الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحتاج إلى بعض العزلة؟  

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2024 / 1 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نحن أبناء هذا العصر، عصر الضجيج الالكتروني لا نطيق الانفراد بأنفسنا لساعات أو دقائق، حتى نبحث عن الهاتف الجوال أو الريموت كونترول لمشاهدة أي شىء أو حتى سماع ضجيج التلفاز لنشعر بأننا بخير وبعيدين تماماً عن الصمت أو الملل!!
نعم أغلبنا لا ينفصل عن أجهزته الإلكترونية مخافة أن يفوتنا شيء ما أو خبر ما أو اتصال ما! ولا ننتبه إلى أن الشيء الحقيقي الذي يفوتنا هو الوقت، أعمارنا المهدورة. نحن أبناء هذا العصر أصبحنا نظن أن الهدوء والصمت أو لحظات التأمل سلوك غير مقبول وعلى الأرجح هي عزلة إذا طالت تعني أنك خرجت عن إيقاع كوكبنا المزدحم بالضجيج.
لكن ماذا لو كان العكس هو الصحيح؟ ماذا لو ابتعدنا عن نشرات الأخبار التي تمطرنا بزخات سخية من مشاهد المآسي والمصائب حتى أصبحنا نعيش في كل الأماكن ونشعر بكل الأحزان ويزدحم عالمنا الداخلي بكل الغثاء والثرثرة والضجيج الفكري والتوتر الوجداني. من شاشات التلفزيون، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، الهاتف، الراديو، الأفلام، الموسيقى، إلى ضجيج المدن الإجباري مثل أصوات السيارات وتحليق الطائرات.
في خضم ضجيج كهذا يفقد الإنسان معرفته بنفسه، حتى تصبح غريبة عنه، كقارة تحتاج إلى اكتشافها من جديد. هل نحتاج إلى بعض العزلة؟ وهل هناك عزلة إيجابية وأخرى سلبية؟
الحقيقة أن العزلة الجسدية لا تعني أبداً دخولنا فقاعة الراحة والسكينة، إذ يبقى العقل يلوك عددًا لانهائيًّا من الأفكار والمواقف والانفعالات والذكريات، فالصمت لا يعني فقط أن نوصد الأبواب، ولكن يعني أن نوصد عقولنا، ونوقف حركة التفكير في الماضي أو المستقبل، ونفكر في الحاضر فقط.
رحل إيرلنغ كيج إلى القطب الشمالي وإلى الصحارى الإفريقية، وإلى مناطق نائية في العالم، منها قفار لا يطؤها بشر في تشيلي، سافر إلى القطب الجنوبي هربًا من ضجيج عالمنا الصاخب، ومكث هناك خمسين يومًا لم يرَ وجه إنسان، ولم يسمع أيّ صوت.. وخرج بتجربة روحية تستحق أن تُروى، وهو ما فعله في كتابه “الصمت في عصر الصخب” ،الذي أوضح فيه مزايا الصمت كعلاج للروح البشرية.
ولنواجه السؤال الأهم، هل يعود الإنسان كما كان بعد رحلة كهذه؟ الذي حدث أنه عاد مختلفاً بعدما قضى حياته في مطاردة الصمت! فعندما انتهت رحلته وقابل أول إنسان، وجد صعوبة في الكلام، ومشقة في إجراء الحوار المعتاد، لقد تحول (الصمت) بالنسبة إليه إلى أسلوب حياة، طريقة تفكير، وربما المعنى الحقيقي للسعادة. وبحسب الأفكار والمقولات التي طرحها في كتابه، فإن الإنسان فقد سلامه الروحي والبصيرة النافذة والتفكير السليم والقدرة على التركيز، بسبب نمط حياتنا العصرية المكتظ بالمؤثرات والملهيات والأصوات.
تتفق دراسات جديدة مع هذا الرأي وتحمل أخباراً جيدة مفادها أن هناك جوانب إيجابية للانعزال، فالعزلة تتيح للمرء التفكر، وإمعان النظر الضروريان لتلك العملية الإبداعية.
تتفق مع هذا الرأي الكاتبة سوزان كين، مؤلفة كتاب "الصمت: قوة الانطوائيين في عالم لا يتوقف عن الكلام". تقول كين، "لكي نرسم فعلاً طريقنا ورؤيتنا الخاصة، علينا أن نكون راغبين في عزل أنفسنا على الأقل لبعض الوقت".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزلة واللامبالاة
عامر سليم ( 2024 / 2 / 1 - 07:29 )
هل العزلة تؤدي الى اللامبالاة أم اللامبالاة تؤدي الى العزلة؟
العزلة واللامبالاة من هموم الترف الارستقراطي , ان تبتعد عن مشاكل العالم وصخبهم وهمهم وفقرهم وتجويعهم وقتلهم وابادتهم وبؤسهم حتى تحافظ على هدوء اعصابك وصحتك النفسيه!.
ثمن العزلة واللامبالاة فادح وهو ان ترضى بحكم الاشرار وان تتسامح او لاتهتم لشرورهم و وحشيتهم وفظائعهم وجرائمهم, فهم لايريدون منك سوى العزلة واللامبالاة ولا يضرهم كيف تفلسفها وتعدد منافعها فهذا شأنك ونرجسيتك وذاتيك التي لا يتوجس منها طالما هي تخدمه!.

اخر الافلام

.. هكذا اعترف عمار لريم بحبه لها ????


.. مصر: طبيبات يكسرن تابو العلاج الجنسي! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. كندا: حرائق تحت الثلج! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مارين لوبان: بإمكاننا الفوز بهذه الانتخابات وإخراج فرنسا من




.. أكثر من 3 تريليونات دولار.. لماذا هذه الاستثمارات الضخمة في