الاسلام ، اي استنباط الاحكام من الادلة الشرعية .
4 - الزوهار - هي الكتب التي تفسر المعاني الباطنية للعهد القديم .
5- موسى بن ميمون : فيلسوف وعالم موسوعي يهودي ولد في قرطبة 1139 م وعاش في مصر وتوفي في اسرائيل ، يقال انه كان طبيبا لصلاح الدين .
6- الأميش : طا:فة مسيحية تؤمن بالوهية المسيح والجنة والجنة والجحيم ، وتسعى الى حماية نفسها من الدمج في المجتمعات الحديثة .
7- المينونايت : طائفة مسيحية تعيش حياة محافظة بعيدا عن الحضارة الحديثة نسبيا وتستخدم الوسائل القديمة في ادارة شؤون الحياة . يوجد اتباعها في الهند واثيوبيا وكينيا وكندا والولايات المتحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت