الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المذاهب المسيحية والصراع الطبقى فى العصور الوسطى الأوروبية - كارل كاوتسكى ( صدر عن دار المرايا - القاهرة - 2024 )

سعيد العليمى

2024 / 2 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يعد كارل كاوتسكى ( 1854 – 1938 ) أبرز منظرى الأممية الثانية ، والخلف النظرى لماركس وانجلز . وقد تتلمذت على يديه أجيال من الثوريين في أوروبا وأمريكا . وكان أهم ممثلي الوسط داخل الأممية . وقد تنوعت إهتماماته النظرية فشملت التاريخ والسياسة والفلسفة والاقتصاد وقضايا الدين والتنوير والنزعات العقلانية . ورغم النقد المرير الذى وجهه إليه لينين بعد الحرب العالمية الأولى عام 1914 عقب تصويته على الإعتمادات الحربية في البرلمان ، ثم وقوفه ضد البلاشفة عام 1917 في كتابه الشهير : الثورة البروليتارية والمرتد كاوتسكى وإقترنت به إلى الأبد في الدوائر الثورية لفظة " المرتد كاوتسكى " إلا أنه كان يقول في نفس الوقت أن : " جملة كاملة من مؤلفاته وتصريحاته ستبقى مثالا على الماركسية إلى الأبد " – أي بغض النظر عن مواقف صاحبها لاحقا . وهذا يعنى أن لتراث المرء وجودا موضوعيا مستقلا عن تقلبات مصائره ، الأمر الذى يدعونا إلى أ ن لا نجحده ونعود إليه ونستفيد منه . كما أن تروتسكى في مقال خصصه لرثاء كاوتسكى في نوفمبر 1938 قد كتب : " مر وقت كان فيه كاوتسكى هو المعلم بالمعنى الحقيقى للكلمة الذى علم الطليعة البروليتارية العالمية " ,وأضاف " لاشك أن كاوتسكى ترك وراءه العديد من الأعمال النظرية القيمة في الماركسية حيث تمكن من تطبيق الأخيرة بنجاح في أكثر المجالات تنوعا . وقد تميز فكره التحليلى بقوة إستثنائية " . ونحن مازلنا " نتذكر كاوتسكى بوصفه معلمنا السابق الذى كنا ندين له بالكثير في يوم من الأيام ، ولكنه إنفصل عن الثورة البروليتارية ، وبالتالي كان علينا أن ننفصل عنه " .
يمثل الكتاب الذى بين أيدينا ( المذاهب المسيحية والصراع الطبقى في العصور الوسطى الأوروبية ) القسم الثانى من المؤلف الجماعى الضخم " روادالاشتراكية الحديثة " . وقد ضم المؤلف أربع مجلدات توثق تاريخ الفكر الاشتراكى والشيوعى منذ فجر التاريخ . وشاركه في الكتابة ، كل بدراسة مستقلة ، عدد من مثقفى الأممية الثانية البارزين ، منهم إدوارد برنشتاين ، وفرانز مهرينج ، وبول لافارج وآخرين . وقد صدر المجلد الأول عام 1895 عن دار نشر ديتز بمدينة شتوتجارت . وقد كتب كاوتسكى فيه عن أفلاطون وجمهوريته ، وعن الشيوعية الإستهلاكية المسيحية ، ( وهو ماطوره ليصبح مؤلفا مستقلا بعنوان أسس المسيحية الذى نشر عام 1908 – وقد قامت دار المرايا بإصدار ترجمته العربية الأولى عام 2019 ) ، وعن الحركات الشيوعية الأوروبية في العصور الوسطى زمن الإصلاح – خصوصا توماس مونزر ( 1490 – 1525) وطائفة تجديد العماد وغيرها ، وعن توماس مور ويوتوبياه ، وقد أسهم إدوارد برنشتين بقسم عن كرومويل والشيوعية ( الديموقراطية والإشتراكية في الثورة الإنجليزية ) ، وأضاف صهر ماركس بول لافارج قسما رابعا عن المجتمع الشيوعى الذى أقامه الجزويت في باراجواى ، وكذلك عن مدينة الشمس لكامبانيلا .

وقد كان إنجلز على قيد الحياة حين شرع كاوتسكى ورفاقه في إصدار كتاب " رواد الاشتراكية الحديثة " وحين أرسله له كاوتسكى أبدى ملاحظاته عليه في رسالة مطولة وقد ورد فيها مايلى : وأما بخصوص كتابك ، فأستطيع القول أنه يتحسن بقدر مايتقدم المرء فىى قراءته . ومع ذلك فإن أفلاطون والمسيحية الأولية معالجان يصورة غير ملائمة وفقا للمشروع الأصلى ، أما الشيع الدينية في العصور الوسطى فقد تم تناولها بشكل أفضل كثيرا وعلى نحو متصاعد . وأفضل الأقسام هي تلك التي تتناول فيها التابوريين ، ومونزر ، وطائفة تجديد العماد . ونلقى تحاليل إقتصادية غاية في الأهمية عن الأحداث السياسية يقابلها على أي حال فجوات فىى البحث التمهيدى . لقد تعلمت الكثير من " كتاب رواد الاشتراكية الحديثة " ، ثم تبع ذلك بملاحظات تفصيلية على الوجه الذى بينه في رسالته إلى كاوتسكى المؤرخة 21 مايو 1895 . وأهم ماورد فيها من وجهة نظر إنجلز نقصين أساسيين : هو أن الدراسة كان ينبغي أن تتعرض لدور العناصر غير الطبقية الأشبه بمنبوذى الهند التي كانت خارج البنية الإقطاعية كليا ، والتي كان لابد أن تبرز بصورة محتومة كلما تكونت مدينة ، والتي شكلت الشريحة الدنيا من السكان في كل مدن العصور الوسطى ، ولم يكن لها حقوق على الإطلاق بوصفها منفصلة عن مشاعة المارك ، وعن التبعية الإقطاعية ، والطوائف الحرفية ، وهذ وضع صعب ، غير أنها كانت القاعدة الرئيسية ، لأن هذه العناصر أصبحت بصورة تدريجية ، ومع إنحلال الروابط الإقطاعية ، تمثل ماقبل البروليتاريا ، وهى التي صنعت في عام 1789 الثورة في أزقة باريس ، والتي إمتصت جميع المنبوذين في المجتمع الطائفى الحرفى ، ويبدو تعبير البروليتاريين غامضا ملتبسا حيث ضم إليهم النساجين الذين وصف أهميتهم بصورة دقيقة ، ولم يكن ينبغى إعتبارهم من البروليتاريا إلا إبتداء من وجود النساجين المياومين اللاطبقيين من خارج الطوائف الحرفية . والنقص الثانى ، من وجهة نظر إنجلز هو عدم إدراك مركز ألمانيا في السوق العالمية ... معتبرا أن هذا المركز وحده يفسر السبب في أن الحركة البورجوازية العالمية في شكلها الدينى ، التي هزمت في إنجلترا وهولندا وبوهيميا ، تمكنت من تحقيق بعض النجاح في ألمانيا في القرن السادس عشر ، وانتصرت تحت قناعها الدين
يعد كتاب إنجلز " حرب الفلاحين في ألمانيا ( 1850 ) وهو أول تناول ماركسي لها " نموذجا للتحليل المادى للظواهر التاريخية . وفيه حدد إنجلز لأول مرة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية وراء حركة الإصلاح الدينى والحرب الفلاحية . كما أوضح الجوهر الطبقى للصراع السياسي والدينى المحتدم في ذلك الوقت بين الإصلاحى مارتن لوثر والثورى توماس مونزر ، وهو الصراع الذى إعتاد المؤرخون البورجوازيون إختزاله في صورة نزاعات لاهوتية مريرة بين رجال الدين . وقد كانت الحرب الفلاحية بصورة عامة معادية للاقطاع ، وهو نفس السبب الذى جعلها تناهض الكنيسة الكاثوليكية التي شكلت جماع النظام الإقطاعى آنذاك .
وقد طور الماركسيون اللاحقون التحليل أكثر ، قبل كاوتسكى وبعده ( أ . بيبل 1876 ، مهرنج 1931 ، إرنست بلوخ 1969) . ولكن يظل تحليل كاوتسكى هو الأوسع والأعمق خاصة في جوانبه الاقتصادية والإجتماعية . ورغم التهمة التي توجه عادة إلى كاوتسكى بوصفه ماديا إقتصاديا الإ أنه في كتابه الراهن قد تتبع خيطا تاريخيا يمتد من الإنجيل إلى دعاة تجديد العماد في القرن السادس عشر ، حيث سعى إلى أن يفسر أعمال توماس مونزر ( عالم لاهوت الثورة ) بمنهجية تؤكد على أهمية دور الأفكار في التاريخ التي تتعارض مع التصور الشائع عن ماركسية كاوتسكى بوصفها ذات نزعة إقتصادية إختزالية فظة .

ويتتبع كاوتسكى تطور نظم وفكر الشيع الدينية القروسطية الأوروبية ، مثل الوالدنسيون ، واللولارديون ، والبيجارديون ، والأخوة الرسوليون ، والتابوريون ، ودعاة تجديد العماد ، والمينونيون ، الآدميون أو أخويات الروح الحرة ، والهوسيون ، والويكليفيون ، والألبيجنيون ، والفرنسيسكان وغيرهم ، وعلى مساحة جغرافية شاسعة تغطى إنجلترا وفرنسا وسويسرا وهولندا وألمانيا ، وبوهيميا ، ومورافيا ، وإيطاليا ، وهو يتجاوز في هذا الصدد دراسة إنجلز المنوه عنها سابقا التي إقتصرت من ناحية أساسية على ألمانيا . وما يجمع كل هذه الشيع هو معاداة الإقطاع والكنيسة التي إتخذت شكل هرطقات دينية رغم تمايز بعض أجنحتها من زاوية إصلاحيتها و ثوريتها . فقد كان الدافع إلى الحركة والتمرد هو الظروف الاقتصادية والإجتماعية المتغيرة التي أثرت على الفلاحين والصناع المأجورين والعامة مما قادهم إلى مشارف الوعى الطبقى ، وقد تمكنت هذه الشيع من التعبير عن هذا الوعى من خلال بعض الكتابات الدينية ، وقد تمثل مضمونها في : التحرر من المراتب الهرمية الإقطاعية والكنسية ، إلى جانب الحاجة إلى تنظيم شيوعى للملكية المشتركة . ويميز كاوتسكى من بين هذه الشيع تلك التي حملت السلاح – مغايرة لسلبية المسيحية الأولى وموقفها من حمل السلاح - مثل اللولارديون في إنجلترا ، والتابوريون في بوهيميا . وإن صب إهتمامه الرئيسى على ثورة الفلاحيين بقيادة توماس مونزر عام 1525 ، وثورة القائلين بتجديد العماد في مونستر في 1534 – 1535 .
وقد إختلف ضمنيا مع إنجلز في بعض نظراته التاريخية . فمن ناحية كان إسهام كاوتسكى الأساسي هو كشفه لتقليد مسيحى باكر هو الشيوعية الإستهلاكية المسيحية ، وقد ميز بينها وبين الشيوعية الإنتاجية في عصر الإصلاح ، ومن ناحية أخرى اذا كان إنجلز قد رأى أن المسيحية قد إنتصرت على الإمبراطورية الرومانية حين باتت أيديولوجية رسمية للدولة زمن قسطنطين في القرن الرابع ، فإن كاوتسكى قد إعتبر أن تبنى المسيحية من قبل الإمبراطورية الرومانية يمثل خيانة للدافع الشيوعى الأولى ، وعلى ذلك فقد بات هناك مساران للمسيحية الأول هو صيرورتها أيديولوجية السلطة القائمة ورابطة مادية لهيمنتها ، والمسار الثانى هو الدافع الشيوعى الذى لم يخمد وكان يعاود الظهور في القرون التالية . وكان قد سبق لكاوتسكى أن ناقض رأى إنجلز الذى إعتبر أن المسيحية هي ديانة العبيد وهم أساسها الإجتماعى أي عكست وضعهم الطبقى ، فبين أن المسيحية كانت دايانة الأحرار من الفلاحين والعوام وقد كرست العبودية كنظام حيث لم يسعى المسيحيون الأوائل لتحرير العبيد .

كما أن كاوتسكى رأى بعكس إنجلز أن توماس مونزر بإقترابه من الشيوعية لم يتجاوز عصره كما ورد في دراسته عن حركة الفلاحين ، وأن جماع أفكاره قد استلهمها من الجماعات والفرق الشيوعية السابقة عليه . وهو من ثم لم يأت بأفكار جديدة غير أنه كان قادرا على التعرف على العناصر الثورية في الأفكار السابقة بعين ثاقبة بعيدة النظر ، كما أنه تميز بقدرة على االعمل لاتضاهى ، تعززه في ذلك عزيمة لاتتزعزع .
لقد كان أحد الأهداف الرئيسية لكاوتسكى الذى حققه من خلال نشر سلسلة من الدراسات عن الحركات الراديكالية في التاريخ هو تبديد الأسطورة القائلة بأن الشيوعية غريبة عن الطبيعة البشرية وقد تتبعها على مدى ألفى عام . وبين أن الشيوعية لم تكن يوتوبيا يحلم بها الديماجوجيون في القرن التاسع عشر وأنما صرخة المضطهدين عير التاريخ .
لقد ضممنا إلى الكتاب الأصلى لكاوتسكى مقالين لتعلقهما بمضمونه الأول عن القديس فرانسيس الأسيسي 1181 – 1226 مؤسس طائفة الفرنسيسكان بوصفه شيوعيا تحريفيا من العصور الوسطى ، والثانى عن مفهوم الثورات التي يحدد مضمونها مستوى تطور القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج ، الطبيعة الطبقية للنظام الإجتماعى القائم ، وكذلك الأساس الإجتماعى له ، والهدف الذى يريد أن يحققه المنتفضون

فماذا عن شرقنا " العربى الإسلامي " ؟
يقال أن الترجمة هي تأليف غير مباشر ، وربما كان أحد أسباب ترجمة هذا الكتاب الجوهرية هو الإستنارة بمنهجه في تفهم بعض الحركات الراديكالية الأساسية التي ظهرت في " الشرق الإسلامي " مثل البابكية التي إنتفضت في الأقاليم الشرقية للخلافة العباسية ( أذربيجان ، أرمينيا ، فارس ) عام 201- 223 هجرية وخاضت حربا ضروسا لمدة عشرين عاما بقيادة بابك الخرمى . " كان بابك وأتباعه يرمون إلى هدم ذلك النظام المستند على أصحاب الأملاك ورؤساء الدين والجيوش المسخرة المأجورة، وإبداله بنظام جديد ليس فيه طبقات ولا نزاع مستمر بينها، ولا ظالم ولا مظلوم، ولا غني ولا فقير . " على مايقول بندلى جوزى في كتابه من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام .
كما قامت ثورة الزنج في البصرة بالعراق بقيادة على بن محمد 255 - 270هـ وقد كانت أهم "حروب الأرقاء" في الشرق وإستمرت لعشرين عاما . وقد اندلعت في جنوب العراق وامتدت لفارس وبغداد . وينسب إلى قائد ثورة الزنج بيتا من الشعر ينتقد فيه نظام الملكية القائم ويهرطق قائلا : " قسمت بين الورى معيشتهم قسمة سكران بين الغلط لو قسم الرزق هكذا رجل --------- قلنا له : قد جننت فاستعط " ! وقد منى الأرقاء اذا قاتلوا معه بالتحرر من الرق. وبإمتلاك الثروة وإسترقاق سادتهم .
وظهر قرامطة الكوفة في النصف الثانى من القرن الثالث 271 هجرية تقريبا حيث أقاموا " الألفة " وهى جماعية مشاعية إستهلاكية ، نزل كل فرد فيها عما يملكه للجماعة ، فجمعت الأموال في موضع واحد ، الجميع شركاء فيها ، يعملون ويقدم كل واحد فيهم مايكسبه ، وينفقون منها على الجميع بلاتمييز . وقد وعدهم دعاتهم بأنهم سيتملكون أملاك أصحابهم وأنه لاحاجة بهم لأموال لأن الأرض بأسرها ستكون لهم . ويقول النويرى في بلوغ الأرب عن داعيتهم حمدان بن الأشعث أنه أقام لهم نظام " ... الألفة ، وهو أن يجمعوا أموالهم في موضع واحد ، وأن يكونوا فيه أسوة واحدة ، ولايفضل أحد منهم صاحبه وأخاه في ملك يملكه وتلا عليهم : ( واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا ) وقوله : ( لو أنفقت مافى الأرض جميعا ماألفت بين قلوبهم ، ولكن الله ألف بينهم انه عزيز حكيم ) .

كما أن ناصر خسرو؛ يتحدث فى كتابه " سفرنامة " ، عن رحلته التي تقع حوادثها بين سنة 437 وسنة 444هـ، حيث يجول صاحبها في بلاد فارس مبتدئاً من مرو في خراسان ماراً بأذربيجان وأرمينية والشام وفلسطين ومصر والحجاز ونجد وجنوبي العراق، ثم يعود إلى فارس منتهياً إلى مدينة بلخ في خراسان. وهو يقول عن قرامطة الأحساء في شرقى الجزيرة العربية ( قرامطة البحرين) : البيع والشراء، والعطاء، والأخذ يتم هناك بواسطة رصاص في زنبيل يزن كل منها ستة آلاف درهم، وهذه العملة لا تسري في الخارج، وفي الحسا تباع لحوم الحيوانات كلها : من قطط، وكلاب، وحمير وبقر، وخراف وغيرها، ويوضع رأس الحيوان وجلده بقرب لحمه ، وينسجون هناك فوطا جميلة، ويصدرونها للبصرة وغيرها. وفي الحسا تمر كثير، حتى انهم يسمنون به المواشي، ويأتي وقت يباع فيه أكثر من ألف (منٌ) والمن يساوي وزن مائتين وسبعة وخمسين درهما وسبعة دراهم" بالاضافة الى نظام دعم الفلاحين والصناع وتوفير رؤوس الأموال لهم لتشجيعهم على العمل والإنتاج .. وهو مافعله أبو سعيد الجنابى حيث بدأ نهضته الفعلية اذ قام بمساعدة الفلاحين بطحن حبوبهم مجانا في مطاحن مملوكة للسلطان ( حيث يعمل 24 ألف عبد من الرقيق ) ، والغى العشور، واقرض الفلاحين المال اذ (افتقروا دون فائدة) وقام بمساعدة الملاكين في اصلاح بيوتهم وطواحينهم مجانا، وكذا دعم الصناعة اليدوية عن طريق امداد الصناع بالقروض الطويلة الأمد اللازمة لشراء الآلات دون فائدة.
ومن اللافت للنظر أن يتحدث أبو الحسن على بن محمد بن على الجرجانى 816 هجرية في كتابه " التعريفات " الذى عاش في القرن التاسع الهجرى في ضبطه معانى الكلمات والمفاهيم عن الألفة فيعرفها على النحو التالى " اتفاق الآراء في المعاونة على تدبير المعاش " فهل كانت هناك تجارب مشاعية أخرى معروفة ؟ !

مهما يكن من شيء فإن تاريخنا الشرقى – العربى يظهر تشابهات وتماثلات لا تطابقات في موضوعات جديرة بالنظر – فهل تأمل أحد النزعات المعادية للملكية الخاصة ، والثروة ، والموقف من الأغنياء في الديانات " الإبراهيمية " الثلاث ، أي في أسفار العهد القديم ، وأقدم نصوص الأناجيل والتراث المسيحى ، والسور المكية – خاصة - في القرآن ؟! وهل تأمل أحد في النزعة المهدية ، وإنتظار المخلص لتحقيق العصر الألفى السعيد ( في التقليد المسيحى ، والإسماعيلى الباطنى ) ، التي ظهرت في العصور الوسطى الإسلامية ، ومثيلاتها الأوروبية ، من زاوية الأسباب التي أدت لظهورها ، والوظيفة التي لعبتها ، والتمثلات الأيديولوجية التي أنتجتها ؟ فضلا عن الجوانب الفكرية الأخرى ، بظهور الإلحاد والنزعة العقلية ( فلنقارن مثلا إعلاء توماس مونزر من شأن العقل وموقف أبو بكر زكريا الرازى في القرن الرابع الهجرى من نفس الأمر ) والنزعة الصوفية وبعض جوانبها الخاصة بالزهد ، وإحتقار الملكية ، والجاه ، والثروة ( مشاعيات الشرق – كما يسميها هادى العلوى ) ... بل إن تعذيب المنتفضين ( الخارجون ) من قبل حكام الجور يكاد يتطابق هنا وهناك من قطع الرؤوس ، والخوزقة ، والإحراق ، والتوسيط ، وسلخ الجلود ، والإغراق ، وسمل العيون ، وإستخدام المقاريض ... الخ بل إن التهم التي كانت توجه للحركات المناوئة من السلطات القائمة هي ذاتها أي الإلحاد ، والفسق ، والفجور، والإباحية ، والإعتداء على الملكية .
وبعد
لعل كتاب كاوتسكى : المذاهب المسيحية والصراع الطبقى في العصور الوسطى الأوروبية يسهم في إلقاء بعض الضوء على مثل هذه القضايا ، فيرشد البحث في تاريخنا من منظور المادية التاريخية .
مصادر المقدمة :
1-Karl Kautsky and Marxist Historiography , Paul Blackledge .( Internet )
2 – Christian Communism, Roland Boer, Culture Matters.2018 .(internet)
3 – Kautsky In the 21 st. Century ,Adam J.Sacks,et.el. May 2021 . The platypus Affiliated Society ( Internet )
4 – Karl Kautsky , by L .Trotsky ( 1938) The New International ,vol .5,no 2 ,February 1939 , PP 50-51. ( Internet )
5 – F.Engels Letter to Kautsky ,21 May,1895 ,London . Collected Works , Vol.50 ,pp 510 -513 .

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة